مشاعر متباينة..

"روز باريس" يروي حكايات موجعة من دار المسنين

مسلسل خليجي

ناهد خزام

تدور أحداث المسلسل الخليجي “روز باريس” حول الفتاة روز، ابنة رجل الأعمال الكويتي التي تجري عملية قلب في أحد المستشفيات الفرنسية.

تلتقي روز أثناء إقامتها في المستشفى بمشاري وهو شاب كويتي مريض بالقلب ويتحضر هو الآخر لإجراء نفس العملية، يرتبط مشاري بعلاقة صداقة ومودة مع روز سرعان ما تنتهي بعودتها إلى بلدها بعد شفائها تاركة مشاري وحيدا.

يتأكد مشاري بعد رحيل روز من صدق مشاعره تجاه تلك الفتاة، لكنه لا يستطيع القيام بشيء، فهو شاب وحيد ينتظر مصيرا مجهولا وتراوده الهواجس دائما حول حالته الصحية، فيستسلم لقدره ويعيش على ذكرى تلك الأيام القليلة التي قضاها مع روز، هي قصة حب رومانسية مليئة بالشجن والمشاعر النبيلة تتدخل الأقدار كي تُستكمل فصولها بعد سنوات من هذا اللقاء الأول.

بعد موت والد روز تجد الفتاة نفسها مضطرة إلى التعامل مع الحياة بمفردها، فتترك إدارة الشركة التي ورثتها عن والدها لابن عمها، وتتفرغ هي للعمل التطوعي في إحدى المؤسسات الخيرية الخاصة برعاية المسنين، حيث تنفتح أمامها العديد من الحكايات المؤثرة، والتي تمثل معا الخيوط الرئيسية للعمل الدرامي المكون من 30 حلقة.

والمسلسل من إخراج حمد البدري وتأليف الكاتبة البحرينية سحاب وتشارك في بطولته الفنانة والمخرجة الكويتية هيا عبدالسلام إلى جانب الفنانين محمد العلوي وأحمد السلمان وعبدالله الباروني وعبدالمحسن القفاص وفاطمة الحسني وأميرة محمد وفهد البناي ومحمد المنصور والفنانة طيف.

تستغرق روز التي تقوم بدورها الفنانة هيا عبدالسلام في عالمها الجديد داخل دار المسنين، ومع الوقت تتعلق النزيلات بها ويروين لها حكاياتهن، بدورها ترى روز أن من واجبها الاستماع إلى حكايات النزيلات ومساعدتهن على تقبل المحنة التي يمررن بها، فكل واحدة منهن تعرضت للقسوة والجحود من أقرب الناس إليها.

وتلعب المصادفة هنا دورها مرة أخرى، حين نعرف أن واحدة من نزيلات الدار هي والدة الشاب مشاري الذي التقته روز في باريس، وتؤدي دورها الفنانة طيف.

ومن خلال الأحداث نعرف أن شقيق مشاري الأكبر بدر (عبدالمحسن القفاص) قد أودع والدته في هذه الدار بإيعاز من زوجته ومن دون علم أخيه الأصغر الذي لا يزال مقيما في فرنسا، وهو لم يكتف بذلك فقط، بل قام بخداع والدته واستولى على أموالها أيضا.

العاصمة الفرنسية باريس لا تحضر في المسلسل الذي حمل عنوان "روز باريس" إلاّ في مشاهد سياحية استعراضية

وحين يعود مشاري (محمد العلوي) إلى الكويت بعد أكثر من سبع سنوات يصدم بما فعله أخوه بوالدته، ويفجأ أيضا بأن الفتاة التي أحبها من كل قلبه وظل وفيا لذكراها هي نفسها الفتاة التي تقوم برعاية أمه. تشتعل في قلب مشاري مشاعر الحب من جديد وتبادله روز نفس الشعور ويقرران الارتباط، ولكن تقابلهما بعض العوائق.

ويشاء القدر أن يتعرض بدر لحادث مروّع يفقد على إثره القدرة على الحركة ولا يجد من يقف إلى جواره سوى أمه وأخيه، فيعتبر أن الأمر هو عقاب له من السماء على ما اقترفه من جرم في حق أخيه ووالدته، ومن هنا تتخذ الأحداث منحى آخر.

خلافا للقصة الرئيسية المتعلقة بمشاري وروز ثمة قصص أخرى فرعية، أبرزها على سبيل المثال قصة علي الذي يؤدي دوره الفنان عبدالله الباروني وهو شاب يضع والدته في دار الرعاية رغم معارضة زوجته لذلك.

وحفل المسلسل بتحولات حادة في طبيعة بعض الشخصيات لتبدو مناقضة لتركيبة الشخصية، وهي تعكس تلك الرغبة الوعظية المباشرة والمسيطرة على سياق العمل ككل، لنجد أنفسنا في النهاية أمام جملة من المفارقات والتحولات النفسية التي لا تستند إلى مسوغ قوي أو مقنع، كأننا نقولها مباشرة للمشاهد: انظر كيف ينتصر الخير على الشر في النهاية، وكيف يعود الإنسان إلى رشده بعد شقاء.

ومن بين الأشياء اللافتة أيضا في هذا المسلسل هو الإقحام الفج لتفاصيل غير مؤثرة، كأن تكون بطلة العمل من أب كويتي وأم فرنسية، فمن المؤكد أن السياق العام لم يكن سيختلف كثيرا إذا كانت روز من أبوين كويتيين مثلا، فلم تضف هوية الأم شيئا إلى الصراع الدرامي.

كما أن لقاء روز بمشاري في باريس كان يمكن أن يحدث أيضا في الكويت، إلاّ إذا كانت هناك رغبة في إضفاء شيء من التنوع على أجواء التصوير، وهو أمر مقبول نوعا ما، ولكن ليس إلى درجة أن يتم لصق اسم العاصمة الفرنسية على عنوان العمل ككل، فهو أمر ينطوي على مبالغة خادعة.

والانطباع الأول الذي يمكن أن يتبادر إلى ذهن المشاهد حين يسمع عنوانا كهذا “روز باريس”، هو أن أحداث العمل لا بد أنها تدور في باريس مثلا، أو أن جانبا لا بأس به من الحكاية يعتمد بشكل ما على تلك المدينة الفرنسية، ولكن كل ما رأيناه من باريس في المسلسل ما هو إلاّ استعراض لبعض الشوارع الرئيسية في لقطات سياحية، مع لقطات لمشاري وهو يجوبها بلا هدف، ووجود بطل العمل نفسه في باريس لأكثر من سبع سنوات هو أمر غير مقنع وبلا مبرر أيضا.