"رهان خاسر ضد جيل ثائر"..

قمع ممنهج في إيران: مذكرة أمنية تمنح الشرطة سلطات واسعة داخل المدارس

في خطوة تعكس مدى التخوف الذي يساور السلطات الإيرانية من تنامي الوعي الثوري لدى جيل الشباب، وقّع النظام على مذكرة تفاهم أمنية مثيرة للجدل تسمح لقوى الأمن الداخلي بالتدخل بشكل رسمي ومباشر في المدارس.

الشرطة في المدارس تكشف رعب النظام من شباب لا ينكسر

محرر الشؤون الإيرانية
محرر الشؤون الإيرانية وبيانات المعارضة الإيرانية.

يواجه النظام الإيراني تحديًا وجوديًا من جيل شاب ثائر، برز كقوة مركزية في انتفاضة 2022، ويواصل تهديد أسس ولاية الفقيه. في محاولة يائسة لكبح هذا الزخم الثوري، وقّع النظام في 19 أبريل 2025 مذكرة تفاهم أمنية بين قوى الأمن الداخلي ووزارة التربية والتعليم، تتيح للشرطة التدخل الرسمixi في المدارس. هذه الخطوة، التي تهدف إلى أمننة المؤسسات التعليمية، تكشف عن رعب النظام من وعي الطلاب وروحهم الثورية، لكنها قد تُشعل شرارة مقاومة أوسع بدلاً من إخمادها.

جيل ثائر يتحدى الاستبداد

حاول النظام الإيراني على مدى عقود تشكيل وعي الشباب عبر مناهج دينية رجعية وتزوير للتاريخ، بهدف خلق جيل خاضع لإيديولوجيته. لكن هذه الجهود باءت بالفشل، حيث برز الجيل الجديد، وخاصة الفتيات، كقوة ثورية لا تُقهر. في انتفاضة 2022، التي أُطلقت شرارتها بعد مقتل مهسا أميني، قاد الطلاب حراكًا واسعًا، نظموا خلاله إضرابات ومظاهرات، ورددوا هتافات مثل «خامنئي قاتل، ولايته باطلة». هذا الدور يُذكّر بحركة الطلبة في ثورة 1979 ضد الشاه، التي كانت مظاهرات نوفمبر 1978 نقطة تحول في إسقاط نظامه. اليوم، يثبت الشباب الإيراني أنه العمود الفقري للمقاومة ضد نظام ولاية الفقيه.

مذكرة أمنية: قمع تحت ستار الحماية

في 19 أبريل 2025، وقّع اللواء أحمد رضا رادان، قائد قوى الأمن الداخلي، وعليرضا كاظمي، وزير التربية والتعليم، مذكرة تفاهم أمنية تمنح الشرطة صلاحيات غير مسبوقة داخل المدارس. تتضمن المذكرة أهدافًا مُعلنة مثل «مواجهة التهديدات الاجتماعية» و«نشر الانضباط»، لكنها في جوهرها تهدف إلى مراقبة الطلاب وقمع أي تحركات احتجاجية. أعلن كاظمي خضوعه التام لرادان، واصفًا نفسه بـ«جندي في خدمة الشرطة»، فيما وصف رادان الطلاب بأنهم «هدف العدو»، متهمًا الفضاء الإلكتروني بـ«اختطاف عقولهم». هذه التصريحات تعكس رؤية النظام للمدارس كساحات صراع، وليس كمراكز للتعليم والتنوير.

تشمل المذكرة تدابير مثل إشراك الشرطة في إعداد المناهج التعليمية، وتنفيذ برامج تدريبية مع «أصدقاء الشرطة» للطلاب والمعلمين، بالإضافة إلى مراقبة الفضاء السيبراني وإصدار أحكام قضائية ضد الطلاب والمعلمين. هذه الإجراءات تكشف عن استراتيجية النظام لتحويل المدارس إلى ثكنات أمنية، في محاولة لإجهاض أي حراك ثوري قبل أن يتبلور.

مقاومة الطلاب: ثورة من داخل الصفوف

لم تمر مذكرة التفاهم دون رد فعل. أصدرت لجنة التعليم والتربية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بيانًا شديد اللهجة، أكدت فيه أن «الطلاب الثائرون لن يسمحوا لعناصر رادان بالراحة، ولن يمر قمع النظام دون رد». هذا التحذير يعكس روح المقاومة التي يجسدها الجيل الجديد، الذي نشأ تحت ظل الاستبداد لكنه رفض تلقين النظام. الطلاب، بوعيهم السياسي وشجاعتهم، حوّلوا الصفوف الدراسية إلى منصات للمقاومة، حيث ينسقون الاحتجاجات ويواجهون القمع بتحدٍ متزايد.

تاريخيًا، كانت المدارس في إيران مراكز للحراك الثوري، سواء في ثورة 1979 أو في الاحتجاجات المتكررة خلال العقود الأخيرة. واليوم، يواصل الطلاب هذا الإرث، مستخدمين وسائل التواصل الاجتماعي والتنظيم السري لمواجهة النظام. هذا التحدي يضع النظام في مأزق، حيث إن كل محاولة للقمع تزيد من تصميم الشباب على المقاومة.

تداعيات الأمننة: تعميق الفجوة وزيادة الغضب

بدلاً من إخضاع الشباب، تُسهم أمننة المدارس في تعميق الفجوة بين النظام والجيل الجديد. كل إجراء قمعي، من اعتقالات إلى مراقبة رقمية، يُولد وعيًا سياسيًا أكبر ويُقرّب لحظة الانفجار الثوري. المدارس، التي كان النظام يأمل أن تكون أدوات للطاعة، تحولت إلى مراكز للمقاومة، حيث يتحد الطلاب والمعلمون في رفض الاستبداد. هذا التحول يُظهر فشل النظام في فرض هيمنته الإيديولوجية، ويعكس قوة الجيل الجديد في كتابة فصول جديدة للثورة.

على الصعيد الدولي، أثارت المذكرة إدانات واسعة. دعت لجنة التعليم في المجلس الوطني للمقاومة المنظمات الحقوقية والنقابات التعليمية العالمية إلى إدانة هذا الإجراء، معتبرة إياه انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان. هذه الدعوات قد تضع ضغوطًا إضافية على النظام، خاصة في ظل عزلته الدولية المتزايدة.

خاتمة: شباب يُشعل فتيل التغيير

إن قرار النظام الإيراني بأمننة المدارس يكشف عن ضعفه وخوفه العميق من جيل شاب لا يقبل الانصياع. هذه السياسة القمعية، التي تحوّل المؤسسات التعليمية إلى ساحات أمنية، لن تُوقف المد الثوري، بل ستُسرّع من وتيرته. الطلاب الإيرانيون، بشجاعتهم ووعيهم، يقودون معركة الحرية من داخل الصفوف الدراسية، مُعيدين تعريف المقاومة في وجه نظام متهاوٍ. مع كل محاولة قمع، يزداد تصميم هذا الجيل على تحقيق حلمه بإيران ديمقراطية، مُمهدًا الطريق لسقوط ولاية الفقيه وفتح صفحة جديدة في تاريخ البلاد.