الساحة الإسرائيلية..

استقالة مفاجئة لـ "حارس البارات" تضع نتنياهو في ورطة

يواجه ليبرمان استياءً شعبيا وسط المستوطنين بشكل خاص

لندن

قبل عامين صعد إلى الساحة الإسرائيلية حارس البارات الذي تولى حقبة وزارة الحرب الإسرائيلية أفيجدور ليبرمان، والذي فتح على الفلسطينيين وابلا من التهديدات وقتها، لعل أبرزها تصفية إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خلال 48 ساعة، واجتياح كامل لقطاع غزة وتحويلها إلى ملعب كرة قدم.

استقالة مدوية 

تهديدات ليبرمان هي الأكثر سخونة لشخص يتولى حقيبة وزارة الدفاع، تعادل في صداها الاستقالة المدوية له التي أصبحت حديث وسائل الإعلام الإسرائيلية والعالمية، والتي جاءت عقب عملية استخباراتية فاشلة كبدت إسرائيل خسائر فادحة.

وكان فريق إسرائيلي متخفٍ حاول تنفيذ عملية استخباراتية، حيث تسلل إلى القطاع قرب منطقة خان يونس في سيارة مدنية ليستهدف القائد الذي قتل بالفعل في العملية.

وأقر الجيش الإسرائيلي بمقتل ضابط وإصابة جنديين آخرين خلال الاشتباكات التي وقعت شرقي غزة، وأعقبتها غارات جوّية إسرائيلية وإطلاق صواريخ على جنوب إسرائيل
.

أسباب الاستقالة 

بعدها خرج علينا ليبرمان باستقالته أنها بسبب رفضه وقف إطلاق النار في قطاع غزة بعد خلاف حاد مع الحكومة التي يرأسها بنيامين نتانياهو.

غير أن خبراء ومحللين أكدوا أن هناك أسباب أبعد من هذا السبب المباشر وهو وقف الحرب على غزة، فوضع ليبرمان داخل الحكومة لم يكن كما وعد ناخبيه قبل سنتين، فقد وعد بتحسين الوضع الأمني وتصفية هنية خلال 48 ساعة، وهو الأمر الذي دفع الأحزاب المعارضة له في الداخل إلى السخرية منه بالقول "سنتان لم تكف لهذا الأمر".

فضلا عن ذلك يواجه ليبرمان استياءً شعبيا وسط المستوطنين بشكل خاص إزاء ما حدث في غزة خلال الفترة الأخيرة، كذلك لم تكشف حتى الآن تفاصيل العملية الاستخباراتية في غزة ومن المسؤول عن اتخاذ القرار بها، الأمر الذي جلب وابلا من الصواريخ على إسرائيل، كل هذه الأمور دفعت ليبرمان إلى الحد ربما من الخسارة السياسية من خلال الخروج من الحكومة بالاستقالة.


ترحيب إسرائيلي

تسببت الاستقالة المفاجئة لأفيجدور ليبرمان في ردود أفعال إسرائيلية مرحبة من الوزراء وأعضاء الكنيست، سواء بسبب الفشل الأمني أو سعيا وراء الحصول على مكاسب وحقائب وزارية، أو لسبب ثالث وهو الخلافات السياسية.

وقالت رئيسة المعارضة، تسيبي ليفني (المعسكر الصهيوني)، إن "الفشل الأمني المدوي في الجنوب هو بصقة في وجه الجمهور في غلاف غزة، وضربة قاصمة للردع الإسرائيلي".


وأضاف عضو الكنيست موطي يوغيف (البيت اليهودي)، إنه يعتقد أن الاستقالة هي هروب من المسؤولية.

 وأكد عضو الكنيست الإسرائيلي يوآف كيش: "هذه ضربة للقوة الوطنية"، أما رئيس القائمة المشتركة فأثنى على الاستقالة، قائلا: لقد تعرضنا لمحاربين متطرفين وعنصريين ومروجين للحرب. يجب أن نتبع لمستقبل السلام والمساواة والعدالة.

وأضاف رئيس القائمة العربية المشتركة في الكنيست أيمن عودة: المقاومة انتصرت فعلياً بعد استقالة ليبرمان.

وكتب رئيس "المعسكر الصهيوني"، آفي غباي، إنه "تم التخلص من أكثر شخص غير مناسب لإدارة أمن المواطنين الإسرائيليين، وأن التالي الذي يجب أن يستقيل هو رئيس الحكومة".

أما عضو الكنيست إيتسيك شمولي من "المعسكر الصهيوني" فقد أكد أن الاستقالة كانت مطلوبة بسبب الفشل الذريع، وهذا ما يتوجب على نتنياهو وبينيت وباقي الوزراء في المجلس الوزاري فعله، الذين تسببوا بالتخلي عن الجنوب وفقدان الردع".

وقالت رئيسة الحركة "ميرتس"، تمار زندبرغ، إنه "تم التخلص من وزير عنصري فاسد هبط بالسياسة الإسرائيلية إلى الحضيض".


حكومة نتنياهو في ورطة 

استقالة أفيجدور ليبرمان جعلت الحكومة الإسرائيلية بزعامة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلى بنيامين نتنياهو تواجه العديد من الأزمات مما تعجل بانهيارها قريباً، لكونه أحد المشاركين فى الائتلاف الحكومي، وأعلن عن انسحاب حزبه "إسرائيل بيتنا".

فقد هدد وزير التعليم، وزعيم حزب "البيت اليهودي" اليميني، نفتالي بنيت، بانسحاب حزبه من الحكومة الإسرائيلية، في حال عدم توليه حقيبة الدفاع، بعد تقديم أفيغدور ليبرمان استقالته.

ونقل الموقع الإلكتروني لصحيفة "جروزاليم بوست" الإسرائيلية، عن مسؤولين في حزب "البيت اليهودي"، قولهم: " إذا لم يصبح نفتالي بنيت وزيرا للدفاع فإن الحزب سينسحب من الائتلاف الحكومي".

وبانسحاب "إسرائيل بيتنا"، فإن الائتلاف الحكومي (يمين ويمين متطرف) يضم الآن 5 أحزاب، هي إضافة إلى "الليكود" أحزاب "البيت اليهودي" برئاسة بنيت و"شاس" برئاسة وزير الداخلية ارييه درعي، و"كُلنا" برئاسة وزير المالية موشيه كاحلون، و"يهوديوت هتوراه" برئاسة نائب وزير الصحة يعوب ليتسمان.

وفي حال انسحاب حزب "البيت اليهودي"، فستفقد الحكومة أغلبيتها البرلمانية، وقد يؤدي إلى سقوطها في حال إجراء تصويت على سحب الثقة منها.


شخصية مستفزة 

اللافت أن تعيين ليبرمان كوزير للدفاع لم يلق استحسان الجميع، ليس الفلسطينيين فقط بل والإسرائيليين أيضا، فقد استقال موشيه يعلون، العضو البارز في حزب ليكود الذي يتزعمه نتنياهو، من العمل السياسي عند تعيين ليبرمان وزيرا للدفاع، قائلا: إن الحكومة يتم الاستيلاء عليها من قبل “عناصر متطرفة خطرة ”.

ليبرمان الذي عمل حارسا للأمن بأحد الملاهي الليلية في مولدوفا وهو دون العشرين، قبل أن يهاجر إلى إسرائيل عام 1978، سبق وأن طُرد من الائتلاف الحاكم عام 2004، بعدما عارض خطة رئيس الوزراء حينها أرييل شارون للانسحاب أحادي الجانب من قطاع غزة، والتي نفذت في صيف عام 2005.

كما أثارت سياسات ليبرمان المتشددة كوزير للخارجية القلق داخليا وخارجيا. وأغضب عرب إسرائيل، حينما طالب بفرض يمين للولاء على غير اليهود، كشرط لحصولهم على المواطنة الإسرائيلية.

ولم ينس أحد إعلان ليبرمان أنه سيؤيد عقوبة الإعدام ضد أعضاء الكنيست، الذين يلتقون بقادة حماس أو حزب الله، مطالبا بضرورة قتال بنفس الطريقة التي فعلتها الولايات المتحدة مع اليابانيين في الحرب العالمية الثانية، في إشارة إلى إلقاء قنبلتين نوويتين على ناجازاكي وهيروشيما.


فساد ليبرمان 

رغم أنه أصبح بمثابة "صانع الملوك" لتحكمه في 15 مقعدا في الكنيست، إلا أنه لا يخفى على المتابعين للشأن الإسرائيلي فساد ليبرمان، مثله في ذلك مثل كل الساسة والمسؤولين في إسرائيل تلاحقهم قضايا فساد ورشاوى، ففي عام 2012، وجه اتهام إلى ليبرمان بخيانة الأمانة، في قضية تتعلق بسفير إسرائيلي سابق في بيلاروسيا.

واتهم ليبرمان بترقية السفير الإسرائيلي السابق لدى بيلاروسيا، زئيف بن أرييه، إلى منصب أرفع، وذلك بعد أن زوده بمعلومات سرية تتعلق بتحقيقات تجريها الشرطة في أنشطته.