"على ضوء حوارات الرياض بين السعوديين والحوثيين"..

السعودية والمبادرات الملغومة في اليمن.. نصف قرن من المبادرات لصراع لم ينتهِ؟

إن كل المبادرات والاتفاقيات التي تشرف عليها المملكة العربية السعودية دائما ما تفشل فشلا ذريعا بل أنها تؤسس لحروب وصراعات قادمة بين الأطراف الموقعة عليها

وثائق اتفاق ظهران الجنوب 2016 وسفير السعودية خلال زيارته الى صنعاء ولقاء قيادات الأذرع الإيرانية في اليمن - مركبة

د. صبري عفيف
كاتب وباحث في الشؤون السياسية والأمنية، نائب رئيس التحرير ورئيس قسم البحوث والدراسات في مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات،
الرياض

المقدمة: تشهد العاصمة السعودية الرياض تحرك دبلوماسيا وسياسيا لتهيئة حوارات ونقاشات بين السعوديين والحوثيين من جهة ومن جهة أخرى الأطراف اليمنية المتصارعة وبرعاية من سلطنة عمان التي تستضيف الحوثيين في مسقط، بهدف التوصل إلى اتفاق، ينهي حالة الصراع الذي يدار بالوكالة في اليمن نيابة عن  التي وقعت في مارس اذار الماضي اتفاقية مع الرياض وتطبيع العلاقات مجددا مع الاجنحة المسلحة التي تتبعها في صنعاء.

وفي سبيل ربط تلك الأحداث بسياقاتها التاريخية لمعرفة الخلفيات السياسية لتك المبادرات التي تقودها المملكة العربية السعودية منذ ستون عاما.

فقد قادت المملكة العربية السعودية 5 مبادرات تتعلق بالصراع في الحالة اليمنية منذ حرب الملكيين والجمهورين حتى هذه اللحظة، ومعظم تلك المبادرات كان نهايتها الفشل.

فالسؤال الرئيس في هذه القراءة ما سر فشل تلك المبادرات؟ ويتفرع من هذا السؤال أسئلة أخرى،

1-      هل جذر الصراع في اليمن يتولد من بنود تلك المبادرات والاتفاقية؟!

2-      هل البنود الملغومة في تلك المبادرات والاتفاقيات هي الخطر الذي يظل يشعل نار الصراع؟

3-      لماذا تظل بنود تلك المبادرات والاتفاقيات ضبابية وسرية للغاية أحيانا؟ 

4-      أليس من حق الشعب أن يعرف مجريات ونتائج تلك المبادرات؟!

كل تلك الأسئلة تحاول القراءة الفاحصة الإجابة عنها في سبيل كشف مصير تلك المبادرات والاتفاقيات؟

وقد احتوت هذه القراءة على خمسة محاور هي:

المحور الأول: مبادرة المصالحة بين الملكيين والجمهوريين 1970م 

إن عمق الخلاف بين الجمهوريين والملكيين، حول نظام الحُكم، كان الصخرة، التي تحطمت عليها آمال السلام، في مؤتمر حرض. فلم يكُن الجمهوريون مستعدين للتخلي عن النظام الجمهوري، الذي كان ثمرة نضال دموي، استمر سنوات طويلة، خاصة أن الصيغة، التي طرحها الملكيون، كانت تدعو إلى الشك: "دولة تسمى الدولة اليمنية، يكون لها عاصمتها، ويكون لها وزاراتها، ويكون لها مجلس شوراها. ويُعترف بها من كل أنحاء العالم، حتى تترك فرصة للقوات الخارجية، أن تخرج من اليمن، وتترك فرصة لكل تدخل خارجي، أن يحدّ، وتترك فرصة للشعب اليمني، أن يقرر مصيره، ويختار إما النظام الجمهوري أو النظام الملكي". وهو ما يعني، ببساطة، القضاء على النظام الجمهوري، وحرمانه من الدعم العسكري الخارجي، وتركه تحت رحمة النيات الحسنة.

في نهاية مارس 1970 التوصل إلى اتفاق المصالحة الوطنية، وتشكيل 50 عضوا بالمناصفة بين الملكيين والجمهورين في جدة. وفي  22 أبريل 1970تصديق المجلس الوطني على اتفاق المصالحة.

وفي يوليو 1970 عودة العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية والجمهورية العربية اليمنية.

وفي 28 ديسمبر 1970 إعلان الدستور الدائم للجمهورية العربية اليمنية.

بعد صراع دموي دام ثمانية اعوام بين الجمهوريين والملكيين وبتدخلات من قبل المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية كلا الطرفان كان لهما دور كبير في إدارة الصراع ففي عام 1965 اتفق الزعيمان العربيان جمال عبد الناصر والملك فيصل بن عبد العزيز على انهاء الصراع في اليمن وتم التوقيع على اتفاق جدة الذي استمر التفاوض عليه حتى عام 1970، تم تنفيذ المصالحة الوطنية أو ما سماه الزعيمين حينئذ بالوحدة الوطنية اليمنية بين الجمهوريين والملكيين، دخلت بمقتضاه شخصيات ملكية في الحكومة والبرلمان، وشُكل المجلس الجمهوري من الطائفتين "الزيدية والشافعية". وتقرر منح الشّوافع منصب نائب رئيس الجمهورية، أو رئاسة مجلس الوزراء، وأن يكون الرئيس منتمياً إلى الطائفة الشيعية الزيدية. وفي (آذار) مارس 1970، اعترفت المملكة العربية السعودية، بالنظام اليمني الجمهوري. وفي 28 ديسمبر 1970، صدر دستور الجمهورية العربية اليمنية.

هذه الوثيقة على اعتبار انها مصالحة وطنية تمت في لقاء تاريخي في جده حضره الجانب اليمني والسعودي ظلت ليست سرية وحسب بل ظلت محرمة التداول وكان التوقيع عليها بزعامة الفريق (الجمهوملكي) بقيادة وبرئاسة القاضي عبد الرحمن الارياني.

أبرز الغام هذه الوثيقة هو انشاء اللجنة الخاصة اليمنية السعودية التي تختص بتبادل الرأي والمشورة في تكوين وانشاء وتعيين قيادات الأجهزة الأمنية والاستخباراتية.

المحور الثاني: المبادرة الخليجية 2011م 

المبادرة الخليجية لحل الأزمة بين قوى صنعاء اليمنية ، هي مشروع اتفاقية سياسية أعلنتها الدول الأعضاء بمجلس التعاون العربي الخليجي بقيادة المملكة العربية السعودية في 3 أبريل 2011م، لتهدئة الحركة الشبابية اليمنية في صنعاء، عن طريق ترتيب نظام نقل السلطة بين القوى اليمنية والتي نصّت على تشكيل حكومة وحدة وطنية في الفترة التي تسبق الانتخابات على الرغم من رفض المتظاهرين للصفقة، منتقدين الأحكام التي تمنح الحصانة لصالح من الملاحقة القضائية والتي تطلب من المعارضة للانضمام مع صالح ووزرائه في حكومة وحدة وطنية، واتفق زعماء المعارضة في نهاية المطاف للتوقيع على المبادرة.  بحلول نهاية الشهر، على الرغم من تراجع صالح وأعلنت الحكومة أنه لن يوقع على الاتفاقية، وعلقت المبادرة من مجلس التعاون حتى وقت آخر.

وفي 23 نوفمبر 2011م، جرى في الرياض في المملكة العربية السعودية التوقيع على الخطة للانتقال السياسي، الذي كان قد رفضه صالح سابقا. وأخيراً وافق على نقل سلطات الرئاسة قانوناً إلى نائبه عبد ربه منصور هادي في غضون 30 يوماً، وتقام الانتخابات رسمياً في 21 فبراير 2012 م، مقابل منح صالح الحصانة من الملاحقة القضائية له ولأسرته، ومن جانبه أعلن الحراك الجنوبي أن المبادرة الخليجية جاءت تعالج الوضع في صنعاء ولم يكن الجنوب شريكا أو طرفا فيها ولم يشارك أو يقر أو يناقش ما جاء فيها. 

الألغام في الوثيقة 

-        إحتواء المبادرة على حصانة غير مشروطة للرئيس صالح وأفراد أسرته وأعوانه تجاه ما ارتكبوه طوال فترة حكمهم التي استمرت أكثر من ثلاثة عقود، انسحب في غطائها القانوني أيضاً على خصوم صالح في 2011 والذين كان كثير منهم شركاء أساسيين في نظام حكمه سابقاً، ليشكل هذا النص بقانون الحصانة في المبادرة إفصاحاً عن كونها تسوية على حساب المطالب العامة وحقوق الإنسان، ما جعلها في نظر جزء كبير من الحراك الشعبي طعنة من الخلف.

-        سيطرة الإخوان المسلمين على رئاسة حكومة الوفاق الوطني عنصراً إضافياً يحد من قدرة هادي على المناورة

-         فشل هادي في إنتزاع الحزب الذي هو أمينه العام من صالح، واستطاع الرئيس السابق -ورئيس حزب المؤتمر- الإحتفاظ بالسيطرة على هذا الحزب الذي يتغلغل أعضاؤه وأنصاره في كافة أجهزة الدولة.

-        شكل الحوار الوطني أحد أهم آليات المبادرة الخليجية التي يفترض بها إنجاز تسوية سياسية.

-        إعلان فشل المرحلة الانتقالية في 21 سبتمبر من عام 2014، وذلك بدخول مليشيات جماعة الحوثي المسلحة إلى العاصمة صنعاء.

-        أعلنت المملكة العربية السعودية حملة عسكرية لإعادة الشرعية إلى الحكم في اليمن تحت مسمى “عاصفة الحزم” في تاريخ 26 مارس 2015. 

المحور الثالث: اتفاقية الرياض 2019

هي اتفاقية وقعت بين الحكومة اليمنية (الشرعية) والمجلس الانتقالي الجنوبي في 5/10/ 2019؛ وبرعاية دول المملكة العربية السعودية، وتهدف إلى إنهاء الصراع بين الطرفيين اللذين يمثلان الشرعية في اليمن، لغرض توحيد الجهود تحت راية التحالف العربي لمواجهة الجماعات الحوثية، وقد جاء هذا الاتفاق بعد الصراع الذي دار بينهما في بداية أغسطس2019م.

وقد اشتمل الاتفاق على بنود رئيسة، إضافة إلى ملحق للترتيبات السياسية والاقتصادية، وملحق للترتيبات العسكرية وآخر للترتيبات الأمنية، وبموجب هذا الاتفاق التزمت حكومة الشرعية والمجلس الانتقالي بعدد من المبادئ الرئيسة لتنفيذها خلال الفترة المقبلة، ويأتي في مقدمتها:

-        تفعيل دور كافة سلطات ومؤسسات الدولة حسب الترتيبات السياسية والاقتصادية.

-        إعادة تنظيم القوات العسكرية تحت قيادة وزارة الدفاع حسب الترتيبات العسكرية.

-        إعادة تنظيم القوات الأمنية تحت قيادة وزارة الداخلية حسب الترتيبات الأمنية.

وتخضع عملية تنفيذ هذه البنود لإشراف لجنة سعودية مكونة لهذا الغرض، وبموجب اتفاق الرياض فأن السعودية تقديم نفسها كضامن لتكوين حكومة يمنية أكثر فاعلية وتشاركية، فاتفاق الرياض جاء كثمرة الجهود المكثفة التي بذلتها السعودية والإمارات بهدف توحيد صفوف مكونات الشرعية والانتقالي للقضاء على مليشيات الحوثي واستئناف عمليات التنمية.

وقد أدى التوقيع على اتفاقية ومشاورات الرياض وخطة تنفيذهما في تشرين الثاني إلى ارتياح كبير لدى الأطراف المتصارعة وشعر الجميع بتلك التسوية السياسية بالارتياح لأنها جنبتهم الصراع المسلح، وتسهم في الانطلاق على مسار الاستقرار والتنمية، مع وعود من المانحين الإقليميين والدوليين بتقديم المعونة للتنمية. وللأسف كان مسار تحقيق الاستقرار مليئاً بالعراقيل، كما أن ضعف تنفيذ اتفاقية الرياض ونتائج مشاورات الرياض المسنودة من مجلس التعاون الخليجي حوّل الاتفاق السياسي النموذجي إلى أزمة طال أمدها.

لا شك في أن سبب الأزمة الطويلة بين طرفي الشرعية يعود جزئياً إلى تعنت الاخوان المسلمين اليمنية، معرقلي تنفيذ السلام والمستفيدين من الصراع، سواء كانوا أمراء حرب أم منتجي أسلحة، أن يعيدوا النظر في مواقفهم نظراً للدمار الذي يلحقونه باليمن، ومن أجل التخفيف من خطر انتشار الصراع إلى بلدان أخرى في المنطقة. ولا يمكن تحقيق هذا دون حمل اللاعبين غير اليمنيين على إنهاء صراعهم بالوكالة في اليمن. ولذلك، يجب على مجلس الأمن بذل جهود متضافرة تماماً لرعاية القوى الإقليمية والدولية للاتفاق على عملية سلام تشكل حجر الأساس لمفاوضات شاملة بين اليمنيين. ويجب أن تعيد جمع اليمنيين إلى طاولة المفاوضات، دون أي استثناءات أو شروط مسبقة، وتحميلهم مسؤولية التفاوض على اتفاق سلام عادل ومنصف للجميع مع توفير الضمانات والحوافز اللازمة من القوى الدولية والإقليمية. وفي الوقت نفسه، يجب أن يفهم معرقلو عملية السلام من اليمنيين عواقب أفعالهم.

المحور الرابع: : المشاورات اليمنية  2022م 

المشاورات اليمنية - اليمنية في الرياض، هي مبادرة خليجية وقعت في تاريخ 29 مارس – 7 أبريل 2022م بين طرفي الصراع الشرعية والانتقالي، وتلك المبادرة قادتها دول مجلس التعاون الخليجي بين الطرفين الموقعين على وثيقة الرياض وهي استكمالا لبنود اتفاقية الرياض التي تهدف الى إنهاء الصراع بين الطرفيين اللذين يمثلان الشرعية في اليمن، لغرض توحيد الجهود تحت راية التحالف العربي لمواجهة الجماعات الحوثية، وقد جاء هذا الاتفاق بعد الصراع الذي دار بينهما.

أولاً: تعزيز مؤسسات الدولة ووحدة الصف 

ثانياً: أولوية الحل السياسي

ثالثاً: استكمال تنفيذ اتفاق الرياض

رابعاً: الحفاظ على الأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب

خامساً: التعافي والاستقرار الاقتصادي وحوكمة الموارد المالية للدولة وإدارة الموارد الطبيعية للبلاد:

سادساً: تطوير آليات الشفافية والمساءلة ومكافحة الفساد 

سابعاً: معالجة الآثار الاجتماعية للحرب 

ثامناً: الشراكة الاستراتيجية بين اليمن ومجلس التعاون 

تاسعاً: الحفاظ على الأمن القومي العربي 

عاشراً: الشراكة مع المجتمع الدولي 

أحدى عشر: استمرار المشاورات اليمنية-اليمنية 

إن بوادر الفشل لاتفاق الرياض بين  الحكومة الشرعية والانتقالي قد فشلت تماما، ومن أسباب الفشل تلك التمردات التي قام الاخوان، منذ توقيع الاتفاق حتى التنصل عنه بالتخلي عن بند سحب قوات الإخوان من وادي وصحراء حضرموت، وفق ما نصت عليه تلك المبادرة التي باءت بالفشل.

المحور الخامس: مبادرة السلام 2023م 

جاء في بيان الخارجية السعودية إنها وجهت دعوة لوفد الحوثيين للحضور إلى الرياض لاستكمال النقاشات والمباحثات "امتداداً للمبادرة السعودية التي أُعلنت في مارس 2021م" واستمراراً لللقاءات والمناقشات التي أجراها الفريق السعودي برئاسة السفير محمد آل جابر بمشاركة الوفد العماني في صنعاء، إبريل المنصرم.

وأضاف البيان، أن الدعوة جاءت أيضًا "استمراراً لجهود المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان للوصول إلى اتفاق دائم ومستمر وقف إطلاق النار الشامل في اليمن والتوصل إلى حل سياسي مستدام ومقبول لدى جميع الأطراف اليمنية".

 محاور هذه المبادرة

-        وقف إطلاق نار شامل تحت مراقبة الأمم المتحدة.

-        إيداع الضرائب والإيرادات الجمركية لسفن المشتقات النفطية من ميناء الحديدة في الحساب المشترك بالبنك المركزي اليمني بالحديدة وفق اتفاق ستوكهولم بشأن الحديدة.

-         فتح مطار صنعاء الدولي، وبدء المشاورات بين الأطراف اليمنية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية برعاية الأمم المتحدة بناء على مرجعيات قرار مجلس الأمن الدولي 2216، والمبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني الشامل.

وكشف محمد علي الحوثي، عضو ما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى للانقلاب بصنعاء، عن الملفات التي ستناقشها مفاوضات الرياض، عقب وصول وفد جماعته إلى العاصمة السعودية، قائلا : إن "المواضيع التي يتم مناقشتها بالملف الانساني والمتمثل يصرف مرتبات الموظفين اليمنيين وفتح المطارات والموانئ والافراج عن كافة الاسرى والمعتقلين وخروج القوات الاجنبية واعادة الاعمار وصولا الى الحل السياسي الشامل".

ولم يتطرق محمد علي للملف العسكري المتعلق بإطلاق النار خصوصًا في الداخل اليمني، أو فتح الطرقات التي تُغلقها جماعته بين المحافظات اليمنية.

ردود فعل الأطراف المحلية من المبادرة 

 أصدر المجلس الانتقالي الجنوبي، تصريحا صحفيا وذلك بشأن المبادرة السعودية للحل في اليمن.

وجاء في التصريح... يجدد المجلس الانتقالي الجنوبي موقفه المرحب بالمبادرة السعودية للسلام التي أعلنت في مارس 2021م، في إطار دعمه الدائم لكل جهود السلام، ويثمّن المجلس حرص وجهود دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية تجاه إحلال السلام الدائم، وتثبيت الاستقرار في الجنوب واليمن.

وينتهز المجلس الانتقالي الجنوبي هذه الفرصة للتأكيد مجدداً على حرصه تحقيق عملية سياسية شاملة ومستدامة تؤسس لحوار غير مشروط لضمان معالجة جميع القضايا وفي طليعة ذلك الاقرار بقضية شعب الجنوب ووضع إطار تفاوضي خاص لحلها كأساس لبدء جهود السلام، والالتزام بمضامين اتفاق الرياض ومخرجات مشاورات مجلس التعاون الخليجي.

ورحبت الحكومة اليمنية بالمبادرة السعودية، وهو الموقف نفسه الذي عبرت عنه الحكومة الشرعية مع كل نداءات السلام وفي كل محطات التفاوض، حرصاً منها على التخفيف من المعاناة الإنسانية لأبناء الشعب اليمني. وأشارت إلى أن هذه المبادرة أتت استجابة للجهود الدولية الهادفة لإنهاء الحرب والمعاناة الإنسانية، وهي اختبار حقيقي لمدى رغبة الميليشيات المدعومة من إيران في السلام، واختبار لمدى فاعلية المجتمع الدولي المنادي بإنهاء الحرب واستئناف المسار السياسي.

وكشف وزير الخارجية اليمني الأسبق، الدكتور أبوبكر القربي، في تدوينة على إكس، إن "إتفاقية ظهران الجنوب التي تمت برعاية المملكة في ٤ ابريل ٢٠١٦ بين طرفي الصراع اليمنية" ستكون هي أساس المفاوضات الحالية.

وأشار إلى أن "اتفاقية ظهران الجنوب تناولت ترتيبات عسكرية لم تشمل إنهاء الصراع ستكون هذه الاتفاقية اساس المفاوضات الحالية ومع تواجد المبعوث الأممي قريبًا منها كتهيئة لمفاوضات الحل الشامل".

في يوم الثامن من مارس/آذار 2016، توجه وفد من الأذرع الإيرانية للمرة الأولى إلى السعودية، لإجراء تفاهمات من شأنها أن تؤدي إلى إيقاف الحرب، وفي اليوم التالي أعلنت السعودية من جهتها أن شخصيات قبلية يمنية سعت بجهود مع السعودية إلى إقرار تهدئة إنسانية في المناطق الحدودية.  

وظلت مدينة ظهران الجنوب السعودية الحدودية مع اليمن مقراً للجنة تنسيق مشتركة بين الحوثيين والسعوديين، وقد أشرفت اللجنة على نزع ألغام زرعها الحوثيون وحلفاؤهم في المناطق الحدودية. وفي أبريل/نيسان تطورت تفاهمات ظهران الجنوب لتصل إلى اتفاقات على تشكيل لجان محلية من ممثلين عن الحوثيين وآخرين عن السعودية.

وأعلن مجلس النواب اليمني، المنتهية صلاحيته، أن خيارات السلام لن تكون إلا من خلال المرجعيات المتفق عليها، المتمثّلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن الدولي وخاصة القرار رقم 2216، وأن أي حلول تتناقض مع هذه المرجعيات لن تكون مقبولة شعبياً ورسمياً.

النتائج:

تبين لنا من خلال القراءة السابقة الاتي:

1-       أن كل المبادرات والاتفاقيات التي تشرف عليها المملكة العربية السعودية دائما ما تفشل فشلا ذريعا بل أنها تؤسس لحروب وصراعات قادمة بين الأطراف الموقعة عليها. 

2-      الضبابية والسرية في بنود تلك الاتفاقيات كانت ابرز المعوقات في تنفيذ بنودها حيث يظن كل طرف فيها أنه هو المنتصر وتظل التأويلات مفتوحة أبوابها دون أن تحسم من قبل الراعي الرسمي عليها.

3-      معظم الاتفاقيات تراعي المصالح السعودية تاركة الأطراف المتصارعة في الهامش مما يدل على أن تلك المبادرات والاتفاقيات تخدم الطرف المشرف عليها أولا.