آخر تقليعات الحملة على السعودية..

أحزاب إيران تعرقل فتح قنصلية سعودية في العراق

اختراقات سعودية هددت الاحتكار الإيراني للساحة العراقية

بغداد

تقاوم أطراف شيعية مقربة من إيران ما تصفه بـ“التمدّد السعودي” في العراق، وتلجأ إلى إطلاق شائعات بين الحين والآخر، في ما يتعلق بـ“الدور التخريبي” الذي تلعبه السعودية في هذا البلد.

ويسعى قادة هذه الأطراف إلى شيطنة كل أشكال العلاقة بين السعودية والعراق، وإثارة الشبهات بشأن ما تشهده من تطوّرات متسارعة.

وقالت مصادر سياسية في مدينة النجف المقدسة لدى شيعة العراق، إن “آخر أشكال المقاومة الإيرانية للتطبيع المتزايد بين بغداد والرياض، يتمثل في الاعتراض على افتتاح قنصلية سعودية في إحدى المحافظات العراقية”. وحصلت السعودية على الموافقات اللازمة لافتتاح قنصلية في النجف، تسهّل زيارة رعاياها إلى المراقد المقدسة لدى الشيعة في المدينة.

وقالت المصادر في تصريح لـ“العرب”، إن أحزابا على صلة وثيقة بإيران ضغطت على الإدارة المحلية في النجف لإجبارها على عرقلة إجراءات افتتاح القنصلية السعودية، بالرغم من استكمالها أصوليا مع الجهات العراقية ذات العلاقة، مؤكدة أن هذه الجهود “أثمرت نجاحا مؤقتا”. وتخشى إيران أن تطوّر السعودية علاقاتها مع الشيعة العراقيين ما قد يدفعهم إلى المقارنة بين البلدين وفائدة العلاقة مع كل منهما.

وبالرغم من أن النجف هي معقل تاريخي للسكان الشيعة فإنها تضم بعضا من أبرز أنصار الانفتاح على السعودية، وفي مقدمتهم المحافظ السابق عدنان الزرفي، والمحافظ الحالي لؤي الياسري.

وينحدر الزرفي والياسري من اتجاهين مختلفين، إذ يؤمن الأول بضرورة النهج العلماني في إدارة الدولة، بينما يتواصل الثاني مع أحزاب إسلامية على صلة بالمشهد السياسي. وبالرغم من ذلك فإن موقفيهما متطابقان بشأن التطبيع السريع مع السعودية.

محللون يعزون تأخر السعودية في الانفتاح على العراق إلى عدم إحراج الحكومة العراقية، التي لا تملك قرارا مستقلا في هذا الشأن

وتقول مصادر محلية إن لافتات مجهولة، تظهر بين الحين والآخر في النجف تدعو إلى مقاطعة السعودية. وتحذّر بعض اللافتات من خطورة السماح للسعودية بافتتاح قنصلية في النجف.

وعادة ما تسارع السلطات المحلية إلى رفع هذه اللافتات التي ينشرها مجهولون تحت جنح الظلام. ويعتقد الإيرانيون أن نجاح السعوديين في الوصول إلى النجف، عاصمة المرجع الشيعي الأعلى في العراق والعالم، سيشكل اختراقا استراتيجيا.

وآخر الصيحات التي لجأ إليها الإيرانيون تتمثل في اتهام السعودية بإضرام النيران في حقول زراعية عراقية التهمتها حرائق مجهولة الأسباب مؤخرا.

ومنذ مطلع الشهر الجاري احترقت مساحات واسعة من حقول مزروعة بالقمح والشعير في غرب وشمال العراق، فيما اتسعت دائرة الاتهامات لتشمل طيفا واسعا من الأطراف المسلحة.

وبينما تتحدث قوات الأمن عن “مجهولين لديهم خبرة بصناعة المتفجرات وضعوا أجهزة تسببت بحريق وسط حقول القمح وامتدّ إلى أكبر رقعة مزروعة”، في إشارة إلى تنظيم داعش، قال سكان محليون إن مناطق يسيطر عليها الحشد الشعبي شهدت معظم هذه الحرائق. لكن مصدرا مسؤولا في كتائب حزب الله، وهي جزء من الحشد الشعبي العراقي، ويتزعمها أبومهدي المهندس، رجح “فرضية وقوف السعودية خلف موجة الحرائق في العراق”.

وبالرغم من أن المصدر لم يقدم أي أدلة على مزاعمه فإن وسائل إعلام عراقية مقربة من إيران اهتمت بتصريحاته.

ويقول مراقبون إن الاتهامات الموجهة نحو السعودية، بشأن احتراق حقول القمح والشعير، تندرج في إطار السياسة الإيرانية العدائية المعلنة لعمق العراق الخليجي.

وقال مراقب سياسي عراقي في تصريح لـ“العرب”، “إيران لم تعد تملك القدرة على استعمال ورقتها الطائفية في العراق ضد السعودية فإنها تلجأ إلى سلاح الشائعات الساذجة من أجل تشويه سمعتها. وهي ورقة خاسرة في مقابل أوراق عديدة رابحة لا تزال في يد السعودية”.

وسبق وأن عزا محللون تأخر السعودية في الانفتاح على العراق إلى عدم إحراج الحكومة العراقية، التي لا تملك قرارا مستقلا في هذا الشأن. أما حين ألقى العراق خطوات في مجال التقرب من السعودية من خلال زيارات مسؤوليه المتكررة إليها فإنها لم تجد مانعا في ترسيخ العلاقات الأخوية، وتكون السعودية من كبار المساهمين في إعمار العراق لو أن الحكومة العراقية رغبت في ذلك.

وقال المراقب “ما يعرفه العراقيون جيدا وما يدرك الإيرانيون خطره على وجودهم الذي لم يتجسد إلا عن طريق ميليشيات مسلحة كانت المسؤولة عن نشر ثقافة الموت. وأصبح العراق في ظل الهيمنة الإيرانية محمية للفاسدين، هو ما يمكن أن يفتضح أمره إذا انفتح العراق على خطط الإعمار السعودية التي سينفتح معها باب التنمية في مختلف مستوياتها”.