عرض الصحف العربية..

هل يقود المجلس العسكري السوداني "ثورة مضادة"؟

أسفر فض الاعتصام عن مقتل عشرات الأشخاص

BBC العربية

انتقد معلقون في صحف عربية مقتل العشرات، خلال فضّ قوّات الأمن السودانيّة الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش في الخرطوم.

وأدان العديد من المعلقين سياسة المجلس العسكري الانتقالي، التي تهدف إلى "الهيمنة"، بينما حذر آخرون من سقوط السودان في "فوضى" و"مأزق" سياسي.

وأعلن رئيس المجلس العسكري السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، إلغاء الاتفاق مع تجمع المهنيين السودانيين، الذي يقود الحركة الاحتجاجية في جميع أنحاء البلاد، مشيراً إلى أنه سيدعو لانتخابات خلال فترة لا تتجاوز 9 أشهر.

وعلق تجمع المهنيين كافة الاتصالات مع المجلس العسكري، ودعا إلى حملة عصيان مدني.

"غدر" بالمحتجين

تساءل عبد الباري عطوان في صحيفة رأي اليوم اللندنية "هل تقود مجزرة المجلس العسكري الدمويّة السودان إلى حالةٍ من الفوضى الدمويّة؟"

ورأى الكاتب أن المجلس العسكري "غدر بالمُحتجّين وطعنهم في الظّهر، ولا يُمكن أن يكون أهل ثقة ويستحق التّحاور معه بالتّالي، وقد يكون نجح فعلًا في فض الاعتصام الشعبي بالقوّة، ولكنّه قطعًا لن يقضي على الثّورة، بل سيزيدها اشتِعالًا بارتِكابه هذه المجازر".

بالمثل، قالت افتتاحية صحيفة القدس العربي اللندنية: "بدأ المجلس العسكري الانتقالي في السودان من الذرائع، التي اعتادت البدء منها غالبية أنظمة الاستبداد في العالم العربي، أي اتهام ساحات الاعتصام الشعبي بتشكيل 'خطر على أمن السودان القومي' ونشر الفوضى والتحول إلى 'وكر للجريمة'. وضمن ما يلوح تدريجياً أنه اقتداء بسابقة قوات الأمن المصرية في فض اعتصام رابعة والنهضة، في آب/ أغسطس 2013".

ودعت الصحيفة قوى التغيير الشعبية في السودان إلى التحلي "بأقصى درجات الوعي ،والصمود والمقاومة والإبقاء على جذوة الحراك الشعبي، وأن تحسن في الآن ذاته قراءة التناقضات، التي يمكن أن تعصف بالمجلس العسكري الانتقالي ذاته، وتوظيفها لصالح الشعب الثائر".

ودعا بشير عبد الفتاح في الحياة اللندنية الحراكين الجماهيريين في السودان والجزائر، إلى اتباع "إدارة حكيمة للمراحل الانتقالية، تتيح ترويضاً لقوى أساسية ثلاث... أول هذه القوى، قواعد وأركان النظامين اللذين اندلع ضدهما الحراك الجماهيري... وثانيها، تنظيمات الإسلام السياسي، المتربصة بكل انتفاضة شعبية متوخية الانقضاض عليها، وتوظيفها لخدمة مطامعها في الانفراد بالحكم. أما ثالثها، فيتمثل في المؤسسة العسكرية، المهمومة بأداء واجبها الوطني خلال المرحلة الانتقالية ... علاوة على تعزيز مركزية الدور الوطني لأركان المنظومة الأمنية".

"الثورة المضادة"

وانتقد عصام شعبان في مقاله بصحيفة العربي الجديد اللندنية المجلس العسكري، الذي يحاول "سرقة الثورة، عبر خطابٍ يدّعي الشراكة في الثورة، ودوره في حمايتها ودعمها، وفي الوقت نفسه، يتهم قوى الحراك أصحاب الثورة بسرقتها، في مشهدٍ ينكر وقائع التاريخ وحقائق الواقع".

واستطرد الكاتب: "وليس متوقعاً في هذا المشهد، من المواجهات والصراعات بين قوى الثورة والثورة المضادة، أن يتوقف المجلس العسكري عن محاولات إيجاد صيغ وأدوات للهيمنة، مستعيناً بمساندة طبقات اجتماعية، تمثل الثورة المضادة داخلياً، ودول المحور الإقليمي بتأثيراتها وعلاقتها السياسية والاقتصادية".

وتبنت الأخبار اللبنانية رأياً مشابهاً، إذ قالت: "لم يصمد 'المجلس العسكري' الانقلابي طويلاً خلف قناع الثورة، حتى أظهر وجهه بـ'ثورة مضادة' تبدو في تهوّرها علامات الوصاية السعودية ــ الإماراتية، وآخر فصولها مجزرة راح ضحيتها أكثر من ثلاثين قتيلاً، وأكثر من مئة جريح... وذلك في محاولة لتصفية الحراك الشعبي، الذي يطالب بحكم مدني يقود البلد نحو تحوّل ديموقراطي".

وفي سياقٍ مشابه، كتب عريب الرنتاوي في صحيفة الدستور الأردنية "'الثورة المضادة' في السودان تكتمل فصولاً ... خطوطها المحلية تتشابك مع خطوطها الإقليمية ... تظهر وتنفضح ... والشعب السوداني لم يقل كلمته الفصل بعد... المعركة من أجل الحرية والديمقراطية لم تضع أوزارها بعد، والمجلس العسكري الذي سمع قادته كلاماً تحريضياً للانقضاض على الشارع، عليه أن يدرك بأن طريقه محفوف بالمخاطر".

ودعت افتتاحية صحيفة الراية القطرية المسؤولين العسكريين في السودان، إلى "احترام حريّة التعبير والتظاهر السلمي، والتعجيل بنقل السلطة لحُكم مدني... على العسكريين أن يُدركوا أن استخدام العنف والقتل بحق المُعتصمين السلميين سيُخرج العملية السياسية عن مسارها، ويؤدي إلى مأزق خطير للأوضاع في السودان". وحملت الراية المجلس العسكري المسؤولية المباشرة عن "هذه التطوّرات المُؤسفة".