قطر والإخوان.. وحدة المنطلقات والغايات..

بحث: مخطط قطري إخواني لإسقاط نظام الحكم بالسعودية

حصار السعودية ومحاولة إسقاط الحكم فيها بكلّ الوسائل حتى بالتعاون مع إيران وأذرعها في اليمن.

خاص (دبي)

كشف باحث عن مخطط قطري إخواني لاسقاط نظام الحكم في الممكلة العربية السعودية، عقب السيطرة على حكم مصر والاردن وسوريا.
وقال الباحث محمد عبد المطلب الهوني في بحثه عن دولة قطر: المقاول الفضولي والسياسات القروسطية، الكتاب (132) 'ما بعد قطر' فبراير (شباط 2018) عن مركز المسبار للدراسات والبحوث- دبي "كان المخطط القطري- الإخواني هو الاستيلاء على حكم مصر وسوريا والأردن وحصار السعودية ومحاولة إسقاط الحكم فيها بكلّ الوسائل، حتى بالتعاون مع إيران وأذرعها في اليمن.

ونشر موقع ميدل ايست أونلاين ملخصا للبحث جاء فيه "أيّا كانت نوعيّة العلاقة بين الشيخ حمد وتنظيم الإخوان المسلمين، تبقى ثمة حقيقة لا يمكن دحضها وهي وحدتهم في المنطلقات والغايات والمصائر. تنظيم الإخوان المسلمين وجد ضالته في دولة قطر الّتي تمتلك فائضاً مالياً ضخماً من ثرواتها الطبيعيّة، يمكن استغلاله لتحقيق مآربهم السياسية ووجود مكان آمن في دولة مستقلة وعضو في المجتمع الدولي، يستطيعون العمل فيها والانطلاق منها دون تعرضهم للملاحقة. والشيخ حمد يعتقد أنّه سيحقق حلمه في أن يصبح أميراً للمؤمنين وخليفة للمسلمين بتحالفه هذا الّذي يعتبره مسألة حياة أو موت، حتى لو جرّ بلده إلى الخراب. هذا التحالف بدأ يقترب من تحقيق أهدافه بعد ثورات ما يسمى بالربيع العربي، فأصبح الإخوان يحكمون تونس ومصر ولهم اليد الطولى في ليبيا من خلال ميليشيات مسلحة ترعاها قطر بالمال والسلاح، وهذا ما جعل الشيخ حمد يتنازل عن حكم قطر لابنه تميم استعدادا لتسلمه قيادة الأمة الإسلامية.

غير أنّ تونس ومصر اللتين لم تسقط فيهما الدولة استطاعتا أن تكشفا المؤامرة، وتمكنتا من خلال المؤسسات العسكرية والأمنية والنخب المدنية إحباط هذا المخطط الإخواني- القطري، ولم تبق لهما غير ليبيا وهي الحلقة الأضعف، حيث تمكّنت قطر وحلفاؤها الإخوانيون من الاستيلاء على إرادتها السياسية، وما زالوا يتمسّكون بها كآخر معقل يستميتون في الدفاع عنه؛ لأنّها تتوسط تونس ومصر وباستيلائهم على قدرات هذا الإقليم ومقدراته المادية يستطيعون أن يبثوا القلاقل في المنطقة تمهيدا لإعادة السيطرة عليهما من جديد.

التآمر القطري – الإخواني على الدول العميقة

كان المخطط القطري- الإخواني هو الاستيلاء على حكم مصر وسوريا والأردن وحصار السعودية ومحاولة إسقاط الحكم فيها بكلّ الوسائل، حتى بالتعاون مع إيران وأذرعها في اليمن.

وكانت هذه الخطة سابقة حتى على مرحلة الربيع العربي، فقد أثبتت الوثائق السرية بعد سقوط النظام الليبي والتسجيلات الصوتية التي أذيعت أخيراً حجم تآمر قطر على المملكة العربية السعودية عندما حدثت الملاسنة في مؤتمر شرم الشيخ بين الملك عبدالله بن عبد العزيز الذي كان وقتها ولياً للعهد والرئيس الليبي معمر القذافي، كما تدلّ وثائق أخرى على مدى ضلوع قطر في دعم الحوثيين في حروبهم السابقة.

تقف قطر اليوم موقفاً عدائياً ضد أكثر من نظام عربي. ففي شمال أفريقيا، اتخذت من ليبيا قاعدة لتحركاتها واستطاعت أن تمنع إقامة الدولة فيها من جديد، وباتت تستعملها منصة لإطلاق الإرهاب على مصر وتونس وتهريب السلاح براً لدول عدة مثل النيجر ومالي وتشاد. كما سيطرت من خلال حليفهم عبدالحكيم بالحاج على مطار «معيتيقة» في طرابلس لنقل الأسلحة والأموال من وإلى ليبيا، وكما هو معروف تم نقل الإرهابيين من تونس والجزائر والمغرب والسودان إلى سوريا والعراق من خلال هذا المرفأ.

أمّا في الدول العربية الآسيوية، فقد قامت بتمويل داعش والقاعدة، واستخدمت قضايا إنسانية لدفع الأموال لهذه التنظيمات علناً وعلى رؤوس الأشهاد، بدعوى إطلاق سراح مختطفين من قبلها. ولم تقف عند هذا الحد، بل حاولت -وما زالت- زعزعة نظام الحكم في البحرين، وتآمرت على دولة الإمارات العربية المتحدة بالتجسس ومساعدة الإخوان على إقامة التنظيمات السرية فيها، بغية تقويض الدولة التي تعتبر نموذجا ناجحا في التنمية والاستقرار. ولن تكون الكويت بمنأى عن الأذى القطري، خصوصاً وأن في هذه الدولة أتباعاً لجماعة الإخوان المسلمين العالمية، وبيئة خصبة لحركتهم نتيجة تبنيها ديمقراطية القبائل والطوائف المدمرة.

والسّؤال الّذي يجب الإجابة عنه بوضوح: هل ثمّة احتمالية أو حتى مجرد إمكانية لنجاح قطر والإخوان المسلمين في مشروعهم هذا؟ أعتقد أن الجواب سيكون سلبياً لهذه الأسباب:

أولاً: هذا التّحالف يعتمد على قراءة خاطئة للتاريخ، وهي إمكانية إنتاج حالات متشابهة في التجربة البشرية على الرغم من التباعد الكرونولوجي، بتصفية الظروف الذاتية والموضوعية كافة للاجتماع البشري، وبنظرة أيديولوجية متعالية على إكراهات الواقع.

أوهام الإمبراطورية الإسلامية

ويتبدى ذلك في وهم إمكانية قيام إمبراطورية تحت مسمى الخلافة الإسلامية في القرن الحادي والعشرين. هذا الوهم يشترك فيه أكثر من نظام إقليمي في المنطقة. فتركيا أردوغان تحلم بإقامة إمبراطورية عثمانية ثانية، وكذلك إيران التي ترى أنّها دائنة للتاريخ بحقوق الفرس في حكم الأمة الإسلامية كما حكمها العرب والأتراك.

لذلك فإنّ التكتل الإخواني- القطري له حلفاء ومنافسون في الوقت ذاته. فهم حلفاء في محاولة القضاء على الأنظمة القوية في المنطقة حتّى لا تتصدى لأهدافهم، ومؤجلون للصراع في ما بينهم إلى ما بعد الاستحواذ على التركة. لذلك لا يمكننا قراءة مواقفهم السياسية في كثير من الأحيان دون هذه الفرضية، والمثال الأوضح هو محاولة إيران حصار السعودية بمساعدة قطر والإخوان في اليمن، وزرع القلاقل في الكويت والبحرين، وقيام تركيا بإرسال كتائب عسكرية لقطر، وإقامتهم قاعدة عسكرية في الصومال. هذا التحالف الذي هو ليس بالضرورة مكتوبا وموثقا، وإنما توافق ضمني يُستجلى من خلال المواقف السياسية والعسكرية والإعلامية لهذه الدول، قد بدأ يترنح بعد خروج المملكة السعودية من سياسة الاحتواء إلى سياسة المواجهة.

ثانياً: إنّ الإصلاحات الكبرى الّتي دشنها الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده في الفترة الأخيرة، وخروج المملكة العربية السعودية من عصر المواجهات اللاهوتية الّتي اعتمدتها بعد قيام الثورة الإيرانية إلى صراع النماذج الحضارية، وثورة المعرفة التي تعتبر أخطر ما وقع في المنطقة العربية منذ أكثر من قرن، ستقضي في المديين المتوسط والطويل على هذه الأوهام الفارسية- التركية- الإخوانية، وستنقل المعركة الحضارية إلى تلك الأوطان التي ما زالت تغط في سباتها منذ العصور الوسطى.

ثالثاً: لقد أثبتت التجارب التاريخية أنّ القوة العسكرية والأمنية لا تستطيع وحدها خلق تماسك مجتمعي، وأنّ سياسة الهيمنة وتصدير الثروات تستنزف موارد الدول على حساب التنمية، وقد تكون عاملاً في سقوطها مثلما حدث في الاتحاد السوفيتي الذي على الرغم من قدرته على تدمير العالم مئات المرات، سقط نظامه وتشظت إمبراطوريته المترامية الأطراف بسبب هذا التوجه غير العقلاني، كما حدث ذلك في بعض الأنظمة العربية مثل العراق وليبيا وسوريا.

ويبدو من قراءة المعلومات والإحصاءات في إيران أنّها ذاهبة الى المصير نفسه، وكذلك تركيا الّتي دخلت في مغامرات غير محسوبة في الداخل والخارج، وفي بداية تآكل المنجزات الاقتصادية الّتي بنى عليها أردوغان مجده، فهي قد توصله إلى الطريق المسدود نفسه. لهذه الأسباب مجتمعة نستطيع أن نرى بوضوح تدرج هذه التحالفات إلى السقوط المدوي، والسبب الرئيس هو اعتمادها في تحقيق أوهامها أسلحة قروسطية لا تصلح في معارك القرن الحادي والعشرين.