باريس تستضيف مؤتمرًا رمضانيًا بحضور شخصيات عربية وإسلامية بارزة..

زعيمة المعارضة الإيرانية: التطورات في سوريا ولبنان أطاحت باستراتيجية النظام وألحقته بأكبر هزيمة في 4 عقود

"إيران هي البلد الوحيد في العالم الإسلامي الذي يمتلك قوة ديمقراطية شعبية متجذرة متجسدة في منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، وأنا على قناعة تامة بأن المثقفين والأحرار والديمقراطيين في الدول العربية والإسلامية يجب أن يتبنوا مبادرة دعم هذه المقاومة"؛ مريم رجوي

السيدة مريم رجوي الرئيسة المنتخبة للمقاومة الإيرانية تتحدث في مؤتمر "رمضان شهر الأخوة والتسامح" في باريس - اليوم الثامن

نظام مير محمدي
كاتب حقوقي وباحث متخصص في الشأن الإيراني، ويعمل في مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات. يركز في كتاباته وأبحاثه على القضايا المتعلقة بالمقاومة الإيرانية، الحقوق الإنسانية، وتحليل الأوضاع السياسية والاجتماعية داخل إيران. يتميز بتحليله العميق للسياسات الإيرانية الداخلية والخارجية، وتسليطه الضوء على النضالات الشعبية ضد الدكتاتورية ونظام ولاية الفقيه.
باريس

ألقت زعيمة المعارضة الإيرانية في المنفى، مريم رجوي، الضوء على التحولات الإقليمية الكبرى منذ رمضان الماضي، مشيرةً إلى أن سقوط النظام السوري وتراجع نفوذ النظام الإيراني في لبنان مثلا "أكبر هزيمة للملالي خلال أربعة عقود". 

وأكدت أن هذه التطورات أطاحت باستراتيجية النظام القائمة على تصدير الحروب والأزمات تحت شعار "تصدير الثورة"، مما عجّل من اقترابه من الانهيار. وفي ظل تفاقم الاحتجاجات الاجتماعية العنيفة، وانهيار الاقتصاد، والعزلة الدولية التي يعاني منها النظام، شددت رجوي على أن "العامل الأكثر تهديدًا لبقائه هو البديل الديمقراطي"، الذي يقود الحراك الشعبي نحو إسقاطه، ويطرح رؤية "الإسلام الديمقراطي" كنقيض جذري للنظام الرجعي الحاكم.


في مساء الخميس 6 مارس 2025، احتضنت منطقة أوفير سور واز على مشارف العاصمة الفرنسية باريس مؤتمرًا بعنوان "رمضان شهر الأخوة والتسامح في مواجهة ولاية الفقيه والتطرف"، وذلك بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك. استضافت الحدث السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، تحت رعاية المجلس، بحضور جمع متنوع من الشخصيات السياسية والدينية والحقوقية، بما في ذلك ممثلون عن برلمانات دول إسلامية وشخصيات عربية بارزة. ركز المؤتمر على تعزيز التضامن بين شعوب المنطقة، ومناقشة الأوضاع المتفاقمة في إيران، والدور السلبي للنظام الإيراني في المنطقة والعالم، مع إدانة واسعة لنظام ولاية الفقيه.

كلمة مريم رجوي: التضامن الإسلامي ضد الاستبداد الديني

افتتحت السيدة مريم رجوي المؤتمر بكلمة رئيسية، رحبت فيها بالحضور قائلة: "إن اجتماعكم اليوم في بيت المقاومة الإيرانية في الأيام الأولى من شهر رمضان يجسد صورة حقيقية للتضامن بين شعوب الدول الإسلامية في مواجهة العدو الرئيسي لشعوب المنطقة وجميع المسلمين، وهو نظام ولاية الفقيه الحاكم في إيران". وهنأت المسلمين، خاصةً الشعوب الجارة والجالية المسلمة في فرنسا، بحلول الشهر الفضيل، داعيةً الله أن يشملهم برحمته، وأن ينقذ شعب فلسطين من الحرب والتهجير، وشعب إيران من القمع والاستبداد. كما احتفت بتحرر الشعب السوري من دكتاتورية بشار الأسد، مشيرةً إلى أن "مائدة إفطار التضامن للمقاومة الإيرانية كانت على مدى سنوات مكانًا للدعاء من أجل حرية سوريا، واليوم نستقبل رمضان بفرحة هذا الانتصار".

تكريم خاص لسيد أحمد غزالي: رمز التضامن والمقاومة

خصصت رجوي جزءًا كبيرًا من كلمتها لتكريم الراحل سيد أحمد غزالي، رئيس وزراء الجزائر الأسبق، الذي توفي في 4 فبراير 2025، واصفةً إياه بأنه "رمز خالد للتضامن بين شعوب المنطقة وصوت للأمل في مواجهة التطرف الديني المدعوم من ملالي طهران". وأشادت بجهوده الحثيثة في دعم المقاومة الإيرانية، حيث ترأس اللجنة العربية-الإسلامية للدفاع عن أشرف التي أُسست في إفطار عام 2009، وضمت ممثلين من برلمانات وشخصيات دينية وحقوقية من دول عربية وإسلامية وفرنسا. وأكدت أن غزالي قاد "حملة لا هوادة فيها" للدفاع عن سكان أشرف ضد القتل والإبادة، ولعب دورًا بارزًا في مواجهة القرارات الغربية الظالمة التي أدرجت منظمة مجاهدي خلق على قوائم الإرهاب لاسترضاء النظام الإيراني.

ونقلت عن غزالي قوله في تجمع المقاومة عام 2010: "اعلموا أنه لا يوجد في العالم نظام قتل من المسلمين بقدر وحشية النظام الإيراني"، مشددًا على ضرورة فضح مجزرة 1988. وأضافت أن رؤيته تمثلت في "ضرورة وجود بديل ديمقراطي لمواجهة التطرف الإسلامي"، معتبرًا إيران "البلد الوحيد في العالم الإسلامي الذي يمتلك قوة ديمقراطية شعبية متجذرة" في منظمة مجاهدي خلق. كما استذكرت كلماته في أشرف 3 بأن المقاومة ليست مجرد نضال ضد القمع، بل "مشروع ثقافي وحضاري لإعادة بناء الحضارة الإيرانية"، وهو ما اعتبرته المقاومة دليلًا على صداقته الصادقة للشعب الإيراني.

مشاركة عربية مميزة تدعم نضال الشعب الإيراني

شهد المؤتمر حضورًا عربيًا بارزًا، ضم شخصيات مثل الرئيس التونسي الأسبق منصف المرزوقي، وأنيسة بومدين، أرملة الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين، والدكتور فيصل الرفوع، وزير الثقافة الأردني السابق، والدكتور موسى المعاني، وزير الدولة الأردني السابق، والدكتور بركات عوجان، وزير الثقافة الأردني السابق، والنائب الأردني إسماعيل مشابقة، إلى جانب السفير اليمني في فرنسا رياض ياسين، والسفير اليمني لدى اليونسكو محمد رميح، وجمال بدر العواضي، رئيس الوكالة الدولية للإعلام والدراسات الاستراتيجية، والدكتور حاتم السر، وزير سوداني سابق، وراهب صالح، مدير مركز الرافدين الدولي لحقوق الإنسان في جنيف، والسياسي السوري جورج صبرا، والدكتور طاهر بومدرا، الرئيس السابق ليونامي في العراق، والشيخ تيسير التميمي، قاضي القضاة الفلسطيني السابق، الذي ألقى كلمته عبر الإنترنت.

أجمعت الكلمات العربية على أن سقوط نظام بشار الأسد يمهد الطريق لانهيار النظام الإيراني، واصفةً إياه بـ"أكبر تهديد للأمن والاستقرار في المنطقة". وأكد الحاضرون دعمهم الكامل لنضال الشعب الإيراني والمقاومة من أجل الحرية، معتبرين أن سقوط النظام يخدم شعوب المنطقة والعالم.

انهيار استراتيجية الملالي: تغيرات إقليمية والبديل الديمقراطي

سلطت رجوي الضوء على التغيرات الإقليمية منذ رمضان الماضي، مشيرةً إلى أن سقوط النظام السوري وفقدان النظام الإيراني هيمنته على لبنان شكلا "أكبر هزيمة للملالي في أربعة عقود". 

وأوضحت أن هذه الأحداث أدت إلى انهيار استراتيجية النظام القائمة على تصدير الحروب والأزمات تحت عنوان "تصدير الثورة"، مما زاد من اقترابه من السقوط. وأضافت أن الاحتجاجات الاجتماعية الشديدة، والاقتصاد المنهار، والعزلة الدولية، تفاقم من أزمة النظام، لكنها أكدت أن "العامل الأكثر تهديدًا لوجود هذا النظام هو البديل الديمقراطي"، الذي يحرك الاحتجاجات ويقودها نحو إسقاطه، ويقدم نقيضًا قويًا للنظام الرجعي عبر مفهوم "الإسلام الديمقراطي".

الإسلام الديمقراطي: رؤية تحررية للمستقبل

عرضت رجوي مفهوم "الإسلام الديمقراطي" كبديل لنظام ولاية الفقيه، واصفةً إياه بأنه "عقيدة متجذرة في تاريخ وثقافة إيران"، تهدف إلى تحرير الناس من القيود الفكرية والمادية. وأكدت أنه يرفض الإكراه الديني، ويدافع عن المساواة بين الجنسين، ويعتبر أصوات الشعب معيار الشرعية السياسية. واستندت إلى مبدأ "لا إكراه في الدين" لرفض الاستبداد الديني، مشيرةً إلى أن المقاومة تتبنى فصل الدين عن الدولة منذ أربعة عقود كجزء من برنامجها، وهو ما يجعلها "رائدة في الدفاع عن هذا المبدأ" في إيران والمنطقة.

دعوات للسلام والحرية في ختام المؤتمر

اختتمت رجوي كلمتها بدعوات لتحرير الشعب الإيراني والمنطقة من شر ولاية الفقيه، وتحويل الحروب إلى سلام وأخوة، معربةً عن أملها في نشر قيم الأحرار مثل غزالي. وأكدت أن المقاومة ليست مجرد صراع، بل "مشروع ثقافي وحضاري لإحياء الحضارة الإيرانية"، مستشهدةً بكلمات غزالي عن سكان أشرف كرمز لهذا الهدف.

أهمية المؤتمر في سياق متغير

يأتي هذا المؤتمر في ظل متابعة دولية للتطورات في إيران والمنطقة، مع تزايد الاهتمام بدور المقاومة الإيرانية كبديل محتمل للنظام الحالي. ويعكس الحضور العربي والإسلامي الواسع، والرسائل المتضامنة، أهمية الحدث في تعزيز التعاون بين الشعوب لمواجهة التحديات المشتركة، وسط تأكيد على أن البديل الديمقراطي يبقى العامل الأكثر تهديدًا لبقاء نظام الملالي.