مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات..
دراسة بحثية: «السعودية توقعت انهيار "اليمن الجنوبي" دون الحاجة إلى تدخل الافغان العرب»
"اسامة بن لادن حاول جاهدا اقناع السعودية بتكرار تجربة الجهاد الأفغاني في جمهورية اليمن الجنوبية الديمقراطية لكن لم تتعامل الرياض بجدية مع دعوة أسامة بن لادن، وأخبره الأمير تركي الفيصل بأنّ الجنوب سينهار من تلقاء نفسه"
قالت دراسة بحثية - صادرة عن مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات - إن المملكة العربية السعودية، توقعت انهيار دولة اليمن الجنوبي في مطلع تسعينات القرن الماضي دون الحاجة الى تدخل الافغان العرب، الذي شكلوا النواة الأولى لجماعتي الإخوان وانصار الشريعة، وشاركوا في القتال الى جانب تحالف نظام علي عبدالله صالح، وحزب التجمع اليمني للإصلاح والقبائل اليمنية.
وأوضحت الدراسة التي أعدها الباحث د. صبري عفيف أن المملكة العربية السعودية رغم استيعابها لعدد كبير من الأفغان العرب السعوديين الذين اشتركوا في الحرب على الاتحاد السوفياتي إلا إنها عانت من بعض العناصر الأخرى المعارضة للنظام. وبدأ (تنظيم القاعدة في بلاد الحرمين) التخطيط باكراً مع بدء الهجمة على (الأفغان العرب) في النصف الثاني من تسعينات القرن الماضي، وأعلن عن نفسه في نهاية التسعينات واتهمت سلطات الأمن السعودية هذه العناصر بالضلوع في بعض حوادث العنف التي شهدتها المملكة.
وقالت الدراسة أن زعيم القاعدة السابق أسامة بن لادن عرض خدمات مجاهديه على الملك فهد بن عبد العزيز لحماية المملكة العربية السعودية من الجيش العراقي، ولكن العاهل السعودي رفض عرض بن لادن، واختار بدلا منه السماح للقوات الأمريكية والقوات الحليفة بالانتشار على الأراضي السعودية، وهو ما أثار غضب بن لادن، لأنه كان يؤمن أن وجود القوات الأجنبية في «أرض الحرمين» يعتبر انتهاكاً للأراضي المقدسة.
ولفتت الدراسة إلى أن اسامة بن لادن حاول جاهدا اقناع السعودية بتكرار تجربة الجهاد الأفغاني في جمهورية اليمن الجنوبية الديمقراطية لكن لم تتعامل الرياض بجدية مع دعوة أسامة بن لادن، وأخبره الأمير تركي الفيصل بأنّ الجنوب سينهار من تلقاء نفسه؛ اي ان التوقع كان قبل حرب صيف العام 1994م.
واستعرضت الدراسة البحثية نقطة التحول الرئيسية في العلاقات بين الافغان العرب والانظمة العربية، بعد أن وجّه أسامة بن لادن في عام 1993، انتقاداته اللاذعة للسعودية، بعد دعمها لاتفاقات أوسلو التي وضعت طريق للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين. وبعد أن انتقد علنًا الحكومة السعودية لإيوائها الجنود الأمريكيين، نفي إلى السودان. وسحبت منه الجنسية السعودية في 9 أبريل 1994، وتبرأت منه عائلته.
وقدمت الدراسة بحثاً تفصيلا في نشأة ظاهرة "جماعة الأفغان العرب" خلال الفترة 1979-1994، متتبعًا العوامل التي ساهمت في ظهورها، والتحولات السياسية والعسكرية التي رافقتها، وتجلياتها في الوطن العربي.
وتركزت مشكلة البحث حول بروز التحولات في الفكر المتشدد لا سيما بعد نتهاء الحرب السوفيتية في أفغانستان، حيث ظهرت جماعات مسلحة تحمل السلاح ضد الأنظمة العربية، مستندة إلى فكر متشدد تطور في رحم المشروع الجهادي الذي دعمته المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية وباكستان.
وحاول البحث الاجابة على عدد من الاسئلة، ذات العلاقة باشكالية الدراسة، ومنها ما مدى قدرة الأفغان العرب على تصدير العنف والتطرف والإرهاب إلى البلدان العربية؟، ومن هم الأفغان العرب؟ وكيف تحولت تسميتهم من المجاهدين العرب إلى الأفغان العرب؟، وما هي الظروف الدولية والإقليمية لقدوم الأفغان العرب إلى أفغانستان؟، وهل انتهى دور الأفغان العرب بعد أن انتهى القتال في أفغانستان؟، ولماذا لم يتوفر لعمليات مقاومة مسلحة أخرى سابقة للقضية الأفغانية مثل القضية الكشميرية والفلسطينية، أو لاحقة بها مثل القضية البوسنية أو الشيشانية؟، ما هو الإطار الفكري للأفغان العرب؟، وما هي التحولات الكبرى في تاريخ حركة الأفغان العرب؟، وما علاقة مطالبة امريكا الأنظمة العربية بالديمقراطية وقبول التنظيمات الإسلامية المتشددة في العملية السياسية؟، كيف تجلت التنظيمات الإرهابية في الوطن العربي؟".
وتكمن أهمية البحث في تحليل ظاهرة الأفغان العرب لفهم جذور الإرهاب في البلدان العربية، وكيفية وضع استراتيجيات فعالة لمكافحته.
وهدفت الدراسة البحثية إلى معرفة مفهوم الأفغان العرب، وتحديد الظروف الدولية والإقليمية لقدوم الأفغان العرب إلى أفغانستان، معرفة دور الأفغان العرب بعد أن انتهى القتال في أفغانستان، والكشف عن الإطار الفكري للأفغان العرب، وتحديد التحولات الكبرى في تاريخ حركة الأفغان العرب، ومعرفة علاقة مطالبة امريكا الأنظمة العربية بالديمقراطية وقبول التنظيمات. الإسلامية المتشددة في العملية السياسية، وتحديد مظاهر بروز التنظيمات الإرهابية في البلدان العربية
وقد أستندت الدراسة إلى البحث المنهج العلمي الجدلي مع الاستعانة بمناهج أخرى لفهم العوامل المركبة التي ساهمت في نشوء ظاهرة الأفغان العرب.
وخلصت الدراسة البحثية إلى عدد من النتائج من أبرزها "نشأة الحركة الجهادية (الأفغان العرب) بدعم من أجهزة الاستخبارات الأمريكية وحكومات المنطقة، لمواجهة المد الشيوعي، وتعاون الحكومات العربية مع الولايات المتحدة في دعم المجاهدين الأفغان، وجود عوامل متعددة ساعدت على بروز ظاهرة الأفغان العرب، مثل دعم باكستان للقتال، ودور الإعلام العربي، وعدم توفر ظروف مشابهة في عمليات مقاومة أخرى، ومرور الحركة الجهادية بتحولات كبرى، من مقاومة السوفييت إلى مواجهة الأنظمة العربية والإسلامية، وكيف ساهمت الحركة في زعزعة الاستقرار في أفغانستان بعد التحرير".
وأكدت الدراسة أن غزو السوفيتي لأفغانستان أدى إلى استهداف دول عربية حليفة للروس مثل اليمن الجنوبي والجزائر وليبيا، حيث اعتمدت التنظيمات الإرهابية على أدوات إيديولوجية وتنظيمية ناجحة لمواجهة الإيديولوجية الماركسية.