تعالى صوت نسوي..

حملة (أنا أيضا) تغيب عن الباقة الرمضانية

فيلم يدافع عن حقوق المرأة

شيماء رحومة

لم تتوان الكثير من النجمات عن ترديد #أنا_أيضا منذ تعالى أول صوت نسوي متهما المنتج الأميركي هارفي واينستين بالتحرش الجنسي والاغتصاب، هذه الحملة الهوليوودية شجعت العديد من الأصوات على الاعتراف بأن ضريبة الشهرة والأضواء، سواء أكانت هوليوودية أم بوليوودية أو عربية، السكوت على بعض التجاوزات في حق أجسادهن حتى وإن كانت مجرّد ملامسة عرضية.

اجتهدت نجمات عالميات في ترجمة عبارة #me_ too إلى أفعال ملموسة تخرجها من حيز الأقوال عبر استغلالهن فضاءات ذائعة الصيت كمهرجان كان السينمائي، حيث شهدت دورة هذه السنة عدة تعديلات تخدم هذا التوجه من بينها إنشاء خط ساخن للنساء للإبلاغ عن أي حالات تحرش جنسي بهن، بالإضافة إلى أن المهرجان الدولي بعث برسالة قوية من خلال اختيار لجنة غالبيتها من النساء، كما خصص يوم صعود للدرج يقتصر على النساء، ومن منبره أيضا تعالت أصوات نسائية تدين التحيز العنصري.

إنهن لم يكتفين بذلك، بل عملت البعض منهن على لفت أنظار العالم من خلال الأفلام، إذ قدمت المخرجة الفرنسية إيفا أوسون إحدى المشاركات الثلاث الوحيدات بالمهرجان “بنات الشمس” وهو فيلم حربي نسوي يقوم على قصة حقيقية لعراقيات حملن السلاح في وجه تنظيم داعش بعد فرارهن من الأسر.

الحرب لم تنته بإدانة وينستون الفعلية وظهور أطراف رجالية أخرى متهمة بالتحرش، فهذه الموجة لم تهدأ، حيث ستستقبل دور السينما العالمية في الثامن من يونيو الحالي فيلم “أوشنز 8” وهو نسخة نسائية من سلسلة أفلام عن الجريمة المنظمة بدأت بفيلم “أوشنز 11” ذي البطولة الرجالية.

وسمت حركة #أنا_أيضا العديد من المحافل الدولية وارتبطت ارتباطا وثيقا بكل مناسبة عايشتها المرأة الغربية حتى الآن، رافضة الصمت والتستر مجددا على كل من يعامل جسدها وذاتها الأنثوية بطريقة غير لائقة.

وإن أسرفت في الحديث عن هذه القضية فإنه لا يمكن اختزالها في بضعة سطور، لكن بالإمكان مقارنتها مع نظيرتها العربية بامتياز، التي ركبت شهر رمضان المبارك مطية لتكشف عن أجساد نجماتها.

تعاني القنوات التلفزيونة التونسية الحكومية والخاصة من غياب تام لإنتاج أعمال درامية وكوميدية طيلة السنة، واقتصارها على مسلسلات واسكتشات خاصة بشهر الصيام، غير أنها في معظمها لا تراعي حرمة الشهر الفضيل، وتعمق الشرخ بين الممثلات التونسيات والفضيلة.

في الظاهر راهنت جل الأعمال على قضايا كان الرجل هو الفاعل المؤثر فيها، لكنها وقعت فريسة اعتمادها المبالغ فيه على الجسد، فقلبت الأدوار وصار مسلسل علي شورّب على سبيل المثال بالرغم من تناوله لحياة شخصية من الفولكلور التونسي تعدّ من أبطال الفئات الشعبية ومن المناصرين للفقراء، وتتحكم في مسار هذه الشخصية مجموعة من النساء ظهرت كل منهن في جانب من شخصيتها محرضة على الاعتماد على الجسد راقصا/ خائنا/ خليلا في الفراش/ أو مواعدة في الخفاء.

وبالأمس قال الممثل القدير لمين النهدي لابنته (قامت بالدور الفنانة منال عمارة) في سلسلة فكاهية جديدة “إلي ليك ليك” بصريح العبارة “أريد 300 مليون” أجابت “أنا طبيبة من أين لي بهذا المبلغ؟”، فلم يتردد في القول لها “أنت جميلة يا ابنتي اتصرف (تصرّفي)”، وفي اعتقادي لم نكن في حاجة إلى هذه العبارات الصادمة حتى نتبين استغلال الجسد النسوي في لعبة التسابق المحموم على الفوز بأعلى نسبة مشاهدة، فهذه الطبيبة زارت والدها في السجن بملابس أقرب إلى المنتميات إلى العصابات منها إلى طبيبة.

هذه مجرد أمثلة عن أدوار نسائية حاضرة بقوة في البرمجة الرمضانية لتفسد الصيام والقيام، وهذا لا يمنع التزام البعض ونجاحهن في أداء أدوار مؤثرة جمعت بين التراجيديا والإضحاك.

لست أحاول تقزيم الأعمال التونسية لكنها للأسف لا تزال بعيدة كل البعد عن الانتصار لنسائها وإنصافهن بأدوار تظهر الطاقات الكامنة فيهن لا في أجسادهن، معايير المخرجين وكاتبي السيناريوهات ربحية بحتة حتى وإن اشتغلت على قضايا المرأة كالنسب وغيره فإن أهدافها كانت بمنأى من جوهر القضية ولم تخرج عن الاستغلال النمطي للمرأة لتثير في كل مرة جدلا واسعا، وتعيد إلى الأذهان بتحسر صور اللمة العائلية أمام موائد تلفزيونية تجمع أفراد الأسرة على الضحكة وتقوي اللحمة بينهم.