تحجيم قدرات الاذرع الايرانية اليمنية..

إدارة ترامب المقبلة: هل ستكون أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين في البحر الأحمر؟

تغلب ترامب على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس في مطلع نوفمبر 2024، ومن المقرر أن يؤدي اليمين الدستورية في 20 يناير 2025، ليبدأ مهامه رسمياً.

الرئيس الأميركي جو بايدن

واشنطن

فاز المرشح الجمهوري دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية التي جرت في نوفمبر 2024، ما أثار اهتماماً واسعاً في الساحة اليمنية، خصوصاً في ظل الظروف السياسية والأمنية الصعبة التي تشهدها البلاد. السؤال الأبرز الذي تردد في الأوساط اليمنية كان: كيف سيؤثر فوز ترامب على الحرب المستمرة في اليمن، في ظل تزايد هجمات الحوثيين في البحر الأحمر وخليج عدن؟

وكانت الانتخابات الأميركية قد أسفرت عن فوز ترامب على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس، ومن المقرر أن يؤدي ترامب اليمين الدستورية في 20 يناير 2025 ليبدأ رسمياً مهامه الرئاسية، مما يجعل المراقبين يتوقعون تحولاً في السياسة الأميركية تجاه قضايا الشرق الأوسط بشكل عام، واليمن بشكل خاص.

 

في تعليق له على نتائج الانتخابات الأميركية، أكد زعيم الحوثيين في اليمن، عبدالملك الحوثي، أن فوز ترامب في الانتخابات لن يؤثر على موقف جماعته المبدئي، مشيراً إلى أن موقف الحوثيين في دعم القضية الفلسطينية سيظل ثابتاً، بغض النظر عن الرئيس الأميركي القادم. واعتبر الحوثي أن ترامب لم يحقق أي نتائج إيجابية في مختلف القضايا التي تؤثر على المنطقة، من بينها اليمن وفلسطين ولبنان وسوريا والعراق. وأضاف في كلمة مصورة أن "ترامب لم ينجح في حسم الجبهات في اليمن، ولم يحقق أي تقدم ملموس في العديد من القضايا في المنطقة".

وأعاد الحوثي التأكيد على أن موقف جماعته الثابت والمبدئي في نصرة الشعب الفلسطيني لن يتغير سواءً كان ترامب أو بايدن أو أي رئيس أميركي آخر في السلطة. ومع ذلك، فإن التصريحات الحوثية تشير إلى استمرار السياسة العدائية تجاه الولايات المتحدة، وهي سياسة تعتمد على إبقاء شعارات التضامن مع الفلسطينيين في صدارة خطاب الحوثيين، مع تجاهل للتوترات المستمرة مع واشنطن بسبب دعمهم لإيران في المنطقة.

 

من جانب آخر، جاء رد رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، رشاد العليمي، ليختلف بشكل واضح عن موقف الحوثيين. فقد أشاد العليمي بمواقف الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، ودعمه المستمر لليمن خلال ولايته الماضية. في برقية تهنئة بعثها العليمي لترامب بعد فوزه، أعرب عن تقديره العميق للمواقف الأميركية التي وقفت إلى جانب الشعب اليمني، وأكد على أهمية هذا الدعم في سياق التطلعات اليمنية لاستعادة مؤسسات الدولة، وإنهاء انقلاب الحوثيين المدعومين من إيران.

وأوضح العليمي في برقيته أن اليمن يتطلع إلى دور محوري للرئيس ترامب في المرحلة القادمة، خاصة فيما يتعلق بمساعي حل الأزمة اليمنية. وقال العليمي: "نحن واثقون بأن الولايات المتحدة ستواصل عملها مع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لتحقيق السلام العادل والشامل في اليمن، وفقاً للمرجعيات الوطنية والإقليمية والدولية، وفي مقدمتها قرار مجلس الأمن رقم 2216"، الذي ينص على انسحاب الحوثيين من المناطق التي يسيطرون عليها.

 

في الوقت الذي تبدي فيه جماعة الحوثي تصلباً في مواقفها، يتوقع العديد من المراقبين أن تتخذ إدارة ترامب القادمة مواقف أكثر صرامة تجاه الحوثيين المدعومين من إيران. فلطالما كانت العلاقات الأميركية مع إيران على صفيح ساخن، وخاصة في فترة رئاسة ترامب السابقة، حيث سعت الإدارة الأميركية إلى تطبيق سياسة "الضغط الأقصى" ضد طهران، وهو ما قد ينعكس سلباً على الحوثيين الذين يحظون بدعم إيراني كبير.

وتتزايد المخاوف في اليمن من أن إدارة ترامب قد تلجأ إلى تصعيد العمليات العسكرية ضد الحوثيين في حال استمروا في هجماتهم في البحر الأحمر، التي تهدد بشكل مباشر حركة التجارة الدولية في هذا الممر المائي الاستراتيجي. وتعتبر هذه الهجمات على السفن التجارية والعسكرية، وخاصة تلك المرتبطة بإسرائيل أو المتجهة إليها، جزءاً من استراتيجية الحوثيين المعلنة في دعم الشعب الفلسطيني في غزة، وهو ما جعل الهجمات على البحر الأحمر محل اهتمام دولي، خاصة من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا.

 

في هذا السياق، بدأ كل من الولايات المتحدة وبريطانيا في يناير الماضي بتنفيذ ضربات ضد مواقع الحوثيين، رداً على هجماتهم على السفن في البحر الأحمر. وقد أيدت هذه الضربات مخاوف من أن تصعيد هجمات الحوثيين قد يؤدي إلى تدخل عسكري أميركي مكثف في اليمن. وفي حال استمرت هذه الهجمات على السفن التجارية، يتوقع المراقبون أن ترامب قد يتخذ ردود فعل عنيفة ضد الحوثيين، من خلال ضربات عسكرية تستهدف قدراتهم العسكرية في البحر الأحمر أو في الأراضي اليمنية.

وفي هذا الصدد، يشير الباحث اليمني عبدالسلام قائد إلى أن إدارة ترامب قد تكون أكثر حماسة لاتخاذ إجراءات قوية ضد الحوثيين في حال ازداد مؤشر الهجمات في البحر الأحمر وخليج عدن. ووفقاً له، فإن الرد العسكري الأميركي قد يكون جزءاً من سياسة أوسع لتحجيم النفوذ الإيراني في المنطقة ومنع طهران من تحقيق طموحاتها العسكرية والسياسية.

 

بينما يتوقع البعض تصعيداً أميركياً في عهد ترامب، يرى آخرون أن السياسة الأميركية تجاه الحوثيين قد لا تختلف كثيراً عن تلك التي اتبعتها إدارة الرئيس جو بايدن. يقول المحلل السياسي صدام الحريبي إن هناك تبايناً طفيفاً في طريقة التعامل بين إدارة ترامب وسابقتها إدارة بايدن فيما يتعلق بالملف اليمني، مشيراً إلى أن "السياسة الأميركية لا تختلف كثيراً، لكن الاختلاف يكمن في كيفية تنفيذ هذه السياسة وتفاصيل التعامل مع الملف".

ويضيف الحريبي أن ترامب قد يواصل سياسة الضغط على الحوثيين، خاصة في ما يتعلق بهجمات البحر الأحمر، إلا أن الوضع السياسي الداخلي في الولايات المتحدة بعد الانتخابات قد يؤثر على مسار السياسة الأميركية. ويعتقد الحريبي أن ترامب قد يسعى لإنهاء هذه الهجمات سواء عبر التفاوض أو بالقوة العسكرية، ولكن يتوقف ذلك على تقييم المصلحة الأميركية في المنطقة في ظل تطورات الوضع السياسي الداخلي.

 

إن فوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية يفتح الباب أمام مرحلة جديدة في السياسة الأميركية تجاه اليمن والمنطقة بشكل عام. وفيما يرفض الحوثيون أي تأثير لفوز ترامب على مواقفهم الثابتة، يرى الرئيس اليمني العليمي في فوز ترامب فرصة لتعزيز التعاون الثنائي بين اليمن والولايات المتحدة. وفي ظل التوترات المتصاعدة في البحر الأحمر وخليج عدن، يتوقع المراقبون أن تتخذ إدارة ترامب مواقف أكثر صرامة ضد الحوثيين، وهو ما قد يساهم في تغيير ديناميكيات الحرب اليمنية وتوجيه دفة الأحداث نحو مرحلة جديدة من التصعيد أو التسوية.