عبر الحوثيين من بيروت..

إيران توجه رسائل للسعودية: لبنان صار إيرانيا

دور يتعارض مع استقرار اليمن

بيروت

قالت مصادر سياسية مطلعة في العاصمة اللبنانية إن اللقاء الذي جمع وفدا من ميليشيا الحوثي والأمين العام لحزب الله حسن نصرالله يراد منه بعث رسائل متعددة أهمها للسعودية، عبر تأكيد أن لبنان أصبح يدور بشكل كلي في فلك إيران.

واستقبل نصرالله، السبت، وفدا حوثيا في لقاء تمّ الحرص على الإعلان عنه مصوّرا وإخراج بعض تفاصيله إلى وسائل الإعلام.
ورأس الوفد الناطق الرسمي باسم جماعة أنصارالله الحوثية محمد عبدالسلام، بحضور عضوَي المكتب السياسي للتنظيم عبدالملك العجري وإبراهيم الديلمي.
واعتبرت هذه المصادر أن أنصارالله وحزب الله يعلنان من خلال هذا اللقاء تأكيد أن أي حلّ في اليمن لا يمكن الوصول إليه من خلال المفاوضات الداخلية اليمنية كتلك التي يدعو إليها المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، وأن على المجتمع الدولي أن يقارب المسألة من زاوية ما تمتلكه إيران عامة من نفوذ في اليمن والدور الذي يلعبه حزب الله خاصة في الصراع في هذا البلد.
وبحسب قناة المسيرة التابعة للحوثيين، فإنّ هذا اللقاء جاء “في إطار الجهود المستمرة لعرض ما يواجهه الشعب اليمني من عدوان غاشم وحصار جائر”، ولفتت القناة كذلك إلى أنّه “تمّ تناول الوضع السياسي والإنساني في اليمن، واستعراض عموم المستجدات الإقليمية والتحولات الدولية”.
وغرّد الناطق باسم الحوثيين محمد عبدالسلام بعد اللقاء عبر صفحته الخاصة على تويتر “التقينا بالأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، حاملين إليه سلام القيادة السياسية وتحيات الشعب اليمني واعتزازهما بمواقفه الشجاعة والمبدئية تجاه اليمن في مواجهة العدوان الأميركي السعودي الغاشم”.
وكان نصرالله قد نفى العام الماضي إرسال حزب الله صواريخ باليستية إلى اليمن، معتبرا أن الحوثيين يقاتلون بقواهم الذاتية. كما نفى الأمين العام لحزب الله مرارا التقارير التي تؤكد ضلوع حزب الله في تدريب وتسليح الحوثيين في اليمن، ونفى أيضا وجود خبراء ومقاتلين يقاتلون إلى جانب الحوثيين.
وقالت مصادر يمنية إن لقاء الضاحية الجنوبية بين الوفد الحوثي ونصرالله هدفه إرسال رسالة إلى التحالف العربي وإلى السعودية على وجه الخصوص تؤكد ضلوع إيران وحزب الله في دعم الحوثيين بكل الوسائل السياسية والإعلامية والعسكرية.
وتختلف هذه الرسالة عن رسائل حزب الله السابقة التي نأى فيها بنفسه عن أي تدخل مباشر لصالح الحوثيين في اليمن، وأنها تريد أن تقول للتحالف العربي إن معركة صنعاء وبيروت باتت واحدة.
وقال الكاتب والمحلل السياسي اللبناني خيرالله خيرالله إن “هناك محاولة واضحة من حزب الله للقول إنّ لبنان صار يدور في الفلك الإيراني. وهذا يعطي حقا للمسؤولين السعوديين الذين يقولون إنّ لا حاجة إلى دعم لبنان لأنّه ساقط عسكريا وسياسيا. فما حصل هو تحدّ مباشر للمملكة العربية السعودية من جهة وتأكيد لواقع يتمثل في أنّ لبنان في المحور الإيراني من جهة أخرى”.
من جانبها قالت السفارة اليمنية في واشنطن، إن اللقاء يمثل دليلا على دور حزب الله المزعزع في اليمن.
وقالت في تغريدة لها على موقع تويتر “زيارة الحوثيين الأخيرة لزعيم حزب الله، دليل آخر دامغ يضاف إلى الأدلة الكثيرة الأخرى لدور حزب الله المزعزع للاستقرار في اليمن ودعمه للحوثيين، وتأتي هذه الزيارة قبل أسبوعين من جولة محادثات سلام جديدة في جنيف”.
وفيما ترى بعض الأوساط أن للقاء بعدا مرتبطا بالصراع اليمني وبعدا آخر مرتبطا بالأزمة التي تعيشها إيران في الداخل كما في الخارج منذ انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي، رأت مصادر برلمانية لبنانية أن حزب الله ونصرالله أوضحا من خلال هذا اللقاء رسالة عما يريده الحزب للبنان والمنطقة ومآلات ذلك على عملية تشكيل الحكومة اللبنانية.
وتساءل السياسي اللبناني نوفل ضو على تويتر “هل الدولة اللبنانية على علم بدخول الوفد الحوثي إلى لبنان؟ وعن أي طريق؟ وهل حصل الوفد على تأشيرة دخول؟ إذا نعم، كيف نعطي تأشيرات لمن لا تعترف به الشرعية اليمنية؟ وإذا لا، من يحكم لبنان؟”.
ولفت مراقبون إلى أن حزب الله لن يكون إلا أداة من أدوات السياسة الخارجية الإيرانية وإحدى قواها الضاربة في الخارج، وأنه لن يستطيع لعب الدور اللبناني المحلي الذي يزعمه من خلال ما أطلقه نصرالله مؤخرا من وعود لدعم ملف الإنماء ومكافحة الفساد في البلد.
وأضاف هؤلاء أن حزب الله يريد تأكيد دوره العابر للحدود ووظيفته التي لن تتوقف حتى لو أدت بعض التسويات في سوريا إلى عودة ميليشياته إلى لبنان.
واعتبر المراقبون أن حزب الله يؤكد من خلال لقاء نصرالله والوفد الحوثي، كما من خلال الدعوة إلى تطبيع العلاقات السياسية مع النظام السوري، الوجهة الحقيقية لما يخطط له في لبنان، حيث يسعى لتهديد مصالح الرياض والضغط على السياسة السعودية في لبنان والتي لطالما اتهمها نصرالله بأنها وراء عرقلة تشكيل الحكومة الجديدة.
وحزب الله يسعى من خلال رفع سقف خياراته الإقليمية إلى تكبير حجمه مقابل ما يتوقعه من تحجيم مقبل لهذا الدور في المنطقة. ويدرك حزب الله جذرية التحولات الجارية في إيران والعراق وسوريا واليمن، وهو مدرك أيضا أن عجزه عن فرض الحكومة التي يريدها في لبنان ناتج عن تبدل موازين القوى الدولية والإقليمية التي تطبق على النفوذ الإيراني والوظيفة التي لعبها حزب الله في العقود الأخيرة.