"حرب البنوك"..

صراع اقتصادي محتدم في اليمن: حرب العملات وسباق نحو السيطرة

يشهد اليمن حالة جديدة من التوتر والتصعيد بين جماعة الحوثيين والمجلس الرئاسي، على خلفية قرارات البنك المركزي في عدن بتجميد عمل بنوك صنعاء، التي لا تقوم بنقل مقراتها الرئيسية إلى عدن، ما أوجد خلافات مزدوجة تهدد عملية السلام الهشة.

البنوك في قلب الصراع

عدن

بينما تسود الهدوء جبهات القتال اليمنية منذ أبريل 2022، اشتعلت حربٌ اقتصادية ضارية بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثيين، لا تقل ضراوةً عن نيران الحرب التي عصفت بالبلاد لعقدٍ من الزمن.

في مقدمة خطوط المواجهة، أصدر البنك المركزي اليمني المعترف به دولياً قراراً بوقف التعامل مع ستة من كبرى بنوك البلاد، لعدم نقل مقراتها الرئيسية من صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

وبدأت جذور هذا الصراع الاقتصادي مع نقل الحكومة الشرعية البنك المركزي من صنعاء إلى عدن عام 2016، وتفاقم مع قرار الحوثيين في 2019 حظر التعامل بالعملة الوطنية الجديدة "الجديدة" واقتصار التعامل على الفئات القديمة الصادرة قبل 2017.

نتج عن ذلك انقسام العملة اليمنية إلى سعرين: 530 ريالاً للدولار في مناطق الحوثيين، و1900 ريال في عدن.

وتعقدت الأزمة أكثر مع توقف تصدير النفط في أكتوبر 2022، إثر هجمات حوثية على موانئ نفطية في مناطق سيطرة الحكومة، مما أدى إلى شللٍ اقتصادي وشحٍّ في السيولة النقدية.

ويربط الحوثيون استئناف تصدير النفط بدفع رواتب جميع الموظفين في عموم اليمن من عائداته، بينما تشترط الحكومة شروطاً أخرى.

وفي محاولة لكسر الجمود، دعا المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى حوارٍ بين الحكومة والحوثيين حول الملف الاقتصادي، وطالب بتأجيل قرارات البنك المركزي بوقف التعامل مع البنوك.

من جانبه، أعلن مجلس القيادة الرئاسي تمسكه بجدول أعمال محدد للحوار، يشمل استئناف تصدير النفط، وتوحيد العملة، وإلغاء الإجراءات التعسفية ضد القطاع المصرفي.

ووسط تعثر "خارطة الطريق" التي اتفق عليها في ديسمبر 2023، وتصاعد التوتر إثر هجمات حوثية وغارات جوية، تبقى معاناة الشعب اليمني هي الضحية الأكبر في هذا الصراع الاقتصادي المُستعر.

وتبرز بعض النقاط الهامة من هذا الصراع:

  • استمرار الانقسام المالي والمصرفي بين الحكومة والحوثيين.
  • شللٌ في الاقتصاد اليمني وتدهور معيشة السكان.
  • تفاقم أزمة السيولة النقدية وارتفاع معدلات التضخم.
  • مخاوف من تداعيات إنسانية كارثية.
  • دعوات دولية وإقليمية لحوارٍ يفضي إلى حلولٍ جذرية.

يبقى مستقبل الاقتصاد اليمني رهن التطورات السياسية وجهود الوساطة الدولية، ولكن من دون حلولٍ جذرية وتنازلات من كلا الطرفين، ستظل معاناة الشعب اليمني مستمرة، وتعيش البلاد في دوامةٍ من الفقر والجوع والانهيار الاقتصادي.