بين التفاؤل والواقعية..
بعد الاتفاق السعودي الإيراني.. الرياض تخطط لإغلاق حدودها مع اليمن عبر سياج أمني
تبحث المملكة عن شركة لإدارة مشروع البنية التحتية العملاق، والذي سيشمل مهابط للطائرات العمودية وأبراجاً أمنية ومعدات رادار واتصالات وشبكات طرق داعمة واسعة النطاق، حيث ستؤدي ما تسمى بخطة حماية الحدود الجنوبية إلى إغلاق حدود المملكة مع اليمن تماما. ووفقا لوثائق رسمية اطلعت عليها المجلة الأمريكية.
منذ إعلان توقيع اتفاق بين السعودية وإيران في 10 مارس 2023، والذي قضي بإعادة العلاقات بين البلدين برعاية صينية، وذلك بعد قطيعة دامت لسبع سنوات؛ هرول الجميع لمعرفة تأثير هذا الاتفاق على عدد من أزمات المنطقة، وجاءت "الأزمة اليمنية" في الطليعة، فهناك من قلل من تأثير الاتفاق على استمرارية هذه الأزمة، وعلى الناحية الأخرى، ظهرت حالة من التفاؤل المرحبة بعودة العلاقات بين الدولتين الإقليميتين على اعتبار أن ذلك سيكون له تأثير كبير على الأزمة اليمنية التي دخلت عامها التاسع.
ردود الأفعال اليمنية
وفي ضوء ذلك، نجد أول تعليق للحكومة اليمنية الشرعية على الاتفاق، بإعرابها عن أملها في مساهمة الاتفاق في تغيير سياسات طهران التخريبية مؤكدة في الوقت ذاته أنها تؤمن بحل الخلافات بالطرق الدبلوماسية والوسائل السلمية القائمة على مبدأ عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، ومن جهته، رحب المجلس الانتقالي الجنوبي بالاتفاق معربًا عن أمله في مساهمة الاتفاق في توطيد الامن والاستقرار في المنطقة والعالم.
وعلى الجهة الأخرى، فإن أول رد للميليشيا الحوثية جاء على لسان متحدثها الرسمي "محمد عبدالسلام"، قائلًا في تغريدة على حسابه بموقع "تويتر"، "المنطقة بحاجة لعودة العلاقات بين الدول لكي تسترد الأمة الإسلامية أمنها المفقود نتيجة التدخلات الأجنبية التي استثمرت الخلافات الإقليمية واتخذت الفزاعة الإيرانية لإثارة النزاعات والعدوان على اليمن"، في حين اعتبر الناشط الحوثي "عادل الحسني" أن الاتفاق خطوة في الطريق الصحيح نحو السلام، وفي الوقت ذاته فإن بعص مسؤولي الحوثي شددوا على منصات التواصل الاجتماعي بأن الاتفاق يعد تأكيدًا على أن قرار اليمن بيد حكومة صنعاء وليس إيران أو أي جهات خارجية.
وبقراءة ردود الأفعال هذه، نستخلص أن الأزمة اليمنية التي دخلت عامها التاسع، بحاجة إلى تضافر جميع جهود دول المنطقة من أجل الوصول لعملية تسوية سياسية لهذه الأزمة، وإنقاذ شعبها الذي يعاني من الفقر والجوع والمرض جراء تدهور أوضاع البلاد الاقتصادية والمعيشية، ومن ثم على جميع أطراف الصراع اليمني توظيف الاتفاق بما يخدم مصالح الشعب اليمني أجمع وليس جماعة أو جهة بعينها.
تأثير محدود
وحول مدى تأثير الاتفاق على اليمن، يقول «محمود الطاهر» المحلل السياسي اليمني، إن هناك تفاؤلًا دوليًّا بإحلال السلام في اليمن، وإقناع الحوثيين بالدخول في مفاوضات لإنهاء الحرب، لكنه تفاؤل أكبر من حجمه، وغير واقعي، لكون أن إيران تعهدت فقط بمنع الهجوم على السعودية، وهذا ما يؤكد بحد ذاته أنها وراء الهجوم السابق على احتياطي الوقود في السعودية.
ولفت «الطاهر» لمركز دراسات « المرجع» أنه بالنظر إلى توقيت تشكيل التحالف العربي في مارس 2015، وطبيعة العلاقات السعودية الإيرانية حينذاك، ودعم النظام الإيراني للميليشيا الحوثية، فإن التقارب الجديد لا يمكن أن يكون عصًا سحرية لدفع الحوثي بالالتزام بالقرارات الدولية وتسليم الدولة، ولكن قد تستغل إيران هذا التقارب وربما دعم ما تسميهم "المظلومين" وفق دستور إيران، داخل المملكة العربية السعودية.
وأضاف أن حديث وزير الخارجية الإيراني "حسين عبداللهيان» بعد لقائه المبعوث الأممي إلى اليمن، حول سعي بلاده لتشكيل حكومة شاملة، مقابل ما سماه "رفع الحصار عن الشعب اليمني" متبنيًا وجهة النظر الحوثية، يدل على أن هناك جولة قادمة من العراك السياسي والدبلوماسي تقودها طهران من أجل الانتصار في اليمن، وتحقيق أهدافها.
السعودية تخطط لإغلاق حدودها مع اليمن عبر سياج أمني بطول 900 كم
وكشفت مجلة "اس بي جلوبال" الأمريكية المختصة بشؤون الطاقة، أن السعودية تخطط لإغلاق حدودها تماما مع اليمن من خلال بناء سياج بطول 900 كيلومتر، بعد سنوات من الهجمات على البنية التحتية للطاقة في المملكة، بالإضافة لحرب مريرة مع الحوثيين المدعومين من إيران.
وتبحث المملكة عن شركة لإدارة مشروع البنية التحتية العملاق، والذي سيشمل مهابط للطائرات العمودية وأبراجاً أمنية ومعدات رادار واتصالات وشبكات طرق داعمة واسعة النطاق، حيث ستؤدي ما تسمى بخطة حماية الحدود الجنوبية إلى إغلاق حدود المملكة مع اليمن تماما. ووفقا لوثائق رسمية اطلعت عليها المجلة الأمريكية.
تم الإعلان عن خطة السياج لأول مرة في عام 2003. وتضمنت الخطة الأولية هيكلا مصنوعا من خطوط أنابيب يبلغ ارتفاعها ثلاثة أمتار مملوءة بالخرسانة، تعمل كحاجز أمني على طول أجزاء من الحدود مع اليمن مزودة بأجهزة كشف إلكترونية.
بدأ البناء في سبتمبر 2003، لكن الاعتراضات القوية من قبل الحكومة اليمنية السابقة أدت إلى وقف الأنشطة في فبراير 2004.
وعلى الرغم من تحسن العلاقات مع إيران، لا توجد ضمانات بأن السعودية ستسعى لإنهاء العمليات العسكرية في اليمن، إذ سبق وأن اتهمت المملكة طهران بتسليح مليشيات الحوثي وتزويدها بتكنولوجيا الطائرات المسيرة المستخدمة في الهجمات على البنية التحتية للطاقة.
الميليشيات الحوثية قوة التنظيم القاعدي في اليمن، واستولت على العديد من الأراضي بمساعدة عناصره، وفي المقابل قدمت جماعة الحوثي للقاعدة، الإيواء والدعم المالي.