خطاب خامنئي بين الإنكار والضعف الاستراتيجي..
إيران في مأزق: هل يعيد سقوط الأسد تشكيل نفوذها في الشرق الأوسط؟
يعد تجنب المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، الإشارة إلى دور تركيا في إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد مؤشرًا واضحًا على تراجع النفوذ الإيراني وحذرها المتزايد من مواجهة أنقرة.

خامنئي يهاجم إسرائيل وأمريكا ويغض الطرف عن الدور التركي في سوريا
وجّه المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، اتهامات مباشرة للولايات المتحدة وإسرائيل بالمسؤولية عن إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، لكنه أظهر تراجعًا واضحًا في موقف إيران من خلال تجنبه الإشارة الصريحة إلى دور تركيا وقطر في هذا السياق، رغم كونهما طرفين رئيسيين في هذه القضية.
وفي تصريحات أدلى بها الأربعاء، أكد خامنئي، الذي تُعد بلاده من أبرز داعمي الأسد، أن "ما جرى في سوريا هو نتيجة مؤامرة أمريكية-صهيونية مشتركة". كما ألمح إلى دور إحدى الدول المجاورة لسوريا في دعم هذه الأحداث، في إشارة إلى تركيا دون تسميتها.
ويعكس امتناع خامنئي عن التصعيد ضد تركيا قلق إيران من تداعيات ذلك على نفوذها الإقليمي، خصوصًا مع السيطرة التركية غير المباشرة عبر وكلائها على مناطق في سوريا، مما يشكل تهديدًا لخطوط الإمداد الإيرانية إلى حزب الله. ويُعتقد أن تركيا قد تعيق عمليات تهريب الأسلحة، التي تعد شريانًا حيويًا لإيران في دعمها لحلفائها بالمنطقة.
وفقًا لمراقبين، فإن محاولات إيران استمالة الجماعات المسيطرة في دمشق تبدو صعبة، ليس فقط بسبب الخلافات المذهبية، بل لأن تركيا، التي تتحكم باللعبة، لن تسمح لإيران أو غيرها بتوسيع نفوذها هناك. وعلى الرغم من الإشارة غير المباشرة، شدد خامنئي على أن "لكل من اعتدى على سوريا أهدافه الخاصة"، متحدثًا عن مساعي بعض الأطراف لاحتلال مناطق شمال وجنوب سوريا، في حين تسعى الولايات المتحدة إلى تعزيز وجودها في غربي آسيا.
ويعتبر المحللون أن إصرار خامنئي على تحميل الولايات المتحدة وإسرائيل المسؤولية مع تجاهل الدور التركي والقطري يأتي في إطار الحفاظ على علاقات طهران مع هاتين الدولتين. قطر، التي تجمعها بإيران علاقات دبلوماسية وثيقة وتعاون إعلامي عبر قنوات مثل "الجزيرة"، تُعد حليفًا إقليميًا مهمًا لإيران. وأي خلاف مع الدوحة قد يزيد من عزلة إيران الإقليمية، مما يدفع طهران لتجنب الصدام معها.
أما تركيا، التي تتمتع معها إيران بعلاقات معقدة تشمل ملفات تاريخية وجغرافية ومصلحية، فإن التصعيد ضدها يبدو مستبعدًا، خصوصًا أن العلاقات الثنائية استمرت دون توتر كبير رغم تضارب الأجندات خلال السنوات الأولى من الأزمة السورية.
ويشير مراقبون إلى أن سقوط نظام الأسد يمثل ضربة قوية لإيران، حيث يفقد "محور المقاومة" شريكًا استراتيجيًا ويُضعف شبكة التحالفات الإيرانية في المنطقة. كما يؤدي إلى تقليص قدرتها على دعم حزب الله في لبنان وإمداده بالأسلحة والمقاتلين. هذا التغيير الجذري في المعادلة الجيوسياسية قد يدفع إيران لإعادة ترتيب أوراقها والسعي إلى محادثات مع الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين لتعويض خسائرها.
وفي خضم هذه التطورات، تتجه إيران نحو مقاربات جديدة في تعاملها مع دمشق، مع إبراز إشارات تهدئة تجاه القادة الجدد هناك، في محاولة لتجنب خسائر إضافية في ميزان النفوذ الإقليمي.