الأزواج يلجؤون لأسماء وهمية..

عزيزي الزوج.. أنت مُراقب!

رقابة فيسبوكية

رابعة الختام

تنشر زميلة عمل ما يقارب عشرة منشورات يوميا عبر صفحتها على مواقع التواصل الاجتماعي، فيس بوك، تويتر، حتى اليوتيوب والتيك توك، لا تجد وسيلة يمكنها من خلالها الوصول إلى الناس إلا واتبعتها. لا ينقصها سوى الخروج من صنابير المياه، أو تعشش فوق أغصان الأشجار كالعصافير.

لكن اللافت أن معظم منشوراتها عدائية للغاية وتقريبا جميعها موجهة للرجال بما يحمل رسائل تعد قنابل موقوتة شديدة القابلية للانفجار، وبعضها مخصصة للزوج السابق الذي مازالت تحمل اسمه في أوراقها الرسمية رغم الانفصال الجسدي والاجتماعي، والطليق شريكها في طفلة لا تحمل شيئا من ملامحها.

باتت تلقب وسط الجميع بعدوة الرجال، لكثرة ما تصرح به أو تلمح من كراهيتها للرجال واكتفائها بذاتها، أو صديقاتها اللاتي تقاسمنها نفس درجة العدوانية تجاه الرجال وكل ما ينسب إلى “المذكر السالم”.

فتارة تنشر صورة لنعل حذاء عال معلقة أسفله، (من تتحمل ارتداء هذا لساعات من أجل أناقتها، يمكنها تمضية بقية العمر دون الحاجة إلى رجل).

وتارة أخرى تتفوه بعبارات جارحة وتذكر تفاصيل حياتية مع زوجها السابق ممهورة بجملة غاية في الشراسة والقبح، وتارة ثالثة تنشر صورة الرجل وعلى عنقه سكين ودماء تتقاطر من حوله، وتعلق قائلة، هذه المرة قطعت رقبتك بالفوتوشوب، لكن المرة القادمة لن تكفيني فيك أسلحة العالم بأكمله.

وتارة تنشر مقولة ماري كوريلي المتحدية بشدة لمشاعر الرجال: لم أتزوج لأنني لست بحاجة إلى ذلك، فلدي ثلاثة حيوانات تقوم بكل مهام الزوج، كلب ينبح، ببغاء يشتم، وقط يعود للمنزل متأخرا كل مساء. هكذا ترى هذه المرأة زوجها السابق، وتشوه صورته أمام ابنتها.

فضلا عن تهديدات بالويل والثبور وعظائم الأمور، وألفاظ خادشة، وسباب بالأم، والأب. عدوانية فيسبوكية عبر بوستات شرسة.

الغريب في الأمر أنه بعد مرور سريع على صفحات كثيرة ومشاهدة بعض فيديوهات قصيرة، وجدتها ظاهرة اجتماعية مرعبة، انتشرت منشورات “بوستات” عدائية بما تحمله من تنمر إلكتروني بصورة مفزعة على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل لافت، والغريب في الأمر أن استخدامها، وتداولها باتا مستشريين للحد الذي ينذر بكارثة اجتماعية ونفسية شديدة القسوة خاصة في ظل تشبع شباب، وصغار السن بهذا الكم الهائل من الكراهية، والحروب الإلكترونية النفسية الموجعة.

فهل بات شباب اليوم يفكرون بهذا الكم المبالغ فيه من العدائية والشراسة المرعبة إتجاه الآخر؟

هل أصبحت نسوة ممن تطلقن على أنفسهن مستقلات، بكل هذا القدر المبالغ فيه من التربص بالرجال والعدائية تجاههم؟

هل فقدت العلاقة بين الرجل والمرأة المودة والرحمة، التسامح والغفران، تجاهل الهفوات وتقبل الأخر بصدر رحب وقبولا حسنا؟

باتت دراسات وأبحاث اجتماعية وأطباء النفس وعلومها تسخر جهودها لبحث الظواهر الفيسبوكية وأطلق على مستخدمي الفيسبوك، والمتوارين خلف الشاشات “الشخصية الفيسبوكية”.

والأمر الأغرب هو خضوع الرجل للرقابة الدائمة على منشوراته من قبل الزوجة والأبناء وربما أهل الزوجة، وصديقاتها، وزميلات العمل، وقد يصل الأمر للحماة حال كونها من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي بحرفية.

فدائما ما تضعه الأسرة في وضع المراقبة وتحت المجهر، تفحص جميع منشوراته، ربما للحفاظ عليه من الوقوع في براثن فتاة لعوب أو امرأة ماكرة، خاصة وأن تهديد الرجل لزوجته لا يخرج عن أمرين، إما التعدد وإما الانفصال.

وأحيانا تلجأ الزوجة للمراقبة كوسيلة لدرء المخاطر أو وأدها في مهدها، ولكن العجيب أن تصبح منشورات الرجل تحت المجهر ومحور أحاديث جانبية في بعض الزيارات العائلية، بأن يتندر عليها الجميع، أو يعاتب البعض على منشور يرى أنه يخصه، أو إسقاطا عليه.

بعض الأزواج يلجؤون لأسماء وهمية للهرب من هذه المراقبة، ويذهب الأمر لأبعد من ذلك، حين تكون المراقبة عن طريق الدخول عبر صفحات الأصدقاء المشتركين، ويكون الزوج بالحنكة الكافية لعدم إضافة أي صديق من شأنه الإشارة إليه في خطة التخفي عن أعين الزوجة وأهلها.

يحزنني أن تصل العلاقة في بعض الأحيان إلى كر وفر وخطط للهروب، ووسائل دفاعية، وهجومية، كما لو كانت الحياة الزوجية ساحة معركة، أرى أن العلاقة الإنسانية أنقى وأعظم من هذا كله، سواء ظلت العلاقات أو انتهت لأي سبب من الأسباب.

ولعل أطرف ما قرأت، زوجة تعاتب زوجها في وجود والدته على منشوراته الفيسبوكية قائلة له "أصبحت بوستاتك سيئة للغاية وأخر بوستين وحشين "سيئين" جداً"، فصرخت في وجهها أمه "احمدي ربنا إنه قادر يبوس في هذا البرد القارص".