واشنطن تريد هيئة حاكمة موثوقة وشاملة وغير طائفية..
رفع العقوبات عن هيئة تحرير الشام: ضرورة سياسية أم مقامرة أمنية؟
كشفت مصادر أميركية عن اتصالات تجريها إدارة الرئيس جو بايدن مع هيئة تحرير الشام، الجماعة التي قادت الإطاحة بالنظام، في محاولة لحثها على دعم تشكيل حكومة انتقالية شاملة بدلاً من السيطرة على السلطة منفردة.

زعيم هيئة تحرير الشام أحمد الشرع، المعروف باسم أبومحمد الجولاني
كشف مسؤولان أميركيان ومساعد في الكونغرس، عن اتصالات تجريها إدارة الرئيس جو بايدن مع جماعة هيئة تحرير الشام، التي قادت الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد. تهدف هذه الاتصالات إلى حث الجماعة على عدم تولي السلطة مباشرة، بل إلى المساهمة في تشكيل حكومة انتقالية شاملة، بما يتماشى مع تطلعات الشعب السوري.
تجري هذه المناقشات بالتنسيق مع حلفاء واشنطن في المنطقة، بما في ذلك تركيا. هيئة تحرير الشام، المصنفة كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة، كانت فرعًا لتنظيم القاعدة، مما يجعل التعامل معها أمرًا حساسًا للغاية. ومع ذلك، تتعامل الإدارة الأميركية مع هذه الجماعة ضمن جهود أوسع لتجاوز الفوضى التي أعقبت انهيار نظام الأسد المفاجئ.
أوضح أحد المسؤولين الأميركيين أن إدارة بايدن بعثت برسائل إلى هيئة تحرير الشام بهدف توجيه جهودها نحو إنشاء هيكل حكم رسمي يمثل تطلعات الشعب السوري. وفي الوقت ذاته، تجري الإدارة اتصالات بفريق الرئيس المنتخب دونالد ترامب لضمان تنسيق السياسات تجاه سوريا.
وأشار المسؤولون إلى أن الولايات المتحدة لن تدعم أي هيمنة أحادية لهيئة تحرير الشام على الحكومة الانتقالية دون عملية شفافة ورسمية لاختيار قادة جدد. في هذا السياق، كلفت الجماعة محمد البشير، الذي كان رئيسًا لحكومة الإنقاذ في إدلب، برئاسة الحكومة الانتقالية حتى مارس 2025.
منذ عام 2013، أدرجت واشنطن زعيم هيئة تحرير الشام، أبو محمد الجولاني، على قوائم الإرهاب بسبب ارتباطاته السابقة بتنظيم القاعدة. ورغم ذلك، لا تزال الإدارة غير واضحة بشأن دوره المستقبلي في الحكومة السورية الجديدة وما إذا كان قد تخلى عن أيديولوجياته المتطرفة.
حدد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن معايير للانتقال السياسي في سوريا، مشددًا على ضرورة أن تكون الحكومة الجديدة موثوقة وشاملة وغير طائفية. ويواجه هذا المسار تحديات عدة، لا سيما في ظل العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا وهيئة تحرير الشام.
أفاد مساعد في الكونغرس بأن بعض المشرعين يضغطون على إدارة بايدن للنظر في رفع العقوبات عن سوريا، بما في ذلك تلك المفروضة على هيئة تحرير الشام، مقابل التزامها بمطالب محددة. يعتقد هؤلاء المشرعون أن رفع العقوبات قد يسهل على الحكومة الانتقالية الوصول إلى الاقتصاد العالمي والمساعدة في إعادة بناء البلاد.
أكد مسؤولون أميركيون أن القوات الأميركية ستواصل عملياتها في سوريا لضمان عدم عودة تنظيم الدولة الإسلامية، بالإضافة إلى منع الجماعات المدعومة من إيران من تحقيق مكاسب في ظل الفراغ الحالي في السلطة.
تأتي هذه التطورات في ظل ظروف استثنائية تمر بها سوريا بعد سقوط الأسد. وفي الوقت الذي تسعى فيه واشنطن لتحقيق استقرار سياسي وإعادة بناء البلاد، تظل التحديات المتمثلة في التعامل مع هيئة تحرير الشام، ورفع العقوبات، واستمرار العمليات العسكرية قائمة، ما يجعل الملف السوري أحد أعقد القضايا في السياسة الخارجية الأميركية.