منظمة تعليمية دولية..

تقرير: إغلاق "أميديست".. جريمة حوثية تستهدف صنعاء

إغلاق الحوثيين إحدى المنظمات التعليمية المهمة التي استفاد منها عشرات الآلاف

عدن

مع استمرار سيطرة مليشيا الحوثي المدعومة إيرانيا على  صنعاء وبعض المناطق، منذ أكثر من 4 أعوام، تواصل آلة القمع الانقلابي نشر الأفكار التي حذر منها الكثيرون بأنها تعيد اليمن إلى عصور الظلام.

وفي تقرير حديث ركز مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية (غير حكومي) على كيفية إدارة مليشيا الحوثي ، بوسائل قمعية وظلم اجتماعي، إضافة إلى تكريس الفساد في مختلف الوزارات الخاضعة لسلطات الانقلابيين.


تطرق التقرير إلى إغلاق الحوثيين إحدى المنظمات التعليمية المهمة التي استفاد منها عشرات الآلاف من اليمنيين على مدى عقود.

مجزرة سعوان الحوثية أسفرت عن قتل 15 طفلا وإصابة أكثر من 100

وأفاد التقرير بأن المنظمة التعليمية الدولية غير الربحية (أميديست) افتتحت مكتباً لها في صنعاء عام 1981، ومنذ ذلك الحين مر عشرات الآلاف من اليمنيين عبر المؤسسة، حيث تلقوا فيها التعليم والتدريب والاختبارات المعتمدة وفرص التبادل التي سمحت لهم بالمضي في تعليمهم بمختلف الجامعات حول العالم، وجلبوا تعليمهم ذاك إلى بلادهم حين عادوا، فأصبح خريجو "أميديست" وزراء في الحكومة، وبيروقراطيين رفيعي المستوى، وقادة في القطاع الخاص والأوساط الأكاديمية والمجتمع المدني.

وأضاف التقرير "حتى في ظل الصعوبات الهائلة التي حملها النزاع المستمر أبقت أميديست أبوابها مفتوحة أمام اليمنيين، ومع ذلك في 30 مايو/أيار 2019 أعلنت أميديست أن الحوثيين أجبروا مكتبها في صنعاء على الإغلاق دون أي مبرر".

وبذلك أغلق الحوثيون آخر بوابة كان يمكن من خلالها لروّاد التقدم الاجتماعي الاقتصادي المحتملين أن يتطوروا، حسب التقرير.

وتابع التقرير "لعل إغلاق أميديست هو إغلاق لأهم نافذة يمكن من خلالها لليمنيين ذوي القدرات أن يصلوا إلى عالم الفرص".

أطفال ببزات عسكرية في مهرجان حوثي بصنعاء

وواصل التقرير شرح واقع الحوثيين في ظل حكمهم  لصنعاء وبعض المناطق اليمنية، قائلا "بالنسبة للأيديولوجيين المذعورين ارتياباً يعتبر التقدم الفكري لأفراد المجتمع تهديداً لتماسك العقيدة الشمولية، بعبارة مباشرة: كيف يمكن لزعيم جماعة الحوثيين المسلحة عبدالملك الحوثي أن يحتفظ بقشرة من السلطة المطلقة التي يمتلكها اليوم في حال تمكن القابعون تحت قبضته من التعبير عن أفكار أفضل من أفكاره؟ بدلاً من اعتبارهم فرصة للنهوض بالصالح العام".

وأردف التقرير "يُعتبر هؤلاء المفكرون الأحرار تهديداً لمصالح الحوثيين المترسخة.. إن الخطر الأكبر على الحوثي ليس الولايات المتحدة ولا السعودية ولا الإمارات ولا الحكومة اليمنية؛ بل احتمالية أن ينتبه أتباعه يوماً ما أن هناك في الحياة ما هو أكثر من الحرب، وأن هناك احتمالات حياتية أكثر معنى بكثير من (الشهادة)".

وأشار التقرير إلى أن حملة الحوثيين لإعادة اليمن إلى عصور الظلام الفكري لم تبدأ فقط بإغلاق "أميديست"، فمنذ الاستيلاء على صنعاء عام 2014 وقيادة الحوثيين تنفذ حملة شرسة لإعادة تشكيل عقول السكان الخاضعين لسيطرتها.

وأوضح أن المتشددين يشغلون معظم الوزارات في الحكومة الحوثية (غير المعترف بها)، ولا سيما وزارة التربية والتعليم التي يقودها يحيى الحوثي، الأخ الأكبر لزعيم الانقلابيين عبدالملك الحوثي.

كما أصبح تاجر أسلحة مدرجا على قائمة الأمم المتحدة وزير دولة في حكومة الحوثيين، فيما تمت في الآونة الأخيرة إعادة صياغة مناهج المدارس الابتدائية لتوسيع الدراسات الدينية، والتي في الواقع لا تدرّس ديناً على الإطلاق، بل تعلّم اليافعين أن هناك تفسيراً واحداً للدين، هو تفسير الحوثيين، وأن جميع التفسيرات الأخرى مجرد هرطقة، وفق التقرير ذاته.

وفي سرده لواقع التعليم في زمن الحوثي، قال التقرير إن التقدم التعليمي بالنسبة لقادة الحوثيين هو أخذ الأطفال من دور الأيتام، ومنحهم السلاح، وإرسالهم إلى الجبهات لتعلم القتل أو الموت.

وأضاف "في الوقت الذي منعت فيه جماعة الحوثيين حملات تطعيم مئات آلاف الأطفال كانت تقوم بنهب المساعدات من أفواه الجياع حتى خلال شهر رمضان المقدس".

وذكر التقرير اليمني أن الاختلاط بين الرجال والنساء في المقاهي والجامعات أصبح محظوراً، كما أصبحت المليشيا النسائية الدينية -المعروفة باسم الزينبيات- نموذجا لتمكين المرأة عند الحوثيين.

وبين التقرير أنه كما فجر تنظيم داعش منازل خصومه فعل الحوثيون الأمر نفسه، ونشروا "بكل فخر!" مقاطع مصورة لذلك على موقع اليوتيوب.

وبعد أن ألغت المليشيا الانقلابية العمل بالدستور وفرضت قوانين الطوارئ في فبراير/شباط 2015، أصبحت تعتقل بانتظام -أو في أحسن الأحوال تفرض رقابة شديدة- أئمة المساجد وقادة المجتمع المدني والصحفيين والناشطين، وحكمت بالإعدام على أبناء الأقليات الدينية في محاكمات هزلية.

كما تطرق التقرير إلى أن الحوثيين زرعوا ملايين الألغام الأرضية في المناطق المدنية في جميع أنحاء البلاد، بل إن أحد زعماء الحوثيين تباهى ذات مرة أمام أحد الناشطين الحقوقيين البارزين بأن الألغام الأرضية يصنعها الحوثيون محليا، وربما كان هذا نموذج التقدم التكنولوجي لدى المليشيا.

واستطرد التقرير "الورقة الأربح التي في أيدي الحوثيين هي ملايين الناس الذين يعيشون تحت سيطرتهم، والذين يجب النظر إليهم -للدقة- كرهائن لا كمواطنين".

وشدد التقرير على أنه يجب أن يُنظر إلى جماعة الحوثي المسلحة كونها مليشيا أقرب إلى مافيا أيديولوجية، وتعلمت بسرعة خلال النزاع كيف تبتز المجتمع الدولي وتربّي طموحاتها الخاصة بإقامة دولتها، فيما تمثل إعادة هيكلة التعليم إحدى أبرز الوسائل التي يمهّد من خلالها الحوثيون لفرض أفكارهم.