لإنهاء الانقسام..

فتح وحماس تسلمان مصر ملف المصالحة

القاهرة متمسكة بتطبيق التفاهمات

العرب

علمت “العرب” أن مصر تواصلت أخيرا مع عزام الأحمد، القيادي بحركة فتح ومسؤول ملف المصالحة بها، وعرضت عليه تفاصيل الرؤية المصرية، ليؤكد لاحقا ترحيب السلطة الفلسطينية بها، ما يعني أن الموافقة على المصالحة تحظى بمباركة الرئيس محمود عباس (أبومازن) وموافقة فتح.

وكشفت موافقة فتح عمق إدراكها لخطورة الالتفاف على اتفاقيات المصالحة السابقة وأن التمادي في الانقسام لتحقيق مكاسب ذاتية، سيؤدي إلى المزيد من الخسائر.

وقال متابعون إن عباس أدرك حتمية التراجع إلى الوراء لتمكين حكومته في غزة، وانتزاعها بسلاسة من حماس، ليستثمر وحدة الضفة والقطاع في مواجهة الضغوط الإقليمية والدولية التي تمارس لفرض صفقة القرن الأميركية.

وأصبح أبومازن على قناعة بأن التصعيد ضد حماس وتضييق الخناق عليها، قد يدفعاها إلى تنفيذ أجندة تركية قطرية تتواءم مع تطلعات الولايات المتحدة وإسرائيل، بشكل يجعل غزة أداة ضغط مستمرة على السلطة، وبالتالي يمثل احتواء القطاع عبر التوافق مع حماس بوابة خروج من هذا المأزق.

وتلقى اللواء عباس كامل، رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية، الخميس، موافقة رسمية من إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، على ورقة القاهرة لإنهاء الانقسام الفلسطيني وإتمام المصالحة مع فتح.

وقالت حماس في بيان صحافي، الخميس، إن هنية ناقش مع كامل، هاتفيا، ملف المصالحة والمشاريع الإنسانية في قطاع غزة، وأكد موافقة الحركة على الورقة التي قُدمت لوفد الحركة خلال زيارته الأسبوع الماضي للقاهرة، وجاهزيتها للتعاون في جميع المسارات.

وعكس تأكيد الحكومة الفلسطينية، الخميس، (قبل ساعات من مكالمة هنية وعباس) استعدادها لتنفيذ أي خطوات يتم الاتفاق عليها بين حركتي فتح وحماس والفصائل بشأن المصالحة الوطنية، أن هناك تغيرات إيجابية في هذا الملف.

وتدرك حماس الآن أن رهانها على الدوحة وأنقرة قد يجلب لها عزلة جديدة، وأن القبول بشروط المصالحة مدخل مساعد للتخفيف من أزمتها الخانقة.

وقال مصدر مصري قريب من ملف المصالحة لـ”العرب”، إن “أزمة فتح وحماس تكمن في أنهما لا تدركان بدقة حتمية إنهاء الانقسام باعتباره حائط الصد لمواجهة المخاطر التي تحاك ضد القضية الفلسطينية، بل تبحثان أولا عن فوائد المصالحة بالنسبة لهما”.

وأضاف “موافقة الطرفين على الرؤية المصرية خطوة مهمة يمكن البناء عليها والضغط لتطبيقها حرفيا، وقد يلمس البعض جدية فتح وحماس في تحقيق المصالحة بالاستجابة السريعة لذلك، لكن التفاؤل عند تطبيق تفاهمات القاهرة في أكتوبر الماضي كان أكبر، وخرج الجميع أكثر شعورا بقرب إنهاء الانقسام، ومع ذلك تعطلت المصالحة بسبب الحسابات الحزبية”.

وتعذر تطبيق اتفاقات المصالحة الموقعة بين فتح وحماس، وكان آخرها في القاهرة في 12 أكتوبر 2017، بسبب نشوب خلافات حول قضايا عدة، منها؛ تمكين الحكومة، وملف موظفي غزة الذين عينتهم حماس منذ سيطرتها على القطاع.

ونصح المصدر بعدم الإفراط في التفاؤل، لأن الموافقة على الرؤية المصرية “لا تعني قرب إنهاء الانقسام فورا، وأن القاهرة متمسكة هذه المرة بتطبيق التفاهمات”.

ومن المقرر أن توجه مصر دعوة رسمية لحركتي حماس وفتح لزيارتها قريبا، على ضوء موافقة الحركتين لعقد مشاورات مشتركة والاتفاق على برنامج زمني محدد لتطبيق الرؤية التي ارتضاها الجانبان.

وعلمت “العرب” أن القاهرة تريد إقناع الطرفين بأن تكون أول خطوة في الجدول الزمني، تمكين الحكومة من مهامها في غزة، يليها رفع السلطة للعقوبات المفروضة على القطاع، ثم دمج نحو 25 ألفا من موظفي حماس، الذين تم تعيينهم خلال فترة الانقسام في الجهاز الحكومي وصرف رواتبهم مثل موظفي الضفة.

بعد ذلك تأتي مرحلة تشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك فيها مختلف الفصائل، وتكون مسؤولة عن الإشراف على الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني الفلسطيني، كي يتم التأسيس لوحدة الرأي والقرار والمصير.

وقال عبدالعليم محمد، المتخصص في الشأن الفلسطيني بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن إنهاء الانقسام بطريقة غير تقليدية يتطلب مسارين؛ الأول تقريب وجهات النظر بين فتح وحماس لأقصى درجة، والثاني أن يكون هناك حوار داخل الحركتين قائما على الإقناع والتفاعل مع العناصر التي تحاول تعطيل المصالحة، حتى لا تشكل عقبة في المستقبل أمام تقارب الحركتين.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن إتمام المصالحة لمجرد تعرض الطرفين لضغوط محلية وإقليمية ودولية، وليس بناء على قناعات داخلية “مسألة خطيرة، لأنه يمكن الالتفاف عليها مع زوال هذه الضغوط، ما يضع المزيد من الأعباء على مصر للقيام بخطوات سريعة على الأرض عبر جدول زمني ملزم للطرفين”.