إدارة الأزمات عقب الحوادث الإرهابية..

دروس مستفادة من مجزرة نيوزيلندا

مجزرة نيوزيلندا

تستكمل الإدارة السياسية في نيوزيلندا وعلى رأسها رئيسة الوزراء، جاسيندا أرديرن معالجة العواقب السلبية التي خلفها حادث «كرايست تشيرش»، إذ قررت الحكومة إقامة مراسم لتكريم شهداء الهجوم الإرهابي بمنتزه «هاجلي» الواقع بالقرب من المسجدين المُعتدى عليهما، وذلك في الجمعة القادمة 29 مارس.

وبدورها قالت رئيسة الوزراء، اليوم الأحد، في بيان رسمي أصدرته لوسائل الإعلام المحلية إن مراسم إحياء ذكرى الهجوم الإرهابي تعد فرصة جيدة لجميع مواطني نيوزيلندا والعالم، للاتحاد في صف واحد لتكريم أولئك الضحايا، مشيرة إلى مشاعر الألم والمحبة التي امتزجت ببعضها تعاطفًا مع الشهداء.

كما قالت جاسيندا أرديرن: «حضور تكريم الضحايا سيظهر مدى احترامنا للاختلافات الثقافية والفكرية والتنوع بين الناس، لافتة إلى أن هذه هي القيم النيوزيلندية وعلى الجميع حمايتها».

على خلفية تصدر «جاسيندا» للمشهد، خلال الأيام الماضية، أفادت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية، أنه تم إرسال تغريدة تحمل صورة سلاح إلى حساب رئيسة الوزراء، إلى جانب نص كتب فيه بالإنجليزية «أنتِ التالية»، ثم جرى نشر الصورة مرة ثانية في موقع «تويتر» لمدة 48 ساعة، وبعدها حُذف الحساب المنشور عليه التهديد، وفتحت الشرطة النيوزيلندية تحقيقًا بشأن التغريدتين، بالنظر إلى ما ورد فيهما من تهديد صريح لحياة رئيسة الوزراء.

بالموازاة، ظهرت جبهة ثانية تدافع عن «جاسيندا»، وتخطى الأمر حد التعاطف ليصل إلى توقيع آلاف على عريضتين إلكترونيتين للمطالبة بمنحها جائزة نوبل للسلام؛ على خلفية تعاملها مع مجزرة المسجدين ومواقفها الإنسانية تجاه المسلمين، إذ وقع ما لا يقل عن 20 ألفًا على العريضتين، المتاحتين على موقعي «تشانج. أورغ» الأمريكي، و«أفاز. أورغ» الفرنسي، حسبما نقل موقع «راديو نيوزيلندا»، وشارك نحو 16 ألفًا و600 شخص بالتوقيع على العريضة المتاحة على الموقع الأول، فيما حظيت العريضة الثانية بتوقيع نحو 3 آلاف شخص.

 

الإرهاب وإدارة الأزمات

الحالة التي خلقتها رئيسة وزراء نيوزيلندا لم تكن لتلاقي ذاك الاستحسان، دون مقارنته بمواقف سابقة لمسؤولين في الغرب تعرض المسلمون في بلدانهم لحوادث مشابهة، مثل حادث مسجد «كيبيك» في كندا 2017، الذي نُفذ بالطريقة ذاتها، واكتفت الدولة ببعض التصريحات ومشاركة رئيس بلدية في حفل تأبين للضحايا؛ لذا يعتبر التعامل النيوزيلندي مع الحادث نقلة في إدارة الأزمة، لاسيما في حال تعلقها بأمر يخص المسلمين.

وفي إطار الدور السياسي الذي تلعبه الحكومات لإدارة الأزمات المتعلقة بالحوادث الإرهابية ذكرت دراسة بعنوان «العلوم السياسية.. إدارة الأزمات والتعاون الدولي» نشرتها جامعة الدفاع السويدية أن الهيئات الحكومية والكيانات العامة تلعب دورًا مهمًّا في تنظيم واتخاذ القرارات وقت حدوث الأزمات، كما ترتكز سياسات إدارة الأزمة على دراسة الحالة التفصيلية للمشكلة، وإيجاد أطر فعالة لحلها عن طريق تقديم نماذج اقتراحات بناءة، مشيرة إلى أن التدخل السريع والموضوعي يؤثر في تقليل حدوث السلبيات المتعلقة بنتائج الأزمة.

كما لفتت الدراسة إلى أهمية عامل «التواصل» في أوقات العمليات الإرهابية والصراعات، إذ إن تلك المهمة تقتضي بناء رسائل طمأنة ووحدة يتم بثها عبر وسائل الاتصال العامة من أجل الوصول إلى أكبر عدد من الجمهور مع ضرورة احتوائها على رموز احترام وتقدير وتعاطف مع الفئة المُعتدى عليها، وذلك يُسهم في إيجاد قناة تبادل للمعلومات بين الساسة والمواطنين تقطع طريق الشائعات، وتعالج صدمة الأحداث.

وكان إرهابي أسترالي يُدعى «برينتون تارانت» اقتحم بسلاحه الناري مسجدين خلال صلاة الجمعة 15 مارس، في مدينة كرايست تشيرش بنيوزيلندا؛ ما تسبب في مقتل 50 شخصًا وإصابة آخرين.