"تطايروا واحدا فوق الآخر"

ناجون من فاجعة الأحد الدامي يروون ما عايشوه

محقق من الطب الشرعي

وكالات

انطلق أسبوع الآلام لأقباط مصر بفاجعة كبرى، أحد شعانين دموي عاناه أهالي مدينتي طنطا والاسكندرية، بعد التفجيرين الإرهابيين اللذين طالا كنيستين وخلفا عشرات القتلى والجرحى.

"كيف تمكن الإرهابيون من دخول الكنيسة؟"، "لماذا يجب أن يضرب الإرهاب دائما الأبرياء؟"، تساؤلات غاضبة طرحها مصريون تألموا للمأساة التي حلت بهم، بعد الاعتداءين اللذين تبناهما تنظيم "داعش" الإرهابي، أمس الأحد، على كنيستي مارجرجس ومار مرقس، تزامنا مع احتفالات الأقباط بصلوات "أسبوع الآلام"، التي تبدأ بـ"أحد السعف".

44 شخصا، على الأقل، لقوا حتفهم فيما أصيب نحو 126 آخرين بجروح، أشلاء القتلى تناثرت هنا وهناك ورائحة الدماء فاحت من كل الأرجاء..الجميع في حالة هلع.

من كنيسة مارجرجس في طنطا، يروي إدمون إدوار، الذي كان يشارك في القداس مع شقيقه إميل ما حصل، قائلا: "وقع انفجار عنيف قرب المذبح. فجأة صار كل شيء أسود، وطار الناس الواحد فوق الآخر". وكان إميل المصاب يقف إلى جانبه مضمد الرأس.

وفي مكان غير بعيد منه، يحمل رجل آخر صليبا ملطخا بالدماء، كان معلقا في سعفة نخيل يحملها المصلون عادة احتفالا بالشعانين، إضافة إلى كتب صلاة أتت عليها النار. وعلق: "جاؤوا للصلاة فقضوا".

نبيل نادر، مصري قبطي يسكن قبالة كنيسة مارجرجس الكائنة بشارع علي مبارك في طنطا بمحافظة الغربية، اختار الذهاب لقبض معاشه الشهري ثم الالتحاق بالقداس، دون أن يدرك أنه نجى من كارثة ستحصد أرواح العديد من الأبرياء.

ويقول نبيل: "في طريق عودتي سمعت صرخات النساء تتعالى ورأيت أطفالا يبكون بطريقة هستيرية، ولم يختلف الأمر كثيرا بالنسبة لكبار السن والشباب، الذعر والرعب تجلى بوضوح على كل الوجوه".

وأضاف حزينا: "والد أحد أصدقاء ابني كان في الصف الأمامي. لم نعثر سوى على حذائه".

ويضيف: "في هذه اللحظة، قبض قلبي وتزايدت ضرباته بشكل مخيف، وجرت الدموع من عيني، وظل لساني يردد عبارة يارب مايكونش اللي في بالي.. يارب أستر"، ويتابع: "راودني شعور بالخوف لم أحسه من قبل فكل أحبتي سبقوني للكنيسة، أهل، أصدقاء وجيران، الجميع كانوا سعداء وعلى أتم استعداد للاحتفال بالعيد".

ويقول الأب القبطي: "وصلت الكنيسة وكانت الطامة الكبرى، هرعت للبحث عن ابني وأصدقائه الذين سبقوني للمشاركة في القداس، مرت دقائق عصيبة، لم استطع خلالها التقاط أنفاسي، إلى أن وجدت ابنى يواسي شنودة صديقه المقرب المنهار لوفاة والده في التفجير الإرهابي".
وبذلك، تحول أحد الشعانين إلى يوم حداد وحزن، خاصة أن انتحاريا يرتدي حزاما ناسفا حاول دخول كنيسة مارمرقس في الإسكندرية شمال البلاد، بعد ساعات قليلة من تفجير طنطا، غير أنه فشل في ذلك ما جعله يفجر نفسه أمام الكنيسة، ليقتل 11 شخصا ويسقط عشرات الجرحى ممن كانو متواجدين بالمكان.

واعتداءا الأحد هما بين الأكثر دموية في الأعوام الأخيرة ضد الأقباط، الذين يمثلون 10% من 92 مليون مصري.