لوحات إعلانية في الشوارع..

العبث الحوثي ينعش عيادات "الطب المميت" في صنعاء

صنعاء اليمنية

عدن

لوحة كبيرة تشد انتباه المارة في أكثر من منطقة، الكثير من اللوحات الإعلانية في الشوارع، والكثير من الإذاعات تضع فواصل إعلانية متكررة على نفس الموضوع.. هل يعقل أن يكون كل هذا مجرد أكاذيب؟ لا.. لا.. لا يمكن، التجربة خير برهان.

بهذه الكلمات تبدأ أمل البالغة من العمر 26 عاماً، سرد قصتها في رحلة البحث عن علاج بعدما سيطرت عليها آلام البطن المتكررة وعجز الأطباء المتخصصون عن الإتيان بعلاج مناسب لها.

أخذت أمل صديقتها وذهبتا إلى أحد مراكز العلاج بالأعشاب بعد أن رأت الإعلانات تتسلق جدران الشوارع.. تقول أمل "عندما وصلنا تفاجأنا أن المكان عبارة عن فيلا ضخمة، وقابلنا شخصا غريبا عند البوابة يمضغ القات، ومظهره يوحي بأن لا شيء يربطه بمهنة الطب".

وتضيف: "قال لنا: الدكتور في البدروم (الدور الأرضي).. انزلوا".

وتشير أمل إلى أنها تفاجأت هي وصديقتها بالأعداد الكبيرة من المرضى مرتادي عيادة طب الأعشاب، من فئات عمرية مختلفة.

وتكمل: "استفسرنا عن كلفة الكشف، فجاء الرد بـ10 آلاف ريال، وهذا مبلغ مرتفع جداً.. انتظرنا الدور، وكنا نلاحظ المرضى يخرجون من مكتب الطبيب ويذهبون لأخذ العلاج الذي يقرره لهم.. علاج واحد لكل الحالات".

وتتابع أمل: "وصل دورنا ودخلت مكتب الطبيب وشرحت مرضي.. قرر لي نفس العلاج الذي منحه لكل الأشخاص الذين سبقوني، لكني أخذت الروشتة وغادرت المكان ولم آخذ العلاج".

استثمار قاتل

ومؤخراً انتشرت عيادات طب الأعشاب، في صنعاء، بشكل لافت، بعدما سيطرت جماعة الحوثي، الذراع الإيرانية في اليمن، على قطاع الصحة، وما رافق ذلك من تدمير ممنهج للقطاع وتردي الخدمات في المستشفيات الحكومية، وارتفاع تكاليف العلاج، فضلا عن ارتفاع أسعار الدواء لمستويات قياسية.

ويقول مرضى ارتادوا عيادة الطب البديل، إن ملاكها يقررون نفس الوصفة الطبية لكل المرضى، موضحين أن العلاج عبارة عن أعشاب مطحونة يتناولها المريض وينتج عنها إسهال شديد لعدة أيام، من دون أية نتائج فعلية.

ويحذر بعض الأطباء المتخصصين، المرضى من الذهاب إلى مثل هذه العيادات خصوصاً من يعانون آلاماً في البطن أو من السمنة، كون هذه الأعشاب قد تتسبب في مضاعفات للمريض في حال تضاربت مع علاجات أخرى أو اشتد الإسهال لأيام عدة.

ضحايا كثر

وقع محمد مراد، ضحية لإحدى عيادات طب الأعشاب، لكنه لم يتنازل عن حقه بعدما أنفق عشرات الآلاف في شراء الأعشاب من دون أن يحصل على فائدة لتخفيف مرضه، بل على العكس تماماً فقد أصيب بأمراض في الكلى وجفاف حاد في الجسم بسبب كثرة الإسهال.

يقول محمد إنه ذهب إلى عيادة الأعشاب التي ظل يتردد عليها لأشهر، واتهم مالكها بصوت مرتفع أمام جموع من المرضى المرتادين بالكذب والاختلاس، وطالب بإعادة أمواله التي أنفقها في العيادة من غير تحسن في صحته.

وحسب إفادة محمد فقد رضخ مالك العيادة أو طبيب الأعشاب لمطلبه بعد تدخل بعض الأشخاص للتوسط وإنهاء الخلاف بإعادة الطبيب نصف المبلغ المهدور في شراء خلطات الأعشاب.

وتشير مصادر إلى أن انتشارات عيادة طب الأعشاب في صنعاء بشكل كبير، جاء في إطار اتفاقات مصالح بين ملاك العيادات وقيادات عليا في ميليشيا الحوثي، بحيث تتيح لهم الاحتيال على المرضى مقابل دفع مبالغ مالية كبيرة لحسابها.