اعتراف بالواقع..

تقرير: خطة إيرانية لضرب الأقتصاد اليمني

مقاتلون حوثيون مع العلم الإيراني في خلفية الصورة

طهران

بعدما نشرت مجموعة العمل حول إيران تقريرها المؤلف من 45 صفحة الشهر الماضي، بشأن سلوك طهران الإقليمي ودعم الحوثيين، علّقت الباحثة فاطمة أبو الأسرار على هذا العمل كاتبة أنّه كان واحداً من التقارير الأولى التي جمعت أدلّة راسخة على الدور الإيراني الهدّام في اليمن.
كشفت فرنسا عن مخطط للنظام الإيراني بتفجير مقر للمعارضة على أراضيها مع ما يعنيه ذلك من تصميم طهران على تحقيق أجندتها بغض النظر عن علاقاتها السياسية وذكرت في صحيفة "ذي آراب نيوز" السعودية أنّه على الرغم من الأدلة المتنامية على السلوك الإيراني المدمر لليمن، اقتصادياً واجتماعياً وإقليمياً وإنسانياً، لا يزال التشكيك يتغلغل بين خبراء السياسة الغربيين ممّا يؤدي إلى عدم فهمهم لطبيعة الحرب الدائرة هناك والحلول الكفيلة بإنهائها.
أشارت أبو الأسرار، باحثة في مؤسسة الرأي أرابيا فاوندايشن ومقرها واشنطن، إلى أنّ الدليل العسكري على دعم إيران للحوثيين قدّم نفسه من خلال برنامج إيران الصاروخي الذي طبقته في اليمن. لقد تعرضت السعودية والأراضي المحررة في اليمن للهجمات الصاروخية التي أطلقها الحوثيون، فيما تبرهن الأدلة أنّ إيران أمنت الصواريخ وساعدت الميليشيات الحوثية في تعزيز قدراتها العسكرية. لقد تمكن النظام الدفاعي الصاروخي من اعتراض هذه الهجمات، لكنّ استخدام الصواريخ المتكرر يشكل تهديداً جدياً للمملكة والمراكز السكنية في اليمن.
كيفية جمع الأدلة
من الواضح أنّه لم يكن بإمكان الحوثيين أبداً كسب الزخم والتطور العسكري من دون مساعدة إيران، وهم في الأساس قبليون من سكان الجبال معزولون عن التكنولوجيا. في نهاية 2017، أطلقوا صاروخاً بالستياً كل أسبوع كمعدل عام، بينما تعهدوا بجعل 2018 "سنة الصواريخ البالستية". تأمنت أدلة إضافة على تفاصيل مد إيران الحوثيين بالصواريخ البالستية من خلال الحطام الذي تم جمعه بعد الهجمات التي أطلقتها الميليشيات من اليمن على الرياض. إنّ التحاليل التي أجريت على صواريخ قيام، بما فيها تلك التي تعود لخبراء أمميين، دلت إلى أنّ إيران هي مصدر هذه الصواريخ. علاوة على ذلك، يتم باستمرار اعتراض سفن شحن أسلحة غير شرعية مع اكتشاف أنّ مصدرها إيراني أيضاً مع ما يعنيه ذلك من خرق للحظر الذي يفرضه مجلس الأمن على توريد الأسلحة.
متى تحسنت قدراتهم؟
لقد تحسنت قدرات الحوثيين القتالية بشكل حاد خلال حرب حكومة صالح عليهم من سنة 2004 وحتى 2010، فيما تطورت قدراتهم العسكريّة بدءاً من إطاحتهم بالحكومة الشرعية المدعومة دولياً سنة 2014 وتحولهم إلى سلطة أمر واقع في شمال البلاد. في أكتوبر (تشرين الأول) 2016، أطلقت الميليشيات الحوثية عدداً من صواريخ الكروز على سفن قريبة من السواحل اليمنية كما هاجموا سفينة عسكرية بالقرب من ميناء مخا المطل على البحر الأحمر إضافة إلى المدمرة الأمريكية يو أس أس ماسون. في ذلك الوقت، كان واضحاً أنّ الحوثيين امتلكوا قدرات صاروخية أكبر من إمكاناتهم الأساسية بشكل يفرض تهديداً على الأمن البحري.
خطة إيران لضرب اقتصاد اليمن
التلاعب بالاقتصاد اليمني هو عنصر آخر من التدخل الإيراني. حولت السعودية ملياري دولار إلى المصرف اليمني المركزي في يناير (كانون الثاني) و 200 مليون دولار أخرى الأسبوع الماضي لوقف تدهور الريال اليمني. لكن في 2017، خطط فيلق القدس لتزوير أوراق نقدية يمنية وفق تقرير لوزارة الخارجية الأمريكية. وأوردت وزارة الخزانة الأمريكية أسماء خمسة إيرانيين أمنوا الخبرات التقنية الصاروخية للحوثيين. وتتدخل إيران في اليمن ودول أخرى بغض النظر عن المشاكل والمظاهرات التي تواجهها في الداخل. يدرك المتظاهرون حجم الإنفاق العسكري لدولتهم في الخارج فطالبوها بالتركيز على أوضاعهم. وقدّر تقرير وزارة الخارجية الأموال التي صرفتها إيران على نشاطاتها الإقليمية المزعزعة للاستقرار، أكان عبر دعم نظام الأسد أو وكلاء آخرين في سوريا والعراق واليمن منذ سنة 2012 ب 16 مليار دولار.
قلق في غير محله
يقلق عدد من الخبراء اليمنيين من توجيه الاتهام إلى دور إيران كي لا "يعقّدوا" الوضع. ويخشى خبراء دوليون آخرون من أن يؤدي الخطاب الاتهامي تجاه إيران إلى مواجهة عسكرية بين واشنطن وطهران. لكنّ القادة الإيرانيين واصلوا السعي خلف أهدافهم المدمرة مع أقرب المتعاطفين معهم: أوروبا. فقد كشفت فرنسا عن مخطط للنظام الإيراني بتفجير مقر للمعارضة على أراضيها مع ما يعنيه ذلك من تصميم طهران على تحقيق أجندتها بغض النظر عن علاقاتها السياسية مع الدول التي تستهدفها.
للتعامل مع الأدلة عوض إنكارها
ترى أبو الأسرار أنّ الديبلوماسية التقليدية والتواصل مع الآخرين هما أسلوبان أساسيان يمكن أن يحافظا على السلام. لكن مع النظام الإيراني يجب اعتماد تحركات أقوى من دون أن تُترجَم تلقائياً بالحرب على إيران أو حتى بالعقوبات التي يمكن أن تؤذي الإيرانيين العاديين. فما يجب أخذه بالاعتبار في المقام الأول هو تعزيز التعاون بين واشنطن وحلفائها في الشرق الأوسط لدحر النفوذ الإيراني الذي يهدد تأثيره المهلك حياة الملايين من البشر. إنّ التقليل من أهمية الدعم الإيراني للحوثيين أو التفكير باستقلاليتهم المطلقة عن رعاتهم أدى إلى خلاصات سياسية قصيرة النظر لا يمكنها تقديم مشروع السلام في اليمن. المسؤولية يجب أن تدفع الخبراء للتعامل مع الأدلة عوضاً عن إنكارها.