الإخوان المسلمون في أوروبا..

الحركات الإسلامية.. كيف ساهمت في انتشار ظاهرة "الإسلاموفوبيا" لخدمة الإخوان؟

"الدول الغربية التي تكافح التطرف بشدة وحزم، تصطدم دوماً بما يعرف بـ"الإسلاموفوبيا" أو رهاب الإسلام، وهذا الأمر تستغله الجماعات المتطرفة لفتح باب التبرعات بهدف إنشاء منظمات تسعى ظاهرياً لمحاربة الإسلاموفوبيا، وفي الحقيقة هي مصادر جديدة لتمويل جمعيات ومنظمات تابعة لجماعة الإخوان"

الإخوان المسلمون في أوروبا - أرشيف

لندن

ظهر مصطلح الإسلاموفوبيا في الجدل السياسي والإعلامي البريطاني عام 1997؛ ويشير إلى حالة الهلع والخوف من الإسلام، واعتباره تهديداً صريحاً للدولة وللثقافة الأوروبيَين، فيما تعرف منظمة "الأمم المتحدة" الإسلاموفوبيا بأنّها حالة "الخوف من المسلمين والتحيّز ضدهم والتحامل عليهم بما يؤدي إلى الاستفزاز والعِداء والتعصب بالتهديد وبالمضايقة وبالإساءة وبالتحريض وبالترهيب للمسلمين ولغير المسلمين".

تقول الصحفية التونسية حنان جابلي في مقال تحليلي لها بهذا الشأن "انطباعات ساهمت في انتشارها حركات الإسلام السياسي وشيوعها في البلدان الأوروبية وذلك لرغبتهم في دعوة هذه المجتمعات للإسلام أو الحفاظ على روابطهم الاجتماعية والدينية حسب زعمهم، على خلاف المهاجرين بهدف العمل أو التعليم، الراغبين في الاندماج داخل المجتمع أكثر من فرض رؤيتهم، ويفهمون جيداً طبيعة الاختلاف بين المجتمعات.

حتى أنّ الإسلام بات يختزل العرب والمسلمين في الإطار الذي يقدمه الإسلام السياسي، خاصة أنّ تنظيمات الإسلام السياسي في الدول الأوروبية دائمة الحركة والاحتكاك".

 

الإسلام السياسي وصدارة المشهد

وتضيف حابلي أنه "وفقاً لمقال تحليلي لموقع "الحل نت"، فإنّ مؤشرات انتشار الإسلاموفوبيا في أوروبا مثلاً بدأ بعدم اندماج حركات الإسلام السياسي في سلوكها مع المجتمعات الغربية؛ ابتداء من إقامة الطقوس الدينية في المجال العام دون الانتباه لتعارضه مع القانون الأوروبي، ودعواتهم لإقامة الخلافة في بريطانيا كما فعل "حزب التحرير" على سبيل المثال، وما تعبر عنه هذه المحاولات من رغبة في دمج هذه المجتمعات دخل إطارها الثقافي والعقائدي، الذي هربت منه إلى هذه الدول.

وهو ما مثل تهديداً واضحاً على ثقافة هذه المجتمعات التي ترى ميزتها في الفردانية واحترام الحقوق والحريات، وما يعنيه هذا من تحديد لحقوق الآخرين بأن يكونوا كذلك، وسلبهم لحرية اختيار اختلافهم.

كما يُعد خرق القوانين الأوروبية من إقامة الشعائر الدينية في المجال العام، وحركات الأسلمة المعتادة من جماعات الإسلام السياسي، سبباً كافياً لتصدر هذه الجماعات المشهد داخل الحراك الأوروبي ويجعلها تمثّل تهديداً على هذه المجتمعات، ويزداد التهديد في خطابات جماعات الإسلام السياسي للمسلمين، وتصريحاتهم للصحافة وارتباطه بما يقومون به تحت نظر استخبارات الدول الأوروبية، حيث تدعو الجماعات الاسلامية إلى "الجهاد" وتحث الشباب للسفر إلى الشرق الأوسط العربي للقتال هناك.

كما يمثل حثّ الشباب على الجهاد تهديداً أمنياً دفع معظم الدول الأوروبية للسعي نحو الإشراف على عملية تعيين أئمة المساجد وتدريبهم، واتخاذ ما يمكن أن يطلق عليه الإجراءات الاحترازية التي تعبّر عن خوفهم من الجاليات المسلمة في هذه الدول وما يمكن أن تمثّله من تهديد على هذه المجتمعات، خاصة في حال خضوعها لعملية الأدلجة التي تقوم بها جماعات الإسلام السياسي، وفقاً للمصدر ذاته".

 

كيف ساهم الإخوان في نشر مفهوم الإسلاموفوبيا؟

وتلقي الصحفية التونسية الضوء على ما تسميه "انحسار التنظيم" وتقول إنه "مع انحسار تنظيم الإخوان المسلمين وتضييق الخناق عليه عالمياً، تلجأ الجماعة لأساليبهم البديلة في الترويج لأفكارهم ومحاولتهم النهوض مجدداً بعد الهزائم الكبيرة التي تلقوها في مختلف بقاع العالم وخاصة في الدول العربية.

فالدول الغربية التي تكافح التطرف بشدة وحزم، تصطدم دوماً بما يعرف بـ"الإسلاموفوبيا" أو رهاب الإسلام، وهذا الأمر تستغله الجماعات المتطرفة لفتح باب التبرعات بهدف إنشاء منظمات تسعى ظاهرياً لمحاربة الإسلاموفوبيا، وفي الحقيقة هي مصادر جديدة لتمويل جمعيات ومنظمات تابعة لجماعة الإخوان في أوروبا، وأيضاً في محاولة لتقويض أي محاولات لمناقشات حقيقية تتناول أسباب التطرف وطرق معالجته والقضاء عليه.

ويحاول الإخوان عبر لفظة الإسلاموفوبيا نشر سيكولوجية الضحيّة بين الشبان المسلمين وتجنيدهم ضد العلمانية والقيم الكونية بتسميم عقولهم بأكذوبة مفادها أن الفرنسيين يكرهون الإسلام، ولا يمكن أن يعتبروهم مواطنين كاملي الحقوق أبداً لأنّهم مسلمون.

ويرى مراقبون أنّ هذا الخطاب يعيق الاندماج والتثاقف لأنّه يشيطن الغربيين ويؤمثل المسلمين ويقول لهم ضمنيا: أنتم مكروهون وغير معترف بكم ولن يُعترف بهويتكم الإسلامية.. ولم يبق لكم سوى الانتفاضة والمعارضة وإقامة مجتمع إسلامي مواز، وعلى الخصوص ارفضوا الاندماج والذوبان في هذه المجتمعات الكافرة.

إلى ذلك، تعمل الدعاية المغرضة لتيارات الإسلام السياسي إلى الترويج إلى فهم خاطئ للإسلاموفوبيا يتماشى مع طرحها، مفاده عداء المجتمعات الغربية للإسلام والمسلمين في الوقت الذي تحسن فيه هذه الشعوب التفريق بين ما هو روحي وما هو اجتماعي وما هو سياسي. فتكون ردود أفعالها سلبية مع بعض المظاهر الإسلامية التي لا تتوافق مع قيم جمهوريتها".

 

نتائج انتشار الإسلاموفوبيا

وتوضح الصحفية التونسية حنان جابلي أنه "بالمقابل، أشارت دراسة للمركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات إلى أنّ التشريعات البريطانية المناهضة للعنصرية غير كافية للتعامل مع استهداف المسلمين من قبل الجماعات اليمينية المتطرفة. وليس السياسيون اليمينيون فقط هم من يحفزون على الإسلاموفوبيا. فهناك بعض الأحزاب السياسية أيضا تساهم في تأجيج مشاعر الإسلاموفوبيا.

كما أنّ تنامي حدة "الإسلاموفوبيا" في السويد يأتي في وقت تحتاج الحكومة السويدية لسن تشريعات وقوانين صارمة تستهدف الجماعات المتطرفة والعنصرية التي تنشط على الأرض، وافتراضياً.

إلى ذلك، تلعب وسائل الإعلام دورًا في المشكلة أيضًا. كما احتلت الإسلاموفوبيا معظم مساحة وسائل التواصل الاجتماعي. إذ يتم إعداد نظريات المؤامرة حول ما يسمى بأسلمة أوروبا وتقديمها عبر الإنترنت يومًا بعد يوم. وأصبحت المضايقات والهجمات عبر الإنترنت شائعة جدًا.

وتؤدي ظاهرة الإسلاموفوبيا إلى تزايد واستهداف المسلمين والتشجيع على الإقصاء والتمييز ما ينتج عنه مخاطر كثيرة تهدد التعايش السلمي في بريطانيا والسويد. وقد ينتج عنه أيضا تطرف قسم من الشباب واعتناقهم الأفكار المتشددة. وقد يساهم صعود الإسلاموفوبيا بشكل كبير في صعود التيارات الشعبوية وسياسات مناهضة السياسة في القارة الأوروبية. حتى أن النجاحات الانتخابية للأحزاب السياسية اليمينية المتطرفة قد تجبر العديد من الأحزاب السياسية الرئيسية على تبني هذا الخطاب المعادي للمسلمين.

وخلصت الدراسة إلى أنّه ينبغي على الحكومات الغربية تحسين سياسات التعامل مع المسلمين داخل المؤسسات والقضاء على ظاهرة الإسلاموفوبيا داخل المنظمات الحكومية وغير الحكومية. كذلك يجب التشجيع على تعيين المزيد من المسلمين في المناصب العليا لضمان التمثيل المناسب، وخلق "سياسة عدم التسامح مع الإسلاموفوبيا".