مرحلة صعبة..

تقرير: كيف سيكون اليمن بعد اعدام علي صالح؟

يمنيون قرب صور ةكبيرة للرئيس السابق علي عبدالله صالح (أ ف ب)

24 (أبوظبي)

يومان مرا على مقتل الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح على يد مليشيات الحوثي الإيرانية، ليبدأ اليمن مرحلة أكثر غموضاً، فالحوثيون الذين رقصوا لمقتل صالح، فتحوا صفحة جديدة من الترهيب والترغيب لقيادات حزب المؤتمر الشعبي العام أكثر الأحزاب اليمنية شعبية في البلاد.

وأكدت مصادر عدة أن "الحوثيين أعدموا أكثر من 200 قيادي عسكري ومدني من الموالين لحزب المؤتمر الشعبي العام، أبرزهم اللواء مهدي مقولة، أحد أهم رجالات صالح العسكريين، إضافةً إلى مقتل قائد حراسته العميد طارق محمد صالح، وآخرين".

وكشفت المصادر أن العديد من القيادات المؤتمرية تعرضت لتهديدات صريحة بالقتل إذا لم تنضم إلى الجماعة في مواجهة الشرعية والتحالف.

وقال سكان في صنعاء لـ24: "بتنا نخضع لتفتيش المنازل والهواتفهم المحمولة، والتأكد من خلوها من عبارات أو صور  لصالح أو قيادات حزبه".

وقال أحد سكان صنعاء ومصادر أمنية إن "الحوثيين يعتقلون الناس عشوائياً في أحياء العاصمة، وهناك معلومات عن فتح سجون سرية لأتباع صالح، بينها منازل قيادات مؤتمرية حولها الحوثيون إلى معتقلات سرية".

والأحد الماضي أعدم الحوثيون صالح عقب تسليم نفسه، واعترفوا بذلك لاحقاً.

وقال القيادي الحوثي محمد البخيتي لقناة إيرانية  إن"صالح طلب وساطة لحفظ حياته وكرامته ووافقنا على ذلك، وأرسلنا له وساطة، ثم علمنا أنه قتل".

وأكد مصدر في حزب المؤتمر الشعبي العام لـ24 أن "صالح أُعدم في منزله بصنعاء ونُقل جثمانه إلى قرب سنحان قبل ادعاء محاولته الهرب، لكنه قتل مع قيادات أخرى في منزله، قبل أن تنهب المليشيات محتوياته، ثم فجرته".

يومان من الهدوء
يعم الهدوء العاصمة صنعاء، بعد يومين من مقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح، استفزت المليشيات الحوثية أنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح، بحفل جماهيري جمعت فيه أنصارها، على شارع المطار شمالي صنعاء، للاحتفال بزوال "الفتنة" كما تسميها وسائل إعلامها.

وشارك كثيرون من أنصار المليشيات الحوثية الحفل إلى جانب العديد من أنصار صالح الذين تخلوا عن ولائهم بين عشية وضحاها.

خطيب صالح يرقص احتفاءً بمقتله
وظهر خطيب مسجد الصالح الشيخ علي محسن المطري، في الحفل رتدياً زياً شعبياً، وشارك الحوثيين بالرقص في شارع المطار، ابتهاجاً بمقتل صالح، وذلك رغم أن المطري كان يُعد من أقرب المقربين إلى صالح، الذي عينه الأخير خطيباً لأكبر مسجد بناه في اليمن وسماه باسمه.

وقالت مصادر يمنية في صنعاء لـ24، إن الحوثيين غيروا اسم جامع الصالح إلى جامع حسين بدر الدين الحوثي، الذي قُتل على يد قوات صالح في صعدة في معارك الجيش اليمني مع المتمردين الحوثيين.

ويقول حوثيون إنهم قتلوا صالح انتقاماً لمقتل حسين بدر الدين الحوثي، مؤسس الجماعة.

ومن جهة أخرى قال نجل الرئيس السابق، والرجل القوي بين أبناء صالح، أحمد علي في بيان إن والده قتل وهو يحمل مشروعاً وطنياً، وقتل في منزله، نافياً مزاعم المليشيات عن محاولة صالح الفرار الى مأرب.

وقالت صحيفة اليوم الثامن اليمنية نقلاً عن مراسلها في صنعاء إن "العاصمة اليمنية لا تزال مفرغة بشكل كبير من العامة، وتعطلت حياة الناس عقب ثلاثة أيام من القتال المحتدم، الذي انتهى باستعادة المليشيات الانقلابية السيطرة على كافة أماكن سيطرة الرئيس السابق وأنصاره.

ويبدي السكان في المدينة قلقهم الكبير من الوضع المترتب من هذه الأزمة، بعد أن غادرت عشرات الأسر مناطق المواجهات السابقة في جنوب صنعاء، مخلفةً منازل مدمرة في أجزاء كثيرة من المدينة بسبب المعارك العنيفة.

ونشر الحوثيون تسجيلات مصورة لاقتحام منزل الرئيس السابق الواقع في شارع صخر وسط العاصمة، بواسطة آليات عسكرية ثقيلة، بينها دبابات قصفت المنزل. 

مرحلة صعبة
وقال نائب الرئيس اليمني السابق خالد بحاح إن مقتل صالح على يد جماعة الحوثي ينذر بمرحلة صعبة آتية على اليمن.

وأشار بحاح إلى أن "أكثر من خمسة عقود من العنف نشأت بأحداث مشابهة، ومع هذا لم تتعظ القوى السياسية في اليمن، داعياً إلى اصطفاف وطني وإقليمي ودولي عاجل لإخراج اليمن من دائرة العنف والعنف المضاد".

قتل صالح كان متوقعاً
وقال الخبير والمحلل السياسي اليمني عادل صادق الشبحي إن "تحالف صالح مع الحوثيين بعد إسقاط حكمه وإصابته في  الاعتداء عليه في جامع النهدين بدافع الانتقام من خصومه السياسيين الذين كانوا سبباً في سقوطه، لم يكن لينجح بسبب تربص الحوثيين بصالح في انتظار نهاية مشابهة لما حصل، بعد تحقيق أهدافهم، والسيطرة على السلطة واختطاف مقدرات الدولة، وانتزاع السلاح منه".

وأكد الشبحي في حديث خاص لـ24، أن "قتله من قبل تلك الجماعة كان متوقعاً وضمن منهجهم انتقاماً لمقتل مؤسسهم حسين بدر الدين الحوثي في صعدة، والرئيس صالح هو من حدد هذه الساعة قبل أوانها عندما أعلن فك الشراكة معهم وهي رسالة منهم للجميع، ولكن ذلك ليس نصراً للحوثيين بعد أن خسروا الجميع، ووحدوا كل الأطراف ضدهم".

التحالف مستمر
وقال الخبير اليمني إن "المؤتمر الشعبي العام خسر أولاً عندما سلم زمام الأمور للحوثيين في بداية المعركة وتحول إلى تابع لا شريك، ولو أراد المؤتمريون قيادة المعارك ضد الحوثيين لانتصروا لأنهم كانوا سيجدون المساعدة والتعاون من الجميع، بما في ذلك التحالف العربي، والمؤتمر يملك قاعدة عسكرية وإدارية كبيرة لقيادة المرحلة، وقاعدة معلومات عن الحوثيين ستساعده في المعارك المقبلة، ولكن عليه التخلي عن المتلونين وعديمي الثبات في مواقفهم من أعضاء الصفوف الأولى في قيادتهم بشرط توحيد القيادة والعمليات وتأمين دعم كافي لهم بما يمكنهم من الصمود أمام جماعة إيدلوجية أذلت الجميع".

مستقبل اليمن
وأضاف الشبحي في تعليقه "بالنسبة لليمن ومستقبله بعد مقتل صالح الذي كان يمثل مرحلة مهمة في الأعوام الـ40 الماضية،   "يجب أن يدرك اليمنيون ومعهم الأشقاء في التحالف والمجتمع الدولي أن وجود الحوثيين منفردين بالحكم بقوة السلاح أمر يتناقض مع كل القيم ويرفضه الشرفاء وأن في استمرارهم تواصل للقمع والقتل والإقصاء".

انتصار الحوثي مؤقت
ويقول الصحافي والكاتب اليمني باسم محمد الشعيبي إن "الحوثيين حققوا انتصاراً مؤقتاً، لكنهم ضعفاء سياسياً بعد أن أزاحوا حليفهم صالح".

وأوضح الشعيبي في حديث خاص لـ24 أن "الحوثي حقق نصراً لكنه مؤقت وربما سيكون بداية لهزيمة لاحقة".. لافتاً إلى أن "الحوثي استفرد بشمال اليمن وأنهى شريكه، ولكن هذا يعني أيضاً أنه فقد الجميع وأسقط كل القوى السياسية وبقي وحيداً في مواجهة الجميع".

وقال: "الحوثي ضعيف وسقط غطاءه السياسي وأصبح مشروعاً طائفياً ظلامياً صرفاً".

وعن مستقبل حزب المؤتمر بعد صالح، قال الكاتب اليمني: "أعتقد أن المؤتمر انتهى، كان حزب صالح وانتهى تنظيمياً بمقتل صالح ولا اعتقد أنه هناك قيادي يُمكنه إعادة تجميعه وقيادته، بعد أن اخترقه الحوثي، واستمال بعض قياداته لصفه".