"اليوم الثامن" تقدم توصيات مهمة..
انتهاك التنظيمات الإرهابية في اليمن للعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (قراءة فاحصة)
سبب الإرهاب خسائر بشرية ومادية في الجنوب تؤثر سلبا على فرص التنمية، عبر ما خلّفه من خسائر في الأرواح البشرية وتدمير الهياكل الأساسية، وخروج رؤوس الأموال، وخلقه لحالات من عدم اليقين والتشويه في الإمكانيات الاقتصادية
أوصت مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات بإعادة النظر في خطة الانتشار الأمني للقوات المسلحة الجنوبية في كافة محافظات الجنوب ويتم إجراء عمليات المراجعة والفرز والتقييم للتجربة دورياً بصورة علمية وموضوعية عبر النزول الميداني المباشر لسد الثغرات وتلافي أوجه القصور التي برزت أثناء التنفيذ".
واعتبرت المؤسسة في قراءة فاحصة أن نجاح خطط الانتشار الأمني هو المرحلة الأولى والأساسية في تضييق نشاط الإرهابيين وإجهاض مخططاتهم وتحجيم عمليات تحركاتهم".
صادق جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية على أهم المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، إذ انضمت إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الموافق عليهما من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة، كما أوفت دولة الجنوب بجميع الالتزامات الدولية وذلك بتقديمها لتقارير دورية أمام لجان المراقبة، حيث تساهم وزارة العدل في إعداد وتقديم كل هذه التقارير.
لقد عاشت الجنوب ثلاثة عقود تحت وطأة الإرهاب والعنف والتطرف، لم يسبق له مثيل في أي مكان آخر في العالم، وذلك باسم إسلام غريب عن تقاليدنا وقيمنا العريقة، وقد حاول أن يقضي على كل بارقة أمل في الحداثة التي يمكن أن تأتي من خلال الازدهار الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للشعب، وبناء على ذلك سنحاول إبراز أهم الانتهاكات التي أفرزها الإرهاب على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وذلك فقا لما يلي:
أولا: تأثير الإرهاب في المجال الاقتصادية:
سبب الإرهاب خسائر بشرية ومادية في الجنوب تؤثر سلبا على فرص التنمية، عبر ما خلّفه من خسائر في الأرواح البشرية وتدمير الهياكل الأساسية، وخروج رؤوس الأموال، وخلقه لحالات من عدم اليقين والتشويه في الإمكانيات الاقتصادية، فضلا عن التكاليف المباشرة عبر مختلف الاستثمارات في مجالات الأمن من وسائل مادية وبشرية، وكذا نفقات ترميم وإصلاح ما تم تدميره ، وغير المباشرة من خلال نفقات الدولة على الضحايا وعائلاتهم، وكذا مختلف المصابين من جراء الأزمة سواء كانت إصابات جسدية مادية أو أمراض مزمنة أو عقلية، مما تثقل كاهل الخزينة العمومية للدول، غير أن هذه الخسائر الاقتصادية الكبيرة ليست سوى واحدة من عواقب الإرهاب، إذ كانت عرقلة التنمية الاقتصادية أسوء نتيجة.
ألقت ظاهرة الإرهاب بضلالها السلبية على النشاط الاقتصادي والاستثماري في اليمن وأعاقت النشاط السياحي وخلقت موانع لزيادة النمو والتطوير للقطاعات المنتجة وإلغاء الكثير من البرامج السياحية ورفع مبالغ التأمينات على شحن البضائع بالإضافة إلى تضرر النشاط الملاحي حيث زادت رسوم التأمين على البواخر والبضائع الواصلة إضعاف ما كانت عليه قبل تنفيذ العمليات الإرهابية
نجحت التنظيمات الإرهابية في استغلال عاملي الفقر والبطالة اللذان يشكلان بيئة خصبة لنمو الإرهاب وانتشار الفكر المتطرف لاستقطاب الشباب وتجنيدهم مستغلين سوء أوضاعهم المعيشية حيث تعتبر الأوضاع الاقتصادية المتردية هي الدافع الرئيسي للشباب والمحرك لهم للانضمام للتنظيمات الإرهابية.
2/ تأثير الإرهاب في المجال الاجتماعي:
أثر الإرهاب بشكل مباشر على الحقوق الاجتماعية، من خلال الاعتداءات على المنشآت القاعدية والصناعية مما يؤدي إلى نقص الحركية الاقتصادية من جراء عزلة السكان ونقص فرص توظيفهم ومنها انخفاض القدرة الشرائية وانتشار البطالة، كما له الاثر السلبي البالغ في مجال التربية، والتعليم العالي من خلال استفحال ظاهرة التسرب المدرسي، بالإضافة إلى نشر أفكار متطرفة ضد المرأة، مما يؤدي إلى ظهور ممارسات العنف ضد المرأة والتمييز في حقوقها الاجتماعية خصوصا في الوسط الريفي.
كما يستهدف التطرف العنيف ودعاته أيضا طبقات المجتمع التي أنهكتها الأمية وهمشتها. واستغلال قلة علمهم لتغليطهم بالمفاهيم الدينية المتطرفة لا سيما مفهوم الجهاد بوسائل دعائية تجعل، عَرَضا وبشكل مبالغ فيه، تجاهل الجهاد أو التقاعس فيه ذنبا عظيما، فيما قد تؤجج هذه الدعاية لدى بعض الأشخاص شعورا بالذنب للالتحاق بأفكار الأصوليين.
بالإضافة إلى ذلك، القيود التي يفرضها التطرف على مجال الحريات الدينية من خلال سياسة التكفير المنتهجة من طرف الجماعات الإرهابية، مما يؤدي إلى خلق تشنج العلاقات تؤدي في بعض الأحيان للكراهية والعدوان ما بين فئات المجتمع المعتنقة لديانات أخرى وحتى تلك الملحدة، مما يقود لعزلة المجتمع الصادرة منه اشكال هذا التطرف عن المجتمعات الأخرى، بشكل تصبح فيه فرص السفر والتنقل نحو البلدان الأخرى من المسائل العويصة وأحيانا مستحيلة لصعوبة نيل التأشيرات المناسبة مما لا يمكن البعض من زيارة اهاليهم في الخارج وربما فرص العلاج أو الدراسة بها .
3/ تأثير الإرهاب في المجال الفكري والثقافي:
الإبداع وحرية التعبير من المجالات التي تستهدفها الجماعات المتطرفة بغرض قمعها، بحكم تنافي حرية الإبداع والرأي مع افكار الجماعات الاستئصالية، كما تعاني أيضا نخبة الفنانين من تهديدات هذه الجماعات بالإضافة للخطر على المعالم التاريخية التي لا تتماشى مع مناهج هذه الجماعات الضالة، كل ذلك يجعلنا نؤكد بحكم التجربة التي مرت بها الجنوب أن الإرهاب يقلل من الدوائر الثقافية والعلمية، فقد اغتيل رجال ونساء كانت مهنتهم الإبداع الأدبي والفني وفضل البعض الآخر شد الرحال بعيدا عن الوطن هروبا من العنف، كما تهجم الإرهاب أيضا على التراث المادي والمعنوي وكذلك البنى التحتية الثقافية.
لقد ألحق الإرهاب في الميدان الثقافي، خسائر فادحة ظاهرة وخسائر أخرى، لا يمكن تقييمها سوى على المدى الطويل. تمثل مكافحة التطرف العنيف والإرهاب والوقاية من العنف المتطرف من خلال المناهج الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ساهمت ظاهرة الإرهاب في ظهور جيل جديد من عناصر تنظيم القاعدة الذي بات معنياً بقيادة التنظيم وتنفيذ عملياته الإرهابية حيث يمتاز هذا الجيل عن الجيل السابق بجنوحه نحو التكفير ورفض دعوات الهدنة والحوار مع السلطة كما فعل الجيل الأول حيث يعتقدون أن الجيل القديم خان مبادئه ودينه وصار يلهث نحو مصالحه الخاصة ولذلك لم يعد الجيل الذي يصلح لحمل راية الجهاد ضد النظام.
كان للمعاهد والمدارس والمراكز الدينية الخارجة عن إطار الإشراف الحكومي دور كبير في تمدد وانتشار ظاهرة الإرهاب كما مثلت حواضن لجماعات العنف والتطرف والتشدد الديني حيث ساهمت في عمليات الشحن النفسي والتعبئة العدوانية وغرس ثقافة الكراهية ضد المجتمع ومذاهبه بالإضافة إلى تفريخ العديد من الشباب والخلايا المتطرفة وتغذية عوامل التطرف وتوظيفها لإستقطاب صغار السن لإرضاعهم فكر التطرف وملء الفراغ الديني لديهم بما يتفق مع الفكر الإرهابي المتطرف.
أولويات سياسة لمكافحة التنظيمات الإرهابية
- دعم القوات المسلحة الجنوبية والاسهام في بناء دولة القانون، وتعزيز الاستقرار، ودعم المجال الاقتصادي في المناطق المتضررة من الإرهاب تلبية حاجات المواطنين.
- ضمان: الحق في التربية، التعليم، وإجبارية التعليم حتى سنّ السادسة عشر، وضمان تكافؤ فرص الاستفادة من التربية.
- صون التراث الثقافي الوطني وتشجيع الإبداع الثقافي بكل أشكاله، عملت الحكومة انطلاقا من العشرية السوداء على تكثيف الأنشطة وتحفيز الإنتاج الثقافي والفني بوصفه شكلا من أشكال مكافحة التطرف العنيف والإرهاب وذلك في جميع الميادين الثقافية سواء في الفن السينمائي، في المسرح، الأدب، من أجل تشجيع الحوار بين الثقافات وحماية التراث غير المادي كرادع يقف في وجه الرسائل الأصولية.
- استعادة الفضاءات الثقافية والإقامة التدريجية والشاملة للوعظ بإسلام معتدل ومتسامح كما كان دائما الحال عليه
- تنشيط الثقافة من جديد وتعبئتها من أجل إحياء وتنمية قيم التسامح والتفتح على العالم والحوار والأصالة واحترام الغير والعيش المشترك.
- تركيز جميع فئات المجتمع وبالأخص فئة الشباب، اهتمامهم على مختلف السياسات العمومية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية الموجهة صوبهم، والتي تقدم لهم فرصا حقيقية للاندماج في مسار البناء الوطني وتنمية البلد.
- محاصرة ثقافة الفوضى والرعونة والفساد عبر دعم الهيئة العامة لمكافحة الفساد سياسياً ومالياً لمواجهة غول الفساد المستشري في مؤسسات الدولة ومحاسبة مراكز القوى الذين ثبت فسادهم وهدرهم للمال العام واستنزاف موارد الدولة، مع أهمية استبعاد أي تدخل أو تأثير سياسي من قبل القوى المتنفذة أثناء عملية التدقيق والمحاسبة والبحث في الملفات عند إحالتها للنيابات والمحاكم، وفضح الفاسدين عبر وسائل الإعلام الرسمية باعتبار أن عمليات مكافحة الفساد تمثل جزءاً كبيراً وهاماً من جهود مكافحة الإرهاب التي تتبناها الحكومة.
- إعادة النظر في خطة الانتشار الأمني للقوات المسلحة الجنوبية في كافة محافظات الجنوب وبحيث يتم إجراء عمليات المراجعة والفرز والتقييم للتجربة دورياً بصورة علمية وموضوعية عبر النزول الميداني المباشر لسد الثغرات وتلافي أوجه القصور التي برزت أثناء التنفيذ، باعتبار أن نجاح خطط الانتشار الأمني هو المرحلة الأولى والأساسية في تضييق نشاط الإرهابيين وإجهاض مخططاتهم وتحجيم عمليات تحركاتهم.