" كسر جدار التهميش"..

من الهامش إلى صُنع القرار.. نحو استراتيجية تمكين سياسي للمرأة في صوماليلاند

"رغم ما واجهته المرأة في صوماليلاند من تهميش مؤسسي وثقافي، إلا أن مساهمتها كانت حاسمة في ترسيخ معالم الدولة الديمقراطية الناشئة، سواء من خلال الحشد الشعبي، أو من خلال تأسيس منظمات المجتمع المدني.

من الهامش إلى صُنع القرار.. نحو استراتيجية تمكين سياسي للمرأة في صوماليلاند

د. اشجان الفضلي
المدير التنفيذي لمؤسسة اليوم الثامن للاعلام والدراسات

الملخص 

تتناول هذه الورقة البحثية مسار تطور الحقوق السياسية للمرأة في صوماليلاند منذ إعلان انفصال الإقليم عن جمهورية الصومال عام 1991، مسلطة الضوء على التناقض بين التقدم الديمقراطي الشكلي وبين واقع التهميش السياسي المستمر للنساء. وعلى الرغم من إسهام المرأة في دعم استقلال صوماليلاند ومشاركتها الفاعلة في العمل المجتمعي، ظل تمثيلها السياسي ضعيفًا، نتيجة هيمنة القيم العشائرية والأطر الثقافية الأبوية، بالإضافة إلى غياب إرادة سياسية حقيقية لتمكينها.

تستعرض الدراسة الأدوار المختلفة التي لعبتها النساء في مراحل مفصلية من تاريخ صوماليلاند السياسي والاجتماعي، كما توثق محاولات النخب النسوية في كسر جدار التهميش عبر حملات المناصرة وتأسيس التحالفات، رغم غياب الكوتا النسائية وغياب الدعم المؤسسي الرسمي. وتبرز الدراسة أيضًا نماذج نسائية نجحت في الوصول إلى مناصب غير تقليدية، ما يعكس الإمكانيات الكامنة لتحول إيجابي مشروط بدعم سياسي ومجتمعي حقيقي.

تشير الورقة إلى التفاوت الصارخ بين مساهمة المرأة كناخبة وبين تمثيلها كمُقرّرة، حيث أن الأحزاب السياسية تستفيد من الصوت النسائي دون أن توفر لهن تمثيلًا منصفًا، مما يكرّس التمييز البنيوي داخل النظام السياسي.

تخلص الدراسة إلى أن تمكين المرأة في صوماليلاند ليس مجرد قضية حقوق، بل يمثل ركيزة استراتيجية لتعزيز مسار التحول الديمقراطي والتنمية المستدامة. وتوصي بضرورة تبني تشريعات داعمة، وتطبيق نظام كوتا مؤسسي، إضافة إلى تغيير الخطاب المجتمعي تجاه مشاركة المرأة السياسية، مستفيدة من تجارب دول الجوار مثل إثيوبيا وجيبوتي.

المقدمة 

شهدت أرض الصومال منذ إعلان انفصالها عن جمهورية الصومال في عام 1991 مسارًا سياسيًا فريدًا في محيطها، تمثل في تبني نموذج ديمقراطي تعددي قائم على التداول السلمي للسلطة، رغم غياب الاعتراف الدولي. غير أن هذا المسار لم يكن شاملاً لجميع فئات المجتمع، حيث ظلت مشاركة المرأة في الحياة السياسية محدودة، نتيجة لتراكمات اجتماعية وثقافية وأطر قبلية تقليدية لا تزال تتحكم بمفاصل الحياة العامة.

وتأتي أهمية هذا المبحث دور المرأة في المشهد السياسي في أرض الصومال من الحاجة إلى فهم التحديات التي تواجهها في سبيل الوصول إلى مواقع صنع القرار، وتحليل الأطر المؤسسية والاجتماعية التي تعيق أو تدعم هذا الدور، وذلك في ظل التحولات التي شهدها الإقليم بين عامي 1991 و2025. وتشير تقارير الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي إلى أن تمكين المرأة سياسياً في المجتمعات التي تعاني من نزاعات طويلة مثل الصومال يمثل ركيزة أساسية لتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة (UN Women, 2020)؛( African Union, 2018).

كما تهدف هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على الجهود المبذولة لتعزيز تمثيل المرأة السياسي، ورصد مستوى تمكينها الحقيقي في ضوء المبادئ الديمقراطية التي تتبناها سلطات أرض الصومال، وهو ما أكدت عليه دراسات أكاديمية حديثة تناولت واقع المرأة السياسية في مناطق النزاعات والصراعات، حيث يعتبر دمج المرأة في مواقع صنع القرار مؤشرًا حيويًا للتقدم الديمقراطي والمجتمعي (Smith & Ahmed, 2021).

وتمثل المرأة حجر الزاوية في عملية التنمية الشاملة، فهي الركيزة الأساسية في بناء المجتمعات، وأحد المؤشرات الدالة على مستوى التقدم الحضاري والسياسي للدول. ومن هذا المنطلق، بات تعزيز حقوق المرأة وتمكينها السياسي والاجتماعي يمثلان قضية مركزية في المجتمعات المعاصرة، خصوصًا في البيئات الخارجة من الصراعات، كما هو الحال في "أرض الصومال – صوماليلاند".

أولاً: الإطار التاريخي لحقوق المرأة السياسية في صوماليلاند

لعبت المرأة دورًا محوريًا في دعم استقلال صوماليلاند عام 1991، وكانت جزءًا فاعلًا من الضغط الشعبي على قيادة "الحركة الوطنية الصومالية" من أجل الانفصال عن الوحدة مع الجنوب. في العديد من المناطق الريفية والحضرية، شاركت النساء في تنظيم الاجتماعات والاحتجاجات السلمية التي طالبت بالاستقلال، وكانت أصواتهن مصدر دعم معنوي وسياسي قوي.

أسهمت القيادات النسائية بشكل بارز في الحملات الانتخابية، حيث قمن بتعبئة النساء والأسر للمشاركة في التصويت، وتحديد نتائج الانتخابات في المجالس البلدية والتشريعية. على سبيل المثال، لعبت بعض القيادات دورًا في التأثير على القرارات السياسية على المستوى المحلي، رغم أنهن لم يتمكنَّ من إيصال نساء أخريات إلى هذه المواقع السياسية بسبب الحواجز الثقافية والاجتماعية. بالإضافة إلى ذلك، كانت المرأة نشطة في العمل المجتمعي والتنموي، حيث أسست منظمات نسائية تعمل على التوعية بحقوق المرأة وتشجيع المشاركة السياسية. وقد أدت هذه الأنشطة إلى زيادة وعي المجتمع بأهمية تمكين المرأة، رغم استمرار التحديات الثقافية والاجتماعية.

رغم الأدوار المحورية التي أدتها المرأة في المجتمع الصومالي خلال مراحل النضال وبناء الدولة بعد إعلان انفصال صوماليلاند عام 1991، إلا أن مشاركتها السياسية ظلت هامشية ومهمشة بشكل واضح خلال المراحل الأولى من التأسيس السياسي، خصوصًا في مؤتمرات المصالحة الوطنية التي شكلت الأساس لإعادة بناء مؤسسات الحكم.

تُعد المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة من القضايا الملحة التي تشكلت لدى المجتمع في صوماليلاند كأولوية قصوى. وعلى الرغم من تهميش المرأة وحرمانها من المشاركة في أول مؤتمر مصالحة على مستوى الدولة في أوائل التسعينيات، إلا أنها سعت فيما بعد إلى تغيير الرأي العام، واتخذت خطوات فعلية للمطالبة بحقوقها في المشاركة الفعالة في صنع القرار في البلاد وتحقيق أهدافها.

وقد تم إنشاء وتأسيس تحالفات وروابط نسائية على جميع المستويات من قبل نخبة من النساء اللاتي شاركن في تأسيس صوماليلاند منذ أوائل التسعينيات.

وحظيت قضايا المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة بدعم كبير من مجموعات المجتمع المدني، بينما غاب الدعم الحكومي بشكل كامل. على الرغم من أن النساء يشكلن غالبية سكان صوماليلاند، فقد استغل القادة السياسيون دعم صوت المرأة كناخبة دون منحها تمثيلًا حقيقيًا في الحكومات السابقة.

ومع ذلك، شاركت المرأة بشكل فعال في القطاعين الخاص والمؤسسات غير الهادفة للربح، لا سيما من خلال الشركات الصغيرة والمتوسطة والمنظمات غير الحكومية المحلية. وقد واجهت حقوق المرأة صراعًا شاقًا نتيجة الممارسات الاجتماعية السلبية السائدة في مجتمع صوماليلاند، والتي تعود إلى الثقافة الأبوية والعشائرية المتجذرة.[1].

مع مرور الوقت، برزت حركات نسوية وتحالفات مدنية قادتها نخب نسائية ناشطة، سعت إلى المطالبة بتمكين المرأة وتعزيز مشاركتها الفاعلة في صنع القرار السياسي والاجتماعي. كانت هذه الحركات مدفوعة برؤية واضحة لإشراك المرأة كركيزة أساسية في تحقيق التنمية المستدامة والسلام المجتمعي.

وعلى الرغم من محدودية الدعم الرسمي من السلطات الحكومية في صوماليلاند، كان المجتمع المدني يلعب دورًا حيويًا في دعم قضايا المرأة. فقد ساهم في الحفاظ على الزخم المجتمعي لقضايا التمكين والمساواة، وقدم منصات داعمة للنقاش والضغط من أجل تحسين مكانة المرأة في الحياة السياسية.

 وخلال السنوات الأولى من عملية إعادة تأهيل صوماليلاند، اشتركت المنظمات النسائية والقائدات الناشطات في مجال المساواة بين الجنسين والقادة السياسيين والمجتمع المدني على حد سواء بمبادرة توضح أن صوت المرأة أمر حاسم لتنمية البلد، وعلى الرغم من أن جهودهم واجهت عوائق تمثلت بالحرمان في البداية، إلا أنهم واصلو العمل في المبادرة من خلال الدعوة والمناصرة وحملات التوعية العامة، وقد عززت هذه التجربة قدرة تجربة الرابطات والمنظمات النسائية، والطموحات والناشطات السياسية، وأدت في النهاية إلى مؤتمرات مناقشات مباشرة مع القيادة السياسيّة في البلاد، والمطالبة بإدراجها في عمليات صنع القرار في البلاد، وتضمنت بعض الإستراتيجيات لمعالجة القيود التي تهدف إلى الحد من تأثير النظام التقليدي السائد، وجعل إستراتيجية أقرب إلى نظام رسمي أكثر قابلية للتقدم في ممارسة التقدم الإجتماعي الديمقراطي، والسماح وقبول مشاركة المرأة في عملية إرساء الديمقراطية في صوماليلاند على نطاق واسع، والتي كانت على مدى السنوات الماضية عنصرًا هاماً في التغيير الاجتماعي والتنموي في البلاد[2]

ثانيًا: حضور نسوي إيجابي في مواقع غير تقليدية

لم تكن المرأة في صوماليلاند يوماً بعيدة عن المساهمة في تقدم المجتمع، كما مارست أدواراً أقلّ إيجابية كونها جزءاً من مجتمع مثقل بالسلبيات، وتتعرض للكثير من الضغوط والاستغلال على الساحة السياسية في أحيان كثيرة. وألقت الممرضة هدى عثمان عبدي الضوء على ذلك بالقول إن "نساءً صوماليلانديات نجحن في تقديم الكثير والكثير لشعبهنّ، وقائمة الأسماء تطول، فهنالك من بذلن جهوداً مشكورة من خلال تقلدهنّ مناصب سياسية، كـ"أدنا آدن" أول وزير خارجية أنثى في صوماليلاند، والتي لا زالت تمارس دوراً تنموياً عبر مستشفاها لرعاية الأمهات الحوامل والأطفال، وهنالك البروفيسورة "سعدة مري" التي نجحت في وضع صوماليلاند على خريطة الاكتشافات الأثرية الدولية، و"شكري حرير" و"زهرة هلغن" وكثيرات غيرهنّ ممَن حملن السلاح في فترة مقاومة الحكم الدكتاتوري، وأدّينَ أدواراً كبيرة في التعريف بقضية صوماليلاند من خلال نشاطهنّ الإعلامي والثقافي". كذلك تحدثت عبدي عن "أدوار سلبية لعبتها بعض النسوة ممَن وصلن إلى مواقع حساسة ومؤثرة في صنع القرار"، وقالت "لا شك في أن قلة موارد الدولة وضعف الوعي الشعبي، يخلقان أجواء غير مواتية للكثيرات ممَن كرّسن جهودهنّ لتقديم خدمات قيّمة للوطن، من خلال ابتزازهنّ أو خلق أجواء شديدة السلبية والسمية حولهنّ، من قبل أولئك الذين يرغبون من الرجال في تحقيق مكاسب، عبر عرقلة الأعمال المفيدة للمجتمع مباشرةً، والتي تتم من دون المرور بدهاليز الفساد والمحسوبية، ولا يمكن استثناء بعض النسوة ممَن ألحقنَ، عبر أزواجهنّ أو من خلال المحسوبية، أضراراً كبيرة باقتصاد البلاد ومستوى معيشة المواطنين الفقراء".[3]

على الرغم من غياب تشريع رسمي يُلزم الأحزاب السياسية أو البرلمان بتطبيق نظام الكوتا النسائية في صوماليلاند، إلا أن النقاشات حول هذا الخيار لا تزال قائمة ضمن الأوساط المدنية والنخبوية. فقد طالبت منظمات نسوية ومبادرات مجتمع مدني مرارًا بتخصيص نسبة محددة من المقاعد للنساء في المجالس المنتخبة، بهدف كسر الحواجز البنيوية والثقافية التي تعيق تمثيلهن السياسي.

 وفي ظل هذا الغياب، ظهرت بعض النماذج النسائية التي نجحت في كسر السقف التقليدي، مثل الناشطة أيدان محمد ديريه، التي لعبت دورًا بارزًا في مجال حقوق المرأة، وكانت من أبرز الأصوات المطالبة بإصلاحات تشريعية لصالح التمثيل النسائي. كذلك، برزت خضرة حسين إسماعيل كإحدى أولى النساء اللاتي شغلن مواقع في مؤسسات الدولة، ما شكل إلهامًا لجيل جديد من النساء السياسيات. رغم أن هذه التجارب لا تزال محدودة من حيث العدد والتأثير المؤسساتي، إلا أنها تُعد خطوات رمزية مهمة، تسهم في ترسيخ حضور المرأة وتعزيز المطالب بتمثيل أكثر عدالة في البنية السياسية لصوماليلاند.

ثالثا: التحولات الديمقراطية ودورها في تحسين موقع المرأة.

في هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن عدد النساء المنتخبات في الانتخابات الوطنية في صوماليلاند كان دائماً أقل من المتوقع، فعلى سبيل المثال، في انتخابات مجلس النواب لعام 2005، تم انتخاب امرأتين فقط من بين 28 مرشحة، أما في مجلس الشيوخ، الذي كان تكوينه أصلاً على أساس اختيارات العشائر، فقد شغل الرجال جميع المقاعد البالغ عددها 82 مقعداً. وفي انتخابات المجالس المحلية لعام 2012، فازت النساء بعشرة مقاعد فقط من أصل 375 مقعداً، وفقاً للجنة الانتخابات الوطنية في صوماليلاند.[4]

في مقابلة مع وكالة فرات للأنباء، سلطت السياسية الصوماليلاندية المستقلة مريم روبلية الضوء على التجربة الديمقراطية الفريدة في صوماليلاند، مشيرة إلى دور النساء والتحديات التي يواجهنها في الوصول إلى المناصب العليا.

أوضحت روبلية أن صوماليلاند، رغم عدم اعتراف المجتمع الدولي بها، تُعد نموذجًا ديمقراطيًا متميزًا في القرن الأفريقي. فقد شهدت البلاد انتقالات سلمية للسلطة بين أحزاب مختلفة، حيث فازت المعارضة بالأغلبية في الانتخابات البرلمانية بينما ينتمي الرئيس إلى حزب آخر.

وعن مشاركة النساء في السياسة، أشارت روبلية إلى أن العشائر في صوماليلاند بدأت تدرك أهمية تمكين المرأة، حيث قامت بعض العشائر بترشيح نساء للبرلمان. ومع ذلك، لا تزال النساء يواجهن تحديات كبيرة، بما في ذلك ضعف الدعم المجتمعي والقيود الثقافية.

إن اعتماد نسبة 24% للتمثيل النسائي في مناطق صومالي لاند خطوة ضرورية لضمان دمج المرأة في الحياة السياسية، والتصدي للسرديات التقليدية التي تحصر دورها في البيت فقط. هذا الإجراء سيخلق فرصاً أوسع لمشاركة النساء، وبالتالي ينعكس إيجاباً على نوعية القرارات والسياسات المتخذة[5].

تجدر الإشارة إلى أن تمثيل النساء في البرلمان الصوماليلاندي لا يزال محدودًا، حيث لم تضم الدورة البرلمانية الأخيرة أي امرأة، بعد أن كانت الدورة السابقة قد شملت امرأتين فقط. ورغم إعلان الرئيس موسى بيحي دعمه لمبادرة "كوتا نسائية" بمنح 18 مقعدًا من أصل 82 للنساء، إلا أن هذا المقترح لم يُقر برلمانيًا، بحجة تعارضه مع مبادئ المساواة أو اعتباره تمييزًا.

على الرغم من هذه التحديات، برزت تجارب فردية لنساء تحدين القيود المجتمعية، مثل سعاد، التي تمكنت من نيل أعلى الأصوات في إحدى دوائر العاصمة هرجيسا، بدعم غير مسبوق من وجهاء عشيرتها، قبل أن تخسر في جولة الإعادة أمام مرشح إحدى الأقليات، تكريمًا لتلك الفئة.

تؤكد روبلية أن تمكين المرأة في صوماليلاند يتطلب إرادة سياسية حقيقية، بالإضافة إلى جهود مجتمعية لتغيير النظرة التقليدية لدور المرأة، وتعزيز مشاركتها في الحياة العامة.[6]

رابعًا: معوقات مستمرة وفرص واعدة

  1. القيود الثقافية والعشائرية

تُعد الثقافة الأبوية والعشائرية التي تحكم بنية المجتمع في صوماليلاند من أبرز العوائق التي حدّت من وصول المرأة إلى مواقع صنع القرار. إذ تُستخدم هذه القيم التقليدية كمرجعية اجتماعية لتبرير إقصاء المرأة عن المناصب العليا، سواء في السلطة التشريعية أو التنفيذية أو القضائية. وتُكرّس الأعراف القبلية مفاهيم تُحجم من دور المرأة وتصورها كعنصر تابع لا يمتلك القدرة الكافية لتحمّل مسؤوليات القيادة العامة، وهو ما يُفضي إلى تغييبها المنهجي عن مراكز النفوذ داخل الدولة.

  1. التمثيل السياسي المحدود

رغم المساعي المتكررة لتعزيز مشاركة المرأة في الحياة السياسية، إلا أن التمثيل الفعلي لها ظل محدودًا ومخيبًا للآمال. ففي انتخابات عام 2005، لم تتمكن سوى امرأتين من الفوز بمقاعد في البرلمان من أصل 28 مرشحة. أما مجلس الشيوخ، الذي يُشكّل عبر النظام العشائري، فظل مغلقًا تمامًا أمام النساء. وفي انتخابات عام 2012، حصلت النساء على 10 مقاعد فقط من أصل 375 مقعدًا في المجالس المحلية، وهو ما يعكس الهوة الواسعة بين الخطاب السياسي حول التمكين وبين الواقع العملي الذي تُقصى فيه النساء عن مواقع التأثير.

  1. التمييز غير المباشر داخل الأحزاب السياسية

تُواجه المرأة أيضًا تحديًا بنيويًا يتمثل في التمييز غير المباشر داخل الأحزاب السياسية، التي لم تُظهر التزامًا حقيقيًا بدمج النساء ضمن قوائمها الانتخابية بصورة فاعلة. فعلى الرغم من اعتماد النساء كقوة تصويتية حاسمة في العملية الانتخابية، لم يُترجم هذا الثقل العددي إلى مكاسب سياسية ملموسة لصالحهن. ويعود ذلك جزئيًا إلى غياب إرادة سياسية حزبية حقيقية، وإلى استمرار الذهنية الذكورية التي تتعامل مع مشاركة المرأة بوصفها ورقة انتخابية مؤقتة وليست شريكًا حقيقيًا في صناعة القرار. 

خاتمة واستشراف

تشكل قضية التمكين السياسي للمرأة في صوماليلاند مدخلًا أساسيًا لفهم مسارات التحول الديمقراطي في الإقليم، حيث تسير الجهود نحو دمج المرأة في الحياة العامة بصورة أكثر فعالية. ورغم التحديات البنيوية والثقافية، فإن ما تحقق حتى الآن يمثل قاعدة يمكن البناء عليها، شريطة تفعيل الإصلاحات القانونية، وتعزيز الوعي المجتمعي، وضمان تبني الدولة والأحزاب برامج دعم وتمكين حقيقية، تضمن انتقالًا تدريجيًا من رمزية المشاركة إلى فاعلية التأثير في مراكز اتخاذ القرار.

يمكن لصوماليلاند أن تستفيد من تجارب إثيوبيا وجيبوتي في اعتماد الكوتا النسائية، وتعزيز التشريعات الجندرية. ويمثل دعم المجتمع المدني والمنظمات الدولية فرصة لتعزيز برامج تمكين النساء. التحدي الأبرز يكمن في التوفيق بين منظومة القيم التقليدية والسعي نحو مجتمع أكثر شمولًا ومساواة. الاعتراف الدولي (في حال تحقّق) قد يفتح المجال أمام تبني معايير أممية تحفّز تمكين المرأة سياسيًا واقتصاديًا.

المصادر والمراجع: 

  1. أسباب عدم مساواة بين المرأة والرجل 

http://www.yoobsannews.com/sinnaanta-ragga-iyo-dumarka-maxaa-

  1. دور اجتماعي كبير للمرأة في صوماليلاند تقابله مشاركة سياسية ضعيفة https://www.independentarabia.com/node/
  2. شيوخ العشائر رشحت امرأة بالبرلمان وهذا سر تفرد تجربتنا الديمقراطية بالقرن الأفريقي" https://anfarabic.com/%
  3.  غياب المرأة في المسرح السياسي في صوماليلاند https://www.geeska.com/ar/ghyab-almrat-fy-almsrh-alsyasy-fy-swmalyland?utm_source=chatgpt.co 
  4. مستوى المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة في أرض الصومال
  5. https://soradi.org/wp-content/uploads/2018/08/Chapter-6-Level -of-Gender-Equity-and-Womens-Empowerment-in-Somaliland.pdf
  6.    - Somaliland: An Overview of the 2021 Parliamentary and Local Council Elections, ISIR.COM, 10 March 2021, (Visited on: 10 Jun 2021), https://bit.ly/3zsr5C4   

http://www.yoobsannews.com/sinnaanta-ragga-iyo-dumarka-maxaa-hortaagan أسباب عدم مساواة بين المرأة والرجل  [1]

مستوى المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة في أرض الصومال

https://soradi.org/wp-content/uploads/2018/08/Chapter-6-Level-of-Gender-Equity-and-Womens-Empowerment-in-Somaliland.pdf  [2]

دور اجتماعي كبير للمرأة في صوماليلاند تقابله مشاركة سياسية ضعيفة https://www.independentarabia.com/node/ [3]

غياب المرأة في المسرح السياسي في صوماليلاند https://www.geeska.com/ar/ghyab-almrat-fy-almsrh-alsyasy-fy-swmalyland?utm_source=chatgpt.co  [4]

   - Somaliland: An Overview of the 2021 Parliamentary and Local Council Elections, ISIR.COM, 10 March 2021, (Visited on: 10 Jun 2021), https://bit.ly/3zsr5C4   [5]

[6] شيوخ العشائر رشحت امرأة بالبرلمان وهذا سر تفرد تجربتنا الديمقراطية بالقرن الأفريقي" https://anfarabic.com/%