غوتيريش قلق بشأن خسائر مدنية محتملة وتسرب نفطي..
تحول في الاستراتيجية الأمريكية؟ ضربات ميناء رأس عيسى تثير قلق الأمم المتحدة وتنبئ بتصعيد أوسع
أثارت الضربات الأمريكية على ميناء رأس عيسى والتي قتلت 80 شخصًا وأصابت 150 وفقًا للحوثيين، قلق الأمم المتحدة بقيادة أنطونيو غوتيريش، الذي حذر من الخسائر المدنية والمخاطر البيئية.

الأمم المتحدة تعرب عن "قلقها الشديد" إزاء الضربات الأمريكية الدامية على ميناء رأس عيسى
أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عبر متحدثه ستيفان دوجاريك، عن "قلقه الشديد" إزاء الضربات الجوية الأمريكية التي استهدفت ميناء رأس عيسى في اليمن يومي 17 و18 أبريل 2025، والتي أسفرت، وفقًا للحوثيين، عن مقتل 80 شخصًا وإصابة 150 آخرين.
تأتي هذه الضربات، التي وصفت بأنها الأكثر دموية في الحملة الأمريكية ضد الحوثيين منذ مارس 2025، في سياق تصعيد عسكري أمريكي يهدف إلى قطع إمدادات الجماعة المدعومة من إيران وإضعاف قدراتها الاقتصادية والعسكرية. يثير هذا التصعيد تساؤلات حول دوافع القلق الأممي ومدى تأثيره على الوضع الإنساني والاستقرار الإقليمي في اليمن والبحر الأحمر.
تفاصيل الضربات الأمريكية:
أعلن الجيش الأمريكي، عبر القيادة المركزية (CENTCOM)، أن الضربات استهدفت ميناء رأس عيسى، وهو منشأة نفطية رئيسية تسيطر عليها جماعة الحوثيين في محافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر. الهدف المعلن كان قطع مصادر الوقود والإيرادات التي تستخدمها الجماعة لتمويل عملياتها العسكرية.
وفقًا لوزارة الصحة التابعة للحوثيين، أدت الضربات إلى مقتل 74 شخصًا على الأقل وإصابة 171 آخرين، بينهم عمال مدنيون وخمسة من العاملين في المجال الإنساني. أفادت تقارير بأن الغارات دمرت خزانات وقود، مما تسبب في حرائق هائلة وخسائر مادية كبيرة.
تأتي هذه الضربات ضمن حملة عسكرية أمريكية مكثفة بدأت في 15 مارس 2025، ردًا على هجمات الحوثيين على الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن، والتي استؤنفت بعد انهيار هدنة في غزة وتشديد إسرائيل لحصارها على القطاع.
موقف الأمم المتحدة:
أعرب الأمين العام عن قلقه إزاء الخسائر المدنية واحتمال حدوث تسربات نفطية في البحر الأحمر، مما قد يفاقم الأزمة البيئية والإنسانية في المنطقة. دعا الحوثيين إلى وقف هجماتهم على إسرائيل والسفن التجارية فورًا، وحث جميع الأطراف على ضبط النفس لتجنب التصعيد.
ويرى البعض أن قلق الأمم المتحدة قد يكون تعبيرًا عن التعاطف مع الضحايا المدنيين، بينما يعتقد آخرون أنه موقف دبلوماسي لتجنب اتهامات بالانحياز للولايات المتحدة. على الرغم من ذلك، تظل الأمم المتحدة ملتزمة بضمان أمن الملاحة في البحر الأحمر، وهو ممر حيوي للتجارة العالمية.
التغيير في الاستراتيجية الأمريكية:
وتشير الضربات على ميناء رأس عيسى إلى تحول في نهج إدارة الرئيس دونالد ترامب من الاستهداف المحدود إلى تدمير البنية التحتية الحيوية للحوثيين. يعكس هذا التحول اقتناع الإدارة بأن التحذيرات لم تُجدِ نفعًا، مما دفعها إلى استهداف مصادر الإيرادات والوقود التي تدعم الجماعة اقتصاديًا وعسكريًا.
وتربط إدارة ترامب هذه العمليات بضغوط أوسع على إيران، الداعم الرئيسي للحوثيين، خاصة مع استئناف المفاوضات النووية في روما. تُعتبر الضربات رسالة لطهران بأن واشنطن لن تتسامح مع استمرار دعم الحوثيين.
تداعيات الضربات:
ويُعد تدمير ميناء رأس عيسى، الذي يُشكل شريانًا اقتصاديًا رئيسيًا للحوثيين، ضربة قاصمة قد تضعف قدرتهم على تمويل عملياتهم العسكرية وإدارة المناطق الخاضعة لسيطرتهم. ومع ذلك، تظهر الجماعة تحديًا مستمرًا، حيث أعلنت عن هجمات صاروخية على إسرائيل وسفن أمريكية رداً على الضربات.
ويفاقم تدمير الميناء الأزمة الإنسانية في اليمن، حيث يعتمد 70% من الواردات و80% من المساعدات الإنسانية على موانئ رأس عيسى والحديدة والصالف. قد يؤدي نقص الوقود إلى توقف الخدمات الأساسية، مما يعرض ملايين اليمنيين لخطر الجوع والمرض.
ويثير التصعيد مخاوف من زيادة التوترات في البحر الأحمر، خاصة مع تهديدات الحوثيين بتوسيع هجماتهم لتشمل السعودية والإمارات. كما يزيد احتمال التسربات النفطية من المخاطر البيئية على المنطقة.
وتُظهر الضربات الأمريكية تحولاً استراتيجياً نحو نهج أكثر عدوانية، يهدف إلى كسر قدرات الحوثيين بدلاً من مجرد ردعهم. ومع ذلك، فإن هذا النهج قد يُفاقم الأزمة الإنسانية ويُعقّد الجهود الدبلوماسية لإحياء الاتفاق النووي مع إيران، حيث يُنظر إلى الحوثيين كورقة ضغط إيرانية. يُبرز موقف الأمم المتحدة التوازن الدقيق بين إدانة الخسائر المدنية والدعوة لضمان أمن الملاحة، مما يعكس التحديات التي تواجهها المنظمة في التعامل مع نزاعات معقدة.
وتُعد الضربات الأمريكية على ميناء رأس عيسى نقطة تحول في الصراع مع الحوثيين، حيث تُظهر تصميم إدارة ترامب على إضعاف الجماعة عبر استهداف بنيتها الاقتصادية. ومع ذلك، فإن الخسائر المدنية والتداعيات الإنسانية تُثير قلق الأمم المتحدة وتُعزز التحديات أمام تحقيق الاستقرار في اليمن. في ظل استمرار التصعيد، يبقى السؤال حول ما إذا كانت هذه الاستراتيجية ستُجبر الحوثيين على التراجع أم ستُؤدي إلى مزيد من العنف والتأزم في المنطقة.