الحرب في السودان..
استراتيجية الدعم السريع في دارفور.. هل تسعى إلى السيطرة الكاملة على الإقليم؟
شهدت الأسابيع الأخيرة تصعيدًا في القتال، حيث تبادل الطرفان الهجمات في الخرطوم ومناطق أخرى. وقد استخدمت في المعارك أنواع مختلفة من الأسلحة الثقيلة، مما أسفر عن سقوط ضحايا مدنيين وتدمير واسع.
![](/photos/022025/67a731a5b62f6.jpeg)
الحرب في السودان تسببت في تشريد أكثر من 8.5 مليون شخص / أرشيفية
تشهد العاصمة الخرطوم ومدن أخرى، بما في ذلك الجزيرة والفاشر، اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في ظل عمليات تقدم وانسحاب تكتيكيين، إلى جانب تكثيف استخدام الطائرات المسيرة الانتحارية، ما يجعل مستقبل الحرب في السودان مفتوحًا على جميع الاحتمالات، رغم مرور قرابة عامين على اندلاع القتال.
وأفادت مصادر عسكرية بأن الجيش السوداني تمكن من استعادة السيطرة على منطقة "عد بابكر" والمدينة الجامعية بمنطقة شرق النيل، وسط تصاعد الاشتباكات وسماع دوي انفجارات في المنطقة. ووفقًا للمصادر ذاتها، فإن الجيش يتقدم في عدة محاور داخل الخرطوم، مستهدفًا السيطرة على "القصر الرئاسي".
من جهتها، كثّفت قوات الدعم السريع وجودها القتالي داخل العاصمة، ونشرت قناصة على أسطح المباني العالية لحماية مواقعها الاستراتيجية، بما في ذلك القصر الرئاسي والمنشآت الحكومية والعسكرية التي تسيطر عليها.
وامتدت الاشتباكات إلى مناطق أخرى، حيث أطلقت قوات الدعم السريع، فجر الجمعة، طائرات مسيرة انتحارية باتجاه مدينتي "مروي" و"الدبة" في الولاية الشمالية. لكن الجيش السوداني أعلن عن نجاح دفاعاته الجوية في إسقاط هذه المسيرات دون تسجيل خسائر بشرية.
في المقابل، سحبت قوات الدعم السريع بعض وحداتها من الخرطوم والجزيرة، متجهة غربًا إلى دارفور، حيث تعزز وجودها في الفاشر بهدف إحكام سيطرتها على الإقليم، بعد أن بسطت نفوذها على مدن الجنينة ونيالا وزالنجي والضعين، مما يعكس نيتها في السيطرة الكاملة على الإقليم.
ويرى المحلل السياسي أمير بابكر أن الحرب الحالية تختلف عن الصراعات المسلحة السابقة في السودان، لأنها تدور بين أطراف كانت تتقاسم السلطة قبل اندلاع القتال. وأوضح أن تقدم الجيش يأتي بعد استيعاب صدمة الحرب الطويلة، بينما تتراجع قوات الدعم السريع إلى معاقلها في دارفور.
وأضاف بابكر أن "الحروب السابقة كانت تدور في الأطراف، بعيدًا عن المراكز الحضرية، لكن هذه الحرب نشبت من داخل المدن الرئيسية مثل الخرطوم". وأشار إلى أن البعض يرى أن سيطرة الدعم السريع على الفاشر تعني احتمال انفصال دارفور، لكنه يعتبر أن "الإقليم قد ينفصل حتى دون السيطرة على الفاشر، كما حدث مع جنوب السودان في السابق".
وبدوره، يرى المحلل السياسي محمد المختار أن الجيش السوداني لا يتقدم فقط عبر شمال الجزيرة، بل من عدة محاور، خاصة بعد انسحاب قوات الدعم السريع من ود مدني ومصفاة الجيلي. وأوضح أن هذه التطورات تشير إلى تحول تكتيكي في سير المعارك.
وأضاف المختار أن قوات الدعم السريع ربما تسعى إلى استنزاف الجيش، كما فعلت في بداية الحرب عبر تكتيك حرب المدن، لكنها قد تكون أيضًا في حالة تراجع استراتيجي نحو دارفور لتعزيز قبضتها على الإقليم.
ومنذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، خلفت المعارك أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة، بينما تشير أبحاث جامعات أمريكية إلى أن عدد القتلى قد يصل إلى 130 ألف شخص.
ومع امتداد القتال إلى 13 ولاية من أصل 18، تتزايد التحذيرات الدولية من كارثة إنسانية، حيث يواجه الملايين خطر المجاعة والموت جراء نقص الغذاء والإمدادات الطبية. وتتصاعد الدعوات الأممية والدولية لإنهاء الحرب، وسط مخاوف من دخول السودان في مرحلة جديدة من الصراع المسلح تهدد مستقبل البلاد واستقرارها الإقليمي.