"حصلت عليها طهران بشكل غير مشروع قبل 20 عاما"..

مسيرات "شاهد- 136" الإيرانية تعمل بتكنولوجيا ألمانية مسروقة

محققون تابعون للأمم المتحدة يفحصون هجمات الطائرات بدون طيار التي يزعم أن الحوثيين في اليمن ينفذونها ضد السعودية والإمارات، إلى وجود نفس نمط الرقم التسلسلي على هذه الطائرات التي تستخدمها روسيا في أوكرانيا.

طهران

أثبتت "أبحاث تسلح النزاعات" البريطانية أن الطائرات الإيرانية المسيرة من طراز "شاهد-136"، تعمل بمحرك يعتمد على تكنولوجيا ألمانية حصلت عليها إيران بشكل غير مشروع قبل 20 عاما، وفق ما ذكرت شبكة "سي إن إن" الإخبارية.

وفحصت المنظمة المتخصصة في دراسة مكونات الأسلحة المختلفة 20 طائرة إيرانية بدون طيار نصفها من طراز "شاهد-136" خلال الفترة ما بين نوفمبر 2022 حتى مارس 2023، والتي تم جمعهما من أوكرانيا.

وأفادت منظمة أبحاث تسليح النزاعات المتخصصة بالتحقق من مكونات الأسلحة وتتخذ من المملكة المتحدة مقرا لها، أن محرك طائرة "شاهد-136" تمت هندسته من قبل شركة إيرانية تدعى "أوجي بارفاز مادو نفار – المعروفة باسم مادو – ومقرها مدينة قم.

وبحسب "سي إن إن"، فإن المملكة المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي فرضت عقوبات على هذه الشركة في ديسمبر من العام الماضي.

وتلعب شركة "مادو" دورا حاسما في صناعة الطائرات بدون طيار الإيرانية، وفقا للحكومات الغربية والأمم المتحدة.

وأشار محققون تابعون للأمم المتحدة يفحصون هجمات الطائرات بدون طيار التي يزعم أن الحوثيين في اليمن ينفذونها ضد السعودية والإمارات، إلى وجود نفس نمط الرقم التسلسلي على هذه الطائرات التي تستخدمها روسيا في أوكرانيا.

وقال تيمور خان المحلل في منظمة أبحاث تسليح النزاعات لشبكة "سي إن إن" الأميركية إن أنظمة الطائرات بدون طيار الإيرانية يتم تحديثها باستمرار و"أثبتت أنها دقيقة بشكل متزايد فيما يتعلق بأنظمة الاستهداف والتوجيه وكذلك قدرات مكافحة التشويش".

ويشير تصميم محرك الطائرة من قبل شركة "مادو" إلى جهد إيراني مكثف يمتد إلى ما يقرب من 20 عاما للحصول على التكنولوجيا الغربية لطائراتها بدون طيار وصواريخها في مواجهة عقوبات دولية واسعة النطاق.

ومنذ سنوات، فرضت الولايات المتحدة قيودًا صارمة على الصادرات، بالإضافة إلى العقوبات وذلك بهدف منع إيران من الحصول على مواد عالية الجودة.

في عام 2006، استحوذت إيران بشكل غير مشروع على محركات طائرات بدون طيار من صنع شركة "ليمباخ فلوغمورين" الألمانية. وبعد ثلاث سنوات، أعلن مهندس إيراني يدعى، يوسف أبو طالبي، أن شركته قامت بصنع محرك طائرة بدون طيار.

وكانت شبكة "سي إن إن" أفادت في يناير الماضي، بأنه تم العثور على أجزاء ومكونات صنعتها 13 شركة أميركية وغربية في طائرة "شاهد-136" الإيرانية بدون طيار التي أُسقطت في أوكرانيا الخريف الماضي، وفقا لتقييم استخباراتي أوكراني، حصلت عليه الشبكة الأميركية.

أفادت شبكة "سي إن إن" الإخبارية بأنه تم العثور على أجزاء ومكونات صنعتها 13 شركة أميركية وغربية، في طائرة إيرانية بدون طيار، أُسقطت في أوكرانيا الخريف الماضي، وفقا لتقييم استخباراتي أوكراني، حصلت عليه الشبكة الأميركي.

وبحسب الشبكة الإخبارية، فإنه من بين 52 مكونا تم تفكيكه من طائرة "شاهد-136" الإيرانية التي تطلقها روسيا في أوكرانيا، تبين أن 40 مكونا منها، تم تصنيعه بواسطة 13 شركة أميركية مختلفة.

وصنعت المكونات الـ 12 الأخرى، بواسطة شركات في كندا وسويسرا واليابان وتايوان والصين، بحسب التقييم الاستخباراتي.

وتعتقد منظمة أبحاث التسليح أن الشركة الإيرانية حاولت إخفاء دورها في تصميم طائرات الشاهد، حيث اكتشف المحققون أن الأرقام التسلسلية الأصلية لمكونات الطائرات المسيرة الموجودة في أوكرانيا قد تم محوها في محاولة واضحة لإخفاء أصلها.

وفي أكتوبر الماضي، قال رئيس المخابرات الدفاعية الأوكرانية، كيريلو بودانوف، إن روسيا طلبت حوالي 1700 طائرة إيرانية بدون طيار من أنواع مختلفة.

وأثبتت أوكرانيا أنها بارعة في إسقاط طائرة "شاهد-136"، لكن ذلك يستنزف دفاعاتها المضادة للطائرات النادرة بالفعل.

وتوطدت العلاقات بين طهران وموسكو كثيرا، إذ تريد روسيا طائرات إيرانية بلا طيار وصواريخ باليستية، فيما تتطلع طهران للاستثمار والتجارة مع موسكو.

وأصبحت روسيا أكبر مستثمر أجنبي في إيران خلال العام الماضي، بحسب مسؤولين إيرانيين. وبالنسبة للروس، فإن الطائرات الإيرانية بدون طيار هي بديل صفقة لصواريخ أكثر تكلفة بكثير، والتي تتضاءل مخزوناتها، وفقا لمسؤولين غربيين.

ويعتقد الخبراء أن طائرة "شاهد-186" على سبيل المثال، تكلف حوالي 20 ألف دولار وهو أقل بكثير مقارنة بتكلفة صاروخ كروز "كاليبر".

وكشفت صحيفة "نيويورك تايمز" عن هوية "جاسوس سري" ساعد الدول الغربية في كيفية فهم البرنامج النووي الإيراني بعد تسريبه أسرار حساسة على مدار 15 سنة.

وقالت الصحيفة الأميركية إن نائب وزير الدفاع الإيراني الأسبق، علي رضا أكبري، الذي أعدمته طهران في يناير الماضي، كان جاسوسا لصالح بريطانيا بعد أن عاش حياة مزدوجة.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين غربيين لم تكشف عن هويتهم أن المملكة المتحدة أبلغت إسرائيل والدول الصديقة الأخرى بمعلومات حساسة عن البرنامج النووي الإيراني حصلت عليها من أكبري.

وكانت إحدى المعلومات المهمة التي قدمها أكبري عام 2008 تتعلق بمنشأة "فوردو" المبنية تحت الأرض وعلاقتها بجهود طهران لتطوير أسلحة نووية، وهي معلومات لم يكن الغرب يعرفها في ذلك الوقت.

وبحسب "نيويورك تايمز"، فإن أكبري عاش حياة مزدوجة لفترة طويلة، حيث يعتبر بالنسبة للإيرانيين من الصقور المحافظين بعد أن كان أحد القادة البارزين في الحرس الثوري.

ولكن، ووفقا للمسؤولين الذين تحدثوا للصحيفة، فإن أكبري بدأ في مشاركة أسرار إيران النووية مع جهاز المخابرات البريطانية (MI6) عام 2004. ولم تقر المملكة المتحدة أبدا بأن أكبري الذي أصبح مواطنا بريطانيا عام 2012، جاسوسا لديها.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية، طلب عدم الكشف عن هويته، إن البلاد تنتهج سياسة طويلة الأمد بعدم التعليق على "الأمور المتعلقة بالاستخبارات".

اكتشاف بمساعدة روسية

في يناير الماضي، نفذ القضاء الإيراني حكم الإعدام الصادر بحق المسؤول السابق، علي رضا أكبري، بعد ثلاثة أيام من الكشف عن إدانته بالتجسس لصالح المملكة المتحدة التي يحمل جنسيتها.

وفي ذلك الوقت، أفادت وكالة "ميزان" التابعة للسلطة القضائية بأن حكم الإعدام بحق أكبري نفذ شنقا بعد إدانته بـ"الإفساد في الأرض والمسّ بالأمن الداخلي والخارجي للبلاد عبر نقل معلومات استخبارية".

وأثار إعدام أكبري توترا في العلاقات بين طهران ولندن بعد عقوبات جديدة فرضتها الأخيرة على مسؤولين إيرانيين بينهم نائب المدعي العام ردا على عملية الإعدام.

ووصف رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، في تغريدة، إعدام أكبري بـ"المروّع"، معتبرا أنه "عمل قاسٍ وجبان نفذه نظام همجي لا يحترم حقوق الإنسان لشعبه".

وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن إيران اكتشفت عام 2019 بمساعدة مسؤولي المخابرات الروسية أن أكبري هو من سرب المعلومات بشأن منشأة "فوردو" النووية، بحسب مصدرين إيرانيين على صلة في الحرس الثوري.

وقال المسؤول السابق في وكالة المخابرات المركزية الأميركية، نورمان رول، إن "اكتشاف فوردو غيّر بشكل جذري موقف المجتمع الدولي تجاه إيران".

وأضاف أنه ذلك الاكتشاف ساعد في إقناع الصين وروسيا بأن إيران لم تكن شفافة بشأن برنامجها النووي ودفع باتجاه المزيد من العقوبات ضد طهران.

وخلال قمة مجموعة السبعة التي عقدت في بيتسبرغ عام 2009، كشف الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما، إلى جانب زعماء بريطانيا وفرنسا، أن "فوردو" كان مصنعا لتخصيب اليورانيوم.

كانت وكالات الاستخبارات الغربية تدرك منذ فترة طويلة من خلال صور الأقمار الصناعية أن إيران كانت تبني منشأة في عمق الجبال بفوردو، لكنهم اعتقدوا أن الموقع كان منشأة تخزين عسكرية ولم يكونوا على دراية بتحويله إلى موقع سري للتخصيب النووي.

وأقام أكبري علاقات وثيقة مع رجلين قويين في إيران، محسن فخري زاده، العالم النووي الذي اغتيل عام 2020، وعلي شمخاني، رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي، طبقا للصحيفة.

ولاء شديد

وعلى الرغم من استقراره في بريطانيا بعد تقاعده عن الوظائف الرسمية عام 2008، إلا أنه ظل مستشار إلى شمخاني، وحافظ على اتصالاته مع كبار المسؤولين الإيرانيين.

وجاء ذلك على الرغم من اعتقاله في عام 2008 واحتجازه لأربعة أشهر بتهمة التجسس لصالح بريطانية، بحسب شقيقه مهدي أكبري واثنين من أصدقائه.

وقالوا إن الاستجوابات لم تسفر عن اعتراف فيما كفله عديد من أصدقائه الأقوياء. وقال مهدي إن السلطات أطلقت سراح شقيقه بكفالة. وأغلقت إيران القضية وسمح له بالسفر بحرية.

ووفقا لدبلوماسي إيراني رفيع المستوى، واصل مسؤولو وزارة الخارجية طلب المشورة من أكبري وأبلغوه بالاجتماعات المغلقة حول السياسات والمفاوضات النووية حتى بعد إيقافه عام 2008.

وقال فؤاد إزادي، المحلل المقرب من الحكومة والحرس الثوري: "لقد كان (أكبري) طموحا للغاية ومحللا ممتازا يتمتع بمهارات فائقة في الكتابة والتحدث وكان الناس يثقون به".

وأضاف: "كان لديه وصول للكثير من المعلومات الحساسة والسرية حول البرامج النووية والعسكرية".

وبحسب "نيويورك تايمز"، فإن أكبري سافر ما بين لندن وطهران في 3 مرات على الأقل بين عامي 2010 و2019، وهو العام الذي عاد فيه للبلاد للمرة الأخيرة بعد أن أخبره شمخاني أن إيران بحاجة إليه في مسألة نووية ودفاعية عاجلة، على حد قول شقيقه.

وقال مهدي إن شقيقه علي اعتقل من قبل وزارة الاستخبارات واحتجز في الحبس الانفرادي لعدة أشهر في سجن تحت الأرض ثم في سجن إيفين سيء السمعة بالعاصمة طهران.

وتنفي عائلته أنه كان جاسوسا وتقول إن العديد من التأكيدات في مقاطع الفيديو التي نشرتها وسائل الإعلام الرسمية ملفقة من قبل الحكومة. لكنهم يقولون إن العديد من التواريخ والأحداث في مقاطع الفيديو كانت صحيحة.

وأظهر أكبري، 62 عاما، الولاء الشديد للجمهورية الإسلامية ودعما ثابتا لقادتها، وفقا لشقيقه مهدي أكبري وأشخاص عرفوه.

وقال مهدي أكبري: "كان أخي شديد التدين وثوريا للغاية أكثر من أي شخص آخر في عائلتنا".