جلسة برلمانية محمومة تفضح عمق التصدعات الداخلية..
"حرب الذئاب" في طهران: انقسامات النظام الإيراني تتفجر علنًا حول مفاوضات أمريكا
شهد مجلس شورى الملالي في طهران جلسة علنية عاصفة كشفت انقسامات عميقة داخل النظام الإيراني حول المفاوضات مع الولايات المتحدة. تحول النقاش إلى صراع بين متشددين رافضين للحوار وآخرين يدعون لموقف عملي، مع عودة شبح المقاومة الإيرانية لتعقيد المشهد، مما عكس هشاشة النظام وتخبطه الاستراتيجي.

شبح مجاهدي خلق يخيم على برلمان طهران: اعتراف بدور المنظمة في العقوبات

في مشهدٍ يكشف عن عمق التصدعات داخل أروقة النظام الإيراني، تحولت الجلسة العلنية لمجلس شورى الملالي يوم الثلاثاء، 8 نيسان 2025، إلى ساحة صراع محتدم بين أجنحة النظام حول قضية المفاوضات المرتقبة مع الولايات المتحدة. ما حدث لم يكن مجرد نقاش تقليدي، بل وصفه مراقبون بـ"حرب الذئاب"، تعكس حالة الإرباك والانقسام العميق داخل هرم السلطة في طهران.
خطاب تصعيدي يرفض التفاوض
افتتح النقاش النائب صباغيان بافقي بكلمة نارية، هاجم فيها ما أسماه "سذاجة" دعاة التفاوض مع واشنطن. وحذر من تكرار تجربة الاتفاق النووي لعام 2015 مع إدارة أوباما، قائلاً:
"المؤمن لا يُلدغ من جحر مرتين… ألم توقعوا الاتفاق مع أوباما؟ ثم ماذا؟ تمزق الاتفاق وجاءت العقوبات. لماذا لا تفهمون أن المشكلة ليست في رؤساء أميركا، بل في جوهر النظام الأميركي نفسه؟"
وأضاف أن الخلاف الأساسي بين واشنطن وطهران لا يقتصر على السلاح النووي أو الصواريخ، بل يكمن في "استقلالية النظام وقيادته الرافضة للهيمنة". وختم تحذيره بلغة لاذعة:
"إذا تفاوضتم مجددًا وخُدعتم كما المرة الماضية، فالشعب سيقارنكم بحكام القاجار، وسيعود الحديث عن تركمانچاي وگلستان!"، في إشارة إلى المعاهدات التاريخية التي أضعفت إيران في القرن التاسع عشر.
صوت معاكس يدعو للتعامل العملي
في المقابل، برز صوت متناقض من داخل المجلس، حيث دعا أحد الأعضاء الموالين للولي الفقيه -دون الكشف عن هويته- إلى ضرورة اتخاذ موقف عملي إزاء المفاوضات المقبلة. وقال:
"السبت تبدأ المفاوضات مع العدو. هو قال: استسلام أو حرب. لا يفهم إلا لغة القوة. ورغم كل ذلك، هل ينبغي أن نبقى بلا موقف؟ هل أعددنا لوزيرنا شيئًا يحمله معه؟ هل أرسلنا رسالة؟"
هذا التباين يكشف عن غياب قرار موحد، حيث تحول التفاوض من أداة سياسية إلى ساحة صراع داخلي قد تهدد بتفجير التناقضات الكامنة في النظام.
هاجس مجاهدي خلق يعود للواجهة
في سياق متصل، أعاد وزير الاقتصاد السابق خاندوزي إحياء شبح منظمة مجاهدي خلق، معترفًا بدورها في تعزيز العقوبات الدولية ضد النظام. وقال:
"مجاهدي خلق كشفوا مواقع نووية… ثم تحوّلت إلى قرارات… ثم إلى قطع العلاقات… وصولاً إلى القرار 1929. لقد شكّلوا مستمسكًا جوهريًا لإجماع دولي ضدنا."
ورغم أن التصريح جاء في إطار توجيه اللوم للخارج، إلا أنه يبرز الأثر المتواصل للمعلومات التي كشفتها المنظمة، وهو ما يفسر استمرار الهجوم الإعلامي الرسمي ضد المقاومة الإيرانية.
نظام على حافة الهاوية
ما جرى في البرلمان يوم 8 نيسان 2025 ليس مجرد جدل عابر، بل مرآة تعكس انفجارًا داخليًا متسارعًا. يتشابك فيه الملف النووي مع الحسابات الدولية وانكشاف النظام أمام شعبه. بين تيار يتمسك بالتشدد وآخر يبحث عن مخرج عبر رسائل إيجابية، يبقى النظام غارقًا في أزمة وجودية.
وفي ظل ماضٍ حافل بالإخفاقات، يتجه النظام نحو مفترق طرق حاسم، حيث يبدو أن الحسم لن يأتي من داخل البرلمان، بل من الشارع الإيراني الذي يرفع صوت المقاومة عاليًا.