المخيمات الفلسطينية في لبنان..

بعد عقود من الفوضى: هل يتمكن لبنان من نزع سلاح المخيمات وحزب الله؟

يشهد لبنان نقاشًا محتدمًا حول نزع السلاح غير الشرعي، سواء كان متمثلاً بسلاح حزب الله أو الأسلحة الموجودة في المخيمات الفلسطينية، في سياق السعي لتعزيز سيادة الدولة وفرض سلطتها على كامل أراضيها.

زيارة أبومازن إلى لبنان تفتح باب النقاش لنزع سلاح المخيمات لكنها لا توفر غطاء سياسيا.

بيروت

في ظل التوترات السياسية والأمنية في لبنان، يبرز النقاش حول نزع سلاح حزب الله والمخيمات الفلسطينية كقضية محورية تهدف إلى تعزيز سيادة الدولة وسلطتها. تزامن هذا النقاش مع زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى لبنان، التي أثارت جدلاً حول إمكانية توفير غطاء سياسي فلسطيني لعملية نزع سلاح المخيمات، في وقت تسعى فيه السلطات اللبنانية إلى فرض هيمنتها على كامل أراضيها.

يُعتبر سلاح حزب الله أحد أبرز التحديات أمام الدولة اللبنانية، حيث يُنظر إليه كقوة موازية تهدد سيادة الدولة. الولايات المتحدة، ممثلة بنائبة المبعوث الأمريكي مورغان أورتاغوس، شددت على ضرورة نزع سلاح الحزب بشكل كامل في جميع أنحاء لبنان، وليس فقط جنوب نهر الليطاني، مشيرة إلى تقدم ملحوظ في الأشهر الأخيرة، لكن مع بقاء "الكثير" لتحقيقه.

تُعد المخيمات الفلسطينية، التي يقطنها أكثر من 220 ألف لاجئ، بيئة استثنائية قانونيًا وأمنيًا، حيث لا تمارس الدولة اللبنانية سيطرتها الكاملة عليها. يُشار إلى أن جزءًا من أسلحة الفصائل الفلسطينية، خاصة التابعة لحماس والجهاد الإسلامي، يأتي من حزب الله وإيران، مع تدريب مقاتليها من قبل خبراء مرتبطين بالحزب أو إيران، مما يجعلها قوة احتياطية محتملة للحزب.

تسعى السلطات اللبنانية إلى استغلال زيارة عباس لتوفير غطاء سياسي فلسطيني لنزع سلاح المخيمات، بهدف استعادة السيطرة على أراضيها وتعزيز صورة المؤسسة العسكرية والأمنية، خاصة أمام الولايات المتحدة التي تراقب التطورات عن كثب.

يهدف عباس من خلال الزيارة إلى تأكيد حضوره السياسي في ظل عزلة إقليمية ودولية، حيث يُنظر إلى انسحابه كشرط لإصلاح السلطة الفلسطينية في مرحلة ما بعد الحرب. لكن قدرته على فرض سلطته على الفصائل المسلحة في المخيمات تبدو محدودة، نظرًا للواقع السياسي المعقد وتداخل النفوذ الإقليمي.

يُعتبر سلاح المخيمات خطيرًا بنفس درجة سلاح حزب الله، مع احتمال استخدامه كأداة لإثارة الفوضى إذا تم الضغط على الحزب لنزع سلاحه. عدم دخول الجيش اللبناني إلى المخيمات يثير تساؤلات حول إمكانية تخزين الحزب لبعض أسلحته هناك.

تعيش المخيمات خارج سلطة الدولة منذ عقود، مما يجعل عملية نزع السلاح تحديًا معقدًا يتطلب توافقًا سياسيًا وأمنيًا.

يرى مراقبون أن زيارة عباس قد تفتح باب الحوار، لكنها غير كافية لتحقيق اختراقات جذرية، خاصة مع ضعف نفوذه داخل الفصائل الفلسطينية واتهامات بمسؤوليته عن تفاقم الأوضاع في غزة.

أكد في مقابلة تلفزيونية أن حصرية السلاح يجب أن تكون بيد الدولة، مشيرًا إلى أن هذا يشمل السلاح الفلسطيني في المخيمات، وأعرب عن انتظاره لزيارة عباس لمناقشة الملف.

خلال لقاء عباس وعون، أكد الطرفان التزامهما بحصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، معتبرين أن زمن السلاح خارج سلطة الدولة قد انتهى.

أشار إلى أن زيارة عباس تهدف إلى وضع آلية تنفيذية لتجميع وسحب السلاح من المخيمات.

تشكل قضية نزع السلاح في لبنان، سواء لحزب الله أو المخيمات الفلسطينية، تحديًا معقدًا يتطلب توافقًا سياسيًا داخليًا ودعمًا دوليًا. زيارة محمود عباس قد تمثل خطوة رمزية، لكنها لا تبدو كافية لتحقيق اختراقات جوهرية في ظل التعقيدات السياسية والأمنية. استعادة الدولة اللبنانية لسيادتها تتطلب خطة شاملة توازن بين نزع سلاح حزب الله والمخيمات، مع ضمان استقرار الأوضاع الداخلية وتجنب الفوضى.