قطاع الثقافة..

الجزائر..المعارض لا تصنع الثقافة الوطنية

مشكلة الكتاب في الجزائر مزمنة ومركبة

أزراج عمر

لقد شهدت عاصمة الجزائر هذا الأسبوع افتتاح الطبعة الثالثة والعشرين لمعرض الجزائر الدولي للكتاب بمشاركة معظم دور النشر الجزائرية الخاصة والتابعة للقطاع العام، إلى جانب عدد من دور النشر العربية، ولقد كرست الصين هذه السنة كضيفة شرف في هذا المعرض علما أن الجزائر لا تعرف أي شيء يذكر عن الآداب والفكر الصينيين، وكذا المكونات والأسس المشكلة للهوية الثقافية الصينية عبر العصور. وفضلا عن ذلك فإن الجزائر لم تمهد لتنصيب الصين ضيفة شرف في هذا المعرض أيضا بتفعيل أي علاقات ثقافية جزائرية – صينية جدية.

ويلاحظ أن برنامج هذا المعرض لم يأت بأي جديد في هذه السنة، بل فقط التزم بتكرار الروتين التجاري المعهود باستثناء برمجته لبعض الندوات التي يغلب عليها الطابع الأدبي الارتجالي والتي سيقدم فيها وسيشارك في إحيائها كتاب جزائريون مكررون في كل معرض من المعارض السابقة، إلى جانب كتاب آخرين جاؤوا من المنطقة المغاربية والمشرق العربي، فضلا عن عدد من الأسماء المعروفة التي تنتمي إلى هذا البلد الغربي أو ذاك، دون ربط كل ذلك بأولويات الصناعة الثقافية في الجزائر وبالتنمية الثقافية والفكرية والفنية في المجتمع الجزائري.

ولا شك أن مشكلة الكتاب في الجزائر مزمنة ومركبة، حيث لا يمكن أن يحلها أو يغطي عليها معرض سنوي أو دوري من أي طراز كان، بل هي مشكلة ذات صلة بمظهر التخلف الثقافي المكرس في البلاد على مدى سنوات طويلة ولم تجد إلى يومنا هذا العلاج المنشود. ومن الأخطاء الكبرى التي ارتكبها ولا يزال يرتكبها المسؤولون الجزائريون، وخاصة المكلفون مباشرة بتسيير قطاع الثقافة هو الظن أن تنظيم المعرض الدولي للكتاب سنويا أو دوريا هو الذي سيصنع الإبداع الذاتي للثقافة، أو يخلق المناخ الحضاري الذي يفجر المواهب والطاقات الفكرية والفنية والأدبية الوطنية.

ومن السذاجة أيضا أن المسؤولين الجزائيين المكلفين بقطاع الثقافة، والكتاب جزء مفصلي منه، يتوهمون أن دعوة مجموعة صغيرة من الأدباء والنقاد المشهورين عربيا أو أوروبيا أو آسيويا هي وحدها التي ستدخل الجزائر من الباب الواسع إلى فضاء الحوار الثقافي الدولي أو أنها هي التي ستعطي للثقافة الجزائرية الناشئة الطابع العالمي أو تحول الجزائر بالتالي إلى عاصمة ثقافية دولية، وفي هذا الخصوص لا يبدو أن هؤلاء المسؤولين قد استفادوا من التجارب السابقة التي بينت لهم بشكل مستمر أن التظاهرات الثقافية الموسمية ليست سوى تنشيط ثقافي ولا يمكن أن  يعوض هذا التنشيط الموسمي الانخراط الإبداعي الذاتي الدائم في عمليات البناء الثقافي الوطني على أسس روح العصر وأفكار التنوير والتحديث.