لعبت دور الضحية لكسب التعاطف..

تسييس الحج حيلة قديمة لن تنفع قطر

حجاج بيت الله في مكة

الدوحة

استعرض الكاتب السياسي الدكتور خالد باطرفي مجموعة من الخطوات التي اتخذها قادة من العالمين العربي والإسلامي في محاولة لتسييس الحجّ لكن من دون أن يُكتب لهم النجاح.

لعبُ دور الضحية و‘الطفل البريء الصغير والضعيف، المكروه والمحاصر من إخوته الأكبر منه بسبب مواهبه وذكائه ونجاحه‘ لن ينجح. ولن ينجح تسييس الحج

وأشار في صحيفة "سعودي غازيت" إلى أنه منذ قرر الملك المصري فؤاد الأول تشجيع مواطنيه على عدم أداء فريضة الحج في السعودية، رداً على منع الملك عبد العزيز للمرافقات العسكرية والفرق الموسيقية في مكة المكرمة سنة 1926، تبع قادة آخرون خطوته. برز الأمر بداية مع الرئيس المصري جمال عبد الناصر فالزعيم الليبي معمر القذافي ثمّ الرئيس العراقي صدام حسين قبل أن يتبعهم مرشدا الجمهورية في إيران. وانضم إليهم مؤخراً الأمير القطري.

كتب باطرفي عن قدرة بعض المسؤولين على إطلاق كذبات مفضوحة. سمع الكاتب نظراء له من قطر يكررون ادعاءات كاذبة مثل أنّ السعودية لن تعطي تأشيرات الحج للقطريين وأنّ المطارات السعودية مقفلة أمامهم. ومن بين الأكاذيب أيضاً أنّ الحجاج الذين سيتمكنون من الوصول إلى مكة والمدنية المنورة سيعامَلون بطريقة سيئة أو يُختطفون أو يُطردون. لقد تم تكرار هذه التصريحات المتناقضة والمهينة في نقاشات إعلامية حضرها باطرفي مع ممثلين عن قطر. لكن لم يعتذر أحد منهم أو يوضح موقفه حتى بعدما كان مقدّم البرنامج يشير إلى أكاذيبهم.

دور الضحية لكسب التعاطف

إنّ قطر، مثل إيران، حاولت استخدام الحج لتكسب نفوذاً في لعبة سياسية. لقد أثارت حكومتها جلبة حول عدم قدرة القطريين على الوصول إلى مكة مع حدود سعودية مقفلة. لقد ادعت أيضاً أنّ مواطنيها لن يكونوا آمنين إلا إذا تمت مرافقتهم من قبل حراس أمنيين ومسؤولين وديبلوماسيين. تطالب قطر بوجوب سفر الحجاج على متن الخطوط الجوية القطرية وبإعادة فتح قنصليتها وسفارتها للاهتمام بهم. علاوة على كل ذلك، تصر الدوحة على وجوب أن تؤمّن الحكومة السعودية ضمانات بأنّ القطريين لن يواجهوا الاضطهاد أو سوء المعاملة.

تمارس قطر كل هذا السلوك كي تنتهي حالة المقاطعة. بهذه الطريقة، تلعب قطر دور الضحية فتدعو إلى إدارة دولية للحج وتكسب تعاطف الناس وتوجه الغضب نحو السعودية وتستخدم هذه القضية كأداة لماكينة البروباغندا الخاصة بها.

الحجاج القطريون يعامَلون كملوك
خلال السنة الماضية، سمح الملك سلمان للقطريين بالدخول إلى المملكة من دون تأشيرات أو تصاريح حج على متن الطائرات السعودية معاملاً إياهم كضيوفه. تم تعيين لجنة يرأسها أعضاء من العائلة القطرية المالكة لتأمين أي مساعدة قد يحتاجها القطريون، أكان لأداء فريضة الحج أو لمصالح فردية إضافة إلى خط ساخن مجاني. حين رفضت قطر إعطاء الإذن للطائرات السعودية كي تحط في الدوحة، أمّنت المملكة رحلات مباشرة من مطاري الدمام والإحساء القريبين من الحدود القطرية. لقد عومل القطريون كضيوف ملكيين وتم تزويدهم بوسائل النقل والإقامة والمرافقة. لكنّ الرد القطري كان صادماً. حاولت الدوحة بداية أن تقنع مواطنيها برفض العرض. حين فشلت، أعلنت أنّ نوايا الحجاج القطريين لم تكن صافية وأنّ "الذين يدّعون الذهاب إلى الحج كانوا ذاهبين في الواقع لزيارة أقاربهم والقيام بالأعمال".

"من أين برزت المخاوف فجأة؟"
عوضاً عن شكر خادم الحرمين الشريفين على كرم ضيافته، اتهمت قطر المملكة بتسييس الحج وبمحاولة التدخل في شؤونها الداخلية. وهذه السنة، تستخدم قطر البروباغندا نفسها. حتى مع السماح للقطريين بالحصول على تأشيراتهم لدى الوصول إلى مطاري جدة والمدينة، يدعي الإعلام والحكومة القطرية أنّ القطريين يُمنعون من الذهاب وأنّ الذين يفعلون ذلك من دون إذن رسمي قطري ومن دون مرافقات أمنية، يعرضون حياتهم للخطر. لقد أثيرت كل هذه الضجة إزاء 1500 حاجّ بين ملايين المسلمين حول العالم. أرسلت إيران 100 ألف وإندونيسيا 200 ألف ووصل من الهند عدد أكبر من ذلك. لم يطلب أحد منهم جيشاً من المرافقين أو ضمانات أمنية. علاوة على هذا، ليست المرة الأولى التي يأتي فيها القطريون لأداء فريضة الحج. لم يبلغوا في السابق عن مخاوف أمنية، "فمن أين برزت هذه المخاوف فجأة؟" سأل باطرفي.

"انسي ذلك!"
وختم الكاتب مقاله بنصيحة مجانية للحكومة القطرية، طالباً منها أن تبحث عن أساليب جديدة لرفع العقوبات مثل قطع علاقتها مع الإرهابيين وإيقاف تدخلاتها في شؤون جيرانها. وأضاف "لعبُ دور الضحية والطفل البريء الصغير والضعيف، المكروه والمحاصر من إخوته الأكبر منه بسبب مواهبه وذكائه ونجاحه لن ينجح. ولن ينجح تسييس الحج. حاول آخرون الحيلة نفسها من قبل وفشلوا – كما فعلتِ! لن ينجح هذه المرّة أيضاً! انسي ذلك!".