قمة محمد بن زايد - ماكرون..
الإمارات وفرنسا تضعان حجر الأساس لعصر جديد من الذكاء الاصطناعي
تمحور اللقاء الذي جمع الشيخ محمد بن زايد وماكرون حول تعزيز الشراكة الاستراتيجية في مجال الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتطورة بدلًا من القضايا السياسية التقليدية.
أعلنت الرئاسة الفرنسية عن مشروع ضخم ستنفذه الإمارات العربية المتحدة في فرنسا، يتمثل في بناء "مجمع" محوره الذكاء الاصطناعي، يضم مركز بيانات عملاق بقدرة حوسبة تصل إلى جيجاوات واحد، باستثمارات تتراوح قيمتها بين 30 و50 مليار يورو.
جاءت هذه الخطوة على هامش زيارة رئيس دولة الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، إلى فرنسا ولقائه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ضمن قمة تهتم بصناعة المستقبل. وتعد هذه القمة تحولاً في نوعية اللقاءات الدولية، حيث تركز على الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا بدلاً من القضايا السياسية والاقتصادية التقليدية.
وأشار مراقبون إلى أن لقاء الشيخ محمد بن زايد وماكرون أسس لنموذج جديد من القمم، حيث تمخض عن اتفاقيات استراتيجية في مجال الذكاء الاصطناعي، من شأنها رسم معالم المستقبل وتعزيز التعاون التقني بين البلدين.
وجاء في بيان مشترك فرنسي-إماراتي أن "الزعيمين عبرا عن رغبتهما في إنشاء شراكة استراتيجية في مجال الذكاء الاصطناعي، واستكشاف التعاون في المشاريع والاستثمارات الداعمة لتطوير سلسلة قيمة الذكاء الاصطناعي". وأكد البيان أن الاستثمارات ستوجه نحو الذكاء الاصطناعي في كل من فرنسا والإمارات، وستشمل شراء الرقائق المتطورة، تطوير مراكز البيانات، وتنمية المواهب، فضلاً عن إنشاء "سفارات بيانات افتراضية" لتعزيز البنية التحتية للحوسبة السحابية.
تحتل الإمارات المركز الخامس عالمياً في مؤشر الذكاء الاصطناعي لعام 2024، متفوقة على دول كبرى مثل ألمانيا وفرنسا واليابان وكندا وسنغافورة. ويعزى هذا التفوق إلى رؤية استراتيجية واضحة استثمرت فيها الإمارات بشكل كبير، مع تخصيص ميزانيات ضخمة لبناء بنية تحتية متطورة وتدريب الكوادر البشرية المؤهلة.
واستضاف الرئيس الفرنسي الشيخ محمد بن زايد قبل انعقاد قمة الذكاء الاصطناعي في باريس، المقرر عقدها يومي 10 و11 فبراير، بمشاركة نحو 100 دولة، وتهدف إلى وضع فرنسا وأوروبا في قلب المنافسة العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تسعى لمنافسة الولايات المتحدة والصين.
ووقعت الدولتان إطار عمل للتعاون في الذكاء الاصطناعي، وأكدت الرئاسة الفرنسية أن "نطاق الأنشطة وحجم تطوير البنية التحتية المقررة في إطار هذه الاتفاقية يعكسان قوة العلاقة بين البلدين، ويعززان موقع فرنسا في مجال الذكاء الاصطناعي داخل أوروبا". كما حددت الحكومة الفرنسية 35 موقعاً لاستضافة مراكز بيانات للذكاء الاصطناعي، مع الإشارة إلى أن صندوق "إم جي إكس" الاستثماري، المدعوم من الإمارات، سيتولى تطوير المشروع.
وفي منشور على منصة "إكس"، قال الشيخ محمد بن زايد: "التقيت في باريس الصديق إيمانويل ماكرون، حيث بحثنا العلاقات الاستراتيجية بين الإمارات وفرنسا، والعمل المشترك لتعزيزها، خاصة في مجالات الاقتصاد والتكنولوجيا المتقدمة والطاقة والاستدامة والثقافة". وأضاف: "شهدنا توقيع إطار العمل الإماراتي-الفرنسي للتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي، كما تبادلنا وجهات النظر حول القضايا المشتركة، والعلاقات الإماراتية-الفرنسية نموذج للشراكة التي تخدم التنمية وتدعم السلام والازدهار".
وأفادت وكالة الأنباء الإماراتية (وام) بأن اللقاء تطرق إلى التطورات الإقليمية والدولية، وأكد الجانبان حرصهما على التعاون لتعزيز الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والعالم. كما أوضحت الوكالة أن "الاتفاق يستهدف الاستثمار في مجمع للذكاء الاصطناعي بسعة 1 جيجاوات في فرنسا، بجانب تعزيز التعاون في مجالات مثل استخدام الرقائق المتطورة، مراكز البيانات، وتنمية الكفاءات البشرية".
وتعكس هذه الخطوة التوجه الاستراتيجي للإمارات نحو الاستثمار في التقنيات المتقدمة، بعد أن أقامت شراكات مع شركات عالمية مثل مايكروسوفت، جوجل، وأوبن أيه آي، ودول كبرى مثل الولايات المتحدة. ويأتي هذا المشروع ضمن سلسلة من الاتفاقيات التي شهدتها العلاقات الإماراتية-الفرنسية خلال السنوات الأخيرة، والتي شملت مجالات الدفاع، الاقتصاد، الثقافة، والبيئة، مما عزز من مستوى التعاون بين البلدين.
وتعد فرنسا رابع أكبر شريك تجاري للإمارات بين دول الاتحاد الأوروبي، حيث تحتل المرتبة السادسة في استقبال الصادرات الإماراتية غير النفطية، وتأتي في المرتبة الثالثة بين أكبر المصدرين للإمارات من دول الاتحاد الأوروبي. كما أنها أكبر مستثمر أوروبي في الإمارات بإجمالي استثمارات أجنبية مباشرة بلغ 4.4 مليار دولار بنهاية 2020، بينما بلغت الاستثمارات الإماراتية في فرنسا 3.3 مليار دولار بنهاية 2021.
ومنذ توليه رئاسة الإمارات في مايو 2022، زار الشيخ محمد بن زايد فرنسا مرتين، في يوليو 2022 ومايو 2023، مما يعكس قوة العلاقات بين البلدين ورغبتهما في توسيع الشراكة في مجالات جديدة ذات تأثير عالمي، خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي.