لماذا الحديث عن الشواذ ومهدي عاكف ...؟!

مشهدان حدثا خلال الأسبوع الأخيرمن شهر سبتمبر 2017 في مصر يدفعانك للذهول والحزن الشديد علي وطن أنهارت فيه كل أحواله وجوانبه وركائزه وأبت أن تترك أخلاقيات أهله سليمة فأنهار معها قدر كبير منها .

ففي المشهد الأول :-  يُسمح لفرقة فنية لبنانية معروفة بأنها ( لامؤاخذة ) بأقامة حفل في مصر تحت رعاية وحراسة أمنية كبيرة وترفع فيها أعلام للشواذ تُدلل علي تواجدهم وتوسعهم وأنتشارهم مدعومين من منظمات وكيانات ماسونية هدفها الأول تدمير الأمة المصرية وأخراجها من العقيدة آخر سلاح تمتلكه لمواجهة عدوها الأول اسرائيل مع تغييب الهوية الثقافية والأجتماعية والأخلاقية والحضارية للمصريين وقتل القيم الثابتة المرتبطة بها وقتل الأنتماء والولاء .

مشهد في كينونتة صادم وقاتل يكشف مدي ما صارت إليه مصر من أختراق لكل جوانب الحياة فيها الأمني والأخلاقي والثقافي والأجتماعي تم ويتم بفعل فاعل ، وللأسف الشديد بعض الشباب أنجر وينجر إلي حالة من الأنهيار الأخلاقي بدواعي التحرر والحرية الخاصة وهو فكر معيوب خاطئ يصل بالبعض منهم إلي الإلحاد والإنحلال وهؤلاء أشد خطرآ علي الأمة المصرية من أعدائها لأنهم أدوات لتدمير المجتمع المصري تدميرآ ذاتيا معتمدين علي تحلل المجتمع وأفساد قيمه وقوامه وركيزته من الشباب .

وظهور فئات من مدعي الثقافة الغربية بمفهومها وسلوكياتها البغيضة والشاذة فقط  هدف خطط له وبدء تنفيذ خطواتة منذ الأحتلال الأنجليزي لمصر وظهربجلاء عام 1897 علي يد ( القس دوجلاس دانلوب ) في عهد ( اللورد كرومر) تسعي إلي أنكار الدين والأخلاق معآ والدفع بالشباب العربي نحو ( الإلحاد والإباحية ) من أجل تعميق الأغتراب لدي الشباب وبالتالي توظيفهم لهدم مقومات المجتمع المصري والعربي الدينية والأخلاقية والثقافية . 

ومن الجدير بالذكرأن الأمر حاليآ لم يتوقف عند الشباب المسلم فقط بل أنجرف إليه أيضا الشباب المسيحي وهو ما يؤكد أن المنشود هو( هدم الكيان المجتمعي المصري ككل ) وبالتالي تدمير الشباب العربي في البلاد العربية كاملة بالتبعية لما لمصرمن تأثير.

وقد نمت وأتسعت أنشطة هؤلاء في ظل فشل الدولة وغيابها في وضع نظام مؤسسي يحتوي شبابها يسعي لخلق دولة جامعة لكل أفرادها وأنحسر فكر الأنظمة السياسية في مصر والوطن العربي علي حماية بقائه بشكل أمني وعسكري فقط زاد من الفشل السياسي للدولة ، مع غياب قضية قومية يجتمع عليها الناس ويؤمن بها ويسعي لتحقيقها الشباب ، ونظم تعليمية بالية قائمة علي الحفظ والتلقين تنتهي بانتهاء الغرض المخصص لها ، ثم غزوغربي ثقافي أعتمدعلي تعزيز الغريزة وتنشيط الشهوة ، ودعم فن مشوه ومبتزل ينحرف عن قيم الأمه وأخلاقياتها ، ونهج البعض من التيارات الأسلامية وتبني خطاب يحمل كراهية ، وتصدر أناس مشوهين فكريآ للرأي العام وجعلهم نخبة لا قيم لهم ولا مبداء ولاأخلاق ، وأزدياد البطالة والجهل والفقر والمرض والتخلف الحضاري ، وغياب دورالأسرة وأنشغالها بتدبير لقمة العيش مهملين الثروة الأكبرفي أولادهم ، مع نشرالفكرالأستهلاكي ، وأنتشار المخدرات والأدمان ، وسياسات الأساءه للأسلام وهدم ثوابتة ، والأهم تشويه رجال الدين في الأزهر والكنيسة وتراجع دورهم وأنحسارة في نفاق سياسي أحيانآ بأرادتهم والأخري بأجبارهم جعل الشباب غير مقتنعين بما يقدمون من قيم دينية جليلة فقدت معناها بفقدان الثقة والمصداقية فيمن يقدمها  متناسين عن عمد قول الأمام أحمدبن حنبل :- أن ذله العالم بزوال أمة .     

أما المشهدالثاني :- وهو وفاة المرشد العام السابق لجماعة الأخوان المسلمين ( المرحوم / مهدي عاكف ) ، فعلي المستوي الشخصي بالنسبة لي أقولها أني علي خلاف سياسي في المقام الأول مع جماعة الأخوان وأني أرفض بشكل قاطع الحكم المرتكن علي جماعة دينية أو الحكم المرتكن علي جماعة عسكرية ، ولكن وفاة روح وإنسان خلقة الله فهو حدث جلل يجب أن نحترم الموت ونأخذ منه العبرة والعظة ويجب أن نحترم المتوفي الذي أنتقل إلي دارآ أسمي من دارنا وأنتقل إلي عزيز وحده من يتولي حسابه وسؤاله ، أما أن يصل الأمر إلي حد الشماتة وسب الرجل بعد وفاته فهو جزء آخر وشكل آخر من أشكال التدميرالأخلاقي للأمة المصرية . 

فكما حزنت وترحمت من قبل علي شهداء الوطن والواجب من جنود وضباط لا حول لهم ولا قوة فإن الحزن والرحمة تجب لأي إنسان حتي لوكنت مختلف معه سياسيآ أو فكريآ . 

انتقد الرجل في منهجه السياسي أو رؤيته الفكرية لكن تلعن وتسب المتوفي وتعلن أنك شامت في وفاته وأنه كلب من ضمن الكلاب ( كيفما قال أحد الضيوف علي أحدي القنوات الفضائية تقدمة فنانة سابقة ) فهذا فجروعهرولدد في الخصومة لا يقبله دين ولا يحترمه إنسان ولا تقبله النفس البشرية السوية . 

وقد ذكرني هذا بشماتة البعض في وفاة ( المرحوم / سامح سيف اليزل ) وقلت لا تجوزعليه إلا الرحمة ولكن عندما تتحدث عنه تحدث عن رؤيته السياسية وفعله السياسي وانتقد وأغضب كيفما شئت وفي حدود ذلك . 

وهذا ما ذكرته عندما توفي ( شيمون بيريز) وقلت ذهب إلي الله الواحد ولكني أكره عمله السياسي والأستيطاني وقتله للنفس البشرية في فلسطين وجحوده وصنيعه ضد الأمة العربية والأسلامية . 

أيها الناس هذا ما علمنا إياه ( سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم ) وأخبرنا بأن الموت حادث جلل وأن النفس البشرية شئ سامي وراقي مهما كان توجهها السياسي أوعقيدتها الدينية في موقف عظيم ( عندما وقف عند مرور جنازة يهودي من أمامه أحترامآ وأجلالآ وحينها تعجب الصحابة وسألؤا رسول الله صلي الله عليه وسلم فأجاب :- ( أليست نفس خلقها الله ) وفي حديث آخر أنه بكي عليها (لعدم استنقاذها من النار) ) . 

وأقول الآن رحمة الله علي ( المرحوم / مهدي عاكف ) وأسأل الله أن يغفر له ولنا ولكل موتانا فهكذا علمنا الله ورسوله صلي الله عليه وسلم . 

ويتبقي سؤال هام جدا :- أين دور الدولة في حماية الدين والأخلاق ؟ 

فتأتيك الأجابة واضحة :- بأن أسؤ ما في المجتمعات الإنسانية  من سلوكيات تبدو جليه علي السطح صارخة غاضبة  في الحالات الأتية - الأولي :- حالات الأنكسارات والهزائم العسكرية للجيوش والدول ، الثانية :- الحكم الديكتاتوري العسكري أوالديني ، الثالثة :- نهاية فترات أضمحلال الأمم وما يلاحقها من تراجع  فكري وحضاري.

 وأن غياب الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة وأعتماد الأنظمة السياسية علي الحل القمعي وأتخاذ الفساد ظهيرآ سياسيآ لدعم تواجدها وبقائها ، وتخليها عن سيادة القانون علي الجميع بلا تفريق وعدم أعتمادها علي ظهير سياسي وأجتماعي أساسه القيم الأخلاقية يُعد من ثوابت تحلل الأمم وأنهيار المجتمعات . 

ومن هنا  يجب أن ينجلي دورالنظام السياسي الإيجابي في حماية التكوين الأجتماعي للدولة لما للدولة من سلطة أخلاقية بالحفاظ علي ( الدين والأخلاق والتقاليد المجتمعية المنضبطة ) ، ولكون الدين والأخلاق يهدفان إلي تهذيب الإنسان كأساس لقوامة المجتمع والدولة ، وعليها في ذلك رعاية الأخلاق وتنمية القيم الأخلاقية النبيلة بين الأفراد بعضهم البعض ، وتنميتها في تعاملات الدولة بين مواطنيها بدءا من الموظف الذي يتعامل مع المواطن بشكل يومي حتي السلوك العام لكباررجال الدولة وحكامها ، بل بين الدولة وأعدائها فمن لاتستطيع مواجهته سياسيآ أو عسكريآ تستطيع أن تُحيده عن الصراع معك بقيمك الأخلاقية ، وعلينا ألا ننسي أن أساس نهوض الأمم هوالقيمة الحضارية للإنسان الداعم والدافع لهذه الحضارة ، وعليه نتمكن من إنتاج نموذح للدولة المؤثرة أخلاقيآ والتي بحبها لأبنائها وحب أبنائها لها ستتمكن من الأنتاج والتطور والنهوض . 

كما يجب ان نُذكر أن سبب أنتشار الاسلام وسيادته هو ما أرتكن إليه من قيم أخلاقية راقية من سلوكيات ومعاملات ونهج تابعيه الذي أبهر الناس فألتفت حوله مؤمنه به ، أما السكوت والعجز أمام تحلل المجتمع دينيآ وأخلاقيآ يعني ( نهاية هذة الأمة ) وتصبح القضية الآن :- كيف نستحضروطن يبحث عن مستقبل أفضل وأرقي لأبنائه دينيآ وأخلاقيآ وثقافيآ وأجتماعيآ وسياسيآ وأقتصاديآ ... ؟!

 وفي النهاية اقول دعاء سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم :- ( اللهم اني اعوذ بك ان أَذل أو أُذل أو أَضل أو أُضل أوأًجهل أو يُجهل علي )

بقلم / وائل رفعت سليم 

المحامي