توهان عام وتراشق علني..

ضربات المقاومة في الحديدة تربك الحوثيون في صنعاء

قوات المقاومة المشتركة

وكالات

على طريقة نفي حزب المؤتمر الشعبي العام ومليشيا الحوثي وجود خلافات بينهما، في تصريحات سياسية متبادلة ساهمت بالدرجة الأولى في ضبابية الرؤية لدى أنصار الطرفين، قبيل انفجار انتفاضة 2 ديسمبر 2017م، تواصل مليشيا الحوثي خداع وتضليل عناصرها بذات الطريقة والأسلوب الفهلوى السياسي، الذي أسقطته مليشيا الحوثي على نتائج معارك حربية في كيلو 16 بمحافظة الحديدة، في ارتباك إعلامي وتخبط سياسي يكشف جانباً من حالة الانهيار المعنوياتي والعسكري للمليشيا الكهنوتية في جبهات محافظة الحديدة والساحل الغربي بشكل عام.

فبعد 3 أيام متتالية (السبت 15 سبتمبر الجاري) من إقرار مليشيا الحوثي رسمياً بفقدانها السيطرة على شارع صنعاء برمّته، ومدخل مدينة الحديدة من جهة طريق (صنعاء- الحديدة) بما فيه من مسميات كيلو 16 وكيلو 10، وصولاً إلى ميناء الحديدة، نفت مليشيا الحوثي يوم (الثلاثاء 18 سبتمبر الجاري) صحة أنباء وصول قوات المقاومة المشتركة إلى كيلو 10 وكيلو 16 في محافظة الحديدة، وفيما كانت قوات المقاومة المشتركة تبث مقاطع فيديو لمقابلات مع أسرى المليشيا في كيلو16، اكتفت مليشيا الحوثي بالاستخفاف بعقول عناصرها قائلة باسم مصدر عسكري "أن تلك الأخبار عارية عن الصحة..".

إقرار ضمني بسقوط كيلو 16

وجاء إقرار المليشيا بفقدان سيطرتها على كيلو 16 في سياق محاولتها تبرير أساب أزمة المشتقات النفطية، وذلك في بيان رسمي أقرت فيه المليشيا سقوط طريق كيلو 16 برمّته، حينما قالت "إنها تمكنت من توفير كميات كبيرة من المشتقات النفطية عبر عمليات "تنسيق وترتيب حركة دخول وخروج لشاحنات نقل المشتقات النفطية عبر مداخل أخرى لمدينة الحديدة"..!

مظاهر ارتباك مليشيا الحوثي على وقع ضربات المقاومة في كيلو 16 تعددت في أكثر من صورة تكذّب نفسها، وفي أكثر من واقعة تناقض بعضها البعض، فهذا القيادي في صفوف المليشيا محمد البخيتي يغرّد هو الآخر مواصلاً الاستخفاف بعقول متابعيه، نافياً صحة أخبار تقدم قوات المقاومة الوطنية جهة كيلو 16 وكيلو 10، وذلك من تاريخ آخر زيارة له "إلى كيلو16 وكيلو10 يومي 13 و14 سبتمبر".

 

فقدان المليشيا السيطرة على الحديدة

القيادي الحوثي البخيتي، وفيما كان منهمكاً بتخدير وتضليل متابعيه وطمأنتهم بأن أخبار تقدم قوات المقاومة في الحديدة إنما هي "من نسج خيال المرتزقة الواسع"، حسب تعبيره، كان مسئولو محافظة الحديدة المعينون من المليشيا يعلنون في ذات اللحظات "البخيتية" محافظة الحديدة مدينة منكوبة، معلنين ضمنياً فقدانهم السيطرة على إدارة شئون المحافظة.

وخلال لقاء رسمي جمعهم برئيس لجنة الإنقاذ الدولية ديفيد ميليباند والممثل المقيم للأمم المتحدة منسقة الشؤون الإنسانية في اليمن ليز غراندي، يوم الثلاثاء 18 سبتمبر الجاري، أقر مسئولو محافظة الحديدة ضمنياً بسقوط المحافظة كلّها، كاشفين عجزهم عن إدخال "سيارات الإسعاف لإنقاذ الجرحى وانتشال جثث الشهداء المدنيين"، معلنين انعدام المشتقات النفطية في محافظة الحديدة، ومؤكدين تعذر وصول المشتقات النفطية والأدوية عبر ميناء الحديدة، وتراكم مخلفات القمامة، معلنين كذلك إيقاف عدد من المنظمات لأعمالها الإنسانية في محافظة الحديدة.

تراشق كلامي علني في صنعاء

وتتجلى بوضوح صور الارتباك الإعلامي والانهيار العسكري لمليشيا الحوثي على وقع ضربات المقاومة المشتركة في كيلو 16 في ملامح خلافات عاصفة على آلية وطريقة مواجهة التطورات، فعلى ما يبدو أن أسلوب التضليل التخديري ونفي صحة الأخبار ومصطلحات "عارية من الصحة، وفي إطار الدعاية السوداء"، لم يستسغها أحد أجنحة قيادات المليشيا، والذي يرى أن الطريقة التخديرية هذه غير مجدية في ظل التطورات الميدانية، الأمر الذي اضطر معه الإعلامي -القافز مؤخراً لمركب سلطة الجماعة- أحمد الحبيشي، اتهام هذا الجناح بعدم فهم قواعد وأساليب الحروب الإعلامية، ووصفهم بلهجة حادة بمن "يخلطوا الماء بالزيت". ودعا الحبيشي في تغريدة هؤلاء لأن يتركوا المختصين لأداء واجباتهم، قائلاً "نرجو من الأخوة الذين لا يفهمون قواعد وأساليب الحروب الإعلامية والنفسية والدعاية السوداء والخداع الاستراتيجي تحت نير العدوان والحصار، أن لا يتطوعوا بما ينبغي أن يفعله الذباب الإلكتروني للعدو". وأضاف الحبيشي مهاجماً هذا التيار "وأن لا يخلطوا الماء بالزيت من حيث لا يشعرون، وأن يتركوا المختصين لأداء واجباتهم".

توهان وتخبط عام..!

إطلاق الحبيشي صفة "الغباء" للمعترضين على مصطلحاته ومن يمكن توصيفهم "خالطي الماء بالزيت"، حسب الحبيشي الشهير بـ"أحمد تنكة"، أثار غضب القيادي والناشط السياسي والإعلامي في الجماعة محمد المقالح، الذي سارع للرد على الحبيشي وبلهجة مماثلة قائلاً، "أغبى الناس الذين يعتقدون أن العدو يمارس حرباً نفسية في الحديدة وأنه لن يقتحمها بل يمارس ضغوطاً سياسية وحرباً نفسية". وفي تغريدة له ينبه المقالح وهو عضو ما سميت اللجنة الثورية العليا للجماعة، ينبّه قيادات المليشيا في صنعاء بمحاصرة قوات المقاومة المشتركة لمدينة الحديدة قائلاً: "ييه الجماعة محيطين بالمدينة وارسلوا قبل يومين يبلغوا العالم بالعملية ثم اعلنوا رسميا عن عملية واسعة من اكثر من اتجاه على الحديدة".

وأضاف المقالح مخاطباً الجماعة "خذوا قرارتكم الاستراتيجة وبطلوا سمدعة"، و"السمدعة" هنا تعني في اللهجة الصنعانية حالة من التوهان وعدم التركيز وفقدان زمام المبادرة، وهو معنى ليس بعيداً من حالة "خلط الماء بالزيت" في توصيف الحبيشي..!

 

وبين حالة "خلط الماء بالزيت" وحالة "السمدعة"، يمكن القول إن ضربات قوات المقاومة المشتركة في محافظة الحديدة أدت في نتائجها الأولية إلى خلخلة توازن مليشيا الحوثي، وبتر أطرافها، وحصر خيارات مصير "مسيرتها الكهنوتية" بين خياري التوهان والتخبط المرحلي، إن لم تكن النهاية أسوأ من ذلك..!