ضغوط مالية ومحاولة لكسب ود ترامب..
السعودية تزيد إنتاج النفط بشكل مفاجئ: "عقوبة ذاتية" تهدد رؤية 2030
قررت السعودية زيادة إنتاجها النفطي ضمن أوبك+ رداً على عدم التزام بعض الدول بالحصص، مما أدى إلى انهيار أسعار النفط. القرار أثار جدلاً حول دوافعه، بين معاقبة المخالفين وتعزيز العلاقات مع أمريكا قبيل زيارة ترامب للرياض في مايو 2025.

غضب سعودي يهز أوبك+: زيادة الإنتاج تفجر الأسعار وتثير المخاوف الاقتصادية
قاد غضب المملكة العربية السعودية من عدم التزام بعض دول أوبك+ بالحصص النفطية المحددة لها إلى قرار مفاجئ يوم الخميس بزيادة الإنتاج النفطي، في خطوة وصفها المحللون بأنها قد تكون بمثابة "عقوبة ذاتية" للسعودية بدلاً من معاقبة الدول المخالفة.
وأدت هذه الخطوة إلى انهيار أسعار النفط إلى مستوى 65 دولارًا للبرميل، وهو ما يشكل تحديًا كبيرًا لخطط المملكة الاقتصادية المرتبطة برؤية 2030، التي بُنيت على افتراض تسعير النفط عند 90 دولارًا للبرميل.
تداعيات اقتصادية
أثارت زيادة الإنتاج مخاوف من تعثر المشاريع الضخمة التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ضمن رؤية 2030، خاصة بعد تراجع المملكة عن تنفيذ بعض هذه المشاريع مسبقًا. ومع انخفاض الأسعار، باتت السعودية مضطرة لزيادة الاقتراض لتعويض العجز في الإيرادات، مما يفاقم الضغوط المالية. ويرى المحللون أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى تأخيرات أو تقليص حجم بعض المشاريع الكبرى، خاصة إذا لم تتمكن المملكة من تحقيق التوازن بين الإنفاق والإيرادات.
الخلفية السياسية للقرار
تشير التكهنات إلى أن قرار زيادة الإنتاج قد يكون مرتبطًا بمساعي السعودية وروسيا لكسب ود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يُتوقع أن يزور الرياض في مايو 2025. ويبدو أن السعودية تسعى من خلال هذه الخطوة لاختبار ردة فعل ترامب، الذي يدفع دائمًا نحو خفض أسعار النفط، بينما يضغط لتقليص صادرات النفط الإيرانية لتعزيز المفاوضات حول برنامج طهران النووي.
وفي الوقت نفسه، تواجه دول أخرى في أوبك+، مثل العراق وكازاخستان، رسومًا جمركية أمريكية مرتفعة (39% و27% على التوالي)، مما يعزز موقع السعودية وروسيا نسبيًا في السوق الأمريكية.
تصاعد الخلاف داخل أوبك+
على مدار الأشهر الماضية، ضغطت السعودية على دول مثل العراق وكازاخستان للامتثال لحصص الإنتاج، محذرة من أنها ستزيد إنتاجها إذا استمر عدم الالتزام. لكن كازاخستان سجلت مستويات إنتاج قياسية بدعم من شركات أمريكية مثل شيفرون وإكسون موبيل، بينما تباطأ العراق في خفض إنتاجه.
وفي تحذير واضح، قرر تحالف أوبك+ في أبريل زيادة الإنتاج بـ130 ألف برميل يوميًا، لكن السعودية فاجأت الأسواق بضغطها لزيادة إضافية بـ411 ألف برميل يوميًا في مايو، وهي خطوة فاقت التوقعات بثلاثة أضعاف.
انهيار الأسعار وموقف أوبك+
أدت هذه الزيادة إلى هبوط أسعار النفط بنسبة 8% يوم الجمعة، مسجلة أدنى مستوى منذ ذروة جائحة كوفيد-19 في 2021. وأكدت مصادر مطلعة على مباحثات أوبك+ أن التحالف قد لا يتراجع عن هذه الزيادات حتى لو انخفضت الأسعار دون 60 دولارًا للبرميل. وشدد وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان على ضرورة التزام الأعضاء بالحصص، مهددًا بمزيد من الزيادات في حال استمرار التجاوزات.
أبعاد جيوسياسية
يرى مراقبون أن القرار مدفوع بأهداف جيوسياسية أوسع، تتجاوز معاقبة الدول غير الملتزمة. ففي اليوم ذاته الذي فرضت فيه الولايات المتحدة رسومًا جمركية، قد يعزز خفض الأسعار علاقات السعودية وروسيا مع ترامب. ومع ذلك، قد يثير هذا قلق منتجي النفط الصخري الأمريكيين إذا استمر الانخفاض، رغم أن تقليص صادرات إيران قد يوفر دعمًا جزئيًا للأسعار.
يبدو أن قرار السعودية زيادة الإنتاج يجمع بين محاولة فرض الانضباط داخل أوبك+ وتحقيق مكاسب جيوسياسية مع الولايات المتحدة. لكن هذه الخطوة تعرض المملكة لمخاطر اقتصادية كبيرة، خاصة مع اعتمادها على الاقتراض لدعم رؤية 2030. ومع استمرار التوترات داخل التحالف واحتمالية ردود فعل متباينة من ترامب، تبقى التداعيات المستقبلية غير مؤكدة، لكنها قد تعيد تشكيل ديناميكيات سوق النفط العالمية.