واشنطن تؤكد الشراكة الاستراتيجية مع الرياض..
"الاعتبارات الجيوسياسية".. هل تنهي الدعم الأمريكي لحرب السعودية في اليمن؟
الآثار التجارية المربحة لمصنعي الأسلحة الأمريكيين في صميم عملية صنع القرار للإمبراطورية الأمريكية بشأن التورط في اليمن، ففي الواقع أدت جهود الضغط من قبل كبرى شركات الأسلحة الامريكية مثل لوكهيد مارتن وبوينج ورايثيون «Lockheed Martin, Boeing, and Raytheon» إلى استخدام ترامب حق النقض ضد المحاولة الأولى لإنهاء تورط الولايات المتحدة في الصراع باليمن
عبرت الولايات المتحدة مجدداً، عن حرصها على الشراكة الاستراتيجية التي بدأت قبل 80 عاماً مع المملكة العربية السعودية.
جاء هذا الموقف الأميركي خلال لقاء لمنسق الاتصالات الاستراتيجية لدى مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض جون كيربي مع قناة «العربية»، وشدد فيه على أن المملكة العربية السعودية «شريك استراتيجي» للولايات المتحدة، مذكراً بأن العلاقات الثنائية بين البلدين تعود لأكثر من 80 عاماً. وأكد أن الولايات المتحدة تحرص على إدامة تلك العلاقة بما يخدم مصالح الشعب الأميركي وأمنه القومي.
ولفت كيربي إلى أن لإدارة الرئيس جو بايدن «رؤية بضرورة استمرار الشراكة الاستراتيجية مع السعودية». كما أكد ضرورة أن تتبع تلك العلاقات كل ما يتّفق مع مصلحة البلدين وشعبيهما.
وكان قائد القيادة المركزية الأميركية (سينتكوم)، الجنرال مايكل كوريلا، أعلن أيضاً، مؤخراً، أن العلاقات العسكرية الأميركية - السعودية «قوية للغاية»، مضيفاً أنها «ضرورية من أجل الأمن والاستقرار الدائمين في منطقة الشرق الأوسط».
وكرر البيت الأبيض في أكثر من مناسبة مؤخراً تقدير الرئيس جو بايدن للقيادة السعودية، مشدداً على أن المملكة شريك استراتيجي للولايات المتحدة منذ ما يقرب من 8 عقود.
وقدرت الناطقة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار، دعم المملكة العربية السعودية للهدنة بوساطة الأمم المتحدة في اليمن، وتوسيع التعاون الاقتصادي والأمني الإقليمي، بما في ذلك ردع التهديدات الإيرانية.
وتراجعت الإدارة الأميركية عن تهديداتها تجاه السعودية بعد قرار خفض إنتاج النفط العام الماضي من أجل تعزيز التنسيق الأمني لمواجهة إيران، وفق ما نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين أميركيين وسعوديين.
وبعد ثلاثة أشهر من وصول العلاقات إلى أدنى مستوى تاريخي بين البلدين، تسعى واشنطن إلى تعزيز التعاون الأمني مع الرياض لمواجهة إيران في 2023.
وأشار المسؤولون إلى علامات على تحسن التعاون بين الولايات المتحدة والسعودية في الأسابيع الأخيرة حيث انخفضت أسعار البنزين في الولايات المتحدة، وصبت نتائج انتخابات التجديد النصفي بشكل غير متوقع لصالح الديمقراطيين، بينما تزايدت المخاوف بشأن إيران.
وبدأ الخلاف، في أكتوبر الماضي، عندما رفض السعوديون طلبات البيت الأبيض بتأجيل خفض الإنتاج. وتعهد الرئيس الأميركي، جو بايدن، آنذاك بالعمل مع الكونغرس لفرض "عواقب" غير محددة على المملكة.
وقال مسؤولون من إدارة بايدن للصحيفة إن البيت الأبيض ليست لديه خطط الآن للاستمرار في التهديدات، وبدلا من ذلك يمضي مسؤولو البلدين قدما في مشاريع عسكرية واستخباراتية جديدة وجهود حساسة لاحتواء إيران وسط تعثر الجهود لإحياء الاتفاق النووي الدولي مع طهران.
وفي ديسمبر، عملت إدارة بايدن والمسؤولون السعوديون على عرقلة مشروع قانون في الكونغرس كان من شأنه أن يقطع الدعم الاستخباراتي المحدود الذي تقدمه الولايات المتحدة للرياض في الحرب باليمن.
وفي نوفمبر، أخبرت إدارة بايدن محكمة أميركية أن وضع ولي عهد السعودي، محمد بن سلمان كرئيس حالي للحكومة يحميه من دعوى مدنية رفعتها خطيبة الصحفي السعودي المقتو،ل جمال خاشقجي.
وفي الشهر ذاته، تقول الصحيفة إن البلدين تبادلا المعلومات الاستخباراتية بأن إيران كانت تستعد لهجوم وشيك على السعودية وطورتا ردا منسقا.
وأشار المسؤولون أيضا إلى التعاون العسكري المستمر الذي ساعد على استمرار العلاقة السياسية خلال أشهر من الاضطرابات، بحسب الصحيفة، التي نوهت إلى أن المقاتلات السعودية رافقت قاذفات أميركية بعيدة المدى عبر مجالها الجوي الوطني عدة مرات، العام الماضي، في مناورات أجريت مع دول أخرى متحالفة مع واشنطن، بما في ذلك إسرائيل.
وتعمل الولايات المتحدة بشكل وثيق مع السعودية وإسرائيل ودول أخرى في الشرق الأوسط لتطوير أنظمة دفاع جوي منسقة جديدة وتوسيع التعاون في البحر لردع إيران.
وأشارت الصحيفة إلى تصريح سابق في مؤتمر صحفي عقد في ديسمبر، لوزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان قال فيه: "سنستمر في إقامة جسر قوي للغاية مع الولايات المتحدة في جميع المجالات، سواء في الشؤون الأمنية أو السياسية".
وتقول الصحيفة إن ذوبان الجليد بين البلدين يأتي في وقت تتطلع فيه إدارة بايدن إلى إعادة تشكيل التواجد العسكري الأميركي في الشرق الأوسط من خلال تجميع مظلة أمنية تمتد من إسرائيل عبر الخليج.
وتزايدت المخاوف بشأن إيران منذ أن بدأت روسيا في استخدام طائرات بدون طيار إيرانية الصنع لمهاجمة أوكرانيا ، حيث حذر البيت الأبيض من أن الخصمين الأميركيين يطوران شراكة عسكرية واسعة النطاق.
من جهته، قال الخبير في شؤون الأمن الدولي، كام بوركس، في مقال رأي على موقع "ذا هيل" إن السعودية وهي أكبر دولة خليجية هي المرشح الواضح لمساعدة واشنطن.
ويشير بوركس إلى أنه لطالما كانت للمملكة علاقة دفاعية قوية مع الولايات المتحدة، وقد سعى المسؤولون الأميركيون والسعوديون على مدى عقود إلى الحفاظ على مستوى من المجاملة في مواجهة الخلافات التي هددت بتقويض العلاقات الثنائية.
ويرى الكاتب أنه بعد إسرائيل، تقف السعودية "كشريكنا الشرق أوسطي الذي لا غنى عنه. لذا، قد يتساءل المرء، إذا كان العمل مع الرياض مهما لهذه الدرجة فلماذا لا تبادر واشنطن إلى ذلك؟".
وبحسب الصحيفة، لا يمتد أي تقارب ناشئ بعد إلى عملية صنع القرار السعودي بشأن النفط، الذي قال مسؤولو المملكة إنهم يقومون به من أجل مصالحهم الوطنية الخاصة.
واعتبر قرار "أوبك +" خروجا عن التفاهم القائم منذ عقود بأن الضمانات الأمنية الأميركية ستضمن سعرا منخفضا نسبيا للنفط الخام، بحسب "وول ستريت جورنال".
ورغم ذلك لا يزال يسعى بعض المشرعين الأميركيين إلى منع مبيعات الأسلحة الأميركية للسعودية.
ومنذ عقود، تربط السعودية والولايات المتحدة شراكة تسمى "النفط مقابل الأمن". وتضمن الرياض إمدادا وافرا من النفط، بينما تعد واشنطن بتقديم دعمها العسكري من خلال مبيعات الأسلحة الضخمة.
وقالت منظمتان حقوقيتان الخميس إن السعودية أقدمت على اختراق ويكيبيديا وسجنت اثنين من مشرفيها رفيعي المستوى في أيلول/ سبتمبر 2020، للسيطرة على محتوى الموسوعة الإلكترونية الشهيرة. لكن مؤسسة ويكيميديا التي تدير ويكيبيديا نفت تلك التقارير وقالت إن "هناك أخطاء جوهرية في البيان الوارد من داون/سمكس".
اتهمت منظمتان حقوقيتان الخميس السعودية باختراق الموسوعة الرقمية الشهيرة ويكيبيديا، وقالتا إن الرياض سجنت اثنين من مشرفيها في محاولة للسيطرة على محتواها، بعد أقل من شهر على حكم بسجن موظف سابق في تويتر بتهمة "التجسس" لصالح المملكة.
في السياق، أفادت منظمة "الديمقراطية الآن للعالم العربي" (داون) ومقرها واشنطن ومنظمة "سمكس" ومقرها بيروت في بيان مشترك، بأن تحقيقا أجرته مؤسسة "ويكيميديا" التي تدير الموسوعة الإلكترونية، خلص إلى أن "الحكومة السعودية اخترقت صفوف كبار العاملين في ويكيبيديا بالمنطقة"، وأجبرت مواطنين سعوديين على العمل "وكلاء" لها.
وفي وقت سابق كشفت صحيفة واشنطن بوست، في تقرير جديد، أن الإدارة الأميركية عرقلت مشروع قرار لمجلس الشيوخ بعنوان "سلطات الحرب" كان سينهي الدعم العسكري الأميركي للحرب السعودية في اليمن، والتي استمرت لأكثر من سبع سنوات.
وكان من المفترض أن يعرض مشروع القرار للتصويت، إلا أن مجلس الشيوخ أعلن سحب التصويت لإجراء مباحثات مع البيت الأبيض، مساء الثلاثاء.
الصحيفة الأميركية لفتت إلى أن إدارة الرئيس الحالي، جو بايدن، عارضت المسعى الذي يقوده السيناتور، بيرني ساندرز، "ما وضع الرئيس في موقف غير عادي، متمثلا في الوقوف ضد محاولة معاقبة النظام السعودي الذي لم يكن صديقا له".
وشهدت العلاقة بين واشنطن والرياض توترا بسبب قرارها في إطار أوبك بلاس (تحالف يضمّ 23 دولة هي الدول الـ13 الأعضاء في منظمة الدول المصدّرة للنفط "أوبك" وفي مقدّمها السعودية، بالإضافة إلى عشر دول أخرى مصدّرة تقودها روسيا) خفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يومياً في محاولة لزيادة أسعار النفط.
وأدى هذا الخفض الكبير في الإنتاج إلى ارتفاع أسعار النفط الخام لصالح الدول المنتجة وبينها روسيا التي تحتاج إلى مبيعات الطاقة لتمويل غزوها لأوكرانيا، ومع ذلك عارضت إدارة بايدن مسعى ساندرز.
ووفي الأسابيع الأخيرة، تعرضت الإدارة الأميركية لانتقادات شديدة لمحاولتها إعادة العلاقات مع المملكة العربية السعودية، التي تتمتع بنفوذ كبير في الأسواق الدولية بفضل احتياطياتها النفطية الوفيرة في وقت كانت فيه أسواق النفط والغاز مضطربة بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا.
وكانت زيارة بايدن إلى الرياض هذا الصيف بمثابة نقض لوعد حملته الانتخابية بجعل المملكة العربية السعودية "منبوذة ".
وعندما أعلن تحالف أوبك بلس، قبل أسابيع من انتخابات التجديد النصفي، أنه سيخفض إنتاج النفط، رأى البعض في دائرة بايدن ذلك بمثابة "حركة ضد الرئيس".
وفي أكتوبر الماضي، دعا السناتور بوب مينينديز، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، الولايات المتحدة إلى تجميد التعاون مع السعودية، بعد دعم المملكة لخفض أسعار النفط.
وقال منينديز في بيان إنّه "ببساطة، لا مجال للعب على الحبلين في هذا الصراع: إمّا أنّك تدعم بقية دول العالم الحرّ في سعيها لمنع مجرم حرب من محو بلد بأكمله (أي الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين) من الخريطة، أو أنّك تدعمه".
وقال معهد أمريكي بإن تحول إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن ضد إنهاء الدعم للحملة التي تقودها السعودية في اليمن، ينبع إلى حد كبير من الاعتبارات الجيوسياسية، حيث لم يتبدل موقف الإدارة تجاه دعم السعودية باليمن برغم المعارضة الكبيرة في الكونجرس.
ودافع البيت الأبيض الشهر الماضي عن قراره بعرقلة تمرير قرار يتعلق بصلاحيات الحرب في مجلس الشيوخ كان سينهي الدعم الأمريكي لحرب السعودية في اليمن، قائلا إن تمريره كان سيعرقل المحادثات الدبلوماسية الحساسة.
وأشار معهد «Mises Institute» الأمريكي في تقرير حديث إلى أن العلاقات بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية توترت في الفترة الأخيرة بسبب الخلافات حول إنتاج النفط والسياسة الإيرانية، حيث اتجهت المملكة نحو الصين، الخصم الرئيسي للولايات المتحدة، من أجل التعاون في المستقبل.
وقال التقرير بإنه على الرغم من عدم التخلص تمامًا من العلاقة طويلة الأمد مع واشنطن، إلا أن المملكة العربية السعودية تدرس بسرعة فوائد التنويع مع الصين في هذا النظام العالمي الجديد متعدد الأقطاب.
واستضافت الرياض مؤخرًا قمة مع الصين ودول الخليج الأخرى لتعميق العلاقات في شراكاتهم الاستراتيجية، في هذا العصر من المنافسة الشرسة المتزايدة مع الصين، تحافظ واشنطن على جميع حلفائها في أقرب مكان ممكن من خلاله تلبية احتياجات القيادة على الرغم من أن حقيقة الأمر هي أن المملكة العربية السعودية هي الدولة العميلة هنا لإمبراطورية الولايات المتحدة العالمية.
ووفق التقرير، تكمن الآثار التجارية المربحة لمصنعي الأسلحة الأمريكيين في صميم عملية صنع القرار للإمبراطورية الأمريكية بشأن التورط في اليمن، ففي الواقع أدت جهود الضغط من قبل كبرى شركات الأسلحة الامريكية مثل لوكهيد مارتن وبوينج ورايثيون «Lockheed Martin, Boeing, and Raytheon» إلى استخدام ترامب حق النقض ضد المحاولة الأولى لإنهاء تورط الولايات المتحدة في الصراع باليمن.
وجاء في التقرير "إن الحرب في اليمن هي واحدة من أكثر الصراعات تعقيدا، والتي يجب فهمها لأنها تنطوي على عدد لا يحصى من الجماعات المتعارضة والتدخل الأجنبي، حيث كان قرار الكونجرس سينهي تورط الولايات المتحدة في الأعمال العدائية ضد المتمردين الحوثيين الذين يخوضون صراعا مع الحكومة اليمنية".
ومع ذلك، يجادل المعهد بأن وقف دعم السعودية باليمن لن يؤثر على العمليات ضد القاعدة والجماعات التابعة لها في البلاد، والتي اعتبرها مجموعة من المشاكل المختلفة تماما مشيرا بالقول "بأن واشنطن ساعدت الحوثيين سابقًا في استهداف القاعدة في اليمن، لكنها غيرت مواقفها وعارضت الحوثي دعمًا للسياسة الخارجية السعودية".
جاء ذلك في أعقاب توقيع الولايات المتحدة لاتفاق نووي مع إيران حتى في الوقت الذي أقر فيه مسؤولو إدارة أوباما بأن الصراع سيكون "طويلا ودمويا وغير حاسم".