"اليوم الثامن" تقدم قراءة في الجغرافيا البحرية..

الجغرافيا الجنوبية ودورات الصراعات الإقليمية والدولية.. من يصنع القرارات السياسية؟

عندما ننظر الى مساحة الجنوب العربي نجد المسافات البحرية والمسافات البرية ولكل منها جغرافيا مرتبط بأحوال الأحداث السياسية الجانب البحري في هذه الامر يشكل الاتصال مع معظم دول العالم حيت كانت عدن ملتقى الطرق التجارية والشعوب والأديان

جندي من القوات المسلحة الجنوبية ومتظاهر يرفع علم بلاده في العاصمة عدن قبل سنوات - مركبة

ماريا هشام
ناشطة إعلامية وسياسية جنوبية - تكتب باسم مستعار لأسباب خاصة بها -

لسيت الجغرافيا مجرد مساحة على الأرض ترسم عليها حديد دولة او إقليم بل هي مركزية في صناعه الازمات ولنا في قول الزعيم الفرنسي شارل ديغول ( ان المواقع الجغرافيا هي من يصنع القرارات السياسية) وهذه المقولة تأتي من شخصية عالمية خبرت الازمات وشاركت في الحروب وإدارة النزعات السياسية فلكل موقع تحدد له الأهمية وهذه ينطبق على الحدود والمسافات لخارطة الجنوب العربي حيت تداخلت الازمات السياسية مع الموقع الجغرافي وعبرت حقب من التاريخ اكدت من الكثير من المرجعيات اننا الممرات البحرية والجزر الجنوبية لم تسقط من حسابات أي مرحلة شهدت دروات من المواجهات الإقليمية والدولية تهدف لسيطرة على عدن وخليج عدن وباب المندب والجزر المتواجدة في هده المحيط.

عندما ننظر الى مساحة الجنوب العربي نجد المسافات البحرية والمسافات البرية ولكل منها جغرافيا مرتبط بأحوال الأحداث السياسية الجانب البحري في هذه الامر يشكل الاتصال مع معظم دول العالم حيت كانت عدن ملتقى الطرق التجارية والشعوب والأديان والقوات العسكرية البحرية القادم من خلف المحيطات من واربا واسيا وافريقيا وقد وضعت عددت خرائط تعود بعضها الى عام 1051م وأخرى تعود الة عام 1510م كلها تبن أهمية عدن عسكريا واقتصاديا لكل دولة تسعى لصناعه نفوذ عند باب المندب وبحر العرب والبحر الأحمر اما اذا نظرنا الى الجغرافية البريه فإنها تمتد الى حدود المهرة ومناطق أخرى كانت تحسب في اطار جغرافيا العربية السعيدة فكانت معظم الصدامات تأتي بريا من اليمن نحو الجنوب كتحرك يهدف الى احتلال هذه المناطق البرية الجنوبية وصولا الى ميناء عدن ،وهذه الفعل كان ينطلق من خلفية المناطق المذهبية القبلية التي لا تملك منفذ بحريا له ميناء عدن ، فقد عرفت المناطق البرية للجنوب صراعات ومواجهات مسلحه مع الجنوب حيت كانت تتصدى قبائل يافع والضالع والصبيحة ولحج لهذا الزحف اليمني نحو الجنوب ، ولكن بعد دخول بريطانيا الى عدن تم ترسيم الحدود البرية في عام 1905م مع النفوذ التركي لليمن ولكنها ظلت حدودا غير مستقرة سياسيا فقد صنفها البعض بانها منطقة الرماد المتحركة وهذا يدل على عدم الاستقرار القتالي في هده المنطقة ، وهذه الحسابات لم تسقط من الذاكرة السياسية للقوى اليمينة على مر القرون .

حين نقف امام  لمناطق الجنوب وبالذات في عدن نجد ان القوة الدولية السابقة قديما الفراعنة وفي العصور الوسطى البرتغال والخلافة العثمانية وبريطانيا العظمى وفرنسا وكذلك محمد علي باشا ولي مصر كلها سعت لاحتلال عدن نظرا لخطورة هذه الموقع كذألك الولايات المتحدة الامريكية التي جاءت الى عدن اول سفينة لها عبر طريق راس الرجاء صالح في عام 1808م وهي زيارة استطلاعية لهذه المدينة التي ذكرت في الكتاب المقدس من الثورات في سفر التكوين خمس مرات ، وكانت بريطانيا قد سبقت في زياراتها الى عدن في عام 1609م حين أرسلت سفينتها (صعود) الى عدن من اجل اقامت علاقات تجارية مع هذه المنطقة البحرية الهامة تم جاءت فرنسا عام 1709م بقيادة الرحالة  (ذي لاروك )الذي وصف في كتابه رحلة عبر المحيط الى العربية السعيدة جغرافيا عدن حيت حدد أبوابها البحرية والبرية وقلاعها واسوارها الحصينة واسواقها وحدائقها وبيوتها والمحلات التجارية التي فيها حيت قال عنها ( انه هذه المدينة التي تقع في هذه الجزء من بلاد العرب هي الأهم ).

وكم هي المرجعيات التاريخية التي حددت موقع عدن العسكري والتجاري وعندما صعدت ملكة بريطانيا فكتوريا الى الحكم عام 1839م كان اول قرار لها هو إعطاء الامر لشركة الهند الشرقية التي أسست عام 1600م باحتلال عدن نظرا لخطورة موقعها المرتبط في المصالح البريطانية في الهند .

ان سرديات التاريخ السابقة في هذه الجانب وان كان الكثير منها غائبا عن الذاكرة الجنوبية من حيت التوثيق والارشفة الداخلة في مجال الدراسات والبحوث العلمية والتي تعد جزءا من صناعة القرار السياسي ، قد ضلت بعيد عن قراءة المشهد الجنوبي في الوقت الراهن فالجنوب مر بعدت مراحل نذكر منها مرحلة الحكم البريطاني من عام 1839م حتى عام 1967م تم مرحلة الدولة الجنوبية من عام 1967 م حتى عام 1990م هذه الفترات من التاريخ الجنوبي لها من المرجعيات ما يعطينا عددت ابعاد في قراءات حسابات اليوم في التنافس الإقليمي والدولي على الجنوب.

فبعد ظهور الثروات في الجنوب وبالذات النفظ حيت حدد الخبير البريطاني  (لتل)في عام 1919م بان حضرموت غنية بالمعادن والنفظ وكذلك الخبير الأمريكي (ونيدل فليبس )عام 1951م عندما اكد بان شبوه غنية بالنفظ ولم تتوقف يومها الاطماع القادمة عبر الجغرافيا البرية او البحرية للجنوب ولاكن علينا ان ندرك بخاصية وهي عندما كانت الجغرافيا الجنوبية سواء في عدن او في محمياتها الشرقية الغربية خاضعه لنفوذ البريطاني لن تسمح بدخول قوه إقليمية او دولية في هذه المكان وبعد 1967م كانت هناك علاقات عامه وقوية بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية حيت شكل هده التحالف قوة محورية في الحفاظ على حدود دولة الجنوب من أي تدخل ولكن بعد عام 1990م وبعد سقوط المنظومه السياسة واعاده رسم خرايط جديده للعام ودخول الجنوب في الوحده الغير محسبوبه من كل الاتجاهات سقط الجنوب في سياسة الحدود المفتوحة

الخالية من التحالفات الدولية التي تحفظ المصالح من خلال القيمة السياسية للموقع الجغرافي حيت وجدت عددت دول إقليمه ودولية ، حيت وجدت الفرصة الذهبية وبالذات بعد عدوان حرب 1994 م ضد الجنوب الاستباحة الكبرى لهذه الموقع وكذألك الثروات ولكن ميزة موقع عدن البحري انها لا تترك لجهة معينه الانفراج بهده المكان فتجادب الأطراف الدولية وتداخل المصالح الإقليمية قد اوجدت في الراهن اكثر من محور يريد ان يكون هو صاحب القرار المنفرد ولذلك نجد ان ملفات القضية الجنوبية تنظر فيها اكثر من دولة حسب مصالحها التي تنصب بدرجة أولى في منابع النفط والغاز والممرات البرية والجزر، وهذه الشيء يؤكد على انه الجنوب ليس مساله محلية فقط بل هو رهانات دولية كبرى لها ابعادها .

وربما تكون هناك نظرة لجغرافيا الجنوب التي يخطط البعض لجعلها في كيانات (أقاليم دويلات او مساحات محدودة كلا واحده منها لها قيادتها السياسية والعسكرية ) وهذه المخطط لا يخرج عن مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يهدف الى تقسيم المنطقة واسقاط الدولة القومية وقيام كيانات متعددة من خلال تفجير المجتمعات من الداخل ولنا في الازمات والحروب التي مازالت مشتعلة مند سنوات في عدة دول اكبر دليل على هذا الزحف المحرق الذي يضرب المنطقة بكل عنف .

لذلك نجد بان أكذوبة الحفاظ على وحده اليمن التي تسوق محليا ودوليا وإقليميا ما هي الا السكين التي تقطع اوصال اليمن والجنوب كي تعيد رسم الخرائط مرة أخرى حسب رؤية الشرق الأوسط الجديد كما حددها جغرافيا المفكر الصهيوني الدكتور برناد لويس والعقل السياسي الإسرائيلي شمعون بيريز( الشرق الأوسط الجديد التي وضه فيه نظرية السلام الدائم مع إسرائيل واكد ان حروب العرب معها لم توصل الى حلول وبدلا عن ساحة الحروب وخنادق السلاح تكون العلاقات الاقتصادية والثقافية والسياحية المتبادلة بين العرب وإسرائيل هي الطريق الأفضل نحو بناء شرق أوسط جديد خالي من الحروب ولكن من خلال التصور الصهيوني لهذه المنطقة غي العقود القادمة وليس الجنوب واليمن في بعد عن هذه التخطيط الذي وضع بعد حرب 1973 م عندما صرح رجل السياسة اللبناني ريمون ادة هناك مشروع قادم الى الشرق على العرب ان ينتبهوا ولكن يبدو ان مقولة وزير الدفاع الاسرائيل السابق موشه ديان : العرب (لا يقرؤون ) .

مازالت أبواب الاحتمالات مفتوحة امام جغرافيا الجنوب في صراع راهن ولكن على كل طرف إقليمي ودولي ان وضع حسابات محددة وجعلها هي الحدود النهائية في العمل السياسي، يضع النظر ولا يعطي مسافات للأبعاد الأخرى لأنه السياسة مفارقات وربما تأتي احداث تقلب كل البرامج وتعيد هيكلة الأمور من جديد".