رص الصفوف بعد خيبة قمة بيروت الاقتصادية..

هل تنجح قمة تونس باختراق تعقيدات المشهد العربي

الآمال معلقة بأن تكون قمة مختلفة

آمنة جبران

تتطلع أوساط سياسية ودبلوماسية بتفاؤل إلى القمة العربية المرتقبة في تونس، التي ستنعقد في نهاية مارس الجاري، على أمل أن تنجح في تحقيق اختراق تعقيدات المشهد العربي.

ورصدت “العرب” نبرة التفاؤل هذه من خلال آراء سياسيين ومسؤولين أكدوا أن تونس، التي سبق أن احتضنت قمتين سابقتين الأولى سنة 1979 والثانية عام 1994، كما احتضنت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية من سنة 1979 إلى سنة 1990، لها من الإمكانيات ما يجعلها تنجح في القمة الثلاثين.

ويتذكر عبداللطيف عبيد الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية الفترة التي كانت فيها تونس مقرا لجامعة الدول العربية، مشيرا إلى أن “الجامعة قدمت عملا ممتازا وتقدمت بالعمل العربي المشترك خطوات كبيرة”.

ويعلّق متابعون آمالا على أن تنجح قمة تونس في رص الصفوف العربية، خاصة بعد خيبة قمة بيروت الاقتصادية التي اعتذر عن حضورها عدد هام من الزعامات العربية.

واعتبر أحمد ونيس، وزير الخارجية التونسي السابق، أن “الاستعدادات الأولية للقمة تعد ناجحة إلى حد اليوم. لقد قمنا بالواجب بصفة كاملة في الاتصالات مع الدول الأعضاء”.

وبيّن أن الغاية التي تعمل على تحقيقها قمة تونس هي استعادة الصف العربي بمعنى اكتمال عضوية الجامعة بصفة مطلقة وتسوية العلاقات بين الدول العربية.

ويعتقد ونيس أن نجاح القمة مشروط باستعادة الأولوية بخصوص القضية الفلسطينية والوقوف على خطر الانهيار الاقتصادي التي تعيشه المنطقة العربية. وتابع بقوله “إذا توافقنا حول هذه المسائل ستكون قمة تونس انطلاقة ناجحة وواعدة بالنسبة للعالم العربي”.

وأشار دبلوماسيون إلى أن انعقاد القمة في ظل تطورات ساخنة بالمنطقة كانهيار تنظيم الدولة إسلامية في سوريا وتوعده للانتقام من دول التحالف العربي والعالمي ومحاولات إيران وتركيا الاستفادة من قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بسحب قواته من سوريا لملء الفراغ والمزيد من الهيمنة على المنطقة كلها عوامل تجعل قمة تونس مصيرية حيث ستكون بمثابة البوصلة للتعامل مع هذه التطورات.

وقال سمير عبدالله، السفير التونسي السباق في لبنان لـ”العرب”، إن “انعقاد القمة في تونس في حد ذاته يمثل حدثا بارزا في وضع يشهد فيه العالم العربي درجة غير مسبوقة من الانهيار الشامل على جميع المستويات بعد موجة ما يسمى بثورات الربيع العربي التي أفرزت حروبا أهلية وحالة من التفتت والتقسيم”.

واعتبر عبدالله أن “قمة تونس ستكون لقاء للمّ الشمل بين القادة العرب وبين الشعوب العربية، وهو مكسب هام خاصة بعد فشل القمة الاقتصادية التي وقعت مؤخرا في بيروت”، موضحا أن “ما تأكد هو حضور أبرز القادة العرب إلى قمة تونس التي ستنعقد في ظل تحولات إقليمية كبرى”.

وتوقع أن تكون القمة بمثابة صحوة واستفاقة عربية ورجوع إلى ثوابت العمل العربي المشترك خاصة وأن تونس لها تاريخ في إنجاح مثل هذه اللقاءات العربية الكبرى.

ويبيّن أن قمة تونس ستعزز التوجه العربي المعتدل خاصة أن رئاسة القمة العربية ستنتقل من السعودية القوة الإقليمية الأولى في المنطقة التي تمثل صوت الاعتدال والتوازن في المعادلات الإقليمية إلى تونس. ما يدعم خط الاعتدال العربي ويغلّب صوت الحكمة، الأمر الذي سينعكس إيجابا على القضايا العربية.

ويتساءل متابعون عن قدرة القمة على  توحيد الرؤية العربية في الوقت الذي تعاني فيه المنطقة من انقسامات ووضع سياسي واقتصادي واجتماعي وأمني هش.

وأعرب منجي الحرباوي، القيادي بحركة نداء تونس، “عن آماله بأن تكون قمة تونس بداية لتحولات جديدة في اتجاه إيجابي للململة جراح المنطقة وتكون نقطة تحول لوعي عربي جديد وموحد”.

ويشير عماد الخميري، الناطق الرسمي باسم حركة النهضة، إلى أن “الدبلوماسية التونسية لها من الإمكانيات ما يجعلها تدعم هذه المهام وبوسعها إنجاح القمة”، لافتا إلى أن “انعقاد القمة في تونس يضيف للعمل العربي ويدعم التكامل والتعاون بين دول المنطقة”,

ويتسق رأي الخميري مع رأي القيادي بحركة النهضة محسن سوداني الذي أكد أنه “لا يمكن مواجه التحديات في ظل الانقسامات”. وأضاف أن “بقاء جامعة الدول العربية منقسمة يضعف الموقف العربي دوليا”.

ورغم التوقعات بأن تلعب الدبلوماسية التونسية دورا إيجابيا في استعادة وحدة الصف العربي، ترى أحزاب معارضة أن نتائج القمم العربية السابقة لا تشجع على التفاؤل.

ولا يتوقع زهير المغزاوي القيادي بحركة الشعب (معارض)، “أشياء كثيرة.. لكن ما نرجوه هو حقن الدماء التي سالت والمدن التي دمرت وما هو مطلوب من القادة العرب هو حقن الدماء في المنطقة”، فيما يستنتج محمد عبو، القيادي بالتيار الديمقراطي أنه على الرغم من أن القمم العربية السابقة لم تخرج بقرارات مهمة لكنها مثلت حدا أدنى من العمل المشترك لا بد من المحافظة عليه”.

ويرى عبو أن الإشكال يكمن في الصراعات التي قسّمت المنطقة إلى محاور، وأن على تونس القيام بدور إيجابي لإنهاء هذا التقسيم.