"اليوم الثامن" تقدم قراءة مستقبل نظام طهران..

إيران.. تحدي الشارع للعقيدة والفترة القادمة قد تشهد سقوط سلطة رجال الدين

"دولة الحرس الثوري واجهاض الثورة الخضراء دراسة للكاتب اللبناني فنسان غريب صدرت عام 2009م وهي من حيث الموضوعية تعد الروية لما يجري اليوم في ايران"

تسقط في زمن يشهد فيه العمق الايراني ازمة بنيوية عميقة - مركبة

نجمي عبدالمجيد
كاتب وباحث ومؤرخ لدى مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات
طهران

عندما قامت الثورة المذهبية ضد محمد رضا بهلوي عام 1978م – 1979 سوقت اوهام النصر تحت مظلة الدين وكان النظام الملكي قد وصل الى الطريق المسدود وهي نهاية لسلطة لم تدرك لحسابات على ارضها تتطلب الوقوف عندها.

لقد اعتمد الشاه على بناء القوة العسكرية والجاسوسية وقمع السجون غير انه غابت عنه قوه التماسك التي توجدها خصائص للبناء الداخلي في الدولة من اقامة المقاييس المجتمع المدني فكان لابد من الذهاب نحو التصدع الدي تصبح فيه الحتمية هي السقوط غير ان ما جاء بعد تلك الحقبة من هيمنة الرجال المذهبية الحاكمة بصور دينية تم صياغتها في سوابق من صراعات التاريخ جعل من ارض فارس رهانات لم تعرف الاستقرار لقرون فتلك الجغرافية الفارسية قبلت المذهب اكتر من الدين.

تلك المفارقة التي تصنع مصير وطن شعب لكن من يذهب الى اعمق بلاد فارس لوجدها عدة اوطان وشعوب في مساحة من ازمات التاريخ عملت بكل جهد للحفاظ على تماسها بالرغم من تداخل التباينات في الثقافات والمذاهب والاعراق ولكن غلبه المذهب الشعبي عبر اساليب القهر التي مارسها في مراحل من الازمه هي من جعل بلاد فارس تظهر امام العالم بانها شعبية الانتماء والتكامل ، ولكن حتى هذا الحصار المذهبي لن يخلق الوحدة المتجانسة في جغرافيا تضربها اليوم هزات تعيد ما جرى مع شاه ايران مند عقود عبر نظرية اسقاط النظام من الداخل علينا العودة لبعض الأحداث التي جرت في الشارع الايراني مند سنوات قريبة ضد حكم رجال المذهبية الدينية .

دولة الحرس الثوري واجهاض الثورة الخضراء دراسة للكاتب اللبناني فنسان غريب صدرت عام 2009م وهي من حيث الموضوعية تعد الروية لما يجري اليوم في ايران وتؤكد ان سياسة القمع والموت لن تصل بهذا النظام في خاتمة المطاف الا لما وصل اليه حكم شاة ايران.

،عدم ترميم الوضع في الكيان الداخلي سوف ينعكس بشكل متفجر على وحدة هذا البلد الذي تضربه تحديات كبرى في منطقة هي اساسا مفتوحة على شتى الاحتمالات والمراهنات في الصراعات الاقليمية والدولية .

في نظرة يطرحها الكاتب عن الواقع المازوم لحال الدولة المذهبية التي ادخلت العامة في افيون الطائفية وعصمت عيون الناس عن صناعة المشهد السياسي لتكون هي من ينفرد وصياغة وعي الجماهير يقول )  لقد ازدادت مخاوف النظام عندما فشل الجزء الاول من الخطة  الذي يراهن على تكرار تجربة تظاهر الطلاب في 1999م عندما لجا النظام الى اطلاق تظاهرة مضادة مصحوبة بقمع شديد من قبل الباسيج  ، مما دفع بخاتمي الى دعوة انصار الى التراجع ، هذه المرة بدت الامور اكثر تعقيدا اذ لم تكنيان عن لجوء قيادة الحرس الى طلب مساعدة قوات خارجية تم استدعاؤها من التظاهرات محصورة بالطلاب او النساء ولم تنفع فيها عمليات الاعتقال التي طاولت رموزا من الاصلاحيين والمجتمع المدني ولا اعمال القمع التي نفدها عشرات الالوف من مليشيات الباسيج التي تتولى مهمه حماية الثورة بإخافة المواطنين وكانت قد دربت مند سنوات على عمليات مواجهة الثورة الخضراء .

ان المفاجأة الاكبر كانت عندما اكتشف المرشد الاعلى علي خامنئي الذي يعتبر عمليا المشرف الاكبر على جيش والاذاعة والتلفزيون والذي لجا الى التقرب من المؤسسات الامنية كتعويض عن ابتعاد المؤسسات الدينية عنه بحسب علم الدين اكتشف خللا خطيرا في ولاء العديد من الأجهزة الامنية فمنذ اليوم الاول تبين ان شرطة تميل الى المتظاهرين وتعمل على مساعدتهم بدلا من قمعهم فسارعت قياده الحرس الثوري الى سحب اسلحة الشرطة وتكليف الباستيج بمهمة القمع والمواجهة المسلحة.

ويبدو ان مخاوف من خسارة الباسيج بعد شرطة قادت بقيادة الحرس الثوري التي اثبتت انها صاحبة القرار الحقيقي في ايران الى اللجوء الى قوات القدس التي يراسها العميد قاسم سليماني وقبل ان يفاجا الايرانيون بتوزيع بيان تحذيري من العميد سليماني علما بان قوات القدس تتولى العمليات الخارجية للحرس الثوري كانت اوساط المتظاهرين في طهران تتداول اشاعات اكدها فيما بعد شهود عيان عن لجوء قيادة الحرس الى طلب مساعدة قوات خارجية تم استدعاؤها من بعض البلدان العربية لتولى مهمة قمع المتظاهرين .

ذلك ما كان من مجريات السنوات الماضية في الشارع الايراني واليوم تسقط نفس العبارات على واقع الاحداث وان كانت قد اخدت منحنيات عدة من النظام بكل وسائل القمع ضد هذا الشارع السياسي الذي له خبرة في قيادة مثل هذه الاعمال الخارجة من تراكمات المراحل في رغبة اعادة هيكلة الجغرافيا السياسية .

في المقابل تجدد دولة المذهبية – الدينية وقد فقدت هيبتها المقدمة وهذا يدل على افلاس خطاب العتبات المقدسة لقد عمل النظام في إيران على ادخال الجماهير في الغيبوبة الدينية ودفع بها محارق الحروب وجعل وعد الموت طريقا للحياة في العالم المفقود.

غير ان الاوهام التي تقام على ضباب المقدسات دائما تذهب نحو مازق التاريخ الذي يعيد تكرار نفس المشهد وان تغيرت بعض من معالم الصورة ان عقيدة المذهبية الدينية تعاني من خواء وتخلخل في اليتها فهمي تظن ان الهيمنة ابدية في البقاء

لكن وصول الأمور الى نقطة الصفر يعطي لقوة الارتداد  كل عوامل الدفع نحو التمرد وكسر منزلة القدسية الدينية في كيان السياسي وهو ما نراه اليوم في الشارع الايراني من اعتداء على رجال الدين الذين يحملون الرمز المقدس لحكم ولاية الفقيه، لقد وصل تحدي الشارع الى العقيدة وهذا يدل على ان الفترة القادمة في ايران سوف تسقط سلطة رجال الدين الى الخارج المشهد السياسي وربما هذا يشمل اطرافا اخرى في الشرق الاوسط سهت الى نسخ التجربة الايرانية دون مراعاة لكل جوانب القصور في هذه الثورة التي رسمت عبادة الفرد باسم الطاعة الالهية .

هذه الكلمات التي قدمها لنا  فنسان الغريب ، فهل كان يدرك من موقع المختص بشؤون ايران الوضع لن يقف عند حدود قمع المرحلة بل هو مثل عروق النار المندفعة من حكم البراكين ؟

حالات التراكم في الازمات وتمسك النظام بنفس التصورات التي تجازوها الزمن وبقاء الخطاب الديني يلعب على نفس المربعات من وجوب الطاعة والخضوع لمرجعيات هي افرازات لقرون مضت جعلت من الوهم الحقائق الغائبة عن الادراك وحكمت على اتباعها بغلق العقول وتحريم السؤال واغفال ضروريات الحياة وحقوق المواطنة فهي عندهم من المحرمات والتطاول على الحق الالهي لمن هم الوكلاء عليه في الارض .

ذلك ما اوجد اليوم هذا الانفجار ضد المؤسسة الدينية في ايران فهي صراع مع العقيدة قبل ان يكون صراعا مع السلطة السياسية .

فهل تذهب ايران في المستقبل نحو عملية فصل الدين عن الدولة او حتى تحجيم قيادة المذهبية على ان يفسح المجال للجانب العلماني في قيادة المجتمع وهل يكون لهذا رده فعل في المحيط العربي ؟؟؟

يقول فنسان الغريب حول نظرية اخراج رجال الدين من الحياة العامة وهي تطرح من بعض الشرائح المثقفة في المجتمع الايراني وهي تحمل دلالة موضوعية على حدة المازق الذي وصل الية العقل الديني – المذهبي في العمل السياسي :( لقد كانت هناك علمانية في ايران بين المثقفين وابناء الطبقة الوسطى المكبوتة التي نالت كفايتها من الدين وتريد اخراج الدين من دائرة الحياة العامة وقد عبر ناشط طلابي لمحطة الاذاعة الوطنية عن ذلك بقولة : لقد سئمنا من اخدنا غصبا عنا الى الجنة .

كما كان هناك قدر اكبر من البراغماتية وقدر اقل من العلمانية الساخطة وهو ما كان يعكس اجلالا للدين بل وايمانا به انما يراد مع ذلك فصله عن السياسة واعطاء كل واحد منهما مجال المستقل الخاص به على نسق الفقرة التي تفضل الدين عن السياسة الوارة في التعديل الاول للدستور الاميركي ،وهذا الطلب على العلمانية من كلا الصنفين قد بين الى أي مدى تعب السكان من حكم رجال الدين ومن العيش في ظل احكامهم .

الا انه لمن الخطأ الخلط بين العداء للجمهورية الاسلامية وحكامها العلمانيين، الاعراض عن التدين الشعبي على المستوى الشعبي في واقع الامر ان عدم الرضا عن النظام الذي اوجده الامام الخميني قد افضى بالعديد من الايرانيين الى العودة التشيع كما عرفوه قبل ظهور هذا النظام برائ ولي نصر وهذا التوق الى الايمان اقدم عهدا واقل تسيسا يساعدنا ايضا  في فهم لماذا اضحى اية الله السيستاني المتبحر في العلم المتواضع والؤتر البساطة في معيشته على ذلك القدر من الشعبية وفي وقت قياسي نسبيا داخل ايران ) .

هل ما يطرح هنا مجرد راي ام هو تحديد لما يمكن ان يظهر في القادم  ؟هذا الطرح كان من سنوات ولن تخلو ثورة الراهن بما حصلت من مواجهات وتحديات وافكار ورغبة عارمة في دك قلاع الرهبة الدينية المذهبية في عودة هذا الحد الفاصل بين الدين والسياسة ، تعود هذا الرؤية ليست فقط لخروج رجال الدين من دائرة غلق الابواب امام كل مغاير ،بل بجعل مسافة لرجل الدين لا يتجاوزها نحو افاق يجب ان تكون مفتوحة على منافد المعرفة العلمية المؤسسة لشروط المجتمع المدني وهو تيار الصدام مع تجبر العقلية المذهبية التي ترى بالحكم المطلق لذاتها المرصد الاوحد لجبروت السلطة فلا يعقل المجتمع ايران ان يخلو من اصحاب الرأي المعرفي مهما تم تغريب هذا الاتجاه خلف اطلال الحوزة وولاية الفقيه ولن تذهب سنوات عديدة من العلاقة الثقافية والعلمية بين ايران والغرب نحو العدم ، فهي وان ارتدت لبعض الزمن عن المشهد العام فلا يعني هذا العدمية لها بل هي اليوم قوة دافعة في عملية التحدي الاكبر لما نرى في صور الشارع الايراني الذي يحرق ويهاجم رموز السلطة المذهبية التي راحت تأكل نفسها .

لكن علينا ان لا نغفل عدة فرضيات هي من عماد التحدي المصيري لمشروع كل طرف مما دعا هاشمي رفسنجاني وهو من خبراء مجلس القيادة في هذه النظام للقول :(( امن العالم رهن بأمن الشرق الاوسط) والكل يدرك ان ايران هي التي تمتلك مفتاح أمن هذه المنطقة)).

لكن ما يقابل هذا الموقف يقول : الدول الكبرى لا ترسم سياساتها وفقا للتفكير بالأمنيات ولكن على اساس موازين القوى على الارض .

هذا ما يجعل الموقف الايراني مجرد طرف وليس الانفراد المطلق وبما تشهده ايران من حراك داخلي يعيد خلط الاوراق كي يجعل منها امام مفترق الطريق .

انها نقطة تعيد تقسيم الجغرافيا السياسية حسب مراكز القوى العالمية ، فان سعت الثورة المذهبية في خلق بؤر مشتعلة في عدة مواقع في المنطقة فهذا التمدد يذهب بالهدف نحو التمزق .

في خضم هذا الصراع في المنطقة تتمركز قوى اقليمية ودولية عند حدود الصدام مع ايران منها امريكا واسرائيل وفي هذه الحد يتبع سياسة القوى العسكري يقدم لنا الكاتب هذه الاستراتيجية التي رحلت مند سنوات وعادت اليوم للمواجهة الهادفة للحد من التوسع الايراني ، والذهاب نجو امتلاك ايران للسلاح النووي حيت يورد حقائق ربما في اطار هذا الصراع تنفذ عبر القوى الضاربة وهنا تتحدث هده اللغة قائلة :( هناك مصادر تقول ان القادة الاسرائيليين كانوا قد حذروا ادارة بوش من مغبة القيام بضرب العراق ما سوف يتسبب برايهم بزعزعة استقرار المنطقة واقترحوا على الادارة الاميركية ضرب ايران كون هذا البلد بشكل برأيهم العدو رقم واحد وان العراق ليس العدو بل ايران ).

اليوم تعود نفس النظرة لخطر القوة النووية التي قد تدخل المجال للجيش الايراني .

في ظل هذا التصدع العاصف بحكم دكتاتورية المذهبية قد تعمل اسرائيل على توجيه ضربة جوية لمواقع صناعة هذا السلاح ، طالما هناك عوامل داخلية تفتت النظام من الداخل وربما تذهب ايران نحو الشرق الاوسط جديد وتصبح دويلات توزع حسب القوميات والاعراق والمذاهب والثقافات  مثل هذه المشاريع تأخذ سياسة النفس الطويل ربما قد تكون منها مسافات مرت عبر احداث المشاهد السياسية الجارية مند عقود .

ان ما يجرى في شوارع ايران يدل على ان المتظاهرين اظهروا  تصميما على الاستمرار بالتظاهر في مواجهة قوة القمع للحكم .

عن ماذا تسفر تحديات الراهن عند حكام ولاية الفقيه؟

ان سقوط نظام الحكم في ايران دون شك سوف يعيد منطق حسابات الدولة الاسلامية والتي هي على محك مسار التاريخ، حيت يرى بهذه الدولة حالة غير متجانسة مع تطور الحضارة بل هي مثل العضو الغريب على جسد ان دخل فية يهدد سلامة بقية الاعضاء.

سوف يتصاعد العنف ضد جماهير الشارع ، لكن تغير الخارطة السياسية  هو الناتج لوضع اصبح يعاني من تصدع تمتد قوته بفعل مسيرة الدم انها شعوب ايران فأين تقف منها ولاية الفقيه التابعة لمجرد جماعة