كارثة في الأفق..
قرار ميتا بإلغاء التحقق من المحتوى.. مخاطر عالمية وانتقادات دولية من انتشار خطاب الكراهية
التخفيف في عملية التدقيق بشأن ما ينشر على منصات التواصل قد يبدو انفتاحا أو دعما للحرية، لكن مختصين في الإعلام يحذرون من أن الخطوة سياسية أكثر منها انفتاحا وأن المضي فيها سيفتح الباب أمام اتساع المعلومات المضللة لتصبح مصدرا رئيسيا للمعلومات بدل محاصرتها.
حذرت الشبكة الدولية للتثبت من الحقائق من قرار شركة ميتا توسيع نطاق إلغاء التحقق من المنشورات على منصتي فيسبوك وإنستغرام، مشيرة إلى أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى "أضرار حقيقية في العالم". يأتي هذا التصريح رداً على تصريحات مارك زوكربيرغ، مؤسس ميتا، الذي وصف الإشراف على المحتوى بأنه "رقابة" وأكد أن مدققي الحقائق "منحازون سياسياً للغاية".
وأثار إعلان زوكربيرغ تخفيف سياسات التدقيق في المحتوى بالولايات المتحدة مخاوف واسعة، لا سيما في دول مثل أستراليا والبرازيل، ولدى المنظمات العاملة في الإعلام ومكافحة المعلومات المضللة. الشبكة الدولية للتثبت من الحقائق، التي تضم عشرات المنظمات حول العالم، أكدت أن الادعاء بممارسة الرقابة "خاطئ" وأشارت إلى أن هذه الخطوة قد تكون لها عواقب مدمرة في البلدان المعرضة لخطر المعلومات المضللة التي تؤدي إلى عدم الاستقرار السياسي والعنف.
وأوضحت الشبكة أن توسيع نطاق القرار ليشمل البرامج في أكثر من 100 دولة قد يزيد من المخاطر، حيث تعتبر بعض البلدان أكثر عرضة لانتشار خطاب الكراهية والمعلومات المضللة، مما يؤدي إلى عواقب كارثية مثل الإبادة الجماعية أو التدخل في الانتخابات. وأكدت أن إيقاف برامج التحقق على المستوى العالمي قد يسبب أضرارًا حقيقية في العديد من المناطق.
وندد الرئيس الأميركي جو بايدن بالقرار ووصفه بأنه "مخزٍ"، مشددًا على أهمية الحقيقة في تشكيل القرارات. أما المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، فولكر تورك، فقد أشار إلى أن تنظيم المحتوى الضار عبر الإنترنت لا يمكن اعتباره رقابة، وإنما ضرورة لحماية المجتمع من خطاب الكراهية والمحتوى الضار.
توقيت القرار يأتي قبل تولي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب منصبه، ما اعتبره البعض محاولة للتصالح مع الحزب الجمهوري. واجتمع زوكربيرغ مع ترامب في منتجعه بفلوريدا، كما قدم تبرعات لصندوق تنصيبه. وتُظهر هذه الخطوات اتجاهاً لتعزيز العلاقات بين ميتا والإدارة الجمهورية الجديدة.
وأكدت الشبكة الدولية للتثبت من الحقائق أن تغييرات ميتا ستؤثر سلبًا على مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الباحثين عن معلومات دقيقة وموثوقة. كما اعتبرت أستراليا والبرازيل هذه الخطوة تطورًا ضارًا بالديمقراطية، خاصة أن ميتا كانت قد عززت سياسات مكافحة المعلومات المضللة عقب انتخاب ترامب في 2016.
التحول إلى أدوات مثل "ملاحظات المجتمع" التي أطلقتها منصة إكس (تويتر سابقًا) أظهر نتائج محدودة وغير فعالة. دراسات حديثة أكدت أن غياب التحقق المهني يترك المجال لتأثير المعتقدات الفئوية ويزيد من انتشار المعلومات المضللة.
وحذر خبراء من أن قرار ميتا قد يكون خطوة أولى نحو تقليل عدد مشرفي المحتوى، مما قد يؤدي إلى إضعاف الجهود في مكافحة خطاب الكراهية والمعلومات المضللة. منظمة "فوكسغلوف" القانونية أشارت إلى أن اعتماد زوكربيرغ على استراتيجية مماثلة لإيلون ماسك قد يجعل منصات التواصل الاجتماعي أكثر خطورة، خصوصاً للمجموعات المهمشة.
وشددت منظمات مثل "غلااد" على ضرورة استمرار سياسات مكافحة خطاب الكراهية لحماية الفئات الضعيفة من العنف والسرديات المهينة. كما أكدت أن تخفيف تلك السياسات يمنح الضوء الأخضر لتصاعد العدوانية والاستهداف الممنهج.
قرار ميتا بإلغاء التحقق من المحتوى يثير جدلاً واسعًا حول تأثيره على استقرار المجتمعات وحماية الأفراد من المعلومات المضللة وخطاب الكراهية. ومع استمرار الانتقادات الدولية، يبقى السؤال حول مدى قدرة منصات التواصل الاجتماعي على الموازنة بين حرية التعبير وحماية المستخدمين من الأضرار الحقيقية.