تفجيرات الحوثيين على الملاحة البحرية..

"سونيون" تشكل تهديدًا بيئيًا خطيرًا: مليون برميل نفط قد يلوث البحر الأحمر

تطلق الأوساط البيئية ناقوس الخطر إزاء التهديد البيئي الجسيم الذي تشكله ناقلة النفط "سونيون". ففي حال حدوث أي طارئ للناقلة، فإن كميات النفط الهائلة التي تحملها قد تتسرب إلى مياه البحر الأحمر، مما يؤدي إلى تلوث واسع النطاق وتدمير للحياة البحرية والشعاب المرجانية والسواحل، وبالتالي التأثير سلباً على التنوع البيولوجي والأنظمة البيئية الهشة في المنطقة.

تحذيرات من كارثة بيئية وشيكة بسبب ناقلة النفط "سونيون"

الحديدة

تتصاعد المخاوف من كارثة بيئية وشيكة تهدد البحر الأحمر وسواحله، مع تزايد احتمالية تفكك أو انفجار ناقلة النفط "سونيون" التي تحمل على متنها كميات هائلة من النفط الخام. تحذر الأوساط البيئية من أن أي تسرب نفطي ناجم عن هذا الحادث قد يؤدي إلى تلوث مساحات شاسعة من المياه وتدمير الحياة البحرية، مما يترك آثاراً مدمرة على البيئة والاقتصاد المحلي.

بعد أيام من استهداف المتمردين اليمنيين للسفينة اليونانية "سونيون" في 21 أغسطس (آب) الماضي، أقدموا على تفخيخها وتفجيرها. ولا تزال السفينة مشتعلة، وفقًا لتقرير قوات بحرية غربية، مما يزيد من خطورة الوضع.

تشكل الناقلة تهديدًا جديًا لتسرب أكثر من مليون برميل من النفط، وهو حجم يتجاوز بأربعة أضعاف كمية النفط التي تسببت بها كارثة "إكسون فالديز" عام 1989، والتي تُعتبر واحدة من أكبر الكوارث البيئية في تاريخ الولايات المتحدة.

تحذر منظمة "غرينبيس" من أن أي تسرب أو انفجار على متن السفينة قد يتسبب في أضرار بيئية جسيمة. ويقول جوليان جريصاتي، مدير البرامج في فرع الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمنظمة، "بمجرد تسرب النفط، قد يصبح من الصعب جداً احتواء بقعة نفطية بهذا الحجم، مما سيؤدي إلى انتشار التلوث في مساحات شاسعة من مياه البحر والسواحل". ويضيف أن "التداعيات الطويلة الأمد على التنوع البيولوجي البحري قد تكون مدمرة، حيث قد تبقى بقايا النفط في البيئة لسنوات أو حتى عقود".

الهجوم الأول على "سونيون"، التي كانت تحمل 150 ألف طن من النفط الخام، أسفر عن اندلاع حريق على متنها وفقدان قوة محركها، مما دفع طاقمها البالغ عددهم 25 إلى إخلائها. وقد تم إنقاذهم بواسطة فرقاطة فرنسية تابعة للبعثة البحرية الأوروبية "أسبيدس".

وبعد ذلك، قام الحوثيون المدعومون من إيران بتفخيخ السفينة وتفجيرها، مما أشعل عدة حرائق على متنها. السفينة ترسو حالياً غرب سواحل الحديدة، بين اليمن وإريتريا.

الوضع خطير للغاية، حيث أفادت الشركات الخاصة المعنية بعملية سحب السفينة بأن "الظروف غير مؤاتية" لذلك، وفقًا لتقرير مهمة "أسبيدس" المكلفة بحماية سفن القطر. ويوضح جريصاتي أن "نظرًا لأن السفينة هي ناقلة نفط كبرى وحمولتها هائلة، وهي الآن معطلة ومشتعلة، فإن الوضع خطير للغاية ولا يمكن التنبؤ به". ويشير إلى "احتمال كبير بوقوع كارثة بيئية كبرى، إذ من الممكن أن تتفكك السفينة أو تنفجر في أي وقت".

أسفرت الهجمات الحوثية المستمرة على مدى العشرة أشهر الماضية عن مقتل أربعة بحارة على الأقل وإغراق سفينتين، بما في ذلك سفينة "روبيمار" التي غرقت في مارس (آذار) الماضي مع حمولتها من سماد فوسفات الأمونيوم الكبريتي. ومع ذلك، فإن "سونيون" تمثل التهديد الأخطر حتى الآن.

يعتبر ويم زفيننبرغ، مدير أحد المشاريع في منظمة "باكس" الهولندية لبناء السلام، أن "الوضع الحالي هو بمثابة كارثة بيئية تنكشف ببطء أمام أعيننا". وبحسب تقرير الأسبوع الماضي من "مركز المعلومات البحرية المشترك" الذي يديره تحالف بحري غربي، فإن الدوريات الجوية اليومية تشير إلى وجود "حرائق عدة" على سطح السفينة، ولكن لم يتم رصد بقع نفطية ظاهرة. ومن المتوقع أن تبدأ عملية قطر السفينة "هذا الأسبوع".

وأضاف زفيننبرغ أنه "تم رصد بقعة نفطية صغيرة في بعض صور الأقمار الصناعية، يُرجّح أنها ناتجة عن النفط المحترق بعد الانفجارات أو من المحرك"، لكنه أشار إلى "عدم ظهور أي مؤشرات على تسرب حمولة النفط الخام".

تذكر السفينة "سونيون" بالتهديد الذي كانت تمثله الناقلة "صافر"، التي بُنيت قبل 48 عامًا وكانت تُستخدم كمنصّة تخزين عائمة قبالة السواحل اليمنية. وعلى مدى سنوات، وُصفت "صافر" بأنها "قنبلة موقوتة"، نظراً لعدم خضوعها لأي أعمال صيانة منذ تصاعد الحرب في اليمن عام 2015، مما أثار مخاوف من تسرب حمولتها التي كانت تبلغ 1.14 مليون برميل من النفط الخام إلى البحر الأحمر.

وفي أغسطس (آب) 2023، انتهت عملية نقل النفط من "صافر" إلى سفينة جديدة في عملية مُعقدة استغرقت سنوات. ومع ذلك، حذرت الأمم المتحدة من أن "صافر ستستمر في تشكيل تهديد بيئي لأنها تحتفظ ببقايا النفط اللزج وتظل معرضة لخطر التفكك".

تقول نوام رايدن، الباحثة في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إن عملية قطر "سونيون" تنطوي على مخاطر كبرى، موضحة أنه "سيكون من الصعب العثور على سفن قطر مناسبة في المنطقة مستعدة للعمل في مثل هذا الوضع المحفوف بالمخاطر". وتؤكد الخبيرة أن التحديات تتعاظم بسبب الحاجة إلى حماية السفينة من أي تدخل حوثي قد يعوق عملية القطر.