العيد بعيون الأطفال..
أنشطة ميدانية: ما الذي يجعل العيد أجمل في نظر الأطفال؟
يرتبط العيد في وجدان الطفل بالعيدية، والحلوى، واللعب، وزيارة الأقارب. لكن ما كشفته آراء الأطفال في هذا التقرير يتجاوز السطح، ليُظهر نظرتهم المتنوعة لهذه المناسبة التي تمثل لهم محطة سعادة منتظرة.

طفولة تُغني للعيد بكلمات بسيطة ومشاعر صادقة - اليوم الثامن

العيد في عيون الأطفال ليس مجرد مناسبة دينية أو طقس اجتماعي، بل هو عالم متكامل ينبض بالفرح، ويتجلى بألوان البراءة، وتفيض فيه الأرواح الصغيرة بفيض من الحماس والدهشة. هو تلك اللحظة التي ينسى فيها الطفل كل ما حوله ليعيش حلمًا مؤقتًا من البهجة. وفي إطار اهتمامها بتسليط الضوء على الأبعاد النفسية والاجتماعية للعيد، قامت مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات برصد انطباعات مجموعة من الأطفال من مختلف المحافظات، عبر استطلاع ميداني ركز على فهم نظرتهم الشخصية لهذه المناسبة وطرق تعبيرهم عن فرحتهم بها.
العيد من نافذة الطفولة: مشاعر صادقة وعفوية
يرتبط العيد في وجدان الطفل بالعيدية، والحلوى، واللعب، وزيارة الأقارب. لكن ما كشفته آراء الأطفال في هذا التقرير يتجاوز السطح، ليُظهر نظرتهم المتنوعة لهذه المناسبة التي تمثل لهم محطة سعادة منتظرة.
أنجيلا مازن أحمد (14 عامًا، عدن) تقول بابتسامة خجولة: "أحب الرحلات مع العائلة، خصوصًا البحر... والسباحة". أما عن العيدية، فلا تخطط لأنجيلا لمصيرها بعد، لكنها تؤكد حبها الشديد لزيارة الأقارب: "أيوه... أحب أزورهم".
أدهم (12 عامًا، عدن) يُشارك مشاعره ببساطة: "أحب الحلويات... والذهاب لأهلنا". يتدخل صديقه أنور بحماس أكبر: "أنا أحب أروح المول وألعب في الملاهي". بينما يختم حسين بعبارة مختصرة لكنها عميقة: "أحب كل لحظة في العيد".
وفي أبين، تتحدث دينا باسل (13 عامًا) عن زيارات الأقارب كأكثر ما يسعدها في العيد. وتقول عن العيدية: "أستخدمها للتمشية أو لشراء شيء يعجبني". أما ضحى نوريس (10 سنوات ونصف) فتضيف بعدًا مختلفًا، فهي تحب مشاركة العيدية مع أخيها وشراء ما يفيدها، وتعتبر اللعب مع صديقاتها من أبرز لحظات العيد.
ويأتي خالد علي صالح (10 سنوات، عدن - البساتين) ليعبر بلهجة شعبية محببة: "النعنع وقراح الطماش (الألعاب النارية) أهم شيء... والشكولاتات طبعًا".
أما أصغرهم، أيمن أشرف (6 سنوات، أبين)، فقد استوقفنا بترتيبه الأولويات قائلاً: "صلاة العيد أول شيء، وبعدين ألعب... وأشتري ألعاب". في حين رأت دنيا مازن أحمد (10 سنوات) أن "التجمع مع الأهل" هو أهم ما في العيد، وقالت بابتسامة بريئة: "أحب أشتري حاجات مفيدة... وألعب كثير".
قراءة في المشهد النفسي والاجتماعي
تُحلل الدكتورة أشجان الفضلي، الباحثة المتخصصة في قضايا الطفولة والتنمية النفسية، هذه الانطباعات بالقول: "ما لمسناه في ردود الأطفال هو وعي غير مباشر بدور العيد في تعزيز الانتماء، ورفع الروح المعنوية، وتوفير مساحة من الأمان الاجتماعي. فالطفل يُعبر بطريقته عن احتياجاته النفسية من خلال طقوس العيد: مثلًا، زيارة الأقارب تعكس رغبته في التواصل والانتماء، بينما تمثل الألعاب والحلوى مساحة للتنفيس العاطفي واستكشاف الذات."
وتُضيف: "العيدية، رغم بساطتها، تُعطي الطفل شعورًا بالاستقلال والاختيار، وهو عنصر مهم في بناء ثقته بنفسه، خاصة في بيئات يغيب فيها صوت الطفل عن القرارات."
مظاهر مشتركة... وتجارب متفرّدة
رغم أن أغلب الأطفال اتفقوا على أهمية زيارة الأقارب، واللعب، والعيدية، إلا أن كل طفل أضفى لمساته الخاصة على كيفية احتفاله. بعضهم يفضل الأماكن العامة، وبعضهم يقدّس لحظة صلاة العيد، وبعضهم يُفكر في العيدية كفرصة للشراء أو التوفير.
وفي ظل هذا التنوع، يتجلى عامل مشترك واحد: الفرح الصادق غير المشروط. ذلك الفرح الذي قد يغيب عن الكبار وسط الهموم، لكنه يظل حاضرًا في قلوب الصغار، يضيء أيامهم، ويمنحنا نحن الكبار فرصة لتأمل العيد من زوايا أكثر صفاءً وإنسانية.
في الختام
إن الاستماع إلى الأطفال هو أكثر من مجرد ممارسة توثيقية؛ إنه عمل مجتمعي يعيد الاعتبار لصوت البراءة ويمنحنا فرصة لفهم جوهر المناسبات الدينية في تشكيل شخصية الفرد وتحصينه نفسيًا.
عيد الأطفال ليس فقط حلوى وألعابًا، بل هو تجربة وجدانية تُسهم في نموهم المتكامل، وتمنحنا درسًا في كيف نحتفل ببساطة، ونفرح بلا شروط.