قراءة في اسهام الكتب المدرسية في غرس الداعشية..

كيف صنعت الجمهورية الإسلامية الإيرانية "داعش" لاستهداف "العرب السنة"؟

"تنبع النوازع الداعشية الإيرانية الحالية من مجموعة من المكونات النفسية والدينية والمادية التي توارثها الفكر القومي والشيعي على امتداد عصوره لتكّون ما يعرف بمفهوم الصراع أو الثأر "

تؤسس الكتب المدرسية الإيرانية  لهذا المنهج بطيف من الممارسات  والسلوكيات الثأرية المختلفة ضد الآخر

د. نبيل العتوم
‏‏اكاديمي اعلامي متخصص بالشأن الإيراني؛خريج جامعة طهران دكتوراه العلوم السياسية/برنامج الشؤون الإيرانية له كثير من المؤلفات منها موسوعة الكتب المدرسيه الإيرانية".
عمّان

الجزء الذي ليس باليسير مما تقترفه إيران  اليوم  من مذابح ومجازر في سوريا والعراق هو ترجمة عملية لما يتم تدريسه  نظريا وبشكل مباشر في الكتب المدرسية الإيرانية. فالجذر والمنبع الفكري  الذي تستمد التنشئة التعليمية  منهجها منه يظل واحدا؛ فهو  يُؤسس للعدوانية العنصرية والتعصب العرقي والفوقية ضد الآخرين من  " العرب السنة "  و بشكل مقيت  ، و ذلك كون الذات الفارسية الشيعية بنكهتها المتعصبة هي  الطائفة المؤمنة الوحيدة والمؤيدة بالنصر الإلهي على الأرض ،وغيرها غير مؤمن أو غير مسلم ، ولا يحمل لواء الإسلام الحقيقي ، وبالتالي يحل ذبحه وهتك عرضه وسلب ماله . الكتب المدرسية الإيرانية التي تقدم للناشئة ، و التي يتم فيها عرض تصورها عن الداعشية و ذلك من خلال مداخل الأزمات الإقليمية التي تمر بها المنطقة.

 

كيف تسهم الكتب المدرسية في غرس الداعشية 

 

تؤسس الكتب المدرسية الإيرانية   لهذا المنهج بطيف من الممارسات  والسلوكيات الثأرية المختلفة ضد الآخر . حيث تبدأ بإحداث حالة تعبئة انفعالية غير مسبوقة ، والتعالي الشعوري على ذلك الآخر و احتقاره ،  وتصل في أقصى صورها إلى  إباحة ممارسة العنف ضده، واعتبار ذلك أمراً مشروعاً ، وقربة إلى الله تعالى عزوجل . مع أن المقصود بالآخر هو العرب.

لا شك بأن الكتب المدرسية الإيرانية لا تؤسس لأي شكل من أشكال التعايش مع  الآخر "العرب"  تحديداً ، حيث تسهم في بناء  إطار يعزز قيم  الثقافة المتطرفة والإقصائية  حيث تحتل المرتبة الأولى في الداعشية الحديثة .

وسواء أكانت تلك الثقافة  الإيرانية "قومية أو دينية أو مذهبية  فإن النتيجة واحدة بالنسبة لعدوانية هذه الدولة ولدمويتها ، حيث أنتجت وصاغت فكر النخبة السياسية والعسكرية والأمنية والحوزوية الإيرانية ، لتجسد  نازية  هذه الدولة و داعشيتها وفكرها وأيدلوجيتها ، كيف لا وكتبها ؛ ومناهجها التعليمية تجزم أن الجنس الآري يتربع فوق البشر كلهم، فكيف إذا كانوا شيعة فرساً ، وبالتالي هم  أحق بقيادة البشرية، التي أنتجت عنصرية مدمرة نجد ترجمتها العملية   في سوريا والعراق ، ونراه اليوم يتجسد  في النظريات الداعشية  التي تتبناها إيران و التي تعد جاهزة للتطبيق عن طريق إبادة من يختلف معها، حتى وإن كان من الشيعة " العرب" وهذا بتقديرنا قمة الداعشية أنفسهم.

إن إيران الداعشية  اليوم لا ترى في  عينها غير الشيعة الفرس أولاً ،  والبقية كائنات  طفيلية ، وبشر لا يستحقون الحياة، بل يجب سحقهم  كونهم قرابين تمهد لظهور إمام زمانهم وولي عصرهم .

ولا شك بأن في كل ثقافة من الثقافات الإنسانية   مكونات تطرف وتسامح و اعتدال وتعايش واعتراف بالآخر وعدم اعتراف و هذه طبيعة البشر ، لكن أن يترك الطالب في المدارس الإيرانية رهينة  كي  تنمو  معه مكونات التطرف ببطء  من خلال جرعات  التحريض والكراهية والثأر التي يتم حقنها من خلال  فضاء العملية التعليمية ومراحلها التربوية ، فتنتج  بشكل منظم جيلاً  من المجرمين ، بذريعة  المظلومية والاستهداف ؛ وبهذا تكون النتيجة  الطبيعية داعشية  و إن كانوا يتهمون بها غيرهم شأن أي سفيه و مجرم بامتياز.

 و الذي نعرفه أنه عندما وصل المسلمون إلى بلاد فارس أخرجوهم من الظلمات إلى النور  ؛ ولكن المشكلة والعقدة أن إيران اعتبرت الفتح الإسلامي لبلادهم اجتياحا مدمراً من قبل الأعراب الهمج القادمين من الصحراء ، و عندهم أن ذلك أوقف إيران عن ركب الحضارة والتقدم كما يقول زرين كوب وكتابه قرنان من السكوت - التي حرصت جامعة طهران على تدريسه   في قسم العلوم السياسية -  طوال الحكم الإسلامي  لبلاد فارس يعبر عن ذلك  ، و قد بقيت فارس تقاوم  المحتل الجديد الغاشم ،  و جُل أهلها يعيشون معه  في نمط  تنافر مذهل .

 

الثورة الإسلامية : الثورة الثقافية  وتعزيز الداعشية

 

لا شك بأن مكونات التطرف  قد تعززت في الثقافة الفارسية منذ القدم ، ومع مجيء الثورة الإسلامية تغلغل الفكر الداعشي بشكل مباشر  في مناهج التربية والتعليم ، و بدأت تنتج سياسيين  وعسكريين ورجال دين وفكر ....داعشين بامتياز ، فكانت  النتيجة ما نرى هذه الأيام، حيث سيادة الفكر الشيعي الداعشي المتطرف ،  حيث تُمثل سياسة إيران بسلوكها الداعشي اسوأ تعبيراتها. عندما يتعلم طلاب المدارس في إيران أن العرب  مجرد كفار لا يستحقون سوى الاحتقار والقتل ، وانشغال آيات الله وحجج اللإسلام  من مراجع التقليد في غرس قيم التطرف من خلال خطابهم وفتاويهم   ذات المحتوى  الداعشي المدمر الذي يراد به قتل الآخر من العرب .

و النتيجة الأهم هي أن المحتوى التعليمي للكتب المدرسية  الإيرانية ، لا يحوي أي موضع يشير إلى ضرورة تقبل اختلاف المعتقدات المذهبية ، لكنها بالمقابل تنادي بالتعايش مع مختلف الديانات الأخرى . فالطلاب يتعلمون صراحة، أن المسلمين العرب السنة يحملون معتقدات  غريبة عجيبة ؛ بل دين جديد  مضلل ، ومن الحلال بل ومن الواجب ذبحهم ، وهو شرط أساسي لظهور إمام الزمان الذي سيخرج العالم من الظلمات إلى النور  . و بذلك  يلتقون مع اليهود و النصارى في عدائهم المطلق ضد المسلمين.

الكتب المدرسية الإيرانية : الفكر الداعشي وتعزيز قيم التفوق والصدارة

إن أسس التربية الإيرانية  اعتمدت منذ البداية منهجاً متشددا يقوم على التمييز والصدارة ،  ومن ثم فإن مرتكزات أمنها تقوم أساسا على فكرة شعب الله المختار الذي يحمل لواء الإسلام الحقيقي،  وما يحيط بهذه المقولة من أوهام وتأويلات وطلاسم تحاول أن تؤسس على تعاليم المذهب الشيعي. علماً أن فكرة شعب الله المختار  هي ممايقول به اليهود.

الممعن بالنظر إلى الثورة الإسلامية في إيران ،  يجد اهتمامها البالغ بميدان التربية والتعليم واعتباره من أولويات تحركها نحو إقامة الدولة المثال  . فمنذ انتصار الثورة في إيران  ، حرصت على القبض بيدها على زمام المبادرة في مجال التعليم , وفرضت الثورة  إرادتها بأن يكون لها  الحق في وضع المناهج الدراسية للطلاب من خلال ما يعرف بإيلاء أهمية قصوى للثورة الثقافية .

فالفكر التربوي في إيران  يعتبر أكثر المصادر إفصاحاً عن بنية العقل الإيراني ، وأصدقها في بيان مخططاته، وتحديد أهدافه وأبعاده ، وكشف ركائزه ومحاوره، وهو يعد أحد الأسس الرئيسية التي ارتكزت عليها الثورة  الإسلامية ، في بناء أجيالها الناشئة وتشكيل شخصياتهم.

إن الفرد الشيعي، داخل إيران وخارجها، هو الأداة الرئيسية التي تنفذ الثورة الإسلامية الإيرانية بواسطته أهدافها المقدسة ، وتعمق في نفس الناشيء شعور الانتماء  إلى إيران. ويتم ذلك بتضافر جهود مؤسسات تربوية عديدة تعمل لتحقيق هذا الغرض،  ودوما يشعر قادة الثورة  أن مستقبل إيران ورسالتها الثورية  يتوقف على مدى نجاح هذه المؤسسات التربوية في تنشئه أجيال إيرانية  مستعدة وقادرة على حمل الرسالة العالمية لإيران ؛ ولا يقل ذلك أهمية في نظر مؤسسات صنع القرار الإيراني، عن توفر السلاح العسكري بكافة أشكاله وصورة ؛ كل ذلك بهدف بناء إمبراطوريتها الموعودة  بالقوة وممارسة العنف ضد الآخر .

أما خارج إيران، حيث تعتبر الثورة الإيرانية كل شيعي يجب أن  يخضع  في ولائه لولي الفقيه ، وهو مواطن إيراني محتمل من الدرجة الثانية كونه غير فارسي  في طور التكوين في المستقبل ، بحكم دور إيران كدولة جامعة ، فتعمل على إقناعه بتقديم الدعم المادي " سهم الخمس ، لإيران على الأقل في الوقت الحاضر. ويتطلب ذلك بذل جهود كبيرة  للربط بين الشيعة خارج إيران " شيعة الشتات مع دولة ولي الفقيه من خلال إستراتيجية قائمة على بعدين : جمع الشيعة بطوائفهم المختلفة بهدف ضمان ولائهم لإيران ، ودعم تنظيم الأقليات الشيعية تحت مظلة المرجعية الشيعية الفارسية ، و ضمان عدم صعود أية مرجعية شيعية عربية  ولو كان ذلك بالعنف  والاقصاء.

لا شك بأن المؤسسة التربوية هنا هي الأداة الأكثر أهمية لتحقيق هذا الهدف ، وهو ربط شيعة الشتات بإيران ، عن طريق بناء أجيال إيرانية تؤمن برسالة إيران في نظم عقد حبات الأقليات الشيعة  بالقوة فيخرج منهم السياسي ، والعسكري ، ورجل الدين ، الذي يخلق رأي عام مذهبي لهذه الفكرة ، ولهذا  تتبنى هذه النخب إستراتيجية التدخل في شئون الدول الأخرى ، وبناء الخلايا النائمة .... لتحقيق هذه الفكرة . 

 و من المعروف أن الهدف النهائي الذي تسعى الثورة الإسلامية لتحقيقه هو دمج كل الشيعة بإيران روحيًا و سياسياً واقتصاديا بالمرحلة الأولى، إذ أن تحقيق هذا الهدف هو ضمان بقاء «الثورة الإسلامية » وسلامتها وأي خلل يحصل في تحقيق هذا الهدف يؤدي ـ طبعاً ـ إلى خلخلة في الكيان الإيراني فالدمج الاقتصادي من ناحية يقلل من حجم  المشاكل الاقتصادية  التي تعاني منها إيران ، والتي تحول دون توافر الموارد التي تمول مشاريع الثورة داخليًا وخارجيًا .

من هنا تنظر الثورة الإيرانية إلى الدمج الروحي بين شيعة الشتات وإيران  على أنها معيار نجاح أو فشل المشروع الثوري الإيراني من أساسه، إذ بدونه تذهب كل جهود الحركة الشيعية العالمية هباء وتبقى أهدافها مجرد أحلام يقظة. ولكن هذا الهدف، ، اصطدم ولا يزال بعقبات عديدة، لعل أهمها سوء إدارة الثورة الإسلامية في خلق النموذج والحلم بالنسبة لشيعة الشتات ، والعقبة الثانية خاصة بوضعية شيعة الشتات، حيث لم يتعرضوا للاضطهاد الذي تصوره إيران دومًا، بل استطاعوا الوصول إلى المراكز العليا الحساسة في الحقول السياسية والاقتصادية والإعلامية، مما أدى إلى اندماجهم في المجتمعات العربية التي ينتمون أصلاً إليها، وهذا الاندماج عملية طبيعية تلقائية ومستمرة تتم في كل المجتمعات ما لم تكن هناك حواجز ، مما أربك المشروع الإيراني ، التي سرعت من وتيرة التدخل في شئون شيعة الشتات بوسائل وطرق مختلفة لإذكاء الفتن والحروب الداخلية تمهيدا لتحقيق مشروعها . 

ولا تخفي مؤسسات صنع القرار عدم ارتياحها من عملية اندماج  شيعة الشتات في مجتمعاتهم هذه، ، ولمواجهة عملية الاندماج تعمل الكتب المدرسية الإيرانية من خلال العملية التربوية على تحقيق هدفين:

أولا : الحفاظ على هوية الفرد الشيعي الإيرانية 

ثانيا : تأكيد مركزية إيران في البعث الشيعي العالمي 

من أجل ذلك تعمل إيران من خلال هذه الكتب المدرسية على غرس الشعور لدى الإيرانيين بتميزهم وتفوقهم عن غيرهم، كما تشعرهم بأن مصيرهم معلق بمصير الثورة الإسلامية ؛ وتقوم بتلقين الطالب منذ الصغر شعور عدم الرضا بالحياة في غير إيران ، و ذلك من خلال " تضخيم قدراتها ، ثرواتها ، جمال طبيعتها حتى في أحسن الظروف، وتعقد مقارنات مع الدول العربية المجاورة  التي كانت جزءاً من الإمبراطورية الفارسية  فهي " دول صحراوية ، مناخ قاس ، و تربة فقيرة ، و شعب من الأعراب ، رعاع  ، همج ، لديهم ثروات هائلة من النفط والغاز لا يستحقونها ، ويوظفون عائداتها لمحاربة إيران ومحاصرتها  … كما تركز على الاضطهاد والمذابح التي تعرض لها شيعة الشتات "  و منها مذابح البحرين و المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية ، حتى شيعة باكستان ، وأفغانستان ، وحياة  عدم الأمن التي يعيشونها ، وهكذا تنغرس لدى الشيعي الإيراني ما يسمى بعقدة «الهولوكوست» أي الإبادة الذي ينبغي أن ينتقم ويثأر له .

من هنا فإن واجب الكتب المدرسية الإيرانية أن تجعل الشاب يحلم بالإمبراطورية الموعودة، وأن يعرف أن في إيران أعظم ثورة في التاريخ البشري .

إن اهتمام الثورة الإسلامية بالعمل والارتباط بالأرض حدد هدف التربية والتعليم في إيران بأنه تكوين الإنسان الإيراني القائد الطليعي" المنقذ " ، تكاد تكون محور العملية التربوية ومفتاح البحث منها.

منذ ذلك الوقت أصبحت الريادة هي المثل الأعلى في التربية الثورية الإيرانية، وهي تجمع العديد من المعاني التربوية، وتعني فيما تعنيه العمل ، الإنتاج ، و الإبداع ،و التفوق ، و التميز  الخ...

ومصطلح الريادة  ذات علاقة بالروح العسكرية التي تسعى المناهج المدرسية الإيرانية  لغرسها في الشباب الإيراني، وهي جزء من المفهوم الواضح لكلمة «ريادة»، بل هي جزء لا يتجزأ من طبيعة الثورة الإيرانية التي تستأثر فيها القوة العسكرية بأهمية بالغة، وتحتل فيه القيم العسكرية المكان الأول، ولهذا الوضع أسبابه وخلفياته التي تتمثل في الأهداف الثورية وموقع إيران وتكوين مجتمعها النموذج، ولطبيعة دورها الوظيفي في المنطقة.

إن كل ذلك جعل الثورة الإسلامية في موقع الاحتمال الحتمي للحرب ، لهذا سعت بجد ودون كلل أو ملل لعسكرة الدولة  بمختلف المؤسسات ، واستغلت هي ذلك لتغرس في نفوس أبنائها أن ليس هناك مفر من القتال والحرب المقدسة بكل القوى وكافة السبل تحقيقا للوعد الإلهي ؛ وجعلته جزءاً من عقيدة الدولة والثورة التربوية والعسكرية والسياسية الذي تقاتل من أجله وفي سبيله .

لذلك أحيطت الحرب المقدسة بين الحق والباطل ، وبين المهدي وجنوده والكفار بهالة من القداسة جعلتها عند مراجع التقليد العظام في مرتبة اليقين الذي لايجوز التشكيك به .

من هنا تسعى الثورة الإيرانية من خلال الكتب المدرسية  لخلق جيل إيراني شيعي متعصّب ، مجبول ومعبأ على الثأر والانتقام ، ومشارك للأوساط الثورية الأخرى في تنفيذ المشروع الإلهي ،وترجمة الأفكار الغيبية إلى واقع. 

إنّها تنمّي شخصية الطالب وتعبئه على العدوان والعمل على التمسّك بترجمة الرسالة التي ورّثهم إيّاها الإله شخصياً، وذلك من خلال الكتب المدرسية .

تنبع النوازع الداعشية الإيرانية الحالية من مجموعة من المكونات النفسية والدينية والمادية التي توارثها الفكر القومي و الشيعي على امتداد عصوره لتكّون ما يعرف بمفهوم الصراع أو الثأر ، وهو ما تحول داخل وجدان كل طالب إيراني إلى ما يشبه العقيدة المتوارثة ، مع تغليف كل ذلك بنزعة فوقيه ترى أن الفرس ليسوا مثل غيرهم من البشر لاختيارهم دون غيرهم من الشعوب ليكونوا شعب الله المكلف برسالة الخلاص،  هذه الفكرة العنصرية، وقد لازمت فكرة الصراع والعنف والتعالي على الآخرين الفكر التربوي الإيراني وتقمصت أشكالاً وصوراً مختلفة منه تتراوح ما بين الحوار بأشكاله المختلفة" حوار المذاهب ،و الأديان  ، الحضارات التي أثبتت فشلها في الحوار مع إيران "  ومروراً بالسلوك الإيراني مع معظم الأزمات الإقليمية لإيجاد موطئ قدم لإيران ؛ في الوقت الذي يزخر التاريخ الإيراني والشيعي، بالكثير من الحوادث  و أشكال الصراع مع الآخرين، بل إن المذهب الشيعي يطبع عقيدة الثورة الإيرانية برباط وثيق بين الحرب النهائية والثورة الإيرانية 

وبمرور الوقت تحول هذا الصراع المقرون بنظرة عنصرية استعلائية نحو الآخرين إلى منهاج عمل يسعى لتحقيق أهداف إيران في المنطقة انطلاقاً من الاعتقاد بأنه بدون هذا الصراع لن يتسنى للمهدي العودة حتى يكثر القتل والتدمير ، وتعم الفوضى ، والظلم ..... وذلك على أساس أن كل جريمة تصبح شرعية وقانونية طالما تسعى لتحقيق ما سمى بالوعد الإلهي 

بهذه الصورة تحول هذا الوعد في الفكر الثوري الشيعي الإيراني  إلى صنم يتوجب عبادته وتقدم القرابين من ذبح وقتل بشري على أعتابه من أجل تنفيذ الوصايا والعهود الواردة فيه، لأن الإمام المهدي لن يظهر إلا حتى يعم الذبح في العراق .

رغم ما يبدو للوهلة الأولى من أن المشروع الإيراني قد حقق أحد أهم أهدافه بسقوط العراق ، على الرغم من أن احتلال هذه الدولة قد  عرض الأمن الإيراني لمشاكل جديدة مستمرة ومن الممكن أن يفجر تلقائياً مشاكل يصعب مجابهتها.

وفي هذا الصدد، نجد  أن الكتب المدرسية الإيرانية ، وبشكل خاص كتب التربية الدينية ، والأدب واللغة الفارسية ، والتاريخ ،  والدراسات الاجتماعية، تكرّس ثقافة الانغلاق، وتشويه الآخر ، ومحدودية التفكير، وتغيب عنها ثقافة التعددية والوسطية والاعتدال والاعتراف بالآخر ، بل واحتقاره بشكل مزري . ومثل هذه النتائج  ليست جديدة، لكنها باتت تكتسي حساسية كبيرة في ظل التطورات السياسية الإقليمية في المنطقة وصعود المليشيات والتنظيمات المتطرفة.

لكن ما هي العوامل المؤسسة للفكر الداعشي في إيران ؟

لا شك بأن هناك عوامل ومتغيرات عديدة تضافرت فيما بينها لتعزز النزعة الداعشية سواء للدولة أو الثورة أو حتى الشعب الإيراني .

 

أولاً- الثورة الإسلامية ونتائجها 

 

تستغل الثورة الإسلامية في تحريض الإيرانيين على الشعوب الأخرى وإيهامهم بحقهم التاريخي في قيادة العالم الإسلامي وريادته كونهم يعتنقون الإسلام الحقيقي  ، واعتباره "الضوء الأخضر" الذي يعتقد أن التشيع منحه للثورة بضم العالم ، ولكن بالعنف من خلال تطبيق ما يعرف بالجهاد بأشكاله المختلفة " الدفاعي ، الابتدائي ،  الوقائي" ، الذي يشرع للثورة الإيرانية خوض الحروب بالزمان والمكان الذي تراه مناسباً   .

لا شك بأن المذهب الشيعي يؤلف أحد العناصر المهمة في تركيب الشخصية الإيرانية وتكوينها  ، حيث يصبغ ويوجه  الشخص الإيراني نفسه سواء كان متديناً أم علمانياً.

لا شك بأن انتشار الديكتاتورية والشمولية وغياب الديمقراطية  والعدالة السياسية والاجتماعية والتوزيعية  وحكم القانون الذي أسهمت به الثورة الإيرانية  ، و عززت من قيم العنف والتطرف كردّ  فعل طبيعية على يد النظام الحاكم  التي قد لا تقلّ دموية عن التنظيمات الإرهابية؛وبالتالي فإن التطرف والتشدد الفكري والاجتماعي بات

موجوداً بشكل أكبر في المجتمعات الإيرانية ، إضافة إلى قابلية  النصوص المذهبية ، والقدرة على توظيفها لتقوية النوازع الإجرامية ، والغرائز المنافية والمضادّة ، والقابلة لبناء ثقافة التوحش؛ كلها جوانب طبعت المجتمع الإيراني  .

إلى جانب ذلك استفادت   الدولة والثورة الإيرانية من نصوص مذهبية  « محرفة »، تتيح إلباس التحريض والكراهية والعنف  الذي تمارسه ، وتلبسه بغطاء ديني مقدس ؛ وبالتالي شرعنة السلوك الدموّي وجعله طريقاً إلى  الجنّة.

فعندما يتعلم طلاب المدارس الإيرانية  أنّ قتل الآخر على الضفة الأخرى من الخليج وبلاد الشام  ، على اعتبار أنهم أعراب كفار لا يستحقون سوى الازدراء والاحتقار، وأن قتلهم قربى إلى الله تعالى  ؛ كونهم سيمهدون  لدولة العدل الإلهي، فإن الفرق بينهم وبين «تنظيم داعش » يصبح في  طبيعة القدرة على الإجراء والتطبيق ، وحجم ذلك ،  إذ أن كثيراً من «مراجع التقليد الإيرانيين» يصدرون فتاوى  تدعم وتؤيد ذبح الأخر ، ويقدّمون خطاباً  فكرياً داعشياً بامتياز ، وفي نفس الوقت تمتلك إيران  الأدوات  التنفيذية من قوى عسكرية مباشرة ، ومليشيات ، وتنظيمات مدعومة ،  يمكنها تطبيقه أو «ترجمته» على أرض الواقع  بشكل واسع في سوريا والعراق واليمن وكل مكان تراه  .

 

ثانياً- الدولة والنظام السياسي الإيراني التي أسهمت الثورة الإيرانية في بنائها

لا شك بأنه عندما تتكاتف وتتوحد  مكونات التحريض والكراهية والتطرف  في الثقافة ذاتها، ومن ثم يتم تجسيدهً في مناهج التربية والتعليم، فضلاً عن الجامعات والمعاهد والحوزات الدينية المنغلقة والمتعصبة،و في ظل أنظمة حكم شمولية وديكتاتورية ذات بعد ثيوقراطي  ، فمن الطبيعي  أن تكون النتيجة هي ما نشهده اليوم من سلوك دموي لإيران ظهر بشكل جلي من خلال مداخل الأزمات الإقليمية العربية  في هذه الأيام، حيث تسود القوات الإيرانية من حرس ثوري وقوات خاصة ، ومليشيات و جماعات وتيارات التطرف والتوحش والهمجية، والتي مثلت النزعة الداعشية الإيرانية أسوأ نسخها وتعبيراتها.

ومما يرفع من مستوى وتيرة الصراع ما يتعلق  كذلك بالبيئة الاجتماعية والثقافية الإيرانية ودورها في تربية المواطن وتنشئته، فضلاً عن  دور الجامعات والمعاهد التعليمية الرسمية وغير الرسمية. وكذلك الدور الذي تلعبه الحوزة، وخصوصاً عندما يكون مُسيّطراً عليه من قبل مراجع دينية متشددة تنتمي للتيار المحافظ الراديكالي .

 

ومما يعزز من نزعة  التطرف بمجمله المتغيرات الخاصة بالبيئة الداخلية الإيرانية سواء السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وحالة التعبئة التي يمارسها الإعلام الإيراني الرسمي الذي يحاول تبرير أن جزءاً من مشاكل إيران يعود لمؤامرة دول الجوار ؛ لا سيما دول الخليج التي يعتبرها هذا الإعلام مشاركاً أساسياً للعراق في الهلوكوست ضد الشعب الإيراني إبان الحرب لعراقية الإيرانية ، ومحاولة التسويق أن هذه الدول لازالت منخرطة في حصار إيران ، و وأنها تتعمد المشاركة الفاعلة في تنفيذ العقوبات الدولية عليها ، وأنها لا زالت متماهية مع قوى الاستكبار العالمي لاستهداف الثورة والشعب الإيراني ؛ مما يسهم في ضمان استمرار التعبئة والحقد والكراهية ضد العرب  .

 

ثالثاً- كتابت الحكومة الإسلامية والدستور الإيراني ، وكيف يتم تدريس نصوصهما للطالب الإيراني : (سوف نتناول هذا الموضوع بشكل مفصل في مقالتنا القادم.)

 

رابعاً- التشيع:

 

وجدت الثورة الإيرانية في الشيع أرضية خصبه لإذكاء الروح العدائية لدى الأفراد البسطاء من الإيرانيين لما يحتويه من رخص وفتاوى بالقتل والاغتصاب ونهب ثروات الأمم والشعوب  الأخرى،وبالمقابل منح صكوك الغفران ومفاتيح الجنان . و قد  أكد رجال الدين الشيعة  على أهمية تدريس أسس التشيع والقومية والتاريخ الفارسي، ومعرفة عامة بشرائعه وأدبه فيكون جزءاً من دراسة كل طالب شيعي متعلم ،حتى ولو لم يكن سيجعل من حقل الدراسة هذا مجالاً للعمل ، والأمر شبيه بتعليم التلميذ بمبادئ ، الأحياء، والعلوم والرياضيات.

وتقوم وزارة التعليم بتدريس الطالب الإيراني  حدود الإمبراطورية الفارسية التي سادت العالم ،ومن خلال ذلك كله تصبح لدى الطالب في إيران القناعة التامة بأن كل ما سيقوم به الجيش الإيراني" جيش الثورة الإسلامية " ليس  احتلال لأراضي الغير بالقوة ،ولا يتم اعتباره جيشاً مغتصباً وأن كل ما سيقوم به هو فقط إعادة هذه الأراضي لأصحابها بناءاً على وعد نبؤات أخر الزمان لهم وليس توسعاً على حساب غيرهم، بالطرق والوسائل التي تراها مناسبة 

لعل الدارس لطبيعة الدولة الإيرانية وثورتها  يلاحظ تلك الملائمة والتوافق القوي بين أهداف التربية من جهة وأهداف الثورة الإيرانية ، وحاجات المجتمع الإيراني  من جهة أخرى كما تراه  هذه الثورة ، فلقد كانت التربية بخلفيتها المذهبية ، والغيبية ، وبفلسفتها المستمدة من تعاليم القومية ، هي الوسيلة الأولى والأهم التي استخدمت لتحقيق أهداف الثورة الإيرانية  في إنشاء دولة ولي الفقيه وبقائها.

لقد جعلت الثورة  تدريس اللغة والأدب الفارسي  أحد الأسس والركائز  المحورية التي تعتمد عليها لبناء جيل ثوري وقومي و شيعي  متعصب؛ وهو ما أشار إليه الخميني مفجر الثورة الإسلامية الإيرانية في كتبه حين خص جل اهتمامه  بالتربية والتعليم باللغة الفارسية في المدارس باعتبارها أسلوباً لتحقيق أهداف الثورة وطموحاتها ؛ وأن مصير الثورة  يرتبط بإيجاد جهاز حقيقي لتنفيذ التعليم والتربية حسب مبادئ الثورة الإسلامية. وأنه لن يكون لهذه الثورة  مستقبل بدون تربية  فارسية وثقافة فارسية كذلك لكل إيران

فمعرفة المذهب الشيعي  كفيلة بتزويد الفرد الإيراني بجذوره وأصله وعظمته ومستقبله، ويضمن ارتباطه بشعبه في إيران ،   أما ما الذي سيحفظ المذهب الشيعي؟! و الجواب: «إنها اللغة الفارسية »؛ فصمود إيران  أمام التحدي الكبير الذي يواجهها  يتمثل في المقدرة على تربية مرتبطة بالتعاليم الروحية للمذهب الشيعي ، والتركيز على اللغة الفارسية لأنها ليست لغة القراءة والكتابة ، فهي لغة المذهب أيضا ولغة طقوسه . 

لكن كيف أسهم تدريس اللغة والأدب الفارسي في تعزيز النزعة الداعشية لدى طلاب المدارس الإيرانية ؟ . هذا سؤال مهم. و الجواب: إننا نستطيع القول أن الفكر الداعشي المتطرف قد برز جلياً من خلال  أهداف تعليم اللغة الفارسية  ، والتي يمكن إيجازها من خلال ما يلي :

1- يهدف تدريس اللغة والأدب الفارسي إلى إكساب  الطالب الإيراني  مُثل وقيم الحضارة الفارسية،  وآرائها ومشاعرها في أثناء مراحل تطور الأمة الإيرانية في فترات مختلفة ، وتقوية الرباط التاريخي بين الشعب وبلاده وثقافته ، حيث يتم التركيز على عظم الحضارة الفارسية عبر تاريخها الطويل ، من اجل الإحياء الدائم للنهضة القومية والبعث التاريخي  الحضاري ، الثقافي ..... الفارسي ؛ مما يشعر الفارسي بأنه  شعب عظيم  " شعب الله المختار" ، ومتميز حضارياً عن الآخرين   .

2- جعل التفوق والتميز والريادة  حاضرة في عقل الطالب الإيراني وذاكرته الجمعية ؛ مما يعزز نزعة الاستعلاء لديه ، وهذا يتضح من خلال تدريس الأدب الفارسي  . 

3- التفريس الشامل :نجحت السياسة التعليمية في إيران في سياسة التفريس الشامل ، في جميع المعارف والعلوم  ، فقامت بتدريس سائر المواد الإنسانية  العلمية والتقنية في كل الجامعات والمعاهد باللغة الفارسية ، حتى أن اللغة العربية يتم تدريسها بقالب فارسي 

4- إكساب  التلميذ  من خلال تدريس اللغة الفارسية قيم الأمة العليا وآرائها ومشاعرها  في أثناء مراحل تطور الأمة الفارسية في فترات مختلفة ، وتقوية الرباط التاريخي الذي لم ينفصل بين الشعب وبلاده وثقافته ، ويجب الكشف بشكل خاص عن جهود وانجازات هذا الجيل والأجيال القريبة منه من اجل النهضة القومية والبعث الحضاري والثقافي والاجتماعي

5- إعداد الطالب الإيراني حتى يبقى على اتصال حي مع القضايا والتيارات الفكرية المعاصرة ومع حوافز ومسيرة الشعب الفارسي عبر مسيرته التاريخية ، والتي ينبغي أن تكون حاضرة معه دوما

6- التأكيد على البعد القومي في تدريس اللغة الفارسية ، وكذلك  التأكيد على البعد الخاص بروح هذه الحضارة  ، وتعريف الطالب بالأدب الفارسي ، العادات ، التقاليد ، القيم ، الأعياد القومية .... مما يخلق جوا فارسيا ، وحالة ذهنية تجعل الطلاب مجبولين وفق البعد القومي والمذهبي  ، مع إعطائه أهمية  من خلال تكثيف العناصر التقليدية ، وذلك بزيادة عدد القطع الأدبية المأخوذة من الأدب الفارسي القديم والحديث ، ويلاحظ أن الهدف من وراء ذلك :

بيان أهمية القيم القومية الفارسية والتقليدية .

تقوية روابط الطلاب الإيراني بتراثه الفارسي .

تعظيم الوعي الفارسي والقبول بكل المفاهيم التي تطرحها ، وبشكل لا يقبل الدحض والتغيير .

خامساً- أسطورة التفوق العرقي :

عمدت إيران إلى بث أسطورة تفوق"الشعب الإيراني الآري " على بقية شعوب العالم ضمن الدعاية التي تقوم بها لإقناع الإيرانيين في مختلف الدول بأن من واجبهم التجمع وبناء إمبراطورية الميعاد ،ونجد العديد من العبارات التي تحاول إقناع الطالب الإيراني بتفوقه على الطلاب الآخرين وتقدم شعبه على الشعوب الأخرى ، ويظهر ذلك بوضوح من خلال العديد من القصص التي تقدم للطلاب وكذلك عند الحديث عن حروب إيران مع الدول العربية وأيضاً من خلال الأناشيد التي تقدم للطلاب والألعاب التي يقومون بها ، فهم يعملون على تربية الطالب منذ نشأته تربيه عنصريه.

 

سادساً- الموروث الفكري "العنصري"  وكيف وظفته الثورة الإيرانية وعززته:

 

يرتكز على أسبقية الحضارة وحقها في السيادة والبقاء على حساب الشعوب الأخرى ، وهذا ما سيتضح من خلال التوجهات العنصرية للتربية الإيرانية المترجمة من الواقع العملي عن طريق المناهج والمقررات الدراسية التي تفرضها وزارة التربية الإيرانية .

وانطلاقاً من هذا المفهوم – مفهوم السيادة والتفوق- تحاول  إيران تقليد الدول الاستعمارية الأوروبية في أسلوبها التوسعي ، ولكن بأسلوب جديد من  خلال التبشير بالمذهب الشيعي بوسائل وطرق وأدوات  مختلفة ومتعددة ، كل ذلك  تحت شعارات تقديم المساعدات والعمل الخيري ،بذريعة مساعدة الشعوب الضعيفة واتفقت معها في اعتبار كل رقعة أرض تقع خارج إيران لا تعتنق الإسلام الحقيقي " الشيعي " بمثابة أرض  مباحة على اعتبار أنها خاليه ليس من الدين فحسب ؛ بل وبكونها تؤلف نوعاً من الفراغ المذهبي " الشيعي" ، فتصبح بذلك ملائمة لتوسيع مجالها الحيوي المذهبي.

لا شك بأن توجيه الاهتمام إلى اللغة الفارسية والتاريخ بشكل كبير، أدى إلى غرس الغرور القومي ، وتمجيد الذات ، والإشادة برفعة الحضارة الفارسية ، وإلى إبداعها الروحي والأدبي ، واحتقار الأدب والتاريخ العربي  ، وتعزيز نزعة الثأر وقدسية الانتقام ممن كان سبباً في دمار الحضارة الفارسية ألا إنهم " العرب " ، وعرض صورة تاريخية عن العرب وتشويه الصورة التاريخية لهم ، وكيف كان العرب تبعاً للإمبراطورية الفارسية ، والتي لا بد من عودتهم للحضن الإيراني  ، ثم استعراض مسار تحميل العرب  مسؤولية تدمير حضارة فارس ، بحيث يجبل الطالب وفق فكر داعشي حريص على  قدسية الانتقام والثأر من الأخر مدفوعاً بأسباب قومية مقيتة.