صحيفة كويتية تكشف عن خفايا اجتماعات مجلس الأمن القومي الإيراني..

السعودية ونزاع الغاز الكويتي مع إيران.. ضوء أخضر لـ"الحرس الثوري" للصدام المباشر(مترجم)

تعتبر الكويت والسعودية حقل الدرة للغاز ملكهما، لكن إيران تدعي جزءا منه. وتظهر القضية أن الخلافات لا تزال قائمة بين الرياض وطهران بعد استئناف العلاقات الدبلوماسية.

الخلاف على حقل الدرة قد ينسف الاتفاق الإيراني السعودي الذي رعته الصين في مارس/آذار الماضي - أرشيف

ماريا هاشم
باحثة لدى مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات - تكتب باسم مستعار لأسباب خاصة بها
الكويت

كشفت صحيفة كويتية عن جزء من خفايا اجتماعات المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني بحضور الرئيس إبراهيم رئيسي، فيما قالت صحيفة أمريكية إن الخلاف الإيراني السعودي لا يزال قائما على الرغم من استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بعد قطيعة دامت سنوات.

 وكشف صحيفة الجريدة الكويتية نقلا عن مصدر مطلع في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، تأكده أن المجلس بحث، خلال اجتماعه مساء الأربعاء الماضي، موضوع حقل الدرة الذي يقع في المياه الإقليمية الكويتية داخل المنطقة المغمورة المقسومة، بين الكويت والسعودية، شمال غرب الخليج. وفي خطوة تصعيدية، تعكس إصرار إيران على بناء منشآت في الحقل الذي تطلق عليه اسم «آرش»، أفاد المصدر بأنه تقرر خلال الاجتماع، تكليف الحرس الثوري تشكيل قوات خاصة لحماية المنشآت التي تريد وزارة النفط الإيرانية بناءها في الحقل. إلى جانب ذلك، قرر «الأعلى للأمن القومي» الذي يترأس جلساته الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، إعطاء الضوء الأخضر لهذه القوات بالتصادم المباشر مع أي وحدات تقترب من المنطقة التي تعتبرها إيران ضمن حدودها الإقليمية دون أي سابق إنذار، بهدف إيصال رسالة واضحة وحازمة بأن طهران لن تجامل في هذا الشأن، على حد وصف المصدر. واستدرك المصدر بأنه كان هناك إجماع كامل، خلال اجتماع المجلس، على أن الخلاف المتجدد حول حقل الدرة، يجب أن يحل دبلوماسياً عبر العودة إلى المفاوضات مع الكويت، لكن كان هناك إصرار على رفض إجراء أي مفاوضات على ترسيم الحدود البحرية مادام أنه لا يوجد أي اعتراف من قبل الكويت بأي حق لإيران في هذا الحقل. وأوضح أن المجتمعين رفضوا كذلك أي مفاوضات ثلاثية بين إيران والسعودية والكويت حول الترسيم، على أساس أن ملف ترسيم الحدود البحرية بين طهران والرياض تم الانتهاء منه وطيه.

وفي تقرير لصحيفة المونيتور الأمريكية – ترجمته صحيفة اليوم الثامن - فأن النزاع حول حقل الدرة للغاز في الخليج يؤثر على تحسن العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإيران، كما أنه يعقد خطط تطوير الغاز لكلا البلدين وكذلك الكويت.

وتقع الدرة - المعروفة باسم أراش في إيران - في الجزء الشمالي الغربي من الخليج قبالة سواحل الكويت. وتعتبر المملكة العربية السعودية والكويت أن الحقل يقع في منطقتهما المحايدة، لكن إيران تطالب بالجزء الشمالي من الحقل. يعود النزاع إلى ستينيات القرن العشرين وأخر تطوير الحقل.

وقد تصاعدت القضية في الآونة الأخيرة. ووقعت السعودية والكويت اتفاقا العام الماضي لتطوير الدرة أخيرا. وردا على ذلك وصفت إيران الاتفاق بأنه "غير قانوني". في أواخر يونيو، قالت شركة النفط الوطنية الإيرانية إنها تستعد لبدء الحفر في الدرة. 

يوم الاثنين، قالت الكويت إنها "ترفض" هذه الخطط. يوم الثلاثاء، كررت المملكة العربية السعودية حقوقها في الميدان إلى جانب الكويت ودعت إيران إلى التفاوض، وفقا لوسائل الإعلام الحكومية.

ويأتي النزاع على خليفة أتفاق السعودية وإيران على استئناف العلاقات الدبلوماسية في مارس آذار في اتفاق توسطت فيه الصين. وقطع الخصمان العلاقات في عام 2016

وقال كريستيان كوتس أولريخسن، وهو زميل في معهد بيكر في جامعة رايس، إن النزاع هو "اختبار" لتحسين العلاقات السعودية الإيرانية.

وقال أولريخسن للمونيتور: "كان من الممكن دائما أن تضع نقاط اشتعال محددة مثل هذه على المحك التحركات الأخيرة للمصالحة واستعادة العلاقات الدبلوماسية". وأضاف "كيفية حل هذا الأمر سيكون مؤشرا مبكرا على عمق ومتانة التقارب بين إيران وجيرانها الخليجيين".

أحرزت المملكة العربية السعودية وإيران تقدما نحو تحسين العلاقات الثنائية. وأعادت إيران فتح سفارتها في الرياض الشهر الماضي. 

في مايو، وافقت المملكة العربية السعودية على استعادة العلاقات مع سوريا- الحليف الإيراني الرئيسي في المنطقة.

 كما أجرت المملكة محادثات مع المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن هذا العام، على الرغم من أن الحرب لم تنته رسميا بعد.

وتظهر قضية الدرة انه لاتزال هناك قضايا مهمه بين إيران والمملكة العربية السعودية، وفقا لأولريخسن.

وقال "الخلاف هو تذكير بأن نقاط خلاف محددة لا تزال قضايا حية". "يبقى أن نرى كيف وإلى أي درجة قد تؤدي حقيقة وجود علاقات مباشرة الآن بين طهران والرياض إلى إحراز تقدم ملموس في هذه الحالات الفردية، والتي تحدت الحل في الماضي".

وقالت كريستين سميث ديوان، كبيرة الباحثين المقيمين في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، إن نزاع درة يمكن أن يمكن الخليج من إظهار كيف يمكن أن يكون التحسن في العلاقات الإقليمية مفيدا.

وقال ديوان للمونيتور: "على الرغم من أنها صعبة، إلا أنها قد تكون فرصة لإظهار كيف يمكن أن يؤدي تحسين الاتصالات بين جيران الخليج إلى منافع متبادلة".

على الرغم من أن الغاز الطبيعي معروف بنفطه، الا انه مهم أيضا للبلدان الثلاثة. تمتلك كل من المملكة العربية السعودية وإيران احتياطات كبيرة من الغاز الطبيعي. أعلنت أرامكو السعودية عن اكتشاف كبير للغاز في نوفمبر الماضي، وتسعى المملكة الى تطوير الصناعة.

وتكافح الجمهورية الإسلامية للاستفادة من احتياطاتها من الغاز. شهدت المنازل الإيرانية اضطرابات في الحرارة في الشتاء الماضي، مما أجبرت السلطات على الاعتذار، حسبما أفاد مراسل المونيتور في طهران في كانون الثاني/ يناير.

من ناحية أخرى، تمتلك الكويت احتياطيات أقل نسبيا من الغاز الطبيعي وتعتمد على الواردات. في عام 2021، افتتحت الكويت أول منشأة دائمة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال. كانت هذه الخطوة جزءا من محاولة للاعتماد بشكل أقل على النفط الخام، حسبما ذكرت بلومبرج في ذلك الوقت.

وقال أولريخسن: "يسعى المسؤولون في المملكة العربية السعودية والكويت إلى تطوير احتياطيات الغاز لتخفيف الضغط عن النفط لتوليد الطاقة بينما يتعين على إيران اللحاق بالركب في تطوير وتسييل خزانات الغاز الضخمة الخاصة بها نتيجة لسنوات من العقوبات والعزلة".

ذكرت بلومبرج في عام 2021 أن الطلب على الغاز من المقرر أن يرتفع في الكويت. وقال ديوان إن إنتاج الغاز مهم بشكل خاص للكويت بسبب هذا الواقع.

وقالت: "الإنتاج هو الأكثر أهمية بالنسبة للكويت نظرا لاحتياجاتها المحلية الملحة من الغاز".

وأضاف ديوان أن معظم الغاز في حقل الدرة سيستخدم محليا في الدول الثلاث، وبالتالي سيكون له تأثير "ضئيل" على أسواق الغاز العالمية.