مؤتمر نيويورك 2025..
تجريد حماس من السلاح واستقدام قوات عربية: مبادرة عباس لإنقاذ حل الدولتين
يعوّل الرئيس الفلسطيني محمود عباس على مؤتمر الأمم المتحدة المرتقب في نيويورك عام 2025، والذي ترعاه فرنسا والسعودية، كفرصة لإعادة إحياء حل الدولتين واستعادة دوره السياسي.

رهان عباس على مؤتمر الدولتين: هل يعود أبو مازن إلى واجهة المشهد؟
أعرب الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن دعمه لتجريد حركة حماس من سلاحها واستقدام قوات عربية ودولية لتثبيت الاستقرار في إطار دولة فلسطينية مستقبلية، وذلك في رسالة وجهها إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، قبيل مؤتمر الأمم المتحدة المزمع عقده في نيويورك من 17 إلى 21 يونيو 2025 لبحث حل الدولتين. يأتي هذا الموقف في سياق سعي عباس لاستعادة دوره السياسي في مرحلة ما بعد الحرب في غزة، بعد فشله في فرض نفسه كبديل لحماس في خطط الولايات المتحدة وإسرائيل.
رهان عباس على مؤتمر حل الدولتين
يراهن عباس على المؤتمر، الذي تقوده فرنسا والسعودية، لتعزيز حضوره السياسي، خاصة بعد تعثر محاولاته السابقة لكسب دعم دول الخليج، تركيا، وروسيا، ورفض أمريكي-إسرائيلي لمشاركته في إدارة غزة بعد الحرب. في رسالته، أكد عباس استعداده لنشر قوات عربية ودولية بتفويض من مجلس الأمن، مشدداً على أن الدولة الفلسطينية المستقبلية ستكون خالية من الطابع العسكري، مع ترتيبات أمنية تحقق مصالح جميع الأطراف. كما دعا حماس للإفراج الفوري عن الرهائن، واصفاً هجومها في أكتوبر 2023 بـ"غير المقبول".
تحديات عودة عباس إلى الواجهة
رغم مساعيه، يواجه عباس عقبات كبيرة. إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تفتقر إلى الحماس لدعم إقامة دولة فلسطينية في غزة والضفة الغربية، وهو ما قد يقوض فعالية المؤتمر. تصريحات السفير الأمريكي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، التي أشار فيها إلى أن الدولة الفلسطينية لم تعد هدفاً للسياسة الأمريكية، تعكس هذا التوجه. اقتراح هاكابي بتخصيص أراضٍ من دولة إسلامية أخرى بدلاً من الضفة الغربية يعزز الرفض الأمريكي-الإسرائيلي لتطلعات عباس.
على الصعيد الداخلي، يرفض عباس الاعتراف بانتهاء مرحلته السياسية، متمسكاً بقيادته رغم الانتقادات. تعهد بإصلاحات في السلطة الفلسطينية، بما في ذلك إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية خلال عام تحت إشراف دولي، لكن هذه الإصلاحات ظلت محدودة، مثل تعيين نائب له دون تغييرات جذرية. كما استغل أزمة حماس لتكرار المطالب الدولية بإخراجها من الحكم، محاولاً تعزيز موقفه كبديل.
الموقف الفرنسي والدولي
ترحب فرنسا بتعهدات عباس، واصفة إياها بـ"الملموسة وغير المسبوقة"، وتسعى لجعل المؤتمر نقطة انطلاق لإحياء حل الدولتين، رغم معارضة إسرائيل. ماكرون، الذي دعا في أبريل 2024 إلى استبعاد حماس وإصلاح السلطة الفلسطينية، يواجه تحديات في حشد دعم دولي واسع. وزير الخارجية الفرنسي أكد أن باريس تسعى لضم دول أخرى للاعتراف بدولة فلسطينية، بينما يرى آخرون أن قراراً فرنسياً منفرداً قد يكون له تأثير كبير نظراً لعضوية فرنسا الدائمة في مجلس الأمن. بريطانيا وكندا أبدتا دعماً مبدئياً للاعتراف بدولة فلسطينية في مايو 2025.
مخاطر فشل المبادرة
تعاني المبادرة الفرنسية من مخاطر الفشل في ظل الموقف الأمريكي المعارض، خاصة مع غياب تفاعل إدارة ترامب مع المؤتمر. كما تواجه فرنسا اتهامات إسرائيلية بمحاولة عزلها، رغم تأكيدات ماكرون أن المؤتمر يهدف إلى تحقيق الأمن الإقليمي. الانتقادات الفرنسية للحصار الإسرائيلي على غزة، الذي وصفه ماكرون بـ"الفاضح"، تزيد من التوتر مع إسرائيل.
يسعى محمود عباس لاستغلال مؤتمر حل الدولتين لاستعادة دوره السياسي، معتمداً على دعم فرنسا والسعودية، لكنه يواجه عقبات داخلية وخارجية. رفض الولايات المتحدة وإسرائيل لفكرة الدولة الفلسطينية، إلى جانب تمسكه بالسلطة دون إصلاحات جذرية، يضعفان فرصه في تحقيق اختراق. المؤتمر قد يكون فرصة لإعادة إطلاق المفاوضات، لكن نجاحه يعتمد على تجاوز الانقسامات الدولية وتحقيق توافق حول رؤية مشتركة.