الإرهاب في اليمن..

تقرير: العلاقات الخفية بين الحوثي وداعش والقاعدة

ما الذي يجمع الجماعات الإرهابية رغم اختلاف مشاربها الفكرية؟

أحمد نمر

منذ انقلاب الحوثيين في 21 سبتمبر/أيلول 2014، عملت التنظيمات الإرهابية في اليمن على استغلال عدم استقرار الأوضاع الأمنية، في محاولة لفرض نفوذها على الساحة اليمنية.

إلا أن الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب - بالتنسيق مع الحكومة والجيش اليمني المدعوم من التحالف العربي بقيادة السعودية- ساهمت في تقييد تنظيمي القاعدة وداعش، رغم أنهما لا يزالان ينفذان هجمات إرهابية في مختلف الأراضي المحررة الخاضعة لسيطرة التحالف العربي، بعيدًا عن مناطق سيطرة الحوثي في اليمن.

وبرزت نجاحات قوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن في التصدي للميليشيات الإرهابية، من خلال الانتصارات الميدانية الكبيرة التي تحققت منذ انطلاق «عاصفة الحزم» في مارس/آذار 2015 وحتى اللحظة، حيث عملت قوات التحالف العربي على كبح جماح الميليشيات الحوثية، وتمكنت -عبر إسناد القوات اليمنية والمقاومة الشعبية- من استعادة 85% من الأراضي اليمنية التي كانت مهددة بالسقوط في المشروع الإيراني الرامي لضرب المنطقة، وتهديد الأمنين الإقليمي والعالمي.

في المقابل، تعيش الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران لحظات صعبة مع عمليات تحرير المدن اليمنية، وصولًا إلى تضييق الخناق عليها في معقلها الرئيس في صعدة، وقطع خطوط إمداداتها الرئيسة من الصواريخ والأسلحة القادمة من إيران عبر الساحل الغربي وميناء الحديدة الذي بات قاب قوسين من تحريره، هذا عدا عن وصول القوات اليمنية إلى محيط العاصمة صنعاء، الأمر الذي دفع بها إلى تكثيف التعاون والاندماج مع القاعدة وداعش عبر تنفيذ عمليات مشتركة، وتقديم الدعم المادي واللوجستي، والتدريب العسكري لتوسيع العمليات الإرهابية في المناطق المحررة من الحكومة الشرعية؛ بهدف ترويع المواطنين وتعزيز حالة عدم الاستقرار في البلاد.

وكشف نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية اليمني المهندس أحمد الميسري، الأسبوع الماضي، بالأدلة الدامغة، وقوف ميليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران وراء تنفيذ العديد من العمليات الإرهابية التي استهدفت قيادات أمنية وعسكرية في العاصمة عدن، وبعض المحافظات اليمنية المحررة، تحت مسمى (تنظيمي داعش والقاعدة الإرهابيين)، لزعزعة الأمن والاستقرار وتصوير الحكومة الشرعية والأجهزة الأمنية على أنها غير قادرة على تأدية مهام عملها في حفظ الأمن والاستقرار في المحافظات المحررة، إذ أشار إلى أن وزارة الداخلية اليمنية، ممثلة بقوات مكافحة الإرهاب في أمن محافظة لحج جنوبي اليمن، تمكنت من إلقاء القبض على خلية إرهابية لتنفيذ اغتيالات وعمليات إرهابية في العاصمة المؤقتة عدن، ممولة من ميليشيا الحوثي الإيرانية، جرى ضبطها في محافظة لحج خلال الأيام الماضية.

وبدأت، خلال الأيام الماضية، تتكشف للعالم أجمع خفايا العلاقات بين الحوثي وكل من تنظيمي القاعدة وداعش، خصوصًا بعد العملية الإرهابية التي أقدم فيها تنظيم داعش الإرهابي على قتل 4 شبان يمنيين في منطقة يكلا بمحافظة البيضاء، كانوا في طريقهم إلى محافظة مأرب للالتحاق بصفوف الجيش الوطني الذي يواجه ميليشيات الحوثي الانقلابية، وهي العملية التي تؤكد أن المستفيد الأول من تنفيذها هي الميليشيا الحوثية رغم اختلاف المرجعية المذهبية للطرفين.

المصالح المشتركة بين الحوثيين من جهة، وداعش والقاعدة من جهة أخرى، جعلت التحالف بين الطرفين أمرًا طبيعيًا؛ فمن جانب الحوثيين، فإن توطيد علاقاتهم مع التنظيمين الإرهابيين، يمكن أن يخدم مصالحها في تنفيذ هجمات إرهابية تستهدف المناطق المحررة من القوات الشرعية، وهو الأمر الذي سيخدم الحوثيين لتقديم أنفسهم كشركاء للمجتمع الدولي في الحرب على الإرهاب، فضلًا عن توظيفها لتبرير إرهاب الميليشيات الحوثية وانقلابها وسيطرتها على البلاد ومؤسسات الدولة، بدليل أنه على مدار 4 سنوات من الأزمة اليمنية لم تشهد أي من المحافظات صدامات ومواجهات بين ميليشيا الحوثي مع القاعدة أو داعش، بالإضافة إلى عملهم جنبًا إلى جنب في البيضاء وتعز وبعض المحافظات الجنوبية.

أما بالنسبة لداعش والقاعدة، فمصلحتهما مع الحوثيين تكمن في سببين رئيسيْن: الأول هو استمرار الحصول على الدعم اللوجستي والمادي والتدريب العسكري الممول من إيران، مما سيرفع من خبراتهما القتالية والعسكرية التي ستساهم في توسيع نفوذهما في اليمن وتحقيق حلمهما بإعلان دولة الخلافة.

أما السبب الثاني، فيكمن في مواجهة عدو المشترك هو الجيش الوطني اليمني والحكومة الشرعية التي صارت هدفًا للإرهاب، بسبب تكثيف جهودها مع المجتمع الدولي لمكافحة الإرهاب تزامنًا مع تحرير المحافظات اليمنية من الميليشيات الحوثية.

المصدر