أحرق وجهها بالمواد الكاوية..

عقوبات ضعيفة ورقابة غائبة أمام التشويه بالأسيد

شعرت بالنار التي التهمت وجهي حينما سمعت الحكم"

وكالات

كان خريفاً لا تنساه: نوفمبر 2017. يومها، صرخت هبة حسني (36 سنة) في المحكمة من دون توقف.

ظل صوتها يعلو في القاعة التي تقع شمال القاهرة، لمجرد سماعها حكم القاضي بحبس أشرف عبدالغني لمدة 10 سنوات.

أشرف هو الذي أحرق وجهها بالمواد الكاوية بعدما أنهت علاقة الخطوبة التي جمعتهما، تاركاً آثار حروق كان سيراها كل من سمع صوتها ذلك اليوم لو أزالت نقابها، أو قطعة القماش السوداء التي باتت ترافقها منذ أن أفرغ فوقها تلك القارورة الزجاجية.

لم يستطع أحد من أفراد أسرتها المرافقين لها ولا أي من مسؤولي المحكمة تهدئتها.

أخرس بكاؤها الجميع.

"شعرت بالنار نفسها التي التهمت وجهي في 2010، حين ألقى المتهم عليّ عبوة كاملة من ماء النار ثم هرب"، تقول هبة في 

حياتها وحياة ابنها الدي أنجبته من زواج سابق تدمرت، بحسب وصفها، هي التي كانت تعمل في مجال التجميل وتمضي ساعات يومها أمام المرآة: فقدت نظرها وأصبحت تعيش بوجه وجسد وصفتهما بالمشوهين.

تحتاج إلى عدد كبير من العمليات الجراحية التي لا تستطيع إجراؤها لأنها تكلف مئات الآلاف من الجنيهات، وهي لا تملك جزءاً قليلاً منها، وتعتبرها الدولة تجميلية لا تدخل ضمن نفقاتها.

"أصبحت عاجزة أعيش على المساعدات بعدما كنت أعمل قبل الحادث وأنفق على بيتي وابني"، تضيف لرصيف22.

سؤال يرافقها الوقت كله: كيف يكون الحكم على من ألحق كل هذا الأذى بها مجرد حبس 10 سنوات، وقد تتقلص إلى 7 سنوات لحسن السير والسلوك، وفقًا لقانون السجون

"ده مش عدل"، هو الجواب الذي تردده.

لكنه القانون.

جرائم الاعتداء تحدث في كل مكان وزمان. لكن المعتدي يزداد جرأةً حينما يجد السلاح متوفراً في الأسواق، وحينما يعلم أن ثغرات في القانون ستجعل عقابه مخفّفاً. وهو ما يحدث في حالات الاعتداء بالمواد الحارقة في مصر. إذ لا يوجد عقوبات خاصة بهذه الجرائم وغالباً ما يخرج المتهم بعد سنوات قليلة يقضيها قي السجن. حتى باتت عبارة "سأحرق وجهك بماء النار" أسلوب تهديد عفوي يستخدمه الكثيرون في لحظات الغضب.

كيف يتم الحكم؟

وفقاً لقانون العقوبات المصري، يعتبر حكم القاضي في قضية هبة أقصى عقوبة يمكن الحكم بها.

السبب هو عدم وجود تعريف خاص لجريمة الحرق والتشويه بالمواد الكيماوية، وعدم تجريم القانون المصري لها بشكل خاص.

لذلك، يستند القاضي إلى المواد الخاصة بالضرب للتعامل مع قضايا ضحايا الحروق الناجمة عن المواد الكيماوية، وتكون حجم إصابة الضحايا العامل المحدد لعقوبة المتهمين باستخدام المواد الحارقة.

فالمادة 240 تختص بالجرائم الناجمة عن سبق إصرار وترصد، والتي تؤدي الى إصابات تصل إلى قطع أو انفصال عضو أو فقد منفعته أو نشأ عنه كف البصر أو فقد إحدى العينين أو نشأت عنه عاهة مستدامة.

في هذه الحالة، تحدد المادة العقوبة من 3 سنوات إلى 10 سنوات كحد أقصى وفقاً لتقدير القاضي.

بينما تختص المادة 241 بالضرب الذي لا تنجم عنه عاهة مستدامة، لكن تتجاوز مدة علاجه 21 يوماَ في المستشفى، وتقضي هنا بعقوبة الحبس مدة لا تزيد عن سنتين أو غرامة لا تقل عن 20 جنيهاً مصرياً وبحد أقصى 300 جنيه.

أما المادة 242 فتختص بالضرب الذي يؤدي إلى إصابات تقل مدة علاجها عن 21 يوماً، حيث تبدأ فيها العقوبات من سنة واحدة ولا تتجاوز السنتين.

في حالة هبة، اعتمد القاضي على المادة 240 وحكم على أشرف بالمدة القصوى.

"منذ 2010، وأنا أنتظر أن تقبض الأجهزة الأمنية عليه. لكن، بعد سماع الحكم لا أستطيع أن أتخيل أنه سيعود إلى حياته العادية بعد سنوات عدة، بينما أنا سأكون في الوقت نفسه أمضي ما تبقى من حياتي مشوهة، أعتقد أن قانون الغابة أرحم"، تقول هبة.